افتتح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمكتب الإقليمي لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ورشة العمل الإقليمية حول "تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة"، التي ستستمر على مدار يومي 19 و20 نونبر 2024 بمدينة الدار البيضاء.
وكلمة بالمناسبة، أكدت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن إرساء ضمانات تشريعية قوية لمنع التعذيب، والوقاية منه ركن من أركان بناء دولة الحق والقانون، والتداول فيه.
وأضافت أن هذا النقاش في الحقيقة، ليس فقط نقاشا، وتداولا حول مدى تطبيق معايير حقوق الإنسان على المستوى الوطني، بما فيها تدابير إجراءات ضمان منع وقوع التعذيب وسوء المعاملة، كيفما كانت الظروف والملابسات…، بل هو نقاش يمس في جوهره، وفلسفته ضمانات بناء مجتمع يضمن كرامة الإنسان، ويصون حقوقه، ويشكل إطارا معنويا وقانونيا لتحقيق الإنصاف والعدالة، مستدركة "أن هذا المعطى، للأسف، لا يهم كافة المجتمعات، لحد الآن".
وزادت بوعياش قائلة:"أكيد أننا جميعا هنا، كفاعلين مؤسساتيين، وغير مؤسساتيين، على دراية تامة بحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية أو المهينة، كما تحظره أيضا معاهدات إقليمية وقوانين وطنية، هذا الحظر تستجوبه قاعدة آمرة، تجعله مطلقا…، لا يجوز على الإطلاق المس بالحق في الخضوع للتعذيب أو تقييده او اتخاذ تدابير مخالفة لأحكامها.
وشددت على أن هذا الحظر المطلق، لن يكون له أي معنى ومغزى، دون ضمانات تشريعية واضحة وراسخة، موسعة، ومتكاملة، تشمل كافة الأبعاد المرتبطة بالوقاية من التعذيب ومنعه، والحماية والمعاقبة على ارتكابه، كما أفادت بأن النهوض بثقافة الحقوق والحريات بشكل يضمن ويترجم فعلية هذا الحظر، والالتزام بهذه القاعدة الآمرة، بكل قوتها، في جميع الظروف كيفما كانت طبيعتها وحجمها.
وزادت قائلة إن هذا البعد المعياري، ليس واقعا للأسف بكافة المجتمعات والأوطان. فالالتزام بحظر التعذيب وإرساء الضمانات التشريعية الضرورية للوقاية منه ومنعه يقتضي أولا المصادقة على الاتفاقية الدولية لمنع التعذيب، مضيفة أنه إلى حد الآن174 دولة فقط صادقت على الاتفاقية.
وأضافت:" نحن على مشارف تخليد أربعينية الاتفاقية 1984-2024 (في العاشر من دجنبر القادم)، اسمحوا لي بدعوة كل الفاعلين دوليا وشبكات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وكافة المدافعات والمدافعين عبر حقوق الإنسان من أجل التعبئة والتنسيق لإطلاق حملة دولية وحملات إقليمية داعمة..لنجعل من 2025 سنة اكتمال المصادقة الدولية الشاملة على اتفاقية منع التعذيب...، فلا كرامة ولا إنسانية ولا مواطنة في دولة أو دول لا تلتزم بالحد الأدنى من الالتزام بمنع التعذيب وحظره. وندعو إلى التعبئة والترافع لدى 11 دولة موقعة على البروتكول الاختياري للمصادقة عليه. ف93 دولة فقط مصادقة على البروتوكول، من أصل 104 دولة موقعة عليه".
وشددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن طموح المجلس بهذا الترافع، هدفه إحداث الدول لآليتها الوطنية للوقاية من التعذيب، 76 دولة تتوفر حتى الآن على مثل هذه الآلية، تحتضن أغلبها مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان.
وقالت في هذا الصدد:"أيام معدودة عن 76 سنة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأربعة عقود على اعتماد المنظومة الدولية لاتفاقية التعذيب… لم ننجح بعد، في تحقيق الإجماع الشامل ضد التعذيب… لنجعل 2025 سنة لتحقيق هذا الحد الأدنى… صونا للكرامة الإنسان ووفاء لها".
وفي السياق ذاته ذكرت بوعياش أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب اختار مقاربة قائمة على التكامل، بين فعل وقائي، واختصاص حمائي، ونهوض بثقافة الحقوق والحريات… هي محددات ثلاث جعلناها ركائز اشتغال يكمل بعضها بعض، ضمن أولوية فعلية تحضر بشكل عرضاني وأفقي في فعلنا الحقوقي لمناهضة التعذيب والوقاية منه، مشيرة إلى أن فلسفة اشتغال المجلس تقوم على التعاون، والشراكة مع المحيط المؤسساتي والإقليمي من أجل فعلية الوقاية والحماية والنهوض.
وفيما ذكرت في هذا السياق، باتفاقية إطار للشراكة والتعاون المؤسساتي الموقعة في شتنبر 2022 بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني… اتفاقية فريدة و"متفردة"… غير مسبوقة في العمل الحقوقي، أبرزت بوعياش أن المجلس وضع ضمن ركائز هذه الاتفاقية، حقوق الإنسان كبعد استراتيجي وركيزة أساسية في برامج تكوين أطر وموظفي المؤسسة الأمنية المسؤولين على مراكز الحرمان من الحرية… من أجل تحقيق فعلية الوقاية، مجددة الشكر لشريك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، المديرية العامة للأمن الوطني، على الانخراط والالتزام المتواصل بنشر ثقافة الحقوق والحريات وتعزيزها في الوظيفة الأمنية.
وعرجت بوعياش إلى الحديث عن إطلاق المجلس رفقة زميلات، وزملاء بدول أفريقية، شبكة إقليمية للوقاية من التعذيب، سيتم فتح قريبا مقر كتابتها الدائمة بالرباط، وذلك التزاما بفعل حقوقي يهدف إلى جعل أفريقيا خالية من التعذيب. الأكيد أن هذا الأمر يتطلب عملا وتعبئة وحملات… لكن طموحنا، رفقة شركائنا في الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بإفريقيا أكبر من أي صعاب.