الأربعاء 30 أكتوبر 2024
سياسة

دخول سياسي جامد.. هل الأحزاب والنقابات في عطلة مستمرة؟

دخول سياسي جامد.. هل الأحزاب والنقابات في عطلة مستمرة؟ عزيز أخنوش رئيس الحكومة "تائه" بين عدة قضايا وملفات شائكة لم يتم الحسم فيها بعد
لم يختلف الدخول السياسي والاجتماعي الحالي عما سبقه في السنوات الأخيرة، فالجمود هو العنوان البارز لهذا الدخول، وكأن الأحزاب السياسية والنقابات تحلو لها العطلة الصيفية وتزيد من مدتها، وذلك بسبب غياب أي نقاش عمومي حول القضايا المطروحة.
 
بعض المراقبين للشأن العام أكدوا أنه لا يمكن انتظار أي تحرك من قبل عدد من النخب السياسية الحالية لفتح نقاش عمومي في القضايا المطروحة، لأن "فاقد الشيء لا يعطيه".  فالجمود السياسي تحول إلى عادة سيئة بالنسبة لمجموعة من الأحزاب والنقابات التي أصبحت تفضل لغة الصمت في التعامل مع العديد من القضايا المطروحة.
 
وقال عبد الجليل أبو المجد، باحث في الشأن النقابي:  "هناك غياب للنقاش بين مختلف الفرقاء السياسيين، خاصة بين الأحزاب والحكومة والمركزيات النقابية. باستثناء بعض اللقاءات الضيقة لعدد من الأحزاب السياسية، فإن الدخول السياسي يعرف ركودًا، وهذا يدل على عدم صحة المشهد السياسي على المستوى الوطني، وهذا لا يبشر بالخير".
وأضاف محدثنا، أنه من الملاحظ في السنوات الأخيرة أن هناك تمديدًا في العطلة الحزبية والنقابية إلى حين افتتاح البرلمان في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر.
 
و أكد عبد الجليل أبو المجد، أنه لكي يكون هناك دخولا سياسيا كما هو الحال في مجموعة من الدول، لابد أن يكون هناك أحزاب تتوفر على الجرأة ولها القدرة على قيادة المجتمع والنقاش المستفيض للتداول والتدافع، لأنه لا يعقل انتظار افتتاح البرلمان وبعد ذلك تنطلق عملية النقاش، لأن في ذلك انسحابًا للفاعل السياسي الذي يتراجع إلى الخلف، وذلك في الوقت الذي من المفروض عليه التقدم إلى الأمام، وهذه أمور لا تبشر بالخير.
 
جمال فكري، الكاتب العام للمنتدى المدني الديمقراطي المغربي، أوضح أنه على النقيض مما تشهده العديد من دول العالم من حركية على إثر الدخول السياسي والاجتماعي، فالملاحظ في المغرب وجود مظاهر الجمود في هذا الشأن.
فلماذا هذا الجمود؟ وهل هذا الجمود له علاقة بمرحلة معينة داخل الكرونولوجيا السياسية المغربية بصفة عامة، أم هو جمود لحظي يأتي في ظروف وسياق خاصين؟ 
 
هذه بعض الأسئلة التي طرحها جمال فكري في تصريحه ل"أنفاس بريس"، والذي أشار فيه، إلى حجم العزل الذي طال مجموعة من الفاعلين السياسيين داخل التراب الوطني، هذه الإعفاءات التي تعبر، كما يقول، عن إرادة الدولة للذهاب قدمًا في ترسيخ مفهوم الديمقراطية الحقيقية وكذلك القطيعة مع سياسة اللاعقاب. 
 
وقال جمال فكري: "لقد لاحظنا أن مجموعة من الشخصيات النافذة تتم محاكمتها، وهذا أمر مهم قد يحدث تطورًا في المسار الديمقراطي في البلاد. ويمكن القول إن الحركية الوحيدة في هذا الدخول السياسي هي التراشقات داخل بعض الأحزاب وإصدار بيانات نارية. فهل الأمر يرجع إلى دعوة لتجويد الأحزاب داخليًا، أم أن القضية تتعلق بإرهاصات أولية لظهور تكتلات جديدة وحركية سياسية قريبة المدى، خاصة مع قرب الانتخابات".

عبد الصمد حيكر  النائب البرلماني في صفوف حزب العدالة التنمية، أكد أن النقاش السياسي في عموميته في عهد هذه الحكومة يعرف جمودًا، وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى أن الحكومة تفتقد، حسب رأيه، إلى المشروعية السياسية، بسبب الظروف التي أجريت فيها الانتخابات الأخيرة من جهة، وثانيًا حينما قامت أحزاب الحكومة باختيار مرشحيها لخوض الانتخابات، وضعت في الحسبان فقط الذين لديهم الحظوظ للفوز دون أن تتوفر فيهم شروط الكفاءة والحضور السياسي، مما أنتج نخبة تفتقد إلى المشروعية السياسية وغير مؤهلة لخوض أي نقاش، وهو مجرد انعكاس لما يجري داخل المؤسسات المنتخبة ابتداءً من البرلمان، حيث النقاش السياسي يكاد يكون منعدمًا، وفي أغلب الأحيان هزيلًا وضعيفًا.
وأضاف حيكر، أن غياب النقاش ليس مرتبطًا بالدخول البرلماني أو السياسي، ولكن هذا أصبح وضعًا لصيقًا بهذه الحكومة.
 
و قال محدثنا: "من المفروض أن يتزامن الدخول البرلماني مع مبادرات من قبل الأغلبية الحكومية، سيما مع وجود العديد من المستجدات. لكن الأمر الذي يزيد ضعف وغياب المبادرات هو فشل التدبير الحكومي على عدة أصعدة اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى تبعات فيضانات الجنوب الشرقي. وهناك سياسة الصمت والتجاهل. فخلال التجربتين السابقتين، كان يتم برمجة لقاءات حوارية توفر فرصًا للنقاش العمومي عبر مختلف قنوات القطب العمومي في أوقات الذروة، ما كان يتيح الفرصة للأغلبية والمعارضة والمجتمع المدني لمناقشة مختلف القضايا. ولكن مع الحكومة الحالية تم إقبار هذا النهج وأصبحت هناك برامج يتيمة.
 
وأبرز أن مبادرات أحزاب المعارضة داخل البرلمان أو باقي المجالس المنتخبة تواجه بالصدود والإقبار، وذلك من خلال المصادرة في تناول الكلمة في إطار الإحاطة في البرلمان، وعدم الاستجابة للأسئلة الآنية وطلبات عقد اجتماعات اللجان، إضافة إلى إقبار المهام الاستطلاعية بدون وجه حق. كما أن رئيس الحكومة لا يلتزم بالجلسات الشهرية. وهذا يفرض على المعارضة، يضيف حيكر، مضاعفة الجهود وعلى المجتمع المدني القيام بدوره.