السبت 23 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

العسبي: طبيب حمير وبغال جزائري يخلط بين الحقيقة التاريخية حول مغربية الصحراء وبراز الحيوانات

العسبي: طبيب حمير وبغال جزائري يخلط بين الحقيقة التاريخية حول مغربية الصحراء وبراز الحيوانات لحسن العسبي
جئتم أرضا تدينكم بالدليل والوثائق إسمها التاريخ. فهل نسيتم وصية بومدين لكم أن ابتعدوا عن التاريخ مع المغرب؟
شهدت الجلسة المخصصة لمناقشة قضية النزاع حول الصحراء المغربية بإحدى اللجان الأممية إعطاء الكلمة لشخص إسمه محمد دومير (بيطري جزائري) أخدته الحمية في الكلام للخوض في أمور التاريخ (والتاريخ وثائق لا تكذب)، بشكل سوريالي يعكس المستوى المؤسف الذي بلغته النخبة الحاكمة بالجزائر. فالرجل يسيئ إلى بلده من حيث لا يحتسب.

لقد سقط طبيب الحمير والبغال ذاك وأسقط معه بلده في زلتين كبيرتين:
- الأولى هي أنه ذكر بالإسم قبائل مغربية صحراوية من "لخيام لكبار" مدعيا أنها وقعت اتفاقيات مع المحتل الإسباني. وهذا هو الخوار بعينه. لأن الجاهل هنا يتهم تلك القبائل التي قاومت الإحتلال الإسباني ببسالة ورجولة منذ زمن الشيخ ماء العينين في القرن 19 حتى جيش التحرير المغربي بالجنوب في القرن 20، بالعمالة مع المحتل الإسباني. لأنه كيف يقبل العقل والمنطق السليم أن يقال بأن المُستعمَرَ يوقع اتفاقيات مع المُستعمِر (الإسباني الذي ظلت أطروحته مبنية دوما على أن تلك الأراضي كانت خلاء لا بشر فيها. عدلت الجزائر ذات الأطروحة لتقول إنه لا سلطة فيها).

- الثانية، هي أنه ببلادته ورعونته جاء إلى المجال الذي هو ضده وضد أطروحة نظام بلده، أي مجال التاريخ (منذ عهد بومدين حرصت المخابرات الجزائرية على تتفيه أطروحة التاريخ وسعت جاهدة إلى إبعادها من البروز ليقينها أنها ضد أطروحتها). فالجاهل دومير هنا مثل من جاء إلى "رحبة فليو وأراد أن يتعلم كيف يعطس". والمثير أن هللت له قنوات تلفزية جزائرية كما لو أن الأمر فتح مبين. 

إن كل الإتفاقيات التي أحال عليها طبيب البغال والحمير ذاك تؤكد أن الصحراء مغربية، نكتفي منها بثلاث ذكرها مثل الإتفاقية المغربية الأمريكية والإتفاقيات المغربية الإسبانية والإتفاقيات المغربية البريطانية والإتفاقيات المغربية الفرنسية (ولأن الشئ بالشئ يذكر فإن كل هذه الدول كانت توقع اتفاقيات دولة مع دولة قائمة إسمها المغرب وليس مثل ما ظل يحدث مع "داي" مدينة الجزائر التابع للعثمانيين سياسيا. أكثر من ذلك كمثال فقط اتفاقية المغرب مع أمريكا حررت باللغة العربية واللغة الإنجليزية، بينما الإتفاقية مع داي الجزائر عشر سنوات بعدها بوساطة من العرش المغربي حررت باللغة التركية واللغة الإنجليزية وهذا له معناه السيادي).

بالعودة إلى نصوص تلك الإتفاقيات الموقعة جميعها في القرن 19 التي اشتغلت عليها مرارا، فإنها تنص على عبارة "الموانئ المغربية"، والحال أن الميناء الوحيد القائم حينها في كل الصحراء المغربية حتى نهر السينغال هو ميناء "واد نون". بالتالي فإن الإشارة إلى "واد نون" وباقي السواحل في تلك الإتفاقيات يؤكد سيادة المغرب على تلك الأراضي الصحراوية كلها. بل أكثر من ذلك تنص الإتفاقية مع إسبانيا (معاهدة فاتح مارس 1799) بالحرف أنه: "إذا حرث لجنس الإصبانيول فيما وراء سوس ووادي نون (انتبهو معي جيدا لجملة ما وراء وادي نون)، فمن جهة المحبة التي لملك إصبانية في سيدنا أيده الله يبحث كل البحث ويستعمل عزمه في استنفاذ رعية المحرثين بما أمكن حتى يرجعوا إلى بلدهم". 

نفس الأمر منصوص عليه في اتفاقية 1836 التجديدية مع واشنطن، ومع إسبانيا سنة 1861 ثم مع فرنسا ثم مع بريطانيا.

بل إن اتفاقية سنة 1895 مع التاج البريطاني بعد الأزمة الطويلة مع التاجر البريطاني ماكينزي الذي لم يسمح له قط بإنشاء مقر لشركة تجارية بريطانية بطرفاية بدون إذن مكتوب من سلطان المغرب وأن قبائل الصحراء مع مخازنية مغاربة تدخلوا مرة وقتلوا بعضا من مساعدي ذلك التاجر البريطاني دفاعا عن أرض الصحراء بصفتها أرضا مغربية. أقول إن تلك الإتفاقية التي بادر المغرب إلى اقتراح تعويض مالي للشركة البريطانية مقابل البناية التي بنتها على شط البحر ولم تفتتحها قط (بسبب مقاومة المغاربة الصحراويون لها)، تنص بالحرف على أنه: 
"إذا اشترى المخزن زينة المحل المذكور من الكبانية المذكورة لا يبقى كلام لأحد في الأراضي التي من وادي درعة إلى رأس بوخادور المعروف بالطرفاية المذكورة، وكذلك فيما بعد هذا المحل من الأراضي لكون ذلك كله من حساب أرض المغرب". (انتبهوا معي لجملة "وكذلك فيما بعد ذلك المحل")

أليس هذا اعترافا رسميا بريطانيا بمغربية الصحراء منذ سنة 1895، علما أنه قد بدأت حينها إسبانيا تحتل جزء من تلك الأراضي بخليج وادي الذهب.

إن دخول النظام الجزائري "رحبة التاريخ" يقوم دليلا على أن النخبة هناك فقدت البوصلة نهائيا، وأنه نظام سياسي يسيئ عميقا لمصداقية بلده أمام العالمين. لأن الوثيقة التاريخية تفضحهم أمام الناس، كل الناس بمختلف الألسن. وكم هو مؤسف أن "النظام الجزائري" والصهيونية الإسرائيلية وحدهما اللذان يكذبان على التاريخ رغم حجية الوثائق الدامغة في فلسطين وفي صحراء المغرب. فهذا أسلوب معلوم لكل ظالم، أسلوب غوبلز النازي الذي يوصي ب: "أن أكذب ثم أكذب حتى يصبح كذبك الحقيقة الوحيدة المفروضة".. 

هيهات سي دومير، لن تفلحوا أبدا، خليك في حميرك وبغالك أحسن لك.