الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: إيران ونهاية أذرعها المسلحة وافتضاح صفتها الوظيفية!!

محمد عزيز الوكيلي: إيران ونهاية أذرعها المسلحة وافتضاح صفتها الوظيفية!! محمد عزيز الوكيلي
قليلا ما ينحو الكلام عن إيران في وسائل الإعلام، والعربية منها خاصة، منحى التصريح الواضح والصريح بحقيقة "الحالة الإيرانية"، منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بانهزام دولة فارس أمام جيوش بغداد، ودخول الفرس على إثر ذلك إلى طاحونة غربية لا تخرج منها في العادة سوى الكيانات التي أعيد تشكيلها، لتتحول إلى "مؤسسات وظيفية" ذات مهام محددة ومسطّرة بعناية، من لدن القطب الأقوى، ومن يكون هذا القطب سوى الولايات المتحدة الأمريكية، وكل من يدور في فلكها بدءاً بإسرائيل، ومرورا بأنظمة شرق/أوسطية كثيرة، منها العربية وغير العربية، وانتهاءً بكل من ينتمي لحلف الشمال الأطلسي، دون نسيان بعض دول المعسكر الشرقي سابقاً، والتي "فقدت مشيتها في محاولتها تعلّم مشية الحَمام"، كما وقع للغراب المفترَى عليه في ذلك المثل الشعبي الساخر والشهير!!
 
القليلون إذَنْ، هم الذين تطرقوا للجانب الوظيفي لدولة فارس، مدركين، بلا شك، غباء الحركات المسرحية البهلوانية التي تُبديها إيران بين الحين والآخر حفاظا على صورتها التقليدية، كعدو شرس للشيطان الأمريكي ومعسكره المنتصر على "إبليس الشرق"، الاتحاد السوفياتي، وكعدو أيضاً، وبتحصيل الحاصل، لإسرائيل، ولكل ما ترمز إليه إسرائيل في عالم اختلط فيه الحابل بالنابل حتى صار شرقه كغربه، وشماله كجنوبه، وحتى فقدت كل التيارات المتصارعة فيه هُوِياتها وقسماتها وصار حالُها أشبه ما بكون "بتشابه البقر على قوم موسى" في قصة قتيل بني إسرائيل!!
 
نعم... إيران هي الأخرى مجرد دولة وظيفية، وقد تعرّت سوأتُها الآن بفضل ما شَهِدته المنطقةُ منذ حادثة "طوفان الأقصى" المفترَى عليه، على أيدي حماس، إلى غاية هذا الذي تشهده لبنان بسبب عربدات حزب الله، ليس إزاء إسرائيل، بل تجاه العرب السّنّيين في عموم المنطقة، في سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن، وفي ليبيا... وما خَفِيَ كان أعظم!!
انفضحت إذَنْ، الصفة الوظيفية لإيران... فكيف ذلك؟
 
أولاً: بتوريطها ذراعَها المتمثّل في حركة حماس وكتائب القسام، المنتمية جميعها إليها تكويناً وتنظيراً وتنظيماً وتمويلاً وتسليحاً، في معاركَ غيرِ متكافئة مع القوات الإسرائيلية، ثم تخلّيها عن تلك الذراع وهي تعلم مُسبقاً ما سينتهي إليه ذلك من دكٍّ لغزة، وإبادةٍ لأهاليها البسطاء العُزَّل، تمهيداً لإعادة تشكيل خطوط التقاطع الفلسطيني الإسرائيلي لفائدة إسرائيل؛ 
وثانيا: بتقديمها قيادات "حزب الشيطان" لقمةً سائغة للكمّاشة الإسرائيلية أمام ذهول عالمي غير مسبوق، لأنه لا أحد في هذا العالم كان يظن أن إيران يمكن أن تتنازل عن أذرعها المسلحة والمدرَّبة والمؤدلَجة بكل هذه الخِسّة، وهذه الوضاعة، ثم تنخرط بموازاةِ ذلك في مناوشات مضحكة تَستعمِل فيها ألعابها النارية، فتطلقها باتجاه أراضي الدولة العبرية دون أن تصيب أحداً منها ولو بجروح طفيفة...
 
هكذا، أخذنا نسمع ونُتابع بين كل يوم وآخر كلاماً غامضاً عن هجمات إيرانية بالصواريخ يهرع لها آلاف الإسرائيليين إلى المخابئ، بينما القذائف والصواريخ  الإسرائيلية القادمة من الجو لا تترك الفرصة لمقاتلي "حزب الشيطان" ومعهم مئات اللبنانيين المتضررين أساساً من عربدات "حزب الشيطان" ذاتِه، وهم يسقطون بين قتلى وجرحى دون أن تكون لديهم أدنى فرصة للاحتماء أو اللجوء كنُظرائهم العبرانيين إلى الملاجئ... مسرحية إيرانية في غاية الغباء والسقوط والدونية!!
 
نهايته... لقد أخذ العالم الآن علماً بالدور الوضيع الذي اضطلعت به إيران في منطقة الشرق الأوسط خدمةً لأجندات، صحيح أنها مختلفة ومتشابكة، ولكنها تخدم كلها نفس الهندسة التي تم وضعُها وإعدادُها لتتغيّر على ضوئها خريطة المنطقة... 
 
ولأن دولاً عربيةً غيرَ قليلة فَطِنت منذ البداية إلى حقيقة الدور الإيراني في تنزيل مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، فقد فضلت البقاء على الحياد مع بعض البيانات المحتشمة والعابرة، مما يعني يقينها بأنها لن تطالها التغييرات الموشكة على التنزيل بمجرد ما تضع الحرب الإسرائيلية على أذرع إيران أوزارَها، وبمجرد ما تعود دولة فارس إلى حجمها الطبيعي الذي كانت عليه غداة هزيمتها المدوية أمام العراق، بغض النظر عما تلا تلك الهزيمة من ثورة خمينية لم تأت بأي قيمة مضافة وإيجابية لا إلى إيران ذاتها، ولا إلى عموم المنطقة!!
 
نهايته أيضاً... أن الدّوْر لا بد أن يأتي على سوريا، ثم على العراق، وأيضا على اليمن وحوثييها... ومن يدري، فقد تمتد رياح هذا التغيير وإعادة التكييف إلى كل المناطق التي اخترقتها إيران ومخابراتها وحرسها الثوري، وقد تصل إلى جيراننا الشرقيين، الذين يبدو لشدة غبائهم، ولِفَداحةِ أمّيتهم السياسية أنهم مازالوا يستملحون تَطَوُّر علاقاتِهم مع إيران، بشكل تصاعدي بالغ الخطورة أعمى بصائرهم، ولن يستفيقوا ويفطنوا إلى حقيقته وتَداعياتِه إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس... والعبرة بالخواتم!!!