الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي: أخنوش وسؤال الأمل.. من رضا مول "النعناع" إلى سؤال 15 شتنبر

خالد أخازي: أخنوش وسؤال الأمل.. من رضا مول "النعناع" إلى سؤال 15 شتنبر خالد أخازي
بغض النظر عمن كان وراء الدعوة للزحف الجماعي للهجرة غير النظامية لألوف الأشخاص أكثرهم قاصرون....
بغض النظر عمن حرك هذه الجحافل نحو حلم أوروبا الوهمي...
بغض النظر عن لغة المؤامرة... وعمن أدار العملية في الخفاء...
فقدرنا أن نرد المؤامرات بحكمة من جار تفرغ لعداوتنا وانشغل عن قضايا شعب يعاني الأمرين...
بغض النظر عمن أراد شرا ببلد أهم رأس مال له هو الاستقرار والأمن...
آخر قلاعنا الأمن والاستقرار...
 

يريدون هدم هذه القلعة...
ضرب مصداقياتها...
لكن ل" فراس الجمل ف راس الجمال"...
مؤسساتنا الأمنية ليست غبية حتى تسقط في فخ من راهنوا على مواجهات دموية...
انتصرت المؤسسات الأمنية من جديد....
وغطت عن فشل النخب السياسية...
وفشل أخنوش في صناعة الأمل...
 

نعم.... ففشل السياسات العمومية تتحمل تكلفته المؤسسات الأمنية...
منذ زمن...
وكانت المؤسسات الأمنية من جديد يوم 15 شتنبر أمام امتحان صعب..
فخسرت الحكومة كعادتها وربحت المؤسسات الأمنية...
ربح رجل الأمن... الذي كان أبا...

ربحت قوات الأمن بشتى تشكيلاتها لأنها تحملت يوم من جحيم... بدون رصاص مطاطي...
راهنوا على الدماء فأعطيناهم رجال الأمن الآباء...
ربحت المؤسسات الأمنية رهان إفشال زحف بشري نحو سبتة...
لم تعد تربية الحالمين بأروربا...
 

كما أراد أخنوش...
ولا يمكننا أن ننفي أن العنف والعنف الأمني دون إفراط وقع في سياق مواجهات صعبة ومعقدة، المد والجزر البشريين يمكن أن ينتج عنهما عنفا عموميا محدودا ومعزولا... وإجراءات تبدو غير إنسانية...
لكن المس بالكرامة الإنسانية غير مقبول...
وذاك المنتحل صفة الحقوقي... صاحب ربطة العنق... عليه أن يصمت...
ماعنديش دبرعلى راسك بالتحريض على العنف ضد القاصرين...
 

مغاديش دير بلاستك مع السلطات الأمنية بخطاب " هؤلاء عصابات " فحتى البوليس عايقين بالبانديا في عباءة حقوقية وحتى المتطفلين على الصحافة بإسفنجة تمتص كل شيء...
 

سير تكمش...
مضر زمن البرغازة ولحاسين الكابة...
لن أخوض في من وراء هذه العملبة...؟
سمها ما شئت صناعة للفتنة...
سمها مؤامرة فيها أياد خفية ومعادية..
السؤال الجوهري...
 

سمها أنها صناعة لعدو يريد مس سمعتنا الحقوقية وصورتنا كدولة حديثة...
وإن كانت الهجرة زحفا ليست ماركة مغربية...
فهي موجة متواترة في عدد من الدول...
والغرابة فيها..
أن النقاش حولها أخذ مجرى آخر...
فالواقعة وقعت...
وقد تتكرر...
لأن كم وراءها أصلا...
شبح استغل الفقر والبطالة...
واستثمر في اليأس والمرض...
 

لهذا... لا يمكنك إشعال النار فقط يعود الثقاب...
لمَ كانت الاستجابة لهذه الدعوة يوم 15 شتنبر بهذا الحجم...؟
أن يكون وراء العملية عدو يحاربنا بطريقة جديدة، بعدما فشلت كل طرقه التقليدية... احتمال كبير...
إن يكون للعسكر الفايسبوكي الجزائري يد في العملية... احتمال كبير...
فجنرالات الجزائر يسلكون حتى طريق الشيطان لضرب صورة المغرب...
أن تكون كيانات سياسية وشبه سياسية متطرفة معلنة أو خفية هي من وراء الدعوة للزحف نحو سبتة للهجرة النظامية....فهذا احتمال وارد...
 

أن تكون الدعوة انطلقت من شباب يائس لا غير في حاجة إلى زحف جماعي لتحقيق رغبة الهجرة... وارد أيضا...
لكن سؤال الاستجابة المكثفة بغض النظر عمن وراء الدعوة لهذا الزحف هو أصل القضية...؟
لمَ استجاب قاصرون مكانهم الحقيقي مقاعد الدراسة...؟
لمَ استجاب مراهقون مازالوا في طراوة عمرهم...؟
لمَ استجاب الشباب... والنساء وحتى الأطفال....؟
سؤال يجعلنا ننسى سؤال من كان وراء هذه العملية...؟
 

وليكن الشيطان وراءها...
لمَ استجاب لها الأطفال والشباب والنساء...؟
استجابة الطفولة تدين المدرسة المغربية...
استجابة الأطفال تدين المنظومة التعليمية...التي لم تعد تصنع الأمل وتفتح الآفاق...
 

وتدين الأسرة...
الأسرة تجاوزتها الأمور...
لم تعد لها سلطة على الأبناء...
وبإدانة بنموسى... ندين حكومة أخنوش...
فالطفل الذي يرى والده أو أمه بلا دواء...
تلفظهما منظومة صحية لم تعد عمومية...
الطفل الذي يرى والديه يعيشان شظف العيش ويموتان في صمت أمام عينيه...
الطفل الذي لا صحة له ولا تعليم يليق بطموحه...
 

يهرب...
يفكر في ما وراء البحر...
يريد أن يشتري لأسرته شقة....
يريد لوالديه ما يضمن لهما العيش الكريم...
يريد يوما ما أن يأخذ والديه معه ..
هذا الطفل...
بعد سنوات...
سيكون مصيره أياما مملة يقضيها في رأس الدرب...
هذا الطفل... ثم المراهق... ثم الشاب...
لن يجد من مهرب له من الضجر والهشاشة والبؤس والعطالة والفقر سوى الاقراص المخدرة...

ولكل شيء تكلفة...
ثم السرقة... وقطع الطريق...
وكل شيء محتمل حتى الهجرة الانتحارية...
فمن لا أمل له لا يفكر في العواقب ولا نوعية الموت...
الميتون أحياء يوميا في فراغ الأحياء يختارون أشق الحلول، الموت أو الضفة الأخرى، لأنهم لم يعد لهم شيء يشدهم للوطن...
 

لا دراسة تصنع غدا أجمل...
ولا مصانع تضمن العيش الكريم...
ولا فراشة مهددة بالمصادرة...
ولا شيء....
 

غير... قرص يعطل إحساسهم بثقل الزمن...
ثم يحولهم آلة للتدميرالذاتي والتخريب والقتل المخيف. .
فيبدأ زمن السجون الذي لا ينتهي...
حتى... يصبحوا... ظل كائنات بشرية...
في وقت يزداد الثري ثراء... بأرقام خيالية...
وتزداد أحزمة الفقر والحصار الاجتماعي في "غيتوهات" البؤس…
وتغلق كل الطرقات العادية نحو خدمة عمومية...
 

والفساد يتغول وتتشكل أقطابه من رؤوس الأموال وتجار الانتخابات والفاسدين والمرتشين ومافيات سرية تتحكم في القرار السياسية وتعيق تشريعيا كل تحول نحو دولة الحكومة والمؤسسات...
السؤال عن الأسباب الحقيقية لقوة هذه الاستجابة....؟
 

هذا الطفل الذي شد الرحال للشمال يتحمل مسؤوليته من زعم أن رضا " مول نعناع" عنه إنجازا، كأنه يريد استنساخ شعبوية بنكيران....
فالمصيبة أن حتى الأطفال فقدوا الأمل...
لأنهم شربوا اليأس يوميا من بؤس أسرهم ومن معاناة أقارب يموتون كمدا وهم ينتظرون موعدا مع طبيب...
المصيبة... أن المدرسة غائبة عن النقاش...
فالمدرسة الرائدة أسطورة...
فالريادة... مجرد ظاهرة لغوية...
وبيننا الزمن...
ولغة التنزيل والمشاريع... لغة ألفنا بؤسها بؤسها...
 

لأن السؤال حول التربية مازال مهربا... ولا يطرح في سياق العدالة الاجتماعية والدولة الراعية، والتحرر من تحكم المقرضين في سؤال" أي مدرسة نريد...؟"...
ومول النعناع ليس مؤشرا للتنمية...
سل لحليمي فأرقامه أصدق...
 

فرقم الذين ما بين 15 سنة و35 سنة لا هم في المدرسة ولا يشتغلون مخيف... ومرعب...
فأخنوش يقيس مؤشرات التنمية برضا مول النعناع عليه...
وبجمع أربعة ألاف شاب...
صرف عليهم نصف مليار....
وتوزعوا على الفنادق وطعموا أشهى الاطباق...
ورقصوا... ورفهوا عن أنفسهم....
فليرقص من شاء....
لسنا ضد الرقص...
ولا الفرح... ولا طوطو...
شغلكم هذاك
لكن تعالوا لنتقاسم الفرح...
تعالوا...لنهبل معا في لوتوتروت....
تعالوا إلى كلمة سواء...
لمَ صحونا على دعوات الزحف للهجرة...؟
 

لا تطرحوا سؤال من وراء الدعوة...
بل سؤال الاستجابة بهذا الكم هو الذين يحرجنا جميعا...
تعالوا يا شباب الأحرار...
تعالوا... لنتقاسم وجبة طعام بئيسة لجامعات الشباب الجمعوية التي أرادها بنسعيد أن تظل خارج الزمن المغربي...
جامعات... بأقل تكلفة...
لن أحلل بطريقة استخباراتية من كان وراء هذه الدعوة...
فلست مؤهلا للوصول للمعلومة...
لكن سؤال الاستجابة...
سؤال يدين أخنوش...
ويدين حكومته...
 

ويدين كل من أجهز على الدولة الراعية الاجتماعية، الدولة التي ترعى مواطنيها صحيا وتعليميا ومهنيا واجتماعيا...
الحل هو العودة للدولة الراعية...
المنتصر في كل هم الرجال الذي واجهوا هذا الزحف بمهنية وإنسانية وبلا قسوة ولا تطرف في استعمال العنف...
خسر أخنوش...
وخسرت حكومته...
 

وربحنا من جديد مؤسسات أمنية لم تمنح الفرصة للخصوم لتشويه صورة المغرب..
من راهنوا على العنف...
خسروا الرهان...
لكن يظل السؤال الأساس المؤرق بعيدا عن لغة المؤامرة والعدمية: لمَ استجابوا لنداء الهجرة غير النظامية...؟
الجواب نجد في تجميد قانون الإثراء غير المشروع
الجواب نجده في عدم تجويد قانون التصريح بالممتلكات
الجواب نجده في محاولة الحكومة تهريب المساءلة الشعبية عبر المجتمع المدني حول المال العام إلى مؤسسات منهكة بآلاف الملفات...
 

الجواب نجده في الجواب نجد عند بعض الأحزاب الذي غدت معبرا للحصانة لما فيات المال والفساد والمخدرات وشبكات العقار
 

الجواب نجده عند 10% من أثرياء البلد يتقاسمون 65% من ثروات البلاد
الجواب نجده في استمرار الاعتقال لمجرد رأي..
الجواب نجده عند حكومة تخدم مصالحها وتستمر في تسليع المستقبل المغربي..
الجواب نجده في طابور المستشفيات...
الجواب نجده في صناعة جيل يعتبر الغش حقا
الجواب نجده في بيع أصول الدولة ضمن التمويلات غير السيادية
الجواب نجده في تعليم فاشل وجامعات بلا أفق..
 

الجواب نجده في التدني الأخلاقي لحد العراء على التايتكوك كن أجل لقمة العيش...
الجواب نجده بالسماح بتحويل الشيوخ والعجائز إلى فرجة يجني منها الأبناء قوت عيشهم... قوت ترفهم...
الجواب في استشراء الفساد والرشاوى والقتل المعنوي إلى جانب الغلاء الذي لا يطاق...
الجواب في مؤشرات البطالة المزيفة...
الجواب في معامل الرقيق الجديد، حيث تستنزف النساء والشاب بأجور زهيد لمنتوجات صناعية نفسية، تجد مكانها في آليات دقيقة بأوروبا.
 

الجواب في البحر الذي لم يعد لنا...
لا يهم مم وراء الدعوة لهذه الهجرة غير النظامية...
المهم هو تحصين المجتمع ضد اليأس...
العدالة الاجتماعية...
وضرورة استعادة الدولة الراعية...
 

هامش لابد منه: بلغنا ببلاغ رسمي صادر عن النيابة محكمة الاستئناف بتطوان التالي:
" على إثر تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي لصور بعض الأشخاص بلباس السباحة يجلسون على الأرض و بعضهم الاخر قبالة حائط اسمنتي. يعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان أن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي في الموضوع للوقوف على مدى صحة هذه الوقائع وخلفيات نشر تلك الصور عهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
وسيتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك فور انتهاء الابحاث مع اشعار الراي العام بنتائجه."
 
خالد أخازي، روائي وإعلامي مستقل