الأربعاء 9 أكتوبر 2024
منبر أنفاس

عبد الواحد زيات: التوترات الاجتماعية في المغرب.. نظرة على أسباب  الإحباط ووقائع الهجرة الجماعية 

عبد الواحد زيات: التوترات الاجتماعية في المغرب.. نظرة على أسباب  الإحباط ووقائع الهجرة الجماعية  عبد الواحد زيات
في ظل الأزمات المتلاحقة التي يشهدها المغرب، يبرز شغب الملاعب كأحد تجليات غضب الشباب الذي يعيش على هامش المجتمع. يتجلى هذا الغضب في تصرفات شغب الملاعب، التي لا تُفهم دائما على حقيقتها، مما يعكس عمق الأزمات الاجتماعية والنفسية التي يعاني منها هؤلاء الشباب. وتعالج الامور في الجانب الأمني و القانوني لكن عمق الحل لم يتم الانكباب عليه .
 
وتعد الشعارات التي يُرفعها المشجعون في الملاعب، والتي تستهدف الحكومة، و السياسين و الفساد  بمثابة صرخات احتجاج على الأوضاع الحالية. هذه الشعارات لا تعبر فقط عن خيبة الأمل من الأداء الحكومي،وعن ضعف آلية محاربة الفساد،  بل تعكس أيضا قسوة الظروف الاجتماعية التي يعيشها الشباب، بما في ذلك نقص فرص العمل، التعليم، والأمل في المستقبل وحجم الفوارق الاجتماعية و المجالية.
 
شهدت البلاد مؤخراً توترات متزايدة بين الشباب والقاصرين من جهة، وقوى الأمن من جهة أخرى. هذه التوترات تُفهم غالبا على أنها أعمال شغب، دون النظر إلى جذورها الاجتماعية والنفسية. إن وراء هذه المظاهر غضب عميق وانكسارات تسكن الشباب و اليافعين  متراكمة نتيجة للفقر، البطالة، والإحباط العام.
 
والخيبات التي تعيشها الأسر جراء ظروف العيش الصعبة ، وظهور محاولات الهجرة الجماعية بشكل علني يتم الدعوة لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كتعبير عن حالة  الاستياء.  ان يغامر الكثيرون من الشباب و القاصرين و حتى الفتيات و النساء  بحياتهم في البحر، متسلحين بالأمل الضئيل في الوصول إلى الضفة الأخرى، مؤشر على أن مستوى الثقة اضحى يتهاوى بشكل سريع لان فرص العيش الكريم في وطنهم أضحت معدومة . هذا السعي للهجرة يعكس عجز الأمل في التغيير، وغياب الثقة في المشاريع الحكومية ، و خطابات الأحزاب السياسية و برامجها .

الوضع في المدارس أيضا يشهد أزمة حقيقية؛ حيث يترك الآلاف مقاعدهم الدراسية حوالي 3000آلف سنويا رقم مفزع ، مما يضفي على المشهد تعقيداً إضافياً. ملايين الشباب ينظرون إلى مغادرة البلاد كفرصة للهروب من الأوضاع الحالية إذا سنحت لهم الفرصة.
 
السياسيون والإعلام  لم يقدموا على معالجة هذه القضايا بشكل جدي. ناتج عن نقص الشجاعة السياسية والافتقار إلى إرادة إعلامية لنقل الوقائع كما هي، يعمق من أزمة الثقة بين الشباب والمؤسسات. الوضع يتطلب من الجميع وقفة تأمل حقيقية، وفهم أعمق للأزمات الاجتماعية والنفسية التي تعصف بالمجتمع.
 
إن معالجة هذه القضايا تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، وإعلام نزيه، وبرامج فعالة للتنمية الاجتماعية، لفتح أبواب الأمل أمام الشباب وبناء مستقبل أكثر عدالة و انصاف وطن يتسع الى الجميع وليس قلة تستحوذ على خيرات البلاد ، و فساد يتقوى  و غلاء يجعل الجميع يشتكي من حجم القهر الاجتماعي الذي لا بديل عنه إلا الهروب الجماعي. تقارير رسمية كثيرة مشهود لها بالمصداقية تحذر من انهيار القدرة الشرائية لدى الأسر ، الوضعية الهشة و الصعبة التي يعيشها الشباب ، ارتفاع معدلات البطالة ، الهدر المدرسي ارتفاع الجريمة في صفوف القاصرين ، الأرقام المفزعة عن الأمراض النفسية و العقلية في صفوف الشباب ، حالة الفقر وغيرها .

لذلك لا مجال لتصديق الحكومة في كونها تسعى إلى إرساء دعائم الدولة الاجتماعية و هي تقوم بالتعرية الاجتماعية بتوالي الزيادات في الأسعار وإجراءات مجحفة تزيد من تضييق الحقوق الصحية و الاجتماعية و حرية التعبير .