الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

لماذا عين الملك أوجار مندوبا دائما للمغرب في جنيف؟

لماذا عين الملك أوجار مندوبا دائما للمغرب في جنيف؟

لم يشكل تعيين محمد أوجار، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2014، سفيرا مندوبا دائما للمغرب لدى الأمم المتحدة مفاجأة للكثير من المتتبعين، ذلك أن مسار الرجل، رغم كتلة الظل الكثيفة التي استغرقته في السنوات الماضية، يشهد بأنه راكم تجربة مهمة أهلته ليكون في قائمة "التنخيب" التي يراهن عليها المغرب من أجل الدفاع عن مصالحه الحيوية على المستوى الحقوقي. يعرف عن أوجار أنه متحدث لبق ومفاوض ذكي، وأحيانا يتحول إلى محارب مشاكس في الدفاع عن أفكاره السياسية وقناعاته الفكرية. وقد لمع نجمه في بداية التسعينيات حينما كان مديرا لجريدة الميثاق (لسان التجمع الوطني آنذاك)، وكان يقارع زعماء المنظمات الشبابية (اليسارية تحديدا) بندية ملحوظة وصدر مفتوح على جميع انتقاداتهم، مما لفت الانتباه إليه، وخاصة أحمد عصمان الذي رأي فيه نموذجا للقيادي التجمعي الشاب، وراهن عليه من أجل مستقبل الحزب. وفعلا لم تخب فراسة عصمان، إذ سرعان ما تدرج هذا القيادي الشاب المثقف حتى أصبح عضوا في المكتب السياسي للحزب، ورقما في أي معادلة يصنعها القياديون التجمعيون مع حلفائهم. وهو ما تبين بجلاء حين تم تعيينه وزيرا لحقوق الإنسان في حكومة عبد الرحمن اليوسفي، ثم في حكومة إدريس جطو.. قبل أن يتراجع إلى الخلف قليلا في خضم الأزمات التنظيمية التي كادت أن تعصف بالحزب، لولا "الدوباج" والتسويات التي أرغمت أحمد عصمان على التراجع وفسح المجال للوافدين الجدد. كما أرغمته هو أيضا على التراجع خطوة إلى الوراء من أجل مراقبة التطورات وقياس التوازنات في حمأة الصراع على الزعامة. ينتمي أوجار، الذي ولد في 18 مارس 1959، إلى قبيلة "زرقت"، وهي قبيلة صنهاجية أمازيغية تستقر في منطقة الريف الأوسط، وتعرف بـ "المنطقة الخضراء". أبوه صنهاجي، ووالدته من بني عمارث، وهي قبيلة أمازيغية أيضا. درس بثانوية الحسن الثاني بتارجيست وانتقل إلى ثانوية يعقوب البادسي بالحسيمة (حتى بداية الثمانينات، لم تكن ترجيست تتوفر على ثانوية، وكان طلبة المنطقة ينتقلون الى الحسيمة لمواصلة دراستهم) بعد ذلك توجه لإتمام دراسته بجامعة محمد الأول بوجدة، ومنها حصل على الإجازة في الحقوق. ثم سرعان ما تابع دورات تكوينية في الصحافة والإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والبرتغال، ليعود إلى الرباط مديرا لجريدة "الميثاق الوطني"، حيث راكم تجربة أهلته لعضوية المجلس الأعلى للاتصال للسمعي البصري الـ(هاكا). ولم يكن الإعلام هو ما يستأثر باهتمام أوجار فقط، بل مكنه عمله السياسي والوزاري، فضلا عن احتكاكه بتجارب البرلمان (انتخب نائبا بالغرفة الأولى سنة 2002)، من مراكبة خبرة كبيرة في مجال المرافعة الحقوقية، حيث حاز على صفة "خبير دولي في قضايا الانتقال الديمقراطي"، مما سمح له أيضا بترؤس "مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان". كما سبق له أن ترأس عدة لجان دولية لمراقبة الانتخابات في عدة دول إفريقية، وقام بإنجاز العديد من الأبحاث والدراسات حول الديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان. وهذا ما أدى إلى انتخابه مؤخرا رئيسا للتحالف العربي للمدافعين عن حرية الإعلام، وذلك على هامش أشغال "الملتقى الثاني للمدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي"، الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحافيين الأردني، بالتعاون مع سفارة النرويج في عمّان. ويعتبر محمد أوجار، بعد تعيينه في جنيف، ورقة رابحة بالنسبة للمغرب، خاصة أنه خبر المنعرجات الحقوقية التي يشهرها الخصوم في المنتديات الدولية، كما خبر من موقع تكوينه السياسي والحقوقي والإعلامي، وقدرته التفاوضية، كيف يمكن رد السكين الموضوع على عنق بلاده إلى نحر أعدائه، وكيف يمكن تحويل قوة الإقناع إلى سلاح يمكن استخدامه ضد المتربصين بالصحراء المغربية.