نشرت حركة "الماك" المناصرة للحكومة القبايلية المؤقتة الجزائرية بورتريها لرئيسها فرحات مهني، الذي صار شوكة في حلق كابرانات الجزائر ، وذلك على صفحتها الرسمية اطلعت عليه "أنفاس بريس"، واصفة إياه ب"المحارب المسالم".
ومع حصول فرحات مهنّي على شهادة في العلوم السياسية، سرعان ما أدرك أن السياسة في أيام الحزب الواحد، كانت تعني المساومة، لأنه كان عليك أن تقبل بقواعد اللعبة. لذلك اختار الفن (الأغنية) كسلاح سياسي فتَاك، وبهذه الأداة لم ينجح فقط في تحطيم جدار الخوف، بل أيضًا في منح جيل كامل من الشعب القبائلي ضميرًا سياسيًا. فرحات مهني هو رئيس الحكومة القبائلية في المنفى.
سُجن فرحات مهنّي اثنتي عشرة مرة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولم يتخلّ أبدًا عن النضال من أجل الحق ومن أجل ثقافته وشعبه. وحتى بعد مقتل ابنه الأكبر، أمزيان، في باريس عام 2004 من طرف النظام الجزائري، لم يستسلم أبداً. فهو يستمد قوته من تاريخ شعبنا وقيمه.
في عام 2001، أثناء المذبحة التي ارتكبها الدرك الجزائري في حق الشباب القبائلي و راح إثرها أكثر من 123 روحٍ بريئةٍ و آلاف المعطوبين، دعا إلى الحكم الذاتي لبلاد القبائل، وهي خطوة جريئة لم تكن سهلة بالنسبة لشعبنا الذي إتُهم بالانفصال بعد ثورة 1963.
قاوم الشدائد، وقاوم دعاية الدولة الجزائرية التي خلطت عن قصد بين الحكم الذاتي والاستقلال، ظنا منها أن ذلك سيخيف القبائل، لكن في النهاية كان ذلك ما أرادته بلاد القبائل من كل قلبها.
وإذا كان هو العلامة الفارقة بين أجيال عديدة، فذلك لأنه ظلَّ قبائليا أصيلا ، لم يستطع أي شيء أن يفسد عليه شيئا.
عندما نادى فرحات مهني بالإستقلال بعد عشر سنوات من ذلك التاريخ، كانت بلاد القبائل جاهزة واستقبلت هذا الخيار بفرح وارتياح. قال ماس فرحات: "لقد كنا في مرحلة إنتقالية"، وكان محقًا في ذلك. كان علينا أن نحترم المراحل التي مرّ بها شعبنا، إلى درجة أنه كتم تاريخه بعد أن أُشعر بالذنب.
لقد كان الشعب القبائلي دائما مستقلا، لكنه كان محصورا في إتحاد يتطلب منه التخلي عن طبيعته وعن نفسه وعن حريته واستقلاله. كما كانت بلاد القبائل ضحية كرَمها العظيم، لكن هناك حدودا لا يمكن تجاوزها، وقد بلغها الربيع الأسود سنة 2001.
وانسجاما مع قناعاته، كان من الطبيعي أن يكون هذا "صاحب الأغنية" هو أول من تنبأ بهذه الحقيقة المهمة في تاريخ شعبنا، وفق المصدر ذاته.
ومنذ ذلك الحين، شرع في إعادة بناء الصرح المؤسساتي للأمة القبائلية حجرا بعد حجر.
لقد بذلت الجزائر كل ما في وسعها لدفع بلاد القبائل إلى حمل السّلاح، ولكن كان هناك رجل من رجال الفن ورجل من رجال الأدب، ورجل من رجال الإنسانية، قرر أن ينتزع استقلال بلاده القبائل دون أن يريق قطرة دم واحدة.
لم يكن حصول فرحات مهني على جائزة السلام الدولية في عام 2013 وجائزة "فدهماً للمقاومة " في عام 2015 من فراغ. فرئيس حزب "الماك" و"أنفاد" يلقن الثوار في العالم أجماعين درسًا مهيبًا، ويبين لهم الطريق الأصح والأكثر احترامًا للحياة الإنسانية.
طرح كاتب ياسين السؤال المؤرّق: "هل هناك جريمة اغتيال الظلم فقط؟ يجيب فرحات مهني ومن خلاله بلاد القبائل بالنفي.