الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي: متى يسترجع المثقف والمبدع روحيهما من الشيطان.. غزة...فضيحة الغنيمة

خالد أخازي: متى يسترجع المثقف والمبدع روحيهما من الشيطان.. غزة...فضيحة الغنيمة خالد أخازي
تتمرغ الإنسانية في وحل الدناءة....
كل يوم تحرج غزة كبرياء العقل..
وتكشف مدى جبن العقل العربي...
ومدى تعفن الحبر العربي...
يغدو قتل الأطفال مجرد خبر...
مشاهد الإبادة تفتت الحجر...
يهجر الناس وتقطع الأشجار وتهدم البيوت...
تقصف المدارس... يسيل الدم على الدفاتر...
تتلون الطبشورات قرنفلية بدم طفولة حرمت من الأب والأم والهواء والبحر... ثم تدفن مع السبورات والعلامات واللعب الحزينة...
تقصف المستشفيات... تنهار الحيطان على المرضى والجرحى...
يموتون...تختلط دماؤهم والغبار الأحمر وأنين آت من تحت الأنقاض...
يقتل العجزة... والشيوخ... والمعاقون...
تدك الأحلام... وتسرق السماء...
يعز الماء والهواء...
ثم يطير الموت الأعمى المتغطرس نحو طهران ليختطف هنية...
هل باسم الاختلاف نختفي وراء جدار الصمت...؟
هل لحية حماس تجعلنا نفقد القدرة على الانتصار للحق والعدل والقيم الإنسانية...؟
هل السجود يمعننا من أن ندين كل هذا الجنون...؟
هل لأننا حداثيون جدا... ونسكر حتى الفجر... لا ندين... ولاونكتب ولا نشجب....؟
هل لأننا نكره الصومعة والأذان ومشروع حماس الإسلامي... نختفي وراء جبن خفي ونصمت...؟
هل لأننا يساريون أكثر ممن علمنا قيم اليسار ... اليسار الغربي... الذي أذان وما صمت....
أمن أجل إيديولوجية...كيفما كانت نتحصن بها وهما، ونبرر بها جبننا... بل ندثر بها لنخفي ولاءاتنا الخفية باسم الثقافة والأدب والفن والمسرح....؟
إن لم يخرج الشاعر الآن من ظل ولاءاته ... وينتصر للحق والعدالة مهما كان لون محياها... فمتى يخرج... ؟
متى يكون الشعر شعرا إن لم يكن هذا زمن الشعر...؟
متى تكون الرواية عروس الكتابة إن لم يكن السرد كن قلب الألم الغزاوي...؟
انتهى التنظير والتدوير الفكريان... قولوا شيئا يليق بهذا الزمن...
مزقوا تذاكر السفر...
استغنوا عن غرف خمس نجوم... وكثير من الغنج.. وخذوا فنجان قهوة... واكتبوا...
قولوا شعرا يليق بالوجع العربي...
لا شعرا تقبله لجن الوهم العربي...
اكتبوا نصوص تليق بالجراح.... لا نصوصا يرضى عنها اللصوص...!
إن عجز الخيال... اصمتوا... لا تكونوا مع الجلاد...
لا ترفعوا لواء القاتل...
تحرروا من قيد الغنيمة... حان الوقت لتسترجعوا حريتكم...
ليعود الشعر للإنسان.
لتعود الرواية لإنسان.
ليعود المفكر للإنسان
ليعود المسرح إلى الإنسان ...
بعيدا عن الحكام الحمد في جغرافيا الأوهام...
يعلم العالم... أن شراء الذمم بالمال والمناصب المغلف بالثقافة والأدب... كان استراتيجية ناجحة لجهات إقليمية لترويض القلم والعقل... وتوجيه بوصلة التفكير وفق هوى أولياء النعمة هنا وهناك...
نعلم أت كثيرا من المبدعين والمفكرين والسياسيين... يبررون صمتهم بالإيديولوجيا واختلاف الرؤى المجتمعية والمرجعيات السياسية...
والحقيقة أن أكثرهم باع روحه للشيطان...
ففقد حرية الإرادة والموقف والتعبير...
الذين يزايدون علينا بالفكر والمرجعية كلما اصطففنا إلى جانب غزة... عليهم أن يخجلوا من أنفسهم...
فالحق والعدل... تشترك فيه جميع الحساسيات...
وما يقع في غزة كشف ورطة المثقف العربي... الذي لم تعد له القدرة على حرية الرأي... لأنه بكل بساطة... غدا حلقة ضمن مشروع ثقافي موازٍ للمشروع السياسي الشرق أوسطي لترويض المثقف وجعله مكبلا بولاء المال والمنصب والمنصات والسفريات...
صمت المثقف... والشاعر... والمبدع في هذه اللحظة الزمنية الفارقة لا يقل جبنا عن صمت الكنيسة ومفكري ألمانيا والغرب عن المحرقة ومشروع هتلر الاستئصالي...
وعلمنا التاريخ... أنه قلما يخرج المثقف من جبة المستبد القاهر زمن الأزمات الكبرى، فإن لم يصمت برر القتل وأطره فكريا....
يصمت السياسيون في المغرب...
لا ينددون بقتل الإنسان في غزة...
لا ينددون بقتل هنية في طهران...
باسم الإيديولوجيات...
والإيديولوجيا حصان طروادة... لأن الحقيقة أن أكثرهم... نسي أن التنديد لا يلزمك فكريا ولا سياسيا بل يلزمك إنسانيا...
فالميت الإنسان...
والمقهور الإنسان. .
والمرحل قسرا منذ 1948 من أرضه الإنسان...
الإنسان قبل الفكر والحزب...
لنقل الحقيقة كما هي... مهما كانت قاسية...
قوى إقليمية استثمرت في الثقافة والإبداع...
واشترت القلم العربي...
ومازالت الخريطة الثقافية والفكرية تتمدد...
فكل شيء قابل للشراء...
حتى الخيال والشعر والسرد...
حتى النضال باسم الثقافات العرقية...
حتى التفلسف... ومقاطعة الجثة التي تقض مضاجع من باعوا أرواحهم للشيطان....
زمن الكلب هذا...
 
خالد أخازي، إعلامي مستقل وروائي