الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

كمال العايدي: مشروع قانون المسطرة المدنية.. تشريع بدون روح

كمال العايدي: مشروع قانون المسطرة المدنية.. تشريع بدون روح كمال العايدي
اثار التعديل القانوني لدى اقراره لنصوص قانون المسطرة المدنية نقاشا مستفيضا بين عن عورات بعض النصوص الجديدة أو المحشوة منها بما يضيق عليها لفظا ومعنى. والهاجس المحرك في النقاش هو مدى مطابقة النصوص الجديدة أو المعدلة للدستور ولروح المشرع..
 
فالأصل أن أي تعديل للنصوص الإجرائية يتعين ان يحقق سلاستها ويسرها في اقتضاء الحقوق. فلا معنى أن يقيد اي نص حرية الإنسان في التقاضي أو يهدد استقرار الأوضاع الناشئة عن الأحكام!!. فالحكم عنوان الحقيقة متى لم يعد قابلا لأي طعن.
 
والظاهر أن النصوص المعدلة أما محشوة بما تضيق به، أو أنها مخالفة للدستور؛ وخير مثال المادة 17 التي اعطت للنيابة العامة الحق في الطعن في اي حكم دون التقيد بأجل، وهو ما يشكل ضربا مبرحا لوظيفة الأحكام من حيث عملها على استقرار الأوضاع، بمبرر المخالفة للقانون والحاجة الى تعديل الحكم او القرار ليطابق النظام العام. كما أن التعديل حشر إلى جانب المحامي شخصا سماه الوكيل الذي بإمكانه القيام بكل الإجراءات لفائدة موكله بل أن يطعن بالنقض لفائدته؛ والحال أن التقاضي يتعين ان يكون مصونا بحفظ حقوق الدفاع، والتي لايمكن ان يقوم بها إلا شخص محترف وليس غير المحامي كفيلا وقادرا على ذلك.. فهل يمكن للشخص العادي ان يباشر الطعون وأن يرد على الدفع أو أن يختار الطلبات بما يوافق القانون لا بما يوافق هوى المتقاضي؟.
 
ومن بين ما تم حشوه في التعديل كذلك ظاهرة التغريم على الدفوع وعلى الحق في التقاضي وكأننا اما قانون جنائي للمسطرة المدنية!! ان تهديد المتقاضين بالغرامات وتهديد دفاعهم بها كذلك، هو حجر على الحق في الدفاع الذي يكفله الدستور والإتفاقيات الدولية والحقوق الكونية للإنسان، فلا يمكن تقييد الحق في التقاضي بمبرر التقليص من القضايا الكيدية، لأن التشريع بهذا الشكل هو لحماية الكيد. أن مشروع التعديل ولو تم اقراره من مجلس النواب باستماتة الوزير على تمريره بالشكل الهجين الذي وقفنا عليه  لن يحقق الأمن القضائي، ولن يقلص عدد القضايا، ولن يرفع من اسهم الدولة في محافل الحقوق والحريات.. وانما سيخلق اشكاليات لا حصر لاعدادها.

فالتشريع يتعين أن يكون للحاجة وليس للنكاية فوزير العدل رأى انها معركته الشخصية مع المحامين وأنه الغالب باغلبيته البرلمانية لكنه نسي انه يشرع للدولة وليس ضد فئة معينة..
 
فلهذه الأسباب ومن أجلها.. أضرب المحامون ثلاثة ايام ويعلم الله ما يتقرر من بعد .فقد اخطأ من ظن أن بإمكانه ان ينزل بالمحاماة إلى أسفل. المحاماة ليست مهنة للعيش فقط انها رسالة الدفاع عن المقهورين والفقراء والأغنياء وكل فئات المجتمع، بل حتى اخطر المجرمين لا بد له من محام يأمن دفاعه. وجعل المحاماة سلعة ومورد رزق فقط يفرغها من عمقها الإنساني ويشوه صورتها امام المواطن. لقد حاولوا أن يجهضوها بأن افرغوا فيها بطالتهم فاستوعبت الكثير واثخنوا فيها جراحا بإشاعة الفساد، والتستر عليه ورغم ذلك فالمحاماة  كابرت وقاومت لكن بعدها الإنساني حركها اكثر هذه المرة، فلا يقبل المحامي ان يشرع ضدا على الدستور وان يتم التمييز بين الناس في اقتضاء الحقوق بمعيارمن يطلب اكثر ويحرم المواطن من حقه في الدفاع بداعي الهشاشة وأموال المساعدة القضائية تترعرع في صناديق وزارة العدل وأن يكون الحق في التقاضي مقيدا ومحفوفا بالتبعات.. أن تحرك المحامي في هذا الإضراب لا يدافع عن لقمة عيشه فقط ، وإنما يترافع من أجل مواطنة عادلة وعدالة مواطنة...
 
 
كمال العايدي/ محامي بهيئة المحامين بسطات