الأحد 8 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

نور الدين طويليع: أخانا الأكبر عزيز أخنوش من فضلك أغلق صنبور 500 درهم

نور الدين طويليع: أخانا الأكبر عزيز أخنوش من فضلك أغلق صنبور 500 درهم نور الدين طويليع
السيد عزيز، وأنت تبذل كل غال ونفيس لتطعمنا من جوع، وتملأ جيوبنا ب 500 درهم دفعة واحدة على رأس كل شهر، وتؤشر بذلك  على نقلنا من عالم الفقر المدقع إلى الغنى الفاحش....، وأنت تفعل كل ذلك، لا نملك إلا أن نكبر فيك هذا الكرم الحاتمي الذي لم يأته أحد قبلك، ولن يأته أحد بعدك.
 
أخانا الأكبر، بعد أشهر سمان، توالى  عليناعطاؤك فيها، نعترف في حضرتك أننا صرنا من المترفين، ومنازلنا لم تعد تتحمل ما كدسنا فيها من متاع الدنيا، اشترينا الأخضر واليابس، ولم نعد نتوقف عن الأكل والشرب حتى خلنا أنفسنا في جنة النعيم، وزادت أوزاننا، وانتفخت بطوننا، ولم تعد لنا طاقة للحركة والعمل، وإننا نلتمس منك أن تكمل معروفك، وتجلب لنا اليد العاملة من الخارج، ونحن من سيتكفل بدفع أجورهم بالعملة الصعبة التي تراكمت بدورها في زوايا بيوتنا، بعدما نقلنا كثيرا منها إلى البنوك، وكونا منها أرصدة ضخمة تكاد تنفجر في أي وقت وحين.
 
أخانا الأكبر، نخبرك أننا  "ضسرنا بزاف"، وتجاوزنا حدود "حلاوة العيش" بكثير في ظرف قياسي ببركة 500 درهم، ولم نعد نفكر في عمل، ومن كان منا يعمل ترك عمله، ومن كان يكتفي ببضع لقيمات، وبالخبز الحافي، فتح الباب بمصراعيه لجشعه اللا متناهي، فصار  يمتع نفسه في ما شاءت له نفسه من المحمر والمجمر...، أما الفواكه التي كان بيننا وبينها خصام، فقد ملأت موائدنا، حتى صار للقمامة منها نصيب مفروض، ولن نحدثك عن المشروبات الزاحفة والطائرة التي أقبلت علينا إقبال الفتى على سيده الهصور، وأما حكايتنا مع المحروقات فذلك ترف آخر، ومحطاتها تنطق بما نملأ به سياراتنا من مئات اللترات شهريا حتى أصيبت بدورها بالتخمة، وأصبحت تتحيك في سيرها متباهية بمخزونها الاستراتيجي الذي أصابها بالجبروت.
 
أخانا الأكبر، نناشدك أن تغلق صنبور ال 500 درهم عسانا نرجع إلى رشدنا، ونقلع عن غينا، ونتخلص من غنانا الفاحش، ونعود إلى أرض الواقع بعد شهور من التحليق في عالم الخيال الذي حجزت لنا فيه إقامة دائمة، فنسينا أنفسنا، ونسينا عالمنا الأرضي.