الاثنين 1 يوليو 2024
سياسة

أمغار: مشروع المسطرة الجنائية بين ضمان الحقوق والحريات وحماية النظام العام 

أمغار: مشروع المسطرة الجنائية بين ضمان الحقوق والحريات وحماية النظام العام  محمد أمغار، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء
قال محمد أمغار، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، أن النقاش القانوني كان ولايزال منصبا على قواعد القوانين الاجرائية المرتبطة بالمحاكمة في المادة الزجرية أو ما يعرف في المغرب بقانون المسطرة الجنائية.

وأضاف الدكتور أمغار في تصريح لجريدة "أنفاس بريس" أن هذا النقاش اشتد أكثر مع طرح مشروع خطة إصلاح منظومة العدالة، والتي على أساسها وضع ما يعرف بميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي وضعته الهيئة العليا المكلفة آنذاك بوضع خطة طريق للإصلاح، وعلى ضوء توصيات الهيئة العليا تم وضع مشروع إصلاح قانون المسطرة الجنائية، هذا المشروع الذي عرف تعثرا كبيرا، واستمر النقاش فيه لأكثر من عشر سنوات.
 
ارتبط التعثر باختيارات الحكومات المتعاقبة والإكراهات المسطرية التي عرفها المجتمع، بعضها ارتبط بالتحولات  المجتمعية، والبعض الآخر ارتبط بتحديات جائحة كورونا إلى جانب الفهم الحقوقي للمحاكمة العادلة والحفاظ على النظام العام، ومن هذا المنظور تضمنت مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية تعديل  العديد من القواعد والمواد بهدف استكمال تنزيل بنود وإصلاح منظومة العدالة وعصرنة ورقمنة وتحديث الترسنة القانونية الإجرائية في اتجاه حماية الحقوق والحريات من جهة، ومكافحة الجريمة حفاظا على الأمن العام من جهة أخرى.
 
وبخصوص قراءته لمسودة قانون المسطرة الجنائية، قال المحامي أمغار، أن التحدي الحقيقي المطروح على الحكومة يتجلى في تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة وتعزيز حقوق الدفاع لكي يواكب المغرب القواعد المتعارف عليها عالميا في هذا المجال، بتوفير حضور المحامي بمجرد الاعتقال أو الوضع تحت الحراسة النظرية ووضع قواعد تنطلق من قاعدة البراءة هي الأصل.
 
لذلك فإن التحديات الكبرى التي تنتظر المشروع تتجلى في ضمان نجاعة العدالة الجنائية وآلياتها من خلال العمل على  تحديثها ومواكبة التطور الرقمي ووضع قواعد إجرائية مواكبة لهذا التطور في الاتجاه الذي يساعد على ضمان الحقوق والحريات وتقوية مكافحة الجريمة، دون المساس بالمبادئ والحقوق مثل سرية المراسلات وضمان حرمة الأماكن وقرينة البراءة وغيرها.
 
وأضاف أمغار، أنه من التحديات الكبرى المرتبطة بالقواعد الإجرائية نجد طبيعة السياسة الجنائية التي ينبغي أن تسير في اتجاه التنصيص على قواعد المحاكمة العادلة المتعارف عليها عالميا، ومنها قرينة البراءة التي تقوم على أساس اعتبار الاعتقال الاحتياطي استثناء وليس أصل، وما يرتبط به من اعتماد وسائل بديلة للاعتقال والعمل على وضع قواعد إجرائية لها النجاعة الكافية لحماية النظام العام.
 
إن واضع المشروع  لازال مترددا بخصوص التنزيل الأمثل لقواعد المحاكمة العادلة كما هي مدونة في مختلف المواثيق الدولية، ومنها وضع قواعد تتيح للمحامي الوسائل ذاتها التي تتوفر عليها النيابة  العامة لضمان التوازن بين طرفي الدعوى العمومية في الاتجاه الذي يوفر التوازن بين حماية الحقوق والحريات وضمان حماية النظام العام في معناه المتمثل في الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة.
 
ومن جهة أخرى فإن التحولات التي عرفها المغرب على مستوى التنوع الثقافي الذي أقره الدستور، والانفتاح الكبير على الآخر وعلى اللغات الأخرى يتطلب الأخذ بعين الاعتبار إشكاليات الترجمة في ظل قانون المسطرة الجنائية في الاتجاه الذي يضمن التعامل العقلاني، مع تواجد لغتين رسميتين من جهة، وحق المرتفق الذي لايتقن اللغتين الرسميتين أن يلج للمسطرة الجنائية ولوجا مستنيرا في كل مراحل الدعوى العمومية، ومنذ اعتقاله أو الاستماع إليه والذي يجب أن يتم في ظل الحقوق المنصوص عليها دستوريا ومنها تمكينه من التواصل بلغته  سواء الرسمية أو الأجنبية. 
 
لذلك فإن أهم التحديات المطروحة على المشروع إلى جانب ما تم الإشارة إليه نجد أن المسطرة ينبغي أن تعيد النظر في مرحلة البحث التمهيدي في الموازنة بين حق المجتمع في الأمن وحق الفرد في محاكمة عادلة التي تقتضي عدم ترجيح السرعة في الإجراءات المسطرية على حقوق الدفاع والحريات الفردية والجماعية.