الاثنين 1 يوليو 2024
سياسة

الأداء‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية.. "الوطن الآن" ترصد الملفات الثلاثة الحارقة خلال سبع سنوات

الأداء‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية.. "الوطن الآن" ترصد الملفات الثلاثة الحارقة خلال سبع سنوات المغرب يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬رائد‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬به‭ ‬دول‭ ‬أوروبا
انتبه‭ ‬المغرب‭ ‬مبكرا‭ ‬إلى‭ ‬العائد‭ ‬المعنوي‭ ‬والسياسي‭ ‬للانخراط‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تجفيف‭ ‬منابع‭ ‬جريمة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬ومكافحة‭ ‬مافيات‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية،‭ ‬والاتجار‭ ‬العابر‭ ‬للقارات‭ ‬في‭ ‬المخدرات‭ ‬بشتى‭ ‬أنواعها‭. ‬كما‭ ‬انتبه‭ ‬مبكرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬تمثل‭ ‬محاضن‭ ‬طبيعية‭ ‬للإرهاب‭ ‬والإرهابيين‭ ‬وتجار‭ ‬السلاح،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬إقليمي‭ ‬وجيوسياسي‭ ‬تطغى‭ ‬عليه‭ ‬القلاقل‭ ‬والحروب‭ ‬والتوترات‭.‬

تبعا‭ ‬لذلك،‭ ‬يواصل‭ ‬المغرب‭ ‬بدأب‭ ‬كبير‭ ‬مراكمة‭ ‬الخبرة،‭ ‬عبر‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬الأمنية‭ ‬الميدانية‭ ‬والإجراءات‭ ‬القانونية،‭ ‬والديبلوماسية،‭ ‬عبر‭ ‬الاشتغال‭ ‬داخل‭ ‬إطارات‭ ‬التعاون‭ ‬التي‭ ‬يتيحها‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬بلادنا‭ ‬تحظى‭ ‬بثقة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأطراف،‭  ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المواجهة‭ ‬اليومية‭ ‬لمافيات‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية،‭ ‬وأباطرة‭ ‬الاتجار‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬المخدرات،‭ ‬والشبكات‭ ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬إفريقيا‭ ‬ودوليا‭.‬

والملاحظ‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭  ‬جمعت‭ ‬المغرب‭ ‬-‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬عبد‭ ‬الوافي‭ ‬لفتيت‭ ‬-‭ ‬بالدول‭ ‬الأوربية‭ ‬أو‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬الإفريقية،‭ ‬تمحورت‭ ‬حول‭ ‬مكافحة‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية‭ ‬ومحاربة‭ ‬عصابات‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬المخدرات‭ ‬وشبكات‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬للمغرب‭ ‬المتاخم‭ ‬لأوروبا‭ ‬حوله‭ ‬إلى‭ ‬قبلة‭ ‬لكل‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬التي‭ ‬يسيطر‭  ‬عليها‭ ‬الفقر‭ ‬والجفاف‭ ‬والتناحرات‭ ‬القبلية‭ ‬والانقلابات‭ ‬العسكرية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬وجهة‭ ‬مفضلة‭ ‬لمواطني‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وآسيا،‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬"الإبحار"‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭ ‬نحو‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬العجوز،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬سواحلنا،‭ ‬وهي‭ ‬بطول‭ ‬3500‭ ‬كلم،‭ ‬بؤرة‭ ‬أمنية‭ ‬ساخنة‭ ‬تكاد‭ ‬لا‭ ‬تهدأ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬يقظة‭ ‬تامة‭ ‬واعتمادات‭ ‬مالية‭ ‬ولوجستيكية‭ ‬مهمة‭.‬

ليس‭ ‬المغرب‭ ‬بلدا‭ ‬مصدرا‭ ‬للهجرة‭ ‬السرية،‭ ‬كما‭ ‬تحاول‭ ‬الأوساط‭ ‬المعادية‭ ‬تقديمه‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬الدولي‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الفخ‭ ‬الاستعماري‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬ثغرين‭  ‬مغربين‭ ‬محتلين‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬المغرب،‭ ‬وعلى‭ ‬رقعته‭ ‬الجغرافية،‭ ‬يغري‭ ‬آلاف‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬النظاميين‭ ‬بخوض‭ ‬مغامرة‭ ‬«الإبحار‭ ‬غير‭ ‬الشرعي»‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بمدينتي‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬المحتلتين‭ ‬الخاضعتين‭ ‬للشرط‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬يصر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬على‭ ‬اعتبارهما‭ ‬جزئين‭ ‬لا‭ ‬يتجزءان‭ ‬من‭ ‬التراب‭ ‬الأوروبي،‭ ‬ويسري‭ ‬عليهما‭ ‬ما‭ ‬يسري‭ ‬على‭ ‬مدريد‭ ‬أو‭ ‬باريس‭ ‬أو‭ ‬برلين‭ ‬أو‭ ‬ستوكهولم‭ ‬أو‭ ‬بروكسيل‭ ‬أو‭ ‬فيينا‭ ‬أو‭ ‬أمستردام‭ ‬أو‭ ‬ميلانو‭..‬

إن‭ ‬الشرط‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬تخضع‭ ‬له‭ ‬المدينتان‭ ‬المحتلتان‭ ‬هو‭  ‬الذي‭ ‬يغري،‭ ‬بالفعل،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهاجرين،‭ ‬سواء‭ ‬الأفارقة‭ ‬أو‭ ‬الأسيويين،‭ ‬بقطع‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات‭ ‬وتسلل‭ ‬عشرات‭ ‬الحدود‭ ‬والفيافي‭ ‬والقفار،‭ ‬لدخول‭ ‬المغرب‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬شرعي،‭ ‬ومنه‭ ‬الاستبسال‭ ‬في‭ ‬ترقب‭ ‬فرصة‭ ‬خوض‭ ‬مغامرة‭ ‬اجتياز‭ ‬الحاجز‭ ‬الحديدي‭  ‬لمدينتي‭ ‬سبتة‭ ‬أو‭ ‬مليلية‭ ‬المحتلتين،‭ ‬بأي‭ ‬ثمن،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الثمن‭ ‬هو‭ ‬الحياة‭ ‬نفسها،‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬أن‭ ‬التصور‭ ‬السائد‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬المهاجرين‭ ‬السريين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭  ‬هاتين‭ ‬المدينتين‭ ‬يعني‭ ‬معانقة‭ ‬«الإلدورادو‭ ‬الأوروبي»،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬وخاصة‭ ‬جمعياتهم‭ ‬الحقوقية‭ ‬والمدنية‭ ‬والإغاثية،‭  ‬يتعاملون‭ ‬معهم‭ ‬باهتمام‭ ‬«إنساني»‭ ‬بالغ،‭ ‬ويمنحونهم‭ ‬الرعاية‭ ‬،‭  ‬بل‭ ‬يتابعون‭ ‬حالاتهم‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬تسوية‭ ‬وضعيتهم‭ ‬القانونية،‭ ‬ومن‭ ‬تم‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬المهاجر‭ ‬أن‭ ‬يتوجه‭ ‬نحو‭ ‬إسبانيا‭ ‬أو‭ ‬إيطاليا‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬يطمئن‭ ‬المهاجر‭ ‬إلى‭ ‬تحسن‭ ‬أوضاعه،‭ ‬حتى‭ ‬يقوم‭ ‬بتشجيع‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬أهله‭ ‬وذويه‭ ‬وأصدقائه‭ ‬على‭ ‬الالتحاق‭ ‬به‭. ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬سجل‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الماضية‭ ‬100‭ ‬محاولة‭ ‬اقتحام‭ ‬لسياج‭ ‬سبتة‭ ‬ومليلية‭ ‬المحتلتين‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأفارقة‭ ‬والأسيويين‭.‬

فماذا‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬به؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬المقاربة‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭ ‬أوروبا،‭ ‬هل‭ ‬المقاربة‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬المغرب‭ ‬بلعب‭ ‬دور‭ ‬دركي‭ ‬اوربا‭ ‬ومنع‭ ‬المهاجرين‭ ‬السريين‭ ‬من‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬الحاجز‭ ‬الحديدي‭ ‬للمدينتين‭ ‬السليبتين؟‭ ‬أم‭ ‬المقاربة‭ ‬الحقوقية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬«تكشف»‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬الإنساني‭ ‬لأوروبا؟

في‭ ‬كل‭ ‬الحالات،‭  ‬تمكن‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬بذل‭ ‬كل‭ ‬طاقاته‭ ‬لتأمين‭ ‬حدوده،‭ ‬من‭ ‬لكويرة‭ ‬إلى‭ ‬السعيدية،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تثبيت‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬المختلفة،‭ ‬برا‭ ‬وبحرا‭ ‬«القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية،‭ ‬القوات‭ ‬المساعدة،‭ ‬الدرك‭ ‬الملكي،‭ ‬خفر‭ ‬السواحل،‭ ‬الشرطة‭..‬»‭. ‬لكن‭ ‬المشكل‭ ‬الكبير‭ ‬يبقى‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يتحمل‭ ‬لوحده‭ ‬عمليا‭ ‬عبء‭ ‬الكلفة‭ ‬الباهضة‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يتلقى‭ ‬أي‭ ‬مساعدة‭ ‬مالية‭ ‬تستحق‭ ‬الذكر‭ ‬من‭ ‬المعنيين‭ ‬المباشرين‭ ‬بالهجرة‭ ‬السرية‭ ‬وتبعاتها‭ ‬الأمنية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وحتى‭ ‬السياسية،‭ ‬اللهم‭ ‬بعض‭ ‬«الفتات‭ ‬الهزيل»‭ ‬الذي‭ ‬يمنحه‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬المساعدات‭ ‬الفردية‭ ‬المعزولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬إيطاليا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبلجيكا،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬المجهودات‭ ‬المالية‭ ‬واللوجستيكية‭ ‬والبشرية‭ ‬المرهقة‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬المغرب‭. ‬وهي‭ ‬الكلفة‭ ‬التي‭ ‬تنهك‭ ‬ميزانية‭ ‬المغرب‭ ‬بالتهام‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬أور،‭ ‬سنويا‭.‬

المجهودات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المغرب‭ ‬لتجفيف‭ ‬متابع‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية‭ ‬أثمرت‭ ‬عن‭ ‬تفكيك‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬180‭ ‬و250‭ ‬شبكة‭ ‬للاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬كل‭ ‬عام‭. ‬وإحباط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬محاولة‭ ‬للهجرة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬كل‭ ‬عام‭. ‬أي‭ ‬في‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬تمكن‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬تفكيك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1500‭ ‬شبكة‭ ‬للهجرة‭ ‬السرية،‭ ‬وأحبط‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬366‭ ‬ألف‭ ‬محاولة‭ ‬للهجرة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬خلال‭ ‬نفس‭ ‬المدة‭.‬

لقد‭ ‬أبان‭ ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬حسن‭ ‬نيته‭ ‬حين‭ ‬انخرط‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬مافيات‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬وشبكات‭ ‬التهجير‭ ‬السري‭.‬
كما‭ ‬أطلق‭ ‬عمليتين‭ ‬للتسوية‭ ‬القانونية‭ ‬لوضعية‭ ‬المهاجرين‭ ‬سنة‭ ‬2014‭ ‬وأخرى‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬تسوية‭ ‬وضعية‭ ‬حوالي‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬حالة،‭ ‬مع‭ ‬إيلاء‭ ‬اهتمام‭ ‬خاص‭ ‬بالنساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬الاشتغال‭ ‬داخل‭ ‬إطارات‭ ‬التعاون‭ ‬التي‭ ‬يتيحها‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬إذن،‭  ‬يندرج‭ ‬انتخاب‭ ‬المغرب‭ ‬للرئاسة‭ ‬المشتركة‭ ‬للدورة‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬لاجتماع‭ ‬مجموعة‭ ‬العمل‭ ‬حول‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬التي‭ ‬ستنعقد‭ ‬بمقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بفيينا‭ ‬يومي‭ ‬8‭ ‬و9 يوليوز‭ ‬2024،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬هولندا؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬“مكانة‭ ‬المغرب‭ ‬دوليا‭ ‬وأمميا”،‭ ‬كما‭ ‬يعكس‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬والدؤوب‭ ‬للآلية‭ ‬الوطنية‭ ‬المعنية‭ ‬بمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانخراط‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬الأممية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬عبر‭ ‬الوطنية‭. ‬
 
وليست‭ ‬هذ‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬ينتخب‭ ‬فيها‭ ‬المغرب،‭ ‬سواء‭ ‬قاريا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬أو‭ ‬أمميا‭ ‬ودوليا،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬بالمنتدى‭ ‬العالمي‭ ‬للهجرة‭ ‬والتنمية‭ ‬الذي‭ ‬ترأسه‭ ‬المغرب‭ ‬مناصفة‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭ ‬سنتي‭ ‬2017-2018‬ .
 
جهود‭ ‬المغرب‭ ‬لم‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والهجرة‭ ‬السرية،‭ ‬بل‭ ‬تعدت‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬المخدرات،‭  ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬كأكبر‭ ‬دولة‭ ‬منتجة‭ ‬للقنب‭ ‬الهندي‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬
 
فمنذ‭ ‬1994،‭ ‬تبنى‭ ‬المغرب‭ ‬خطة‭ ‬لإنجاح‭  ‬سياسة‭ ‬مكافحة‭ ‬المخدرات،‭ ‬وذلك‭ ‬ببذل‭ ‬مجهودات‭ ‬كبيرة‭ ‬لتطوير‭ ‬البنيات‭ ‬الأساسية‭ ‬لفك‭ ‬العزلة‭ ‬عن‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المنتجة‭ ‬للقيام‭ ‬باستبدال‭ ‬تدريجي‭ ‬لزراعة‭ ‬الكيف‭ ‬وتنمية‭ ‬القطاعات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬السكان‭ ‬المحليين؛‭ ‬وهي‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬كللت‭ ‬بالنجاح،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأقاليم‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬زراعة‭ ‬القنب‭ ‬الهندي،‭ ‬مثل‭ ‬العرائش‭ ‬وتاونات‭.. ‬إلخ‭. ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬إلا‭ ‬المنطقة‭ ‬التاريخية‭ ‬بكتامة‭ ‬وبعض‭ ‬النواحي‭  ‬بشفشاون‭. ‬كما‭ ‬أبرم‭ ‬المغرب‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬إسبانيا‭ ‬بتاريخ‭ ‬21‭ ‬أبريل‭ ‬1987،‭ ‬لتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬حول‭ ‬البرامج‭ ‬التجريبية‭ ‬والبرامج‭ ‬العامة‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬خطر‭ ‬المخدرات،‭ ‬ثم‭ ‬اتفاقية‭ ‬ثانية‭ ‬مع‭ ‬فرنسا‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬ماي‭ ‬2000،‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬المخدرات‭. ‬

كما‭ ‬تشير‭ ‬الأرقام‭ ‬الرسمية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬ضبط‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬2023-2019‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬ملايين‭ ‬قرص‭ ‬من‭ ‬حبوب‭  ‬الهلوسة‭ ‬وحجز‭ ‬1753‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الحشيش‭ ‬و1406 طن‭ ‬من‭ ‬عشبة‭ ‬القنب‭ ‬الهندي‭ ‬و5439 كلغ‭ ‬من‭ ‬الكوكايين‭ ‬و29‭ ‬كلغ‭ ‬من‭ ‬الهيروين‭.‬

ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬جهود‭ ‬المغرب‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬إذ‭ ‬تبنى‭  ‬قبل‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬قانونا‭ ‬ينظم‭ ‬زراعة‭ ‬القنب‭ ‬الهندي‭ ‬لأغراض‭ ‬طبية‭ ‬وصناعية،‭ ‬بهدف‭ ‬استغلال‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬«من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬عائدات‭ ‬السوق‭ ‬العالمية‭ ‬للقنب‭ ‬الهندي‭ ‬44.4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2024»،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬إخضاع‭ ‬عمليات‭ ‬الزراعة‭ ‬والحصاد‭ ‬والتصدير‭ ‬لمراقبة‭ ‬صارمة،‭ ‬مما‭ ‬حول‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬جاذبية‭ ‬اقتصادية‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬يشار‭ ‬إلية‭ ‬بكونه‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يتصدر‭ ‬إنتاج‭ ‬الحشيش،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬زراعة‭ ‬القنب‭ ‬الهندي‭ ‬باتت‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬الأهداف‭ ‬الإنمائية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وسياسة‭ ‬الدواء‭ ‬الدولية‭.  ‬
 
بل‭ ‬لقد‭ ‬أنتخب‭ ‬المغرب‭ ‬رئيسا‭ ‬للهيئة‭ ‬الدولية‭ ‬لمراقبة‭ ‬المخدرات،‭ ‬وأعيد‭  ‬انتخابه‭ ‬مؤخرا‭ ‬(ماي‭ ‬2024)‭ ‬رئيسا‭ ‬للهيئة‭ ‬نفسها‭. ‬وهذا‭ ‬تحول‭ ‬كبير،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬نجاعة‭ ‬المقاربة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سد‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬أباطرة‭ ‬المخدرات‭ ‬وزعماء‭ ‬الكارتيلات‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬بلادنا‭ ‬أصبحت‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عبور‭ ‬المخدرات‭ ‬الصلبة‭ ‬(الكوكايين‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬والهيروين‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬آسيا)،‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬عبر‭ ‬نشاط‭ ‬عملاء‭ ‬الكارتيلات‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬الوضع‭ ‬الهش‭ ‬والمتردي‭  ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬وضع‭ ‬"اللادولة"،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬حول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬لترويج‭ ‬السموم‭ ‬عبر‭ ‬تسلل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشبكات‭ ‬للمرور‭ ‬نحو‭ ‬أوروبا‭ ‬عبر‭ ‬بوابة‭ ‬المغرب‭. ‬وهذا‭ ‬الوضع‭ ‬جعل‭ ‬المغرب‭ ‬يعاني‭ ‬الأمرين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ملاحقة‭ ‬المهربين‭ ‬الدوليين‭ ‬والمتعاونين‭ ‬معهم،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬بذل‭ ‬مجهودا‭ ‬جبارا‭ ‬في‭ ‬تجفيف‭ ‬منابع‭ ‬التهريب‭ ‬ومواجهة‭ ‬مافيات‭ ‬المخدرات‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬له‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬مساعدات‭ ‬هزيلة‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬الشعارات‭ ‬التي‭ ‬يرفعها‭ ‬الأوروبيون‭.‬
 
إن‭ ‬بلادنا‭ ‬الآن‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬الدول‭ ‬الفاعلة‭ ‬وطرفا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬العالمية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬والمخدرات‭ ‬والهجرة‭ ‬السرية،‭ ‬تقوم‭ ‬بعمل‭ ‬رائد‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعترف‭ ‬به‭ ‬دول‭ ‬أوروبا،‭ ‬وأن‭ ‬تقدره‭ ‬حق‭ ‬قدره،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظور‭ ‬يتميز‭ ‬بالشمول‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المالي‭ ‬والأمني‭ ‬والسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭.‬
 
على‭ ‬أوروبا‭ ‬أن‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬امتنانها‭ ‬للمغرب‭ ‬لأنه‭ ‬استطاع‭ ‬بحكامته‭ ‬الأمنية‭ ‬وبإنجازاته‭ ‬الحقوقية‭ ‬والسياسية‭ ‬والدبلوماسية،‭ ‬وعبر‭ ‬مؤسساته‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬والأمنية،‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬خندق‭ ‬حقيقي‭ ‬لاعتراض‭ ‬المهاجرين‭ ‬السريين‭ ‬وشبكات‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬وأباطرة‭ ‬المخدرات‭ ‬وزعماء‭ ‬الإرهاب‭.‬
                              تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
                                                       رابط العدد هنا