التدفق الكبير لأبناء دار الضمانة على مدينتهم أيام عيد الأضحى لتجديد صلة الرحم مع الأهل والأقارب، وما خلفه هذا التدفق من اختناق في حركة السير بالقلب النابض للمدينة، أعاد موضوع مشروع المركب الثقافي والديني والإداري الذي تعتزم وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية انجازه بوزان، لواجهة انشغالات أهل وزان الذين بقدر ترحيبهم بالمشروع بقدر ما يؤرقهم تنزيله وسط المدينة.
وزان أو دار الضمانة من المدن الضاربة جدورها في التاريخ، وبالتالي فإن تنظيم مجالها وخصوصا السابق على الحقبة الاستعمارية بما حملته من تصور عمراني للمدينة، لا شك بأن الصورة التي يحملها عنها من لم يسبق أن زارها ليس غير تميزها بشوارع وأزقة ودروب ضيقة، لا تختلف عن ما هو عليه حال المدن العتيقة على امتداد التراب الوطني . وإذا أضفنا لذلك ما طبع المدينة العتيقة ومحيطها من تشويه وعشوائية لعقود انتهى بتغيير معالمها، قبل أن تعي الدولة بكل تفرعاتها بأن المدينة العتيقة المؤهلة رافعة من رافعات التنمية بالمدن التاريخية.
في إطار تأهيل المدينة العتيقة بوزان، والسعي من أجل انصافها حقوقيا وتنمويا الذي دقت ساعته بالزيارة التاريخية للملك محمد السادس لدار الضمانة نهاية سنة 2006 بعد عقود من الإقصاء والتهميش، بادرت مجموعة من القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والقطاع الخاص بتنزيل سلة من المشاريع، رغم ما اعترى البعض منها من بطء في الانجاز وفساد في التدبير. وحسب المستخلص من النقاش العمومي الغير مؤطر دائما، فإن المدينة وجب مصالحتها مع هويتها السياحية نظرا لما تتوفر عليه من مؤهلات لو تم استثمارها بشكل عقلاني وبنظرة استراتيجية فمن المؤكد بأن الإقليم بكل جماعاته الترابية سيتحول إلى قبلة سياحية، لا شك بأن آثارها الاقتصادية والاجتماعية سيلمسها أهل وزان في معيشهم اليومي.
مشروع المركب الديني والثقافي والاداري الذي تعتزم وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية انجازه، يشكل قطعة من حزمة المشاريع المنتظر تنزيلها .وحسب ما نتوفر عليه من معطيات فإن المركب المذكور الذي رصدت له الوزارة المعنية أزيد من مليارين، وسينجز على مساحة 3000 متر مربع تقريبا . لكن الإشكال الكبير ليس في المشروع في حد ذاته ، والمرحب به من زمان، خصوصا وأن المدينة تنفرد بالطابع الروحي، وجسد تاريخها قيمة التعايش والتسامح الديني في أرقى صوره، لكن المعضلة في موقع العقار الذي سيحتضن المركب الثقافي والديني والاداري.
الموقع الذي وقع عليه الاختيار ليس غير القلب النابض لوزان، وبوابة المدينة العتيقة. مساحة رحبة (السوياق سابقا، محطة الحافلات والطاكسيات، المركز الصحي المسيرة) انتبهت المجالس المتعاقبة إلى أن استمرارها حيث هي، سيعقد الوضعية بالمدينة العتيقة، في علاقة ذلك بأوكسجين النفس السياحي الذي تراهن الساكنة ارتفاع منسوبه .
الوجه البارز للاختناق الذي ستلحق أضراره المدينة العتيقة ( وتلحقه حاليا) غياب مساحة أرضية بقلب المدينة قادرة على استيعاب الكم الهائل من أسطول المركبات التي تتدفق على المدينة اليوم، فما بالنا بالقادم من السنوات التي تعد بتحول عميق في بنيات المدينة بعد عقود عجاف ( دوام الحال من المحال).
وحده العقار المرشح أن يحتضن المركب الثقافي والديني المتنفس الذي يمكن أن يخفف من الازدحام الذي تخلقه المركبات، كما أن العقار المذكور وحسب مصدر من مجلس الجماعة سيتم اقتطاع جزء منه لجعله فضاء أخضرا فسيحا يتمتع بخدماته الأطفال والنساء والمسنات والمسنين وزوار المدينة من مختلف الجنسيات.
مجلس جماعة وزان في شخص رئيسه، وعامل الإقليم، تفيد المعلومات التي نتوفر عليها، بأنهما يسارعان عقارب الزمن من أجل ايجاد حل لهذا الملف. وهكذا تم طرق أكثر من باب حيث تم عرض مقترح المعاوضة على حامل المشروع. وهو ما يعني بأن مجلس الجماعة على كامل الاستعداد لتوفير عقار غي العقار الموجود بقلب المدينة، بعقار آخر، وربما بمساحة أكبر.
ما المطلوب
التحلي بالموضوعية في التعاطي مع قضايا المدينة وخصوصا التي ستحكم مستقبلها، يستدعي الكف عن الاشتغال بالتوافه. لذلك لابد من الانتظام الواعي لكل مكونات المدينة في آلية للترافع بكل أشكاله القانونية والمسؤولة من أجل دعم مقترح مجلس الجماعة والادارة الترابية الإقليمية . نعم للمركب الديني والثقافي والاداري الذي ما أحوج إقليم وزان له ولخدماته ..... لا لتنزيله بالقلب النابض لدار الضمانة ... نعم للمعاوضة كحل يقترحه مجلس جماعة وزان.