نحتاج بالمنطق التاريخي، وفي سياق اختبار حاضرنا الديموقراطي، إلى التساؤل كلما احتد الصراع بين الدولة بالمجتمع، أو بين المجتمع وتمظهراته الحزبية والمدنية، إلى استعادة جوهر الديموقراطية كما اهتدى إليه الفكر البشري. ومن أبرز توجهات هذه الجهر قيام الديموقراطية على موجهين أساسيين متكاملين لا فصل بينهما:
ضمان الحق في إسماع صوت المجتمع عبر آلية التمثيل الشعبي من خلال مؤسساته البرلمانية والشعبية، ثم ضمان توازن المجتمع عبر كبح نزعات التمرد، أو الخروج عن القواعد المثبتة، أو ردع مشروع لكل أنوع الشعور لدى الأقليات بالغبن.
ضمان الحق في إسماع صوت المجتمع عبر آلية التمثيل الشعبي من خلال مؤسساته البرلمانية والشعبية، ثم ضمان توازن المجتمع عبر كبح نزعات التمرد، أو الخروج عن القواعد المثبتة، أو ردع مشروع لكل أنوع الشعور لدى الأقليات بالغبن.
سبب النزول هنا ما نلاحظه بخصوص الوضع الحزبي المغربي حيث تتأكد السمات التالية:
- استقالة الأحزاب عن دورها التمثيلي، وافتقادها لاستقالة القرار أمام مبادرات الدولة بإيجابياتها وسلبياتها.
- تشابه الأداء الحزبي بحيث تلاشت معاني اليمين واليسار والوسط كما هو مصطلح عليه في المعايير الوطنية والدولية.
- ترك الدولة وحيدة أمام الوضع العام، بما يعني ذلك من تبعات تحميلها مسؤولية نجاح الوضع أو فشله.
إن الباعث من طرح هذه الأسئلة، يعود إلى اختيارنا مساءلة دور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في حياتنا السياسية اليوم.
- تشابه الأداء الحزبي بحيث تلاشت معاني اليمين واليسار والوسط كما هو مصطلح عليه في المعايير الوطنية والدولية.
- ترك الدولة وحيدة أمام الوضع العام، بما يعني ذلك من تبعات تحميلها مسؤولية نجاح الوضع أو فشله.
إن الباعث من طرح هذه الأسئلة، يعود إلى اختيارنا مساءلة دور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في حياتنا السياسية اليوم.
ثلاثة اعتبارات قادتنا نحو هذا الاختيار:
- الأول تمتع الاتحاد بمكانة تاريخية مشهود له بها بالقياس التاريخي والنضالي. ولقد اكتسبها من إسهام رموزه في بناء الحركة الوطنية، وفي صياغة مستقبل المغرب المستقل خلال سنواته الأولى عبر إقرار عدد من القرارات السياسية والاقتصادية والأخلاقية. وهي المرحلة التي كانت تعد بنتائج وآمال كبرى لولا أنها منيت بتدبير الانقلاب على حكومة عبد الله إبراهيم في ماي 1960.
- الاعتبار الثاني حضور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في بناء المسار الديموقراطي حين انطلاقه في منتصف السبعينات، سواء من خلال موقع المعارضة، أو من خلال موقع المشاركة عبر حكومة ما سمي بـ "التناوب التوافقي" بقيادة عبد الرحمان اليوسفي. ومن خلال الموقعين كان الاتحاد مدافعا عن عدد من الثوابت، وفي مقدمتها تثبيت مكانة الملكية في النظام السياسي المغربي، وتأكيد توجهها نحو ملكية دستورية تتعزز بحق إشراك الأحزاب من داخل المؤسسات التمثيلية المحلية والوطنية.
- أما الاعتبار الثالث فيتم من خلال تمكن حزب القوات الشعبية بناء مجال المعارضة عبر اكتساح مساحات كبرى داخل شرائح المجتمع العريض عبر أذرعه الطلابية والشببيبة والثقافية والنقافية، ومختلف تعبيرات المجتمع المدني، إضافة إلى حجم أدائه النيابي ذي الوزن السياسي القوي. ومن هناك صار النظر إلى الحزب اعتبار صورة أمل مجتمع يثق في الاتحاد، ويعتبره صوته النقي.
من ثم لم يعد حضور الاتحاد الاشتراكي في المشهد السياسي الوطني والعربي والدولي صوت معارض فقط. بل هو حامل لصوت الغاضبين على منظومة حكم قهرتهم، أو هم في حاجة إلى محامي الشعب الذي ينصر حقهم ويدافع عن حقهم أمام القضاء والعدالة، أمام الخيبة في بعض نتائج الاستقلال الوطني، وإزاء تنامي هجمة الاختيار الاقتصادي والاجتماعي الليبرالي. بل قوة اقتراح بناء وعنصر توازن يعزز معاني وأصول فكرة الديموقراطية الأصيلة كما أنشئت في المنبع.
إنها المكانة الاستراتيجية التي شغلها هذا الحزب منذ التأسيس إلى حين إفشال تجربة التناوب المجهض سنة 2002. بعد تعيين جطو وزيرا أولا بعيدا عن المنهجية الديمقراطية. وهي بالضبط لحظة التأزيم التي شهدها التنظيم، ومثار الارتباك الفكري والإيديولوجي المستمرة إلى اليوم.
في سياق ذلك الوضع، وضمن تفاعلات استقالة عبد الرحمان اليوسفي، شرع مسلسل التنازع حول شرعية القيادة ليتكرس كأمر حاسم في تسوية مآلات الحزب، سواء في قراراته التنظيمية أو التهيىء لمجالسه الوطنية أو مؤتمراته. ولقد استفحل الأمر خاصة بعد أن تأكد أن انخراط الحزب في العمل الحكومي قد سمح بتآكل منظومات التنظيم وترهل البناء الإيديولوجي بحيث اشتقت تنظيماته الشبيبية والنقابية، وضعف تمثيله داخل الأوساط الاجتماعية والثقافية، والمدنية بشكل عام.
وبموازاة ذلك ضعف وزن الحزب الذي كان ضوء الاستشارات الشعبية، سواء خلال ترؤس المهدي بن بركة للمجلس الوطني الاستشاري سنة 1956، أو خلال الحضور البرلماني، إحدى قلاع التنوير الاتحادي منذ برلمان بداية ستينيات القرن الماضي وإلى مرحلة بداية الثمانينات. كما تراجعت قوته الاقتراحية ومبادراته المجتمعية، ولم يعد له أدنى دور في توجيه العمل الحزبي الوطني، بدليل غيابه عن صياغة المواقف الحقيقية من قضايا المجتمع الحيوية من قبيل الزيادة في الأسعار وتدهور منظومات الصحة والتعليم والشغل، ناهيك عن استفحال منظومات الريع والفساد واستفراد عائلات تعيينها بمعظم مدخرات وثروات المغرب...
هذا بالضبط ما يؤكده متتبعو النشاط الحزبي في المغرب.
- الاعتبار الثاني حضور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في بناء المسار الديموقراطي حين انطلاقه في منتصف السبعينات، سواء من خلال موقع المعارضة، أو من خلال موقع المشاركة عبر حكومة ما سمي بـ "التناوب التوافقي" بقيادة عبد الرحمان اليوسفي. ومن خلال الموقعين كان الاتحاد مدافعا عن عدد من الثوابت، وفي مقدمتها تثبيت مكانة الملكية في النظام السياسي المغربي، وتأكيد توجهها نحو ملكية دستورية تتعزز بحق إشراك الأحزاب من داخل المؤسسات التمثيلية المحلية والوطنية.
- أما الاعتبار الثالث فيتم من خلال تمكن حزب القوات الشعبية بناء مجال المعارضة عبر اكتساح مساحات كبرى داخل شرائح المجتمع العريض عبر أذرعه الطلابية والشببيبة والثقافية والنقافية، ومختلف تعبيرات المجتمع المدني، إضافة إلى حجم أدائه النيابي ذي الوزن السياسي القوي. ومن هناك صار النظر إلى الحزب اعتبار صورة أمل مجتمع يثق في الاتحاد، ويعتبره صوته النقي.
من ثم لم يعد حضور الاتحاد الاشتراكي في المشهد السياسي الوطني والعربي والدولي صوت معارض فقط. بل هو حامل لصوت الغاضبين على منظومة حكم قهرتهم، أو هم في حاجة إلى محامي الشعب الذي ينصر حقهم ويدافع عن حقهم أمام القضاء والعدالة، أمام الخيبة في بعض نتائج الاستقلال الوطني، وإزاء تنامي هجمة الاختيار الاقتصادي والاجتماعي الليبرالي. بل قوة اقتراح بناء وعنصر توازن يعزز معاني وأصول فكرة الديموقراطية الأصيلة كما أنشئت في المنبع.
إنها المكانة الاستراتيجية التي شغلها هذا الحزب منذ التأسيس إلى حين إفشال تجربة التناوب المجهض سنة 2002. بعد تعيين جطو وزيرا أولا بعيدا عن المنهجية الديمقراطية. وهي بالضبط لحظة التأزيم التي شهدها التنظيم، ومثار الارتباك الفكري والإيديولوجي المستمرة إلى اليوم.
في سياق ذلك الوضع، وضمن تفاعلات استقالة عبد الرحمان اليوسفي، شرع مسلسل التنازع حول شرعية القيادة ليتكرس كأمر حاسم في تسوية مآلات الحزب، سواء في قراراته التنظيمية أو التهيىء لمجالسه الوطنية أو مؤتمراته. ولقد استفحل الأمر خاصة بعد أن تأكد أن انخراط الحزب في العمل الحكومي قد سمح بتآكل منظومات التنظيم وترهل البناء الإيديولوجي بحيث اشتقت تنظيماته الشبيبية والنقابية، وضعف تمثيله داخل الأوساط الاجتماعية والثقافية، والمدنية بشكل عام.
وبموازاة ذلك ضعف وزن الحزب الذي كان ضوء الاستشارات الشعبية، سواء خلال ترؤس المهدي بن بركة للمجلس الوطني الاستشاري سنة 1956، أو خلال الحضور البرلماني، إحدى قلاع التنوير الاتحادي منذ برلمان بداية ستينيات القرن الماضي وإلى مرحلة بداية الثمانينات. كما تراجعت قوته الاقتراحية ومبادراته المجتمعية، ولم يعد له أدنى دور في توجيه العمل الحزبي الوطني، بدليل غيابه عن صياغة المواقف الحقيقية من قضايا المجتمع الحيوية من قبيل الزيادة في الأسعار وتدهور منظومات الصحة والتعليم والشغل، ناهيك عن استفحال منظومات الريع والفساد واستفراد عائلات تعيينها بمعظم مدخرات وثروات المغرب...
هذا بالضبط ما يؤكده متتبعو النشاط الحزبي في المغرب.
لكل هذه العوامل جعلنا ملف هذا العدد مؤطرا بالأسئلة التالية:
- ما وضع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟
- ماذا عن طاقاته وأعطابه؟
- هل الأعطاب في القيادة التي بلا مشروع، أو شرعية نضالية واستراتيجية؟ أم في علاقاته بمناضليه، وبنوعية القرار مع الدولة وباقي المجتمع بمختلف تعبيراته ةروافده النقابية والشبيبية والمدنية بشكل عام؟
- وطاقاته أين هي؟ كامنة في حفظ وحدة الحزب، أم في بقاء الحزب قائما رغم كل الهزات؟
في محاولتنا للجواب هذه الأسئلة، ومن موقعنا الإعلامي المرتبط بأفقنا التقدمي، ارتأينا أن نجعل زاوية النظر المحددة هي نوعية انتظارات أعضاء الحزب، ومتتبعي شأن الاتحاد، لتقود مصير هذا الحزب لتخرج من مرحلة التدافع الذاتي بما يعني استعادة الدور الطليعي لحزب القوات الشعبية، مقرونا بسلامة تنظيماته وصفاء خطه المذهبي، وتأكيد ارتباطات التنظيم والمذهب بما يخدم مصالح المجتمع، وبما يضمن تماسك جهاز الدولة وحماية المعنى الحزبي الوطني. علما باننا مقتنعون بأن مفهوم القيادة كما ترسخ داخل الاتحاد كما مارسها عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي لم يكن يعني فقط مهمة تسيير الأجهزة، ولكنه المعنى الذي يشمل مكامن صناعة رؤى الاستشراف لخلق الموقف الوطني، معززا بمشروعية القيادة التاريخية، ووزنها التاريخي، وصفاء يدها وذمتها وأخلاقيات العامة، ثم وضوح علاقتها الخاصة بالدولة والمجتمع، تلك العلاقة القائمة على الثقة المتبادلة وعلى ما يمكن ان نسميه ثقة المؤمن الشاملة.
لطرح هذا الموضوع للنقاش اخترنا، من ناحية منظورنا المنهجي، أن نشرك قراءنا، وضمنهم أعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولعموم المعنيين بالشأن الحرب الوطني، في التفكير في وجوه يتداولها الوسط الحزبي سواء منهم المنتظمون داخل الحزب عبر ممارساتهم لمسؤوليات تنظيمية محلية أو وطنية، أو هولاء الذين ابتعدوا عن التنظيم لعياء شخصي، أو لنفور من الحزب لاختلاف الرؤى والموازين، أو لقرار إبعاد ذاتي أو موضوعي لهذا السبب أو ذاك.
من الأسماء التي نقترح، بهذا الخصوص، وعلى سبيل التمرين الديموقراطي، مجموعة أسماء يتم تداولها لخلافة إدريس لشكر، وهي أسماء تنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عقيدة وفكرا وتنظيما، وإن بمواقع ومسؤوليات تتدرج من القواعد إلى المسؤوليات الوطنية الكبري، سواء من خلال تحمل مكانة عضوية المكتب السياسي لهيئته التنفيذية العليا، أو من خلال المجلس الوطني، أو عبر الانتداب الوزاري باسم الحزب، أو عبر مناصب إدارة المنظمات الوطنية التي يتولاها أسماء من الحزب بمسؤولياتهم الحزبية والأخلاقية.
- ماذا عن طاقاته وأعطابه؟
- هل الأعطاب في القيادة التي بلا مشروع، أو شرعية نضالية واستراتيجية؟ أم في علاقاته بمناضليه، وبنوعية القرار مع الدولة وباقي المجتمع بمختلف تعبيراته ةروافده النقابية والشبيبية والمدنية بشكل عام؟
- وطاقاته أين هي؟ كامنة في حفظ وحدة الحزب، أم في بقاء الحزب قائما رغم كل الهزات؟
في محاولتنا للجواب هذه الأسئلة، ومن موقعنا الإعلامي المرتبط بأفقنا التقدمي، ارتأينا أن نجعل زاوية النظر المحددة هي نوعية انتظارات أعضاء الحزب، ومتتبعي شأن الاتحاد، لتقود مصير هذا الحزب لتخرج من مرحلة التدافع الذاتي بما يعني استعادة الدور الطليعي لحزب القوات الشعبية، مقرونا بسلامة تنظيماته وصفاء خطه المذهبي، وتأكيد ارتباطات التنظيم والمذهب بما يخدم مصالح المجتمع، وبما يضمن تماسك جهاز الدولة وحماية المعنى الحزبي الوطني. علما باننا مقتنعون بأن مفهوم القيادة كما ترسخ داخل الاتحاد كما مارسها عبد الرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي لم يكن يعني فقط مهمة تسيير الأجهزة، ولكنه المعنى الذي يشمل مكامن صناعة رؤى الاستشراف لخلق الموقف الوطني، معززا بمشروعية القيادة التاريخية، ووزنها التاريخي، وصفاء يدها وذمتها وأخلاقيات العامة، ثم وضوح علاقتها الخاصة بالدولة والمجتمع، تلك العلاقة القائمة على الثقة المتبادلة وعلى ما يمكن ان نسميه ثقة المؤمن الشاملة.
لطرح هذا الموضوع للنقاش اخترنا، من ناحية منظورنا المنهجي، أن نشرك قراءنا، وضمنهم أعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولعموم المعنيين بالشأن الحرب الوطني، في التفكير في وجوه يتداولها الوسط الحزبي سواء منهم المنتظمون داخل الحزب عبر ممارساتهم لمسؤوليات تنظيمية محلية أو وطنية، أو هولاء الذين ابتعدوا عن التنظيم لعياء شخصي، أو لنفور من الحزب لاختلاف الرؤى والموازين، أو لقرار إبعاد ذاتي أو موضوعي لهذا السبب أو ذاك.
من الأسماء التي نقترح، بهذا الخصوص، وعلى سبيل التمرين الديموقراطي، مجموعة أسماء يتم تداولها لخلافة إدريس لشكر، وهي أسماء تنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عقيدة وفكرا وتنظيما، وإن بمواقع ومسؤوليات تتدرج من القواعد إلى المسؤوليات الوطنية الكبري، سواء من خلال تحمل مكانة عضوية المكتب السياسي لهيئته التنفيذية العليا، أو من خلال المجلس الوطني، أو عبر الانتداب الوزاري باسم الحزب، أو عبر مناصب إدارة المنظمات الوطنية التي يتولاها أسماء من الحزب بمسؤولياتهم الحزبية والأخلاقية.
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية " الوطن الآن"
