الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
مجتمع

من يتحمل مسؤولية اغتصاب حق المواطن المغربي في بيئة نظيفة؟

من يتحمل مسؤولية اغتصاب حق المواطن المغربي في بيئة نظيفة؟ منظر من أكوام تراكم النفايات بمدينة الجديدة
رغم نداءات الجمعيات المهتمة بالحقل البيئي، ورغم ما أنتجته الحكومة من شعارات وقرارات على مستوى حماية البيئة وتجويد محيط الإنسان داخل الوسط الإجتماعي، على اعتبار أن البيئة حق طبيعي من حقوق الإنسان ـ الحق في بيئة نظيفة ـ بدء من أهمية نظافة وجمالية شواطئنا الساحلية، مع ضرورة القضاء على كل النقط السوداء المنتشرة بالكثير من المدن، علاوة على أهمية مراقبة مطارح الأزبال والنفايات المنزلية والطبيّة، والقيام بتحسيس الناس بثقافة الحق والواجب اتجاه البيئة، رغم كل هذا العمل، نعود كل مرة بخفي حنين إلى نقطة الصفر لمضاعفة صناعة وإنتاج الثلوث بكل تجلياته، وكأننا نصب الماء على الرمال.
 
لم يعد لشعار "زِيرُو مِيكَةْ" الذي طبّل له "حماة البيئة"، أي جدوى، أو انعكاس حقيقي على جمالية المحيط الاجتماعي لساكنة جهة مراكش أسفي من خلال ما لاحظناه من تراكم أكوام الأزبال بجانب الحاويات المتسخة والمهملة في شوارعنا وأزقة أحياء مدننا الكبيرة والمتوسط بما فيها تلك التي تصنف من المدن السياحية. ونذكر هنا والآن على سبيل المثال لا الحصر، مدينة الجدية وأسفي ومراكش واليوسفية... فهل تعوزنا القدرة على العودة إلى تصنيع وإنتاج أكياس من الورق كانت تمثل سابقا أرقى ما يحمله المتبضع بين يديه مملوءة بمواد استهلاكية مثل المكسرات والفواكه الموسمية؟ أو تشجيع وتحفيز صناعة قُفَّةْ وسَلَّةْ نباتات الدُّومْ التي كانت تعتبر أيضا من أرقى وأجود ما أنتجته أيادي الصانع والحرفي المغربي؟.
 
لقد اكتسح التشوه العديد من الفضاءات والأمكنة المفتوحة على أعين من يدبر شأننا المحلي والجهوي وحتى الوطني، بما فيها المقابر، والمساحات الخضراء، ووسط الغابات، وبجانب المؤسسات التعليمية، والفضاءات السياحية، وامتد هذا الغزو حتى وسط الحقول الزراعية الشاسعة التي تهجم عليها بقايا نفايات الأسواق الأسبوعية التي تنتج أطنانا من هذا النوع من الأزبال كل أسبوع، مما يؤثر سلبيا على جودة تربتها ومنتوجاتها المختلفة.
 
في هذا السياق يستغرب العديد من المواطنين للتسيب الحاصل على مستوى منح تراخيص صناعة بعض الحلويات المعلبة وسط أغلفة من "الْكَاغِيطْ" المقوّى أو تلك الملفوفة بأنواع "البلاستيك"، والتي يتهافت على شرائها الأطفال من محلات تجارية، ويرمون بأغلفتها في الأزقة والشوارع، وتساهم بشكل كبير في تشويه جمالية الأحياء الشعبية، علما أن زمن تحللها واندثارها يتطلب وقتا طويلا.
 
في لقاء تواصلي لجريدة "أنفاس بريس" أوضحت إحدى المعلمات التي تدرس أطفال الإبتدائي بإحدى المؤسسات التعليمية بجهة مراكش أسفي بقولها: "هناك أنواع من الأغلفة التي تُلَفُّ فيها قطع حلويات البسكويت والشكلاط، تساهم في تشويه جمالية البيئة ومحيط الناس السكني. بل أن هذا النوع من النفايات يغزو المناطق الخضراء، والحدائق، والغابات، وحتى الحقول الزراعية القريبة من الحواضر، بعد أن يرمى بها من طرف المستهلك بشكل عشوائي، ولا من يحرك ساكنا للتنبيه لخطورة هذا النوع من الثلوث؟".
 
وأردفت قائلة: "مثلا، تجد أمام أبواب المدارس أنواعا مختلفة لكثير من أغلفة الحلويات الرديئة التي تُلَفُّ فيها، بعد أن يرمي بها الأطفال والتلاميذ، وتتطاير مع الرياح لتستقر في كل الأركان والزوايا" واستنكرت بقوة: "جشع بعض الشركات التي تتحمل مسؤولية عدم صناعة وتقديم حلويات بجودة عالية تراعي صحّة وسلامة الطفل إلى جانب المحافظة على محيطه البيئي". 
 
وعرجت في سؤال تربوي بيئي يخص الأطفال والتلاميذ الصغار حيث قالت: "متى تتحرك الجهات المسؤولة عن محيطنا البيئي، للحسم في هذا النوع من الثلوث الخطير، للقضاء من أمام أبواب مدارسنا، ووسط أزقتنا وشوارعنا وفضاءات الاستجمام والغابات على مثل هذه النفايات المختلفة من بقايا أغلفة الحلويات، والمعلبات البلاستيكية ذات الصلة بمثل هذه المنتوجات التي تعرض تحت أشعة الشمس في محلات تجارية، حيث يتهافت عليها أبنائنا، في الوقت الذي يتطلب اندثارها وتلاشيها في وسط التربة عشرات السنين؟".
 
وعن سؤال المسؤولية قال أحد الآباء موضحا "الأمر يتطلب تدخل الأقسام الصحية ذات الصلة بجودة ما يعرض من منتوجات غذائية، إلى جانب جمعيات حماية المستهلك التي تتملك السلطة التقديرية للترافع على تطبيق قوانين الحماية والسلامة الصحية للمواطنين"؟.
 
في سياق متصل حمّل فاعل جمعوي مسؤولية التصدي لهذه الظاهرة البيئية لشركات النظافة المتعاقدة مع الجماعات المحلية بجهة مراكش أسفي حيث شدد على ضرورة "أن تنخرط شركات النظافة في عملية التحسيس والتوعية بالأوساط التربوية والتعليمية من أجل التعريف بخطورة الثلوث البيئي الذي يكتسح كل الفضاءات والأمكنة بفعل هذه النفايات الخطيرة" ولم يفته أن يطالب من المسؤولين بـ "مراقبة المحلات التجارية ومراقبة وتفحص أغلفة الحلويات التي تنتجها بعض الشركات المعنية بشكل عشوائي، والحسم في نوعية أغلفة وطريقة تلفيف بعض الحلويات بما فيها العلب البلاستيكية، والتنصيص على تجريمها بيئيا".