اختلطت الأمور عند جيراننا الإسبان في الشهور الأخيرة حتى أصبحوا يقولون الشيء ويفعلون نقيضه كتكتيك للبقاء في الحكم أو المنصب أو الحفاظ على الامتياز. ولعل الأمر راجع في جزء بسيط منه إلى كون الإسبان أكثر الأوروبيين تأثرا بالثقافة المشرقية حيث كل شيء مباح للحفاظ على الحكم ولو باستعمال الحب والدهاء والجماهير.
"بيدرو سانتشيث"، رئيس الحكومة الإسبانية والأمين العام للحزب الاشتراكي، استعمل الحب والعاطفة والدهاء والحزب والجماهير لتعزيز نفوذه في رئاسة الحكومة والحزب والمشهد السياسي الإسباني والأوروبي. سانتشيث أسقط أكثر من عصفور بحجر واحد. وهذا من حقه في ظل التقاطب والتراشق والاتهامات المتبادلة في المشهد السياسي الإسباني، وإذا أضفنا إليه الفساد والعنصرية المنتشرين انتشار النار في الهشيم، في الجارة الشمالية، يصبح سانتشيث الوصفة الأقل ضررا في الوقت الراهن مقابل الشر الأكبر الذي يمثّل اليمين المتطرف بقيادة حزب فوكس.
فحتى تشافي هيرنانديث، مدرب برشلونة وأحد أساطيرها، استعمل الحب والنادي والجماهير للبقاء في المنصب بعد أسابيع من التوكيد على المغادرة في نهاية الموسم. بيدرو روتشا، الرئيس المؤقت للاتحاد الإسباني لكرة القدم، كان من المغادرين في الأيام الماضية، وبقدرة قادر ثبت في الساعات الماضية، وسيواصل المشوار، صوريا، حتى إجراء الانتخابات ابتداء من شتنبر المقبل. يجب على الأعضاء في الأكاديمية الملكية الإسبانية أن يعطوا معنى مجازي في المعجم اللغوي DRAE لعبارة "سأرحل"، me voy، لكي تدل أيضا على "سأبقى"، me quedo. فكل من لمح بالرحيل انتهى به المقام بالبقاء.
هذا التحليل يسعى إلى تقديم خلاصة أخرى إلى "الفاصل الإشهار السياسي" الذي كان بطله بيدرو سانتشيث خلال خمسة أي( ما بين يوم الأربعاء والاثنين المنصرمين). إنها قراءة من منظور مغربي للمناورة التكتيكية التي قام بها "بيدرو الوسيم"، بدءا برسالة مكتوبة تقليدية، منشورة عبر وسيلة حديثة للتواصل الاجتماعي، وهي X، تويتر سابقا، مرورا بندوة صحافية باردة صباح الاثنين المنصرم، وصولا إلى إعلان قرار البقاء والاستعداد للانتخابات المقبلة من أجل ولاية ثالثة. هل من يفكر في الولاية الثالثة كان يريدا حقا الاستقالة؟ غير ممكن.
الثابث في سانتشيث هو المناورة والتكتيك والمقاومة والمباغثة والمفاجأة والمغامرة المحسوبة، والمتحول هو الطرق التي يسلكها لتسجيل الأهداف، بما فيها الغاية الكبرى وهي البقاء في الحكم. كما أن العمل الخارجي La Accion Exterior للدولة الإسبانية تجاه المغرب ثابت، والمتحول هو التعبيرات والشطحات التي تستعملها المعارضة، باستدعاء الرباط، لضرب سانتشيث. لكن الأطراف الإسبانية تدرك الأهمية والأولوية الاستراتيجية للمغرب للحفاظ للحفاظ على استقرارها وأمنها.
"بيدرو سانتشيث"، رئيس الحكومة الإسبانية والأمين العام للحزب الاشتراكي، استعمل الحب والعاطفة والدهاء والحزب والجماهير لتعزيز نفوذه في رئاسة الحكومة والحزب والمشهد السياسي الإسباني والأوروبي. سانتشيث أسقط أكثر من عصفور بحجر واحد. وهذا من حقه في ظل التقاطب والتراشق والاتهامات المتبادلة في المشهد السياسي الإسباني، وإذا أضفنا إليه الفساد والعنصرية المنتشرين انتشار النار في الهشيم، في الجارة الشمالية، يصبح سانتشيث الوصفة الأقل ضررا في الوقت الراهن مقابل الشر الأكبر الذي يمثّل اليمين المتطرف بقيادة حزب فوكس.
فحتى تشافي هيرنانديث، مدرب برشلونة وأحد أساطيرها، استعمل الحب والنادي والجماهير للبقاء في المنصب بعد أسابيع من التوكيد على المغادرة في نهاية الموسم. بيدرو روتشا، الرئيس المؤقت للاتحاد الإسباني لكرة القدم، كان من المغادرين في الأيام الماضية، وبقدرة قادر ثبت في الساعات الماضية، وسيواصل المشوار، صوريا، حتى إجراء الانتخابات ابتداء من شتنبر المقبل. يجب على الأعضاء في الأكاديمية الملكية الإسبانية أن يعطوا معنى مجازي في المعجم اللغوي DRAE لعبارة "سأرحل"، me voy، لكي تدل أيضا على "سأبقى"، me quedo. فكل من لمح بالرحيل انتهى به المقام بالبقاء.
هذا التحليل يسعى إلى تقديم خلاصة أخرى إلى "الفاصل الإشهار السياسي" الذي كان بطله بيدرو سانتشيث خلال خمسة أي( ما بين يوم الأربعاء والاثنين المنصرمين). إنها قراءة من منظور مغربي للمناورة التكتيكية التي قام بها "بيدرو الوسيم"، بدءا برسالة مكتوبة تقليدية، منشورة عبر وسيلة حديثة للتواصل الاجتماعي، وهي X، تويتر سابقا، مرورا بندوة صحافية باردة صباح الاثنين المنصرم، وصولا إلى إعلان قرار البقاء والاستعداد للانتخابات المقبلة من أجل ولاية ثالثة. هل من يفكر في الولاية الثالثة كان يريدا حقا الاستقالة؟ غير ممكن.
الثابث في سانتشيث هو المناورة والتكتيك والمقاومة والمباغثة والمفاجأة والمغامرة المحسوبة، والمتحول هو الطرق التي يسلكها لتسجيل الأهداف، بما فيها الغاية الكبرى وهي البقاء في الحكم. كما أن العمل الخارجي La Accion Exterior للدولة الإسبانية تجاه المغرب ثابت، والمتحول هو التعبيرات والشطحات التي تستعملها المعارضة، باستدعاء الرباط، لضرب سانتشيث. لكن الأطراف الإسبانية تدرك الأهمية والأولوية الاستراتيجية للمغرب للحفاظ للحفاظ على استقرارها وأمنها.
نقطة الصفر قبل الرصاصة الأخيرة
لا يقبل العقل السليم، أو كما يقول الإسبان no cabe en mente sana، تصديق رواية أن سانتشيث قرر الدفاع عن زوجته بالتوقف عن العمل لمدة خمسة أيام، والدخول في مرحلة تأمل وتفكير ومداولة أسرية، من أجل أن يأتي في نهاية المطاف ويخبرنا بمواصلة مهامه كرئيس للحكومة، وكأن شيئا لم يحدث. لا يمكن لرئيس حكومة وزعيم حزب أن يطلب مهلة للتفكير في الاستمرار أو الاستقالة، وعند ساعة الحسم يعود إلى نقطة الصفر.
سانتشيث، ظاهريا، عاد إلى نقطة الصفر، أي، إلى ما قبل يوم الأربعاء الماضي. يستعمل سانتشيث الاستثناء لتأكيد وترسيخ القاعدة. ما يبدو لنا استثناءا هو قاعدة عند بيدرو سانتشيث. عنصر المفاجأة والمباغتة والمقاومة هو جزء من جينات la esencia الرجل.
حَجَبَ قرار سانتشيث كل السيناريوهات التحليلية المطروحة والمخرجات التي يضعها الدستور الاسباني. لم يتقدم بملتمس الثقة إلى الكونغرس رغم أنه كان الخيار الأقرب لرفع الحرج؛ لم يعين خليفة له ويرحل؛ لم يستقل. لم يحرك ساكنا. لم يساير الحماس الاعلامي والسياسي، وكأنه يتحكم في الزمن والإيقاع، ويعرف متى يضغط ويرفع قدمه عن الدواسة. لم يقل كلمته الأخيرة.
"نحن معشر زعماء زماننا هذا نجد أنفسنا مجبرين، نظرا الى الظروف الحالية، الى توجيه أنظارنا إلى الحاضر مع الحفاظ على النظر كذلك للمستقبل"، يقول سانتشيث في كتابه "دليل المقاومة"، الصادر سنة 2019، أي بعد سنة من وصوله الى الحكم في يونيو 2018. القاعدة كانت أن يكتب السيرة الذاتية بعد الحكم، لكنه الاستثناء السانتشيثي. هذا الكتاب ألفته الروائية ايريني لوثانو، اشتراكية الهوى ومستشارة الرئيس في الشؤون الثقافية والأدبية. في الرسالة الأخيرة يظهر شيء من لوثانو. سانتشيث رجل اقتصاد، صلد وجامد، ويصعب تصديق أن تكون تلك اللغة الأدبية والعاطفية من بنات خياله.
الرجل مهوَّس بالحاضر والمستقبل. فحتى عندما وصل إلى الحكم كان أول قرار اتخذه تغيير السرير الرئاسي وإعادة صباغة جدران بيت النوم. كان يدرك أنه سيعمر طويلا. وكان القرار الثاني هو إعطاء الأولوية للصحف الدولية بدل الاسبانية، أي كان يطلب افتتاح يومه بمطالعة الصحف الدولية. يدرك الرجل أن مستقبل اسبانيا يوجد في الخارج وليس في الداخل. وإذا كان في السابق يقال إن مستقبل اسبانيا يوجد في أمريكا اللاتينية، فأعتقد اليوم، وقد يختلف معي البعض، أن مستقبل اسبانيا في أفريقيا، ودور المغرب مركزي في هذا الصدد. تطرقت لهذا التفصيل لأنه يساعد على فهم قرار سانتشيث القاضي بالتقرب من المغرب ودعم مقترح الحكم الذاتي.
مسار سانتشيث الاستثنائي والمشوق منذ سنة 2014، وكتابه دليل المقاومة، والكثير من القرارات التي اتخذها منذ وصوله إلى رئاسة الحكومة؛ كلها عناصر توضح أن سانتشيث لم يقل كلمته الأخيرة، أو بلغة الإسبان لم يستعمل الرصاصة الأخيرة su última bala. لم تنتهي اللعبة. وقد أشار الى ذلك في الإعلان المؤسساتي الذي تلاه في الندوة الصحافية. قال الرجل إن الرسالة لن تمر مرور الكرام بل هي "نقطة فاصلة وفارقة"، أي أنه سيكون لها ما بعدها. وفي حوار مع إذاعة كادينا سير Cadena Ser ذهب سانتشيث أبعد من ذلك وقال: "إذا أراد الإسبان أن استمر كزعيم للحزب الاشتراكي، وما دامت عندي الرغبة، سأفعل ذلك". سانتشيث يشرح هنا أنه كان يحتاج إلى تلك الرسالة لحشد دعم الاشتراكيين والتقدميين واليساريين. وكما لو أنه خير الأسبان والحرس القديم في حزبه بين الاشتراكيين السانتشيثيين واليمين المتطرف.
صعب أن يستمر سانتشيث دون أن يخرج بقرار في الأسابيع المقبلة، خاصة وأنه يصر على تجديد المجلس العام للسلطة القضائية دون أن تكون عنده الأغلبية المطلقة (ثلثا النواب)، كما أنه يريد قطع الشرايين التي تتنفس بها الصحافة الصفراء والفضائحية، دون الحديث عن حجبه قانون المالية هذه السنة. هذا يحتاج إلى أغلبية مريحة.
هذه الرصاصة الاخيرة قد تتمثل في الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة هذه السنة. إنه الخيار الأفضل لسانتشيث، وقد يجسده باتباع الطريق القريب أو المتوسط. كيف؟
أولا، مادام الدستور الاسباني لا يسمح له حاليا بالدعوة إلى الانتخابات، فإنه قد ينتظر نتائج الانتخابات الجهوية في كتالونيا، 12 مايو الحالي، وإن كانت إيجابية ومشجعة، كما تتوقع أغلب استطلاعات الرأي، قد يدعو بعد 29 مايو الجاري للانتخابات. الدستور ينص على مرور سنة كاملة على تاريخ آخر دعوة لانتخابات مبكرة، وبما أن سانتشيث كان دعا لها في 29 مايو 2023، فعليه انتظار مرور سنة كاملة.
الحزب الاشتراكي حقق نتائج إيجابية في الانتخابات الجهوية الحديثة في بلاد الباسك، وأصبح رقما صعبا هناك، ومفتاحا لتشكيل الحكومة الباسكية الجديدة. وإذا فاز الحزب الاشتراكي بفارق مريح في كتالونيا فإنه سيكون البديل الحقيقي للاستقلاليين والانفصاليين والقوميين. وعليه سيكون سانتشيث في موقع قوة، وربما يستغل الرياح التي تصب في صالحه لمحاولة الفوز بانتخابات تشريعية مبكرة وضمان أغلبية مريحة تعفيه من مشقة التفاوض مع الاستقلاليين والانفصاليين والقوميين الباسكيين والكتالان لمدة ثلاث سنوات أخرى؛ إلى جانب تعزيز مكانته في أوروبا والجوار والعالم. هذا السيناريو يبقى الأفضل في حالة نُظمت انتخابات مبكرة محتملة في هذا الصيف.
ثانيا، قد ينتصر الحزب الاشتراكي في الانتخابات الكتالونية، ولكن سانتشييث ربما سيتريث إلى ما بعد الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو المقبل. ستكون نتائج الانتخابات الأوروبية حاسمة. وفي حالة انتصر فيها الحزب الاشتراكي، فمن غير المستبعد أن يدعو سانتشيث إلى انتخابات مبكرة في الخريف المقبل. ثلاثة انتصارات انتخابية (الانتصار الأول تحقق) من العيار الثقيل في شهرين قد تشجع سانتشيث وصحبه للعودة إلى صناديق الاقتراع. هذا السيناريو يبقى الأكثر أمانا لكنه مرتبط بنتائج الانتخابات الأوروبية وبما سيحدث خلال الصيف.
سانتشيث، ظاهريا، عاد إلى نقطة الصفر، أي، إلى ما قبل يوم الأربعاء الماضي. يستعمل سانتشيث الاستثناء لتأكيد وترسيخ القاعدة. ما يبدو لنا استثناءا هو قاعدة عند بيدرو سانتشيث. عنصر المفاجأة والمباغتة والمقاومة هو جزء من جينات la esencia الرجل.
حَجَبَ قرار سانتشيث كل السيناريوهات التحليلية المطروحة والمخرجات التي يضعها الدستور الاسباني. لم يتقدم بملتمس الثقة إلى الكونغرس رغم أنه كان الخيار الأقرب لرفع الحرج؛ لم يعين خليفة له ويرحل؛ لم يستقل. لم يحرك ساكنا. لم يساير الحماس الاعلامي والسياسي، وكأنه يتحكم في الزمن والإيقاع، ويعرف متى يضغط ويرفع قدمه عن الدواسة. لم يقل كلمته الأخيرة.
"نحن معشر زعماء زماننا هذا نجد أنفسنا مجبرين، نظرا الى الظروف الحالية، الى توجيه أنظارنا إلى الحاضر مع الحفاظ على النظر كذلك للمستقبل"، يقول سانتشيث في كتابه "دليل المقاومة"، الصادر سنة 2019، أي بعد سنة من وصوله الى الحكم في يونيو 2018. القاعدة كانت أن يكتب السيرة الذاتية بعد الحكم، لكنه الاستثناء السانتشيثي. هذا الكتاب ألفته الروائية ايريني لوثانو، اشتراكية الهوى ومستشارة الرئيس في الشؤون الثقافية والأدبية. في الرسالة الأخيرة يظهر شيء من لوثانو. سانتشيث رجل اقتصاد، صلد وجامد، ويصعب تصديق أن تكون تلك اللغة الأدبية والعاطفية من بنات خياله.
الرجل مهوَّس بالحاضر والمستقبل. فحتى عندما وصل إلى الحكم كان أول قرار اتخذه تغيير السرير الرئاسي وإعادة صباغة جدران بيت النوم. كان يدرك أنه سيعمر طويلا. وكان القرار الثاني هو إعطاء الأولوية للصحف الدولية بدل الاسبانية، أي كان يطلب افتتاح يومه بمطالعة الصحف الدولية. يدرك الرجل أن مستقبل اسبانيا يوجد في الخارج وليس في الداخل. وإذا كان في السابق يقال إن مستقبل اسبانيا يوجد في أمريكا اللاتينية، فأعتقد اليوم، وقد يختلف معي البعض، أن مستقبل اسبانيا في أفريقيا، ودور المغرب مركزي في هذا الصدد. تطرقت لهذا التفصيل لأنه يساعد على فهم قرار سانتشيث القاضي بالتقرب من المغرب ودعم مقترح الحكم الذاتي.
مسار سانتشيث الاستثنائي والمشوق منذ سنة 2014، وكتابه دليل المقاومة، والكثير من القرارات التي اتخذها منذ وصوله إلى رئاسة الحكومة؛ كلها عناصر توضح أن سانتشيث لم يقل كلمته الأخيرة، أو بلغة الإسبان لم يستعمل الرصاصة الأخيرة su última bala. لم تنتهي اللعبة. وقد أشار الى ذلك في الإعلان المؤسساتي الذي تلاه في الندوة الصحافية. قال الرجل إن الرسالة لن تمر مرور الكرام بل هي "نقطة فاصلة وفارقة"، أي أنه سيكون لها ما بعدها. وفي حوار مع إذاعة كادينا سير Cadena Ser ذهب سانتشيث أبعد من ذلك وقال: "إذا أراد الإسبان أن استمر كزعيم للحزب الاشتراكي، وما دامت عندي الرغبة، سأفعل ذلك". سانتشيث يشرح هنا أنه كان يحتاج إلى تلك الرسالة لحشد دعم الاشتراكيين والتقدميين واليساريين. وكما لو أنه خير الأسبان والحرس القديم في حزبه بين الاشتراكيين السانتشيثيين واليمين المتطرف.
صعب أن يستمر سانتشيث دون أن يخرج بقرار في الأسابيع المقبلة، خاصة وأنه يصر على تجديد المجلس العام للسلطة القضائية دون أن تكون عنده الأغلبية المطلقة (ثلثا النواب)، كما أنه يريد قطع الشرايين التي تتنفس بها الصحافة الصفراء والفضائحية، دون الحديث عن حجبه قانون المالية هذه السنة. هذا يحتاج إلى أغلبية مريحة.
هذه الرصاصة الاخيرة قد تتمثل في الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة هذه السنة. إنه الخيار الأفضل لسانتشيث، وقد يجسده باتباع الطريق القريب أو المتوسط. كيف؟
أولا، مادام الدستور الاسباني لا يسمح له حاليا بالدعوة إلى الانتخابات، فإنه قد ينتظر نتائج الانتخابات الجهوية في كتالونيا، 12 مايو الحالي، وإن كانت إيجابية ومشجعة، كما تتوقع أغلب استطلاعات الرأي، قد يدعو بعد 29 مايو الجاري للانتخابات. الدستور ينص على مرور سنة كاملة على تاريخ آخر دعوة لانتخابات مبكرة، وبما أن سانتشيث كان دعا لها في 29 مايو 2023، فعليه انتظار مرور سنة كاملة.
الحزب الاشتراكي حقق نتائج إيجابية في الانتخابات الجهوية الحديثة في بلاد الباسك، وأصبح رقما صعبا هناك، ومفتاحا لتشكيل الحكومة الباسكية الجديدة. وإذا فاز الحزب الاشتراكي بفارق مريح في كتالونيا فإنه سيكون البديل الحقيقي للاستقلاليين والانفصاليين والقوميين. وعليه سيكون سانتشيث في موقع قوة، وربما يستغل الرياح التي تصب في صالحه لمحاولة الفوز بانتخابات تشريعية مبكرة وضمان أغلبية مريحة تعفيه من مشقة التفاوض مع الاستقلاليين والانفصاليين والقوميين الباسكيين والكتالان لمدة ثلاث سنوات أخرى؛ إلى جانب تعزيز مكانته في أوروبا والجوار والعالم. هذا السيناريو يبقى الأفضل في حالة نُظمت انتخابات مبكرة محتملة في هذا الصيف.
ثانيا، قد ينتصر الحزب الاشتراكي في الانتخابات الكتالونية، ولكن سانتشييث ربما سيتريث إلى ما بعد الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو المقبل. ستكون نتائج الانتخابات الأوروبية حاسمة. وفي حالة انتصر فيها الحزب الاشتراكي، فمن غير المستبعد أن يدعو سانتشيث إلى انتخابات مبكرة في الخريف المقبل. ثلاثة انتصارات انتخابية (الانتصار الأول تحقق) من العيار الثقيل في شهرين قد تشجع سانتشيث وصحبه للعودة إلى صناديق الاقتراع. هذا السيناريو يبقى الأكثر أمانا لكنه مرتبط بنتائج الانتخابات الأوروبية وبما سيحدث خلال الصيف.
سانتشيث نفذ قرار الدولة الإسبانية تجاه المغرب
لا تؤثر السياسة الداخلية الاسبانية كثيرا في استراتيجية العمل الخارجي Acción Exterior، كما يسميها العقل الاستراتيجي القشتالي، إذ أن من يفكرون ويصوغون النواميس يفضلون عبارة "العمل الخارجي" بدل السياسة الخارجية la política exterior . الأولى أوسع وأشمل من الثانية. هذه الأخيرة مرتبطة أكثر بتحركات وزارة الخارجية، بينما الأولى تأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الفاعلين والأطراف المعنية بما يجري في الخارج. استراتيجية العمل الخارجي لا يضعه رئيس الحكومة نواميسها، بل العقل الاستراتيجي الذي يجسده، في الواجهة، المعهد الملكي الاسباني Elcano. في هذا المعهد تجلس الأغلبية والمعارضة واليمين واليسار والدولة العميقة والشركات الكبرى والجيش وغيرها من الحساسيات لصياغة التوجهات الكبرى للعمل الخارجي. تقارير هذا المعهد تعرض على المؤسسات الحكومية والدستورية والجهوية.
لهذا، لا يمكن القول إن مصير العلاقات المتميزة المغربية الأسبانية رهين بالمستقبل السياسي لبيدرو سانتشيث. ولا يمكن أن تتأثر هذه الشراكة الإستراتيجية في حالة خرج سانتشيث أو عاد اليمين إلى الحكم. الجوهر ثابت والمتحول هو الشكل. بمعنى، حتى لو وصل اليمين بزعامة الحزب الاشتراكي للحكم فإن دعم إسبانيا للحكم الذاتي سيستمر، وحتى لو دخل فوكس مستقبلا شريكا في الحكم فإن السلطة ستحوله إلى كيان واقعي وبراغماتي. تجربة بوديموس، الحزب اليساري الجذري، وتشكيل سوماري Sumar خير دليل على أن من يسبح في نهر الحكم ليس كمن يعلق من فوق الصخرة. فوكس حاليا يعلق من فوق الصخرة، وشطحات الحزبي الشعبي PP موجهة للاستهلاك الداخلي.
على عكس الكثير من الدبلوماسيين الإسبان، بما فيهم وزراء للخارجية والذين راجعوا مواقفهم من بعد، كان الملك الشرفي/ السابق خوان كارلوس، سنة 1975، في عز الازمة بين المملكتين، متيقنا ومؤمنا بعدم وجود أي إمكانية لإنشاء دويلة صحراوية مستقلة في الصحراء. الملك خوان كارلوس ظل دوما متشبث بفكرة أن أي دويلة هشة في الصحراء ستتحول الى منصة/ ساتيليت للجزائر ولروسيا قبالة جزر الكناري، وهو الشيء الذي لن يسمح به المغرب وإسبانيا. ( كتاب "ملك الديمقراطية"، الصفحة 175، عام 2017، Galixia Gutenberg). فالأسبان والغربيون لن يسمحوا أيضا بتوسع وتمدد النفوذ الروسي صوب الواجهة الأطلسية.
وهي الخلاصة التي وصل إليها تقرير مفصلي للمعهد الملكي الاسباني Elcano صادر في فبراير 2014. بشكل أدق، كانت سنة 2014 فارقة بخصوص تصور العقل الاستراتيجي الاسباني لقضية الصحراء، بحيث اكتملت له الصورة، وخط على الورق ما كان يقال في الكواليس. وهي السنة نفسها التي ترأس فيها سانتشيث الحزب الاشتراكي. لكنها مجرد صدفة هذه المرة، لأن استراتيجية العمل الخارجي أكبر من سانتشيث الذي يبقى مجرد منفذ لها.
هذا التقرير- تحت عنوان "نحو تجديد استراتيجية السياسة الخارجية الاسبانية"، الذي نسقه الخبير إغناسيو مولينا، وبطلب ورعاية من الحكومة الاسبانية اليمينية حينها- نصحت الدولة الأسبانية باتخاذ موقف استباقي يميل إلى دعم حكومة صحراوية مستقلة تحت السيادة المغربية، وهو اقتراح أقرب إلى الجهوية الموسعة بالمعنى الشامل. "يمكن لإسبانيا تبني موقفا أكثر استباقية، عندما تكون الظروف مواتية، وطرح حل حكم ذاتي حقيقي وضمان تنفيذه، والذي من شأنه السماح بإرضاء المغرب وجبهة البوليساريو".
التقرير استعمل مفهوم الحكم الذاتي بصيغة autogobierno وليس Plan de autonomía. الخلاصة التي كان تقدم بها المعهد الملكي الإسباني قبل 10 سنوات للحكومة والبرلمان الإسباني واطلع عليها الجميع، طبخت على نار هادئة A fuego lento، حتى هيئت الظروف المناسبة وفعلت في أبريل 2022. سانتشيث كانت له جرأة تنزيل على أرض الواقع ما كانت تصبو إليه الدولة الإسبانية. كل من يعارض هذه الخطوة، شكلًا فقط، منذ 2022، كان يعلم واطلع على هذه التوصية. لكن المتتبع الحقيقي للشأن الاسبانى يفهم أن استعمال المغرب في الحياة السياسية الإسبانية تحول الى روتين يومي el pan de cada día.
قرار استمرار سانتشيث على رأس الحكومة الاسبانية يخدم الاستقرار والرخاء في الجارة الشمالية، ويضمن كذلك سلاسة التواصل بين الأطراف والفاعلين الرسميين وغير الرسميين في البلدين. وما دام استقرار اسبانيا من استقرار المغرب، والعكس صحيح، فبقاء الاشتراكي كان السيناريو الأفضل. لكن هذا لا يعني أن مصير العلاقات الثنائية المتميزة مرتبط بشخص سانتشيث أو حزبه.
لهذا، لا يمكن القول إن مصير العلاقات المتميزة المغربية الأسبانية رهين بالمستقبل السياسي لبيدرو سانتشيث. ولا يمكن أن تتأثر هذه الشراكة الإستراتيجية في حالة خرج سانتشيث أو عاد اليمين إلى الحكم. الجوهر ثابت والمتحول هو الشكل. بمعنى، حتى لو وصل اليمين بزعامة الحزب الاشتراكي للحكم فإن دعم إسبانيا للحكم الذاتي سيستمر، وحتى لو دخل فوكس مستقبلا شريكا في الحكم فإن السلطة ستحوله إلى كيان واقعي وبراغماتي. تجربة بوديموس، الحزب اليساري الجذري، وتشكيل سوماري Sumar خير دليل على أن من يسبح في نهر الحكم ليس كمن يعلق من فوق الصخرة. فوكس حاليا يعلق من فوق الصخرة، وشطحات الحزبي الشعبي PP موجهة للاستهلاك الداخلي.
على عكس الكثير من الدبلوماسيين الإسبان، بما فيهم وزراء للخارجية والذين راجعوا مواقفهم من بعد، كان الملك الشرفي/ السابق خوان كارلوس، سنة 1975، في عز الازمة بين المملكتين، متيقنا ومؤمنا بعدم وجود أي إمكانية لإنشاء دويلة صحراوية مستقلة في الصحراء. الملك خوان كارلوس ظل دوما متشبث بفكرة أن أي دويلة هشة في الصحراء ستتحول الى منصة/ ساتيليت للجزائر ولروسيا قبالة جزر الكناري، وهو الشيء الذي لن يسمح به المغرب وإسبانيا. ( كتاب "ملك الديمقراطية"، الصفحة 175، عام 2017، Galixia Gutenberg). فالأسبان والغربيون لن يسمحوا أيضا بتوسع وتمدد النفوذ الروسي صوب الواجهة الأطلسية.
وهي الخلاصة التي وصل إليها تقرير مفصلي للمعهد الملكي الاسباني Elcano صادر في فبراير 2014. بشكل أدق، كانت سنة 2014 فارقة بخصوص تصور العقل الاستراتيجي الاسباني لقضية الصحراء، بحيث اكتملت له الصورة، وخط على الورق ما كان يقال في الكواليس. وهي السنة نفسها التي ترأس فيها سانتشيث الحزب الاشتراكي. لكنها مجرد صدفة هذه المرة، لأن استراتيجية العمل الخارجي أكبر من سانتشيث الذي يبقى مجرد منفذ لها.
هذا التقرير- تحت عنوان "نحو تجديد استراتيجية السياسة الخارجية الاسبانية"، الذي نسقه الخبير إغناسيو مولينا، وبطلب ورعاية من الحكومة الاسبانية اليمينية حينها- نصحت الدولة الأسبانية باتخاذ موقف استباقي يميل إلى دعم حكومة صحراوية مستقلة تحت السيادة المغربية، وهو اقتراح أقرب إلى الجهوية الموسعة بالمعنى الشامل. "يمكن لإسبانيا تبني موقفا أكثر استباقية، عندما تكون الظروف مواتية، وطرح حل حكم ذاتي حقيقي وضمان تنفيذه، والذي من شأنه السماح بإرضاء المغرب وجبهة البوليساريو".
التقرير استعمل مفهوم الحكم الذاتي بصيغة autogobierno وليس Plan de autonomía. الخلاصة التي كان تقدم بها المعهد الملكي الإسباني قبل 10 سنوات للحكومة والبرلمان الإسباني واطلع عليها الجميع، طبخت على نار هادئة A fuego lento، حتى هيئت الظروف المناسبة وفعلت في أبريل 2022. سانتشيث كانت له جرأة تنزيل على أرض الواقع ما كانت تصبو إليه الدولة الإسبانية. كل من يعارض هذه الخطوة، شكلًا فقط، منذ 2022، كان يعلم واطلع على هذه التوصية. لكن المتتبع الحقيقي للشأن الاسبانى يفهم أن استعمال المغرب في الحياة السياسية الإسبانية تحول الى روتين يومي el pan de cada día.
قرار استمرار سانتشيث على رأس الحكومة الاسبانية يخدم الاستقرار والرخاء في الجارة الشمالية، ويضمن كذلك سلاسة التواصل بين الأطراف والفاعلين الرسميين وغير الرسميين في البلدين. وما دام استقرار اسبانيا من استقرار المغرب، والعكس صحيح، فبقاء الاشتراكي كان السيناريو الأفضل. لكن هذا لا يعني أن مصير العلاقات الثنائية المتميزة مرتبط بشخص سانتشيث أو حزبه.
توفيق سليماني/ إعلامي