الأحد 19 مايو 2024
مجتمع

المراكشي: أخطأ وزير التعليم العالي عندما تحدث عن قرار وطني سيادي في تدبير ملف طلبة الطب

 
 
المراكشي: أخطأ وزير التعليم العالي عندما تحدث عن قرار وطني سيادي في تدبير ملف طلبة الطب الوزير عبد اللطيف ميراوي وإبراهيم المراكشي
صرح وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، في الندوة الصحفية، بأن "قرار تخفيض مدة التكوين بكليات الطب والصيدلة من ست إلى سبع سنوات قرار وطني سيادي"، وهو التصريح الذي اعتبره متتبعون بأنه خطير، ويبين جهل الوزير بالمقتضيات الدستورية، من حيث اختصاصات الحكومة وعملها..
"
أنفاس بريس"، اتصلت بابراهيم المراكشي، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بطنجة، فكان الحوار التالي:
 
سبق وصرح وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، في ندوة صحفية رسمية قبل أسابيع قليلة، بأن قرار تخفيض مدة التكوين بكليات الطب والصيدلة من ست إلى سبع سنوات قرار وطني سيادي، ما تعليقك على هذا الوصف لقرار حكومي؟
هناك احتمال أن تكون مجرد كلمات عابرة نطق بها وزير التعليم العالي دون أن تكون لديه أية خلفيات، ودون أن يقصد بها شيئا أو أشياء محددة بذاتها، وبالتالي لا ينبغي اعطاء عبارة "قرار وطني سيادي"، رغم أنها جاءت في سياق غير مناسب، أقول لا ينبغي أن نحملها أكثر من معناها الضيق وأكثر مما يحتمله الوزير نفسه.

في المقابل، قد تكون زلة لسان من لدن الوزير تميط اللثام عن خبايا اتخاذ القرارات في مجالات معينة ودور جماعات الضغط في تحوير مسار قرارت الحكومة قبل الحسم فيها وإقرارها بصفة نهائية.
كيف ذلك ومصطلح السيادة يدرسه طلبة الحقوق في السنة الأولى؟

نعم، إن مسألة السيادة تثار في القضايا الخارجية التي لها ارتباط بالعلاقات الدولية، أو مثلا عند معاكسة دولة أجنبية لقرار دولة ما ومعارضته ومحاولة التدخل في شؤونها. هنا في مثل هذه الحالات تتمسك الدول بمبدأ السيادة، وبالمناسبة يعد هذا الأخير من مبادئ القانون الدولي. لذا تبقى مسألة إثارته في قضايا وطنية داخلية صرفة مسألة مثيرة للاهتمام. لهذا السبب أميل نحو الاعتقاد إلى أن الأمر لا بتعلق بزلة لسان من طرف الوزير، وإنما يقصد بالضبط ما يقول، ويعلم جيدا معناه وأبعاده. فوزير التعليم العالي اتخذ ذلك القرار بكامل الاستقلالية والحرية، ودون التدخل الأجنبي أو التأثير في اتخاذه. هذا يعني بالمخالفة، أن العديد من القرارات التي اتخذتها وزارته كانت نتيجة املاءات أجنبية، قد تكون من دولة أو منظمة دولية أو مالية كصندوق النقد الدولي، وتنفيذا لنعليماتها وتوصياتها. لا ننسى أن ملف التعليم عموما، بمختلف مستوياته، يحظى بأهمية بالغة من لدن صندوق النقد الدولي، ويمارس على المغرب ضغوطات "ناعمة" في سبيل توسيع هامش القطاع الخاص، على حساب القطاع العام. وما قيل عن التدخلات الأجنبية في وزارة التعليم العالي ينطبق على باقي الوزارت، خصوصا الوزارات ذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى: التربية الوطنية، الأسرة والمالية والطاقة والاقتصاد والداخلية.

طيب، لماذا هذا الاختباء وراء السيادة الوطنية لتبرير تصرفات الحكومة، عوض تحملها للمسؤولية؟
الأمر لا يتعلق بالاختباء، بقدر ما يتعلق بزلة لسان من طرف الوزير، كشفت الغطاء عن جوانب خفية من العمل الحكومي.