الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد هرار: المغرب بلد إسلامي لا تزحزحه الرياح

محمد هرار: المغرب بلد إسلامي لا تزحزحه الرياح محمد هرار
إنّ ما يُميزُ الشّخصيّة المغربية {تمغربيتْ}، في تديّنها الأصيل، هو اليسر والتّسامح والانسيابيّة والأصوليّة الحقّة والتَّوسط والاعتدال المستمد من الكتاب والسّنّة وأقوال الرّجال الثّقات المشهود لهم بالفضل والنّزاهة العلميّة التي لا تقبل التّشدّد والغلوّ، ولا تقع في فخّ الميوعة والتّساهل. 
 
“والوسطية والاعتدال هي التّمسّك بدين الله عزّ وجلّ وحبله المتين باتّباع أوامره واجتناب نواهيه ممّا جاء الأمر بها في كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم في الاعتقاد والعبادات والمعاملات والمناكح والقضاء وسائر التّعاملات والعلاقات والأنشطة البشريّة؛ إذ أحكام الشّريعة شاملة لجميع نشاط الإنسان، «فلا عمل يُفرض ولا حركة ولا سكون يُدَّعى إلّا والشّريعة عليه حاكمةٌ إفرادًا وتركيبًا» [الموافقات 1 /78]”. 
 
كما أنّها شخصيّة منفتحة على ثقافات إنسانيّة معتدلة سليمة الفطرة؛ وهو ما يميّزها منذ أن دخل المولى إدريس الأوّل إلى المغرب 788م، فأصبح المغرب عندها لأوّل مرّة في التّاريخ، دولة موحدة بما يعنيه المصطلح. وقد اختار المغاربة في تديّنهم ثوابت لا تتغيّر مع مرّ العصور وتوالي الحقب؛ تمثلت في اختيار المذهب المالكيّ، والعقيدة الأشعريّة، وإمارة المؤمنين. وإنّ هذه الثّوابت متّفق عليها بين علماء البلاد وحكّامها منذ القدم. وقد ترسّخت حتّى صارت إلى موضع يتمّ من خلالها تدبير شأن الأمّة برمّتها عبر العصور، وإلى يوم النّاس هذا. 
 
وبفضل ما بتلك الثّوابت الرّاسخة، من سمات راقية، كونها لا تتصادم مع قيم الحضارة الإنسانيّة النّبيلة؛ عاد المغرب إلى الرّيادة، كونه بلدا يمدّ جسور التّواصل الحضاريّ بين الشّرق والغرب، مع الاحتفاظ بالخصوصيّة الإسلاميّة التي لا تنازل عنها مهما كان الثّمن، وقد مكّنته سمعته من تبوُّؤ مكانة مرموقة بين لأمم. 
 
كلّ الشّرائع السّماويّة متّفقة على الكلّيّات الخمس. والإسلام رسّخها في نصوصه التي لا تقبل التّشكيك، وهي: الدّين، والنّفس، والنّسل، والمال والعقل. ولا يجادل في هذه الكلّيّات باعتبارها الأصل واللبّ والنّواة، إلّا مماحك. ويجب أن يعلم مروّجو "فتنة قضية المساواة" أنّ الدّين الإسلاميّ، هو أوّل من ثبّت مسألة المساواة بين الجنسين في القيمة الإنسانيّة، وأنّه لمّا فرّق بينهما في بعض الأمور كان ذلك بالقدر الذي يتناسب مع الطّبيعة الإنسانيّة لكلّ منها، قبل أن يولد أوّل (حداثيّ علمانيّ متعصّب)، منذ أزيد من أربعة عشرة قرنا مضت. فليراجعوا، إن كانت بهم رغبة في العلم ومعرفة الحقّ ما جاء في الكتاب والسّنّة وأقوال الأئمّة الثّقات، من تكريم للمرأة يبوّؤها منزلة لم يعرف التّاريخ القديم ولا الحديث لها نظيرا ولا مثيلا، ولم تسبق شريعة لما أعطى الإسلام للمرأة من اعتبار، وتكريم، وفضل، لا ينكره إلّا جاهل أو مكابر. 
 
فلا تحاولوا عابثين؛ فالمغرب يجتهد في المحافظة على دينه وعقيدته، انطلاقا من ثوابته الراسخة، وملكه أمير المؤمنين يسعى جاهذا إلى حماية الملّة والدّين، وإلى ضمان حريّة الممارسة، كما يتّضح ذلك في خطبه المؤكّدة لكلّ ذلك. وعودوا إلى خطبه السّامية، قبل أن تتجرأوا على بلادنا الأمازيغيّة العربيّة المتمسّكة بدينها الإسلامي وشريعتها الغرّاء مهما حاول دعاة التّغريب؛ جرّ البلاد إلى الميوعة الدّاعية إلى التردي في مهاوي الرذيلة عياذا بالله.