عندما اختار الرئيس الأديب "ليبولد سيدار سنغور" Léopold sedar Senghor، في سنة 1960 الشعار الوطني للسنغال المستقلة "شعب واحد، هدف واحد، إيمان واحد ". هل كان يعلم أن بلاده بعد مرور أكثر من ستين سنة على استقلالها، لازالت تشكل استثناء في طريقة تدبير نظامها السياسي بسلاسة مقارنة بما حدث ولازال يحدث بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، ببوركينا فاسو ومالي والتشاد والنيجر …. إلخ، من انقلابات وقلاقل وإجرام منظم حتى أصبحت المنطقة فضاء لإيواء كل الجماعات الإرهابية.؟
لكنني على يقين أن حكيم إفريقيا -سنغور الذي اتسمت الحياة السياسية في عهده بالاستقرار، كأول رئيس في الغرب الإفريقي أعلن عام 1976 بتبني التعددية الحزبية في العمل السياسي، وإطلاقها في ثلاث اتجاهات سياسية الشيوعية والليبرالية والاشتراكية - لم يكن يعلم أن السنغال في 2024 سيصوت أغلب ناخبيها من أصل 7 مليون و300 ألف من المسجلين في اللوائح الانتخابية، على مرشح تيار سياسي لا هو بالليبرالي ولا بالاشتراكي ولا بالشيوعي. تيار سياسي اصطلح عليه علماء السياسة وليس السياسيون في أوروبا وأمريكا "بالشعبوية"، ليس بمعناها القدحي ولكن بمدلولها السياسي، حيث يظهر التيار بسرعة ويسيطر بسرعة ويفشل بسرعة ويحدث الخسائر بسرعة وينسحب ببطء.
برلسكوني في إيطاليا، بوريس جونسون في بريطانيا، جاير بولسونانو في البرازيل، وقيس سعيد في تونس، وعرابهم الكبير ترامب في واشنطن .
السنغال بلد 18 مليون نسمة، وهي تنتخب خامس رئيس لهاَ منذ استقلالها من بين تسعة عشر (19) مرشحا للانتخابات الرئاسية، لا يمكن إلا أن يقف لها الملاحظ الدولي والناشط السياسي والحقوقي والمدني والفاعل الاقتصادي احتراما وتقديرا على عضها على الديمقراطية بالنواجذ كممارسة فضلى في تدبير شؤون العباد والبلاد. فبمجرد ما قرر وبشكل مفاجئ الرئيس المنتهية ولايته "ماكي سال" عن تأخير موعد الانتخابات لبعض الأشهر، بمقتضى قانون استصدره منّ المؤسسة التشريعية بسرعة وأمر بتنفيذه بسرعة بمرسوم رئاسي، قامت القيامة وانتفض المواطنون واحتجت الأحزاب وألغت المحكمة الدستورية القانون والمرسوم لمخالفتهما للدستور. كما أن الرئيس عوض خلق أزمة مع المحكمة الدستورية والشارع وجر البلاد والعباد إلى المجهول، قرر الامتثال وتنفيذ الحكم الدستوري.
إنها يقظة بلدٍ بأتمه، بساكنته ومؤسساته وفعالياته المدنية والسياسية والنقابيّة وحكمة رئيسه ودفاعهم جميعا عن رأسمالهم المشترك "الديمقراطية"؛ والتي كثيرا ما روج البعض أنها لا تجتمع مع الفقر. فالسنغال صنفت في تقرير التنمية البشرية لسنة 2023 في الرتبة 169 عالميا ولم يبق خلفها إلا دولا قليلة. اثنان وستون سنة مرت على البلاد بأمواجها العاتية ولحظاتها الحرجة، وظل السنغال وفيا لممارسته الديمقراطية.
فبعد الرئيس "ليبولد سيدا سنغور" أول افريقي يدخل الأكاديمية الفرنسية، و"عبدو ضيوف" الأمين العام للفرنكوفونية، و"عبد الله واد" الليبرالي الذي قضى أكثر من 25 سنة معارضا قبل أن يدخل القصر الرئاسي ويسكنه لولايتين، و"ماكي سال" هذا الفيزيائي الذي تحاملت عليه الآلة الإعلامية الغربية بعد تقاربه مع بوتين واقتناء جزء من معداته العسكرية، وهو الفعل الذي لم تستسغه الغرب وخاصة فرنسا حسب ما همس به صحفي وكاتب سنغالي على مائدة الإفطار ونحن نعلق على نتائج الانتخابات.
ها هو الرئيس الجديد الشاب "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye، الذي صادف انتخابه يوم عيد ميلاده 44 باسم حزب أنشئ سنة 2014 أطلق عليه "الحزب الوطني السينغالي من أجل العمل والأخلاق والأخوة"، هذا الحزب الذي يرأسه "عثمان سونكو" الشخصية الكاريزمية المتمرس في العمل النقابي والذي يتقن فن الخطابة وتجييش الشباب الذي يشكل أكثر من 50٪ من الساكنة وجلهم في وضعية بطالة.
كان من المفروض أن يكون "عثمان سنكو" هو المرشح باسم حزبه لكن اعتقاله سنة 2021 في قضية جنائية تتعلق "بالتحرش والاغتصاب والاعتداء على المدلكة المسماة ادجي سار" والحكم عليه في قضية أخرى بسنتين سجنا نافدة، مع إسقاط اسمه من اللوائح الانتخابية مما حال دون ترشيحه لهذه الولاية بعدما كان في الانتخابات السابقة في 2019 أصغر مرشح رئاسي واحتل المرتبة الثالثة. وهكذا قام بتقديم ودعم الشاب "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye مفتش الضرائب الذي كان بدوره معتقلا بتهمة الإساءة لهيئة قضائية، و استفادا معا من عفو تشريعي تلطيفا لأجواء الانتخابات. فغادرا السجن عند بداية الحملة الانتخابية. وبهذا سينتقل الرئيس المنتخب "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye من زنزانة السجن الضيقة إلى فساحة القصر الرئاسي الفاخر، وهو يحمل أحلامه ووعوده ذات السقف العالي. حيث وعد بإخراج العملة السنغالية من دائرة الفرنك الأفريقي franc CFA الموروث عن الحقبة الاستعمارية والذي لازال معمولا به فيه 14 دولة إفريقية وهو الأمر الذي يقتضي الاستعداد لاحتكاك مباشر مع فرنسا. كما التزم بمراجعة كل العقود مع الشركات الأجنبية والمتعلقة بالغاز والبترول المكتشف في السنوات الأخيرة، وهو ما سيمكن من ضخ عائداته بالعملة الصعبة في الميزانية العامة للدولة لأول مرة هذه السنة. وينتظر المحللون الاقتصاديون أن يضاعف ذلك من مستوى النمو بالسنغال.
أما على المستوى السياسي فقد وعد الرئيس الجديد "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye بإصلاح دستوري، يلغي بمقتضاه منصب الوزير الأول ويحدث بموجبه منصب نائب رئيس الجمهورية على الطريقة الأمريكية. واجتماعيا وعد الشباب، سنده الأول، بملايين مناصب الشغل وهذا هو التحدي الأكبر، ذلك أن الشباب حماسي بطبعه لكنه يرفض الانتظار، وقد ينتقل من مساند إلى معارض من خارج مؤسسات الدولة وبالشارع العام كون الشباب يحب الوقوف والصراخ على الجلوس والتريث.
حكيم إفريقيا الأديب "ليبولد سيدا سنغور" هل كان سابرا لأغوار المستقبل، عندما كتب النشيد الوطني للسنغال في قصيدة رائعة يقول في مطلعها "هيا جميعاً، لقد زأر الأسد الأحمر انقروا كوراتكم koras واضربوا البالافوناتBalafons وهما (آلتين موسيقيتين افريقيتين).
لكنني على يقين أن حكيم إفريقيا -سنغور الذي اتسمت الحياة السياسية في عهده بالاستقرار، كأول رئيس في الغرب الإفريقي أعلن عام 1976 بتبني التعددية الحزبية في العمل السياسي، وإطلاقها في ثلاث اتجاهات سياسية الشيوعية والليبرالية والاشتراكية - لم يكن يعلم أن السنغال في 2024 سيصوت أغلب ناخبيها من أصل 7 مليون و300 ألف من المسجلين في اللوائح الانتخابية، على مرشح تيار سياسي لا هو بالليبرالي ولا بالاشتراكي ولا بالشيوعي. تيار سياسي اصطلح عليه علماء السياسة وليس السياسيون في أوروبا وأمريكا "بالشعبوية"، ليس بمعناها القدحي ولكن بمدلولها السياسي، حيث يظهر التيار بسرعة ويسيطر بسرعة ويفشل بسرعة ويحدث الخسائر بسرعة وينسحب ببطء.
برلسكوني في إيطاليا، بوريس جونسون في بريطانيا، جاير بولسونانو في البرازيل، وقيس سعيد في تونس، وعرابهم الكبير ترامب في واشنطن .
السنغال بلد 18 مليون نسمة، وهي تنتخب خامس رئيس لهاَ منذ استقلالها من بين تسعة عشر (19) مرشحا للانتخابات الرئاسية، لا يمكن إلا أن يقف لها الملاحظ الدولي والناشط السياسي والحقوقي والمدني والفاعل الاقتصادي احتراما وتقديرا على عضها على الديمقراطية بالنواجذ كممارسة فضلى في تدبير شؤون العباد والبلاد. فبمجرد ما قرر وبشكل مفاجئ الرئيس المنتهية ولايته "ماكي سال" عن تأخير موعد الانتخابات لبعض الأشهر، بمقتضى قانون استصدره منّ المؤسسة التشريعية بسرعة وأمر بتنفيذه بسرعة بمرسوم رئاسي، قامت القيامة وانتفض المواطنون واحتجت الأحزاب وألغت المحكمة الدستورية القانون والمرسوم لمخالفتهما للدستور. كما أن الرئيس عوض خلق أزمة مع المحكمة الدستورية والشارع وجر البلاد والعباد إلى المجهول، قرر الامتثال وتنفيذ الحكم الدستوري.
إنها يقظة بلدٍ بأتمه، بساكنته ومؤسساته وفعالياته المدنية والسياسية والنقابيّة وحكمة رئيسه ودفاعهم جميعا عن رأسمالهم المشترك "الديمقراطية"؛ والتي كثيرا ما روج البعض أنها لا تجتمع مع الفقر. فالسنغال صنفت في تقرير التنمية البشرية لسنة 2023 في الرتبة 169 عالميا ولم يبق خلفها إلا دولا قليلة. اثنان وستون سنة مرت على البلاد بأمواجها العاتية ولحظاتها الحرجة، وظل السنغال وفيا لممارسته الديمقراطية.
فبعد الرئيس "ليبولد سيدا سنغور" أول افريقي يدخل الأكاديمية الفرنسية، و"عبدو ضيوف" الأمين العام للفرنكوفونية، و"عبد الله واد" الليبرالي الذي قضى أكثر من 25 سنة معارضا قبل أن يدخل القصر الرئاسي ويسكنه لولايتين، و"ماكي سال" هذا الفيزيائي الذي تحاملت عليه الآلة الإعلامية الغربية بعد تقاربه مع بوتين واقتناء جزء من معداته العسكرية، وهو الفعل الذي لم تستسغه الغرب وخاصة فرنسا حسب ما همس به صحفي وكاتب سنغالي على مائدة الإفطار ونحن نعلق على نتائج الانتخابات.
ها هو الرئيس الجديد الشاب "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye، الذي صادف انتخابه يوم عيد ميلاده 44 باسم حزب أنشئ سنة 2014 أطلق عليه "الحزب الوطني السينغالي من أجل العمل والأخلاق والأخوة"، هذا الحزب الذي يرأسه "عثمان سونكو" الشخصية الكاريزمية المتمرس في العمل النقابي والذي يتقن فن الخطابة وتجييش الشباب الذي يشكل أكثر من 50٪ من الساكنة وجلهم في وضعية بطالة.
كان من المفروض أن يكون "عثمان سنكو" هو المرشح باسم حزبه لكن اعتقاله سنة 2021 في قضية جنائية تتعلق "بالتحرش والاغتصاب والاعتداء على المدلكة المسماة ادجي سار" والحكم عليه في قضية أخرى بسنتين سجنا نافدة، مع إسقاط اسمه من اللوائح الانتخابية مما حال دون ترشيحه لهذه الولاية بعدما كان في الانتخابات السابقة في 2019 أصغر مرشح رئاسي واحتل المرتبة الثالثة. وهكذا قام بتقديم ودعم الشاب "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye مفتش الضرائب الذي كان بدوره معتقلا بتهمة الإساءة لهيئة قضائية، و استفادا معا من عفو تشريعي تلطيفا لأجواء الانتخابات. فغادرا السجن عند بداية الحملة الانتخابية. وبهذا سينتقل الرئيس المنتخب "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye من زنزانة السجن الضيقة إلى فساحة القصر الرئاسي الفاخر، وهو يحمل أحلامه ووعوده ذات السقف العالي. حيث وعد بإخراج العملة السنغالية من دائرة الفرنك الأفريقي franc CFA الموروث عن الحقبة الاستعمارية والذي لازال معمولا به فيه 14 دولة إفريقية وهو الأمر الذي يقتضي الاستعداد لاحتكاك مباشر مع فرنسا. كما التزم بمراجعة كل العقود مع الشركات الأجنبية والمتعلقة بالغاز والبترول المكتشف في السنوات الأخيرة، وهو ما سيمكن من ضخ عائداته بالعملة الصعبة في الميزانية العامة للدولة لأول مرة هذه السنة. وينتظر المحللون الاقتصاديون أن يضاعف ذلك من مستوى النمو بالسنغال.
أما على المستوى السياسي فقد وعد الرئيس الجديد "بصيرو ديوماي فاي" Bassirou diomaye Faye بإصلاح دستوري، يلغي بمقتضاه منصب الوزير الأول ويحدث بموجبه منصب نائب رئيس الجمهورية على الطريقة الأمريكية. واجتماعيا وعد الشباب، سنده الأول، بملايين مناصب الشغل وهذا هو التحدي الأكبر، ذلك أن الشباب حماسي بطبعه لكنه يرفض الانتظار، وقد ينتقل من مساند إلى معارض من خارج مؤسسات الدولة وبالشارع العام كون الشباب يحب الوقوف والصراخ على الجلوس والتريث.
حكيم إفريقيا الأديب "ليبولد سيدا سنغور" هل كان سابرا لأغوار المستقبل، عندما كتب النشيد الوطني للسنغال في قصيدة رائعة يقول في مطلعها "هيا جميعاً، لقد زأر الأسد الأحمر انقروا كوراتكم koras واضربوا البالافوناتBalafons وهما (آلتين موسيقيتين افريقيتين).