رُبَّما - تلك "ربما" التي تقتربُ من التوكيد - أننا الأمَّة الوحيدة التي تقدِّمُ نفْسَها بين الأمم من خلال تديُّنِها، وتواجِهُ التحديات بعباداتِها، وتبرهن على صلاحها وفلاحِها بصلواتها وصيامها وحجِّها، ولا تتوقف عن تصوير شعوبها تركع وتسجد في المساجد، وتقرأ كتابَها المُنزَّلَ القرآن، وكل يوم جمعة تنشرُ دُعاءها بالبركة، وفي كل مناسبة تَحْمدُ الله على "نعمة الإسلام"، وتتفاخر بأنها "خير أمة أخرجت للناس"!
لن تقف على هذه الأفعال عند أمم أخرى، وحتى إذا وقعْتَ على مشهد، أو صورة، أو كتابةٍ، لأمَّةٍ مُختلفة عنا، فلا تجدُ ضجيجاً، وعويلاً، وصيحات، وبكاء، وغُروراً، وتهويلاً...
مِنَ النَّصارى من يفعل ذلك، لكن بهدوء، ودون ثرثرة.
اليهود يفعلون ذلك من حين إلى حينٍ، وأشهر صورة لهم للتعبير عن تديُّنهم "حائط المبْكى"، ولكن كيف يبْكون؟.. إنهم يجعلون أُمَّتَنا هي التي تبْكي، وتدفع الثمن، وتفقدُ عزَّتَها وكرامتَها، وتفشل وتذهبُ ريحُها!
نحن الأمة الوحيدةُ التي جعلت من تديُّنِها عَنْوانَ وُجودِها، وجوهرَ حياتِها، وسرَّ أسرارِها، والتَّاجَ المرصع بالياقوت النَّادر الذي تضعُه فوق رأسِها.. رأْسٌ مشحونٌ بالتَّهيّؤات والأوهام والسراب.. على الرغم من أنَّ حياتَنا قاحلةٌ، وكِياننا فارغ، ووجودنا ضعيفٌ، لا نملك أي نوع فعًّالٍ من الأسلحة في معارك الدنيا، وفي مواجهة الأعداء، ومع ذلك نؤكد أنَّ النصر لنا، والعاقبة لنا، وأننا الذين سوفَ يرثون الأرضَ.. كيف؟ الله أعلم... بماذا؟ بالدعاء والبكاء والصلوات... صلوات.. صلوات.. صلوات... وصلواتُنا كثيرة، متنوعة، لا توجد أمَّةٌ تملكُ أنواعاً من الصلاة مثل أمتنا: صلاة الجماعة.. صلاة الجمعة.. صلاة الجنازة.. صلاة العيدين.. صلاة الخوف.. صلاة الكسوف.. صلاة الخسوف.. صلاة الاستسقاء.. صلاة الاستخارة.. صلاة الليل.. صلاة الضحى.. صلاة التراويح.. صلاة قضاء الحوائج...!
جهدُنا الأكبرُ في الصلوات، حتى أن هذا العام خرج علينا من يُنادي أن نرفق بأئمة التراويح!!
إنَّ أئمتنا في عناء بسبب الصلاة، ونحن معهم في عَنَتٍ لأننا نريدُ أن نحصل على أَجْرٍ دون أن نبذل جهداً مُثْمِراً، ونقدم عملاً ظاهراً.
نحن مؤمنون بهذا أشدَّ الإيمان، مقتنعون تمام الاقتناع، وحُجَّتُنا الكبرى أنَّ الله ما خلق الإنسَ والجنَّ إلا ليعبدوه، ومفهوم العبادة عندنا محصورٌ في الصلاة والصيام والحجِّ، لا نذهبُ أبعدَ من ذلك، لا نفسِّرُ العبادة تفسيراتٍ أخرى، لا نربطُها بالعمل والإنتاج، والأخذ بالعلم وأسبابه، وإعداد القوة، والقبض على وسائل النصر والتمكين في الأرض.. الأرض بالنسبة إلينا محطَّةٌ لا وزن لها، والدنيا حقيرة فانية لا تساوي عند الله جناحَ بعوضة.. وهنا يحدثُ الخلْطُ والتَّلْبيسُ؛ فالمحطَّةُ ضروريَّةٌ لمن يريد السفر، والسفر يحتاج إلى الزاد والمال وتحديد الوجهة وتحقيق الغاية.. والدنيا لا تساوي جناح بعوضة عند الله وليس عندنا، الله أوْجَدنا في الدنيا لكي نَحْمِلَ أمانتَها ونتَحمَّلَها، ولكي نعمِّرها، ولكي نسير فيها، وننظر في الأنفس والآفاق، ونتعلَّمَ، ونبني، وننجز أعمالا كثيرةً، ونبتغي نصيبَنا منها، ثمَّ نُحاسبُ عليها يوم المعاد...
رسولُ الإسلام لم يُبْعثْ للناس كي يعلِّمهم الوضوء والصلاة والصيام والحج، ويلقنهم كلمات الدعاء والقنوت فقط، بل جاء ليعلمهم الكتاب والحكمة، ويدعوهم إلى العلم والتفكر في خلق السماوات والأرض، ويحضهم على إطعام الطعام والإنفاق من أموالهم، والجهاد في سبيل الله.. الجهاد في كل الميادين!
ولوْ كانت رسالتُه مقتصرةً على هذه العبادات التي ذكرناها لما ابتلاه الله بحياة حافلةٍ بالنزاع والصراع والتدافع والقتال..
من أجل ماذا؟
قطعاً ليس من أجل الصلاة والصيام والحج، ولكن من أجل عمارة الأرض، وتسخير الكون، والنفاذ في أقطار السماوات وطبقات الأرض وأعماق البحار، وإعلاء كلمة الله، والله أكبر كبيراً.. وأكبر كثيراً...
يقول ربنا الكريم: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) [الكهف:104]
لن تقف على هذه الأفعال عند أمم أخرى، وحتى إذا وقعْتَ على مشهد، أو صورة، أو كتابةٍ، لأمَّةٍ مُختلفة عنا، فلا تجدُ ضجيجاً، وعويلاً، وصيحات، وبكاء، وغُروراً، وتهويلاً...
مِنَ النَّصارى من يفعل ذلك، لكن بهدوء، ودون ثرثرة.
اليهود يفعلون ذلك من حين إلى حينٍ، وأشهر صورة لهم للتعبير عن تديُّنهم "حائط المبْكى"، ولكن كيف يبْكون؟.. إنهم يجعلون أُمَّتَنا هي التي تبْكي، وتدفع الثمن، وتفقدُ عزَّتَها وكرامتَها، وتفشل وتذهبُ ريحُها!
نحن الأمة الوحيدةُ التي جعلت من تديُّنِها عَنْوانَ وُجودِها، وجوهرَ حياتِها، وسرَّ أسرارِها، والتَّاجَ المرصع بالياقوت النَّادر الذي تضعُه فوق رأسِها.. رأْسٌ مشحونٌ بالتَّهيّؤات والأوهام والسراب.. على الرغم من أنَّ حياتَنا قاحلةٌ، وكِياننا فارغ، ووجودنا ضعيفٌ، لا نملك أي نوع فعًّالٍ من الأسلحة في معارك الدنيا، وفي مواجهة الأعداء، ومع ذلك نؤكد أنَّ النصر لنا، والعاقبة لنا، وأننا الذين سوفَ يرثون الأرضَ.. كيف؟ الله أعلم... بماذا؟ بالدعاء والبكاء والصلوات... صلوات.. صلوات.. صلوات... وصلواتُنا كثيرة، متنوعة، لا توجد أمَّةٌ تملكُ أنواعاً من الصلاة مثل أمتنا: صلاة الجماعة.. صلاة الجمعة.. صلاة الجنازة.. صلاة العيدين.. صلاة الخوف.. صلاة الكسوف.. صلاة الخسوف.. صلاة الاستسقاء.. صلاة الاستخارة.. صلاة الليل.. صلاة الضحى.. صلاة التراويح.. صلاة قضاء الحوائج...!
جهدُنا الأكبرُ في الصلوات، حتى أن هذا العام خرج علينا من يُنادي أن نرفق بأئمة التراويح!!
إنَّ أئمتنا في عناء بسبب الصلاة، ونحن معهم في عَنَتٍ لأننا نريدُ أن نحصل على أَجْرٍ دون أن نبذل جهداً مُثْمِراً، ونقدم عملاً ظاهراً.
نحن مؤمنون بهذا أشدَّ الإيمان، مقتنعون تمام الاقتناع، وحُجَّتُنا الكبرى أنَّ الله ما خلق الإنسَ والجنَّ إلا ليعبدوه، ومفهوم العبادة عندنا محصورٌ في الصلاة والصيام والحجِّ، لا نذهبُ أبعدَ من ذلك، لا نفسِّرُ العبادة تفسيراتٍ أخرى، لا نربطُها بالعمل والإنتاج، والأخذ بالعلم وأسبابه، وإعداد القوة، والقبض على وسائل النصر والتمكين في الأرض.. الأرض بالنسبة إلينا محطَّةٌ لا وزن لها، والدنيا حقيرة فانية لا تساوي عند الله جناحَ بعوضة.. وهنا يحدثُ الخلْطُ والتَّلْبيسُ؛ فالمحطَّةُ ضروريَّةٌ لمن يريد السفر، والسفر يحتاج إلى الزاد والمال وتحديد الوجهة وتحقيق الغاية.. والدنيا لا تساوي جناح بعوضة عند الله وليس عندنا، الله أوْجَدنا في الدنيا لكي نَحْمِلَ أمانتَها ونتَحمَّلَها، ولكي نعمِّرها، ولكي نسير فيها، وننظر في الأنفس والآفاق، ونتعلَّمَ، ونبني، وننجز أعمالا كثيرةً، ونبتغي نصيبَنا منها، ثمَّ نُحاسبُ عليها يوم المعاد...
رسولُ الإسلام لم يُبْعثْ للناس كي يعلِّمهم الوضوء والصلاة والصيام والحج، ويلقنهم كلمات الدعاء والقنوت فقط، بل جاء ليعلمهم الكتاب والحكمة، ويدعوهم إلى العلم والتفكر في خلق السماوات والأرض، ويحضهم على إطعام الطعام والإنفاق من أموالهم، والجهاد في سبيل الله.. الجهاد في كل الميادين!
ولوْ كانت رسالتُه مقتصرةً على هذه العبادات التي ذكرناها لما ابتلاه الله بحياة حافلةٍ بالنزاع والصراع والتدافع والقتال..
من أجل ماذا؟
قطعاً ليس من أجل الصلاة والصيام والحج، ولكن من أجل عمارة الأرض، وتسخير الكون، والنفاذ في أقطار السماوات وطبقات الأرض وأعماق البحار، وإعلاء كلمة الله، والله أكبر كبيراً.. وأكبر كثيراً...
يقول ربنا الكريم: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) [الكهف:104]