فعل الشيب في رأس دكتور التجميل حسن التازي فعلته، ونفس الشيء في رأس زوجته، وهما يأخذان مكانهما في المقعد الأمامي للقاعة 7 من محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ظهر يوم الجمعة 15 مارس 2024.
صورة الدكتور مع زوجته، مغايرة تماما للصورة التي ما زال يحتفظ به شيخ محركات البحث، "غوغل"، للزوجين قبل الاعتقال، فسواد شعر دكتور التجميل تحول للبياض، واكتسح الشيب شعر زوجته ذات الشعر الأشقر قبل الاعتقال الذي بلغ قرابة العامين، انتقل فيها الدكتور التازي وزوجته من رحابة إقامتهما بالدار البيضاء التي كانت مساحتها تعد بالهكتارات، إلى غرفتين منفصلتين بأمتار قليلة في سجن عكاشة بالدار البيضاء، ومن الخدم والحشم إلى حراس الزنازن، ومن ما لذ وطاب من المأكل والمشرب إلى الوجبة الموحدة لجميع النزلاء والنزيلات، ومن السياحة في بقاع العالم إلى فترة زمنية مقيدة في فسحة مكانية ضيقة.. شيء واحد حافظ عليه الزوجان داخل سجن عكاشة وخارجه، هو الشهرة، فبقدر ما كانت الملايين في مواقع التواصل الاجتماعي تتابع الدكتور التازي وهو يتحدث عن عملياته التجميلية ويجريها لإصلاح خلل عضوي أو شفط الشحوم أو تقويم اعوجاج، هي نفس نسبة المتابعة الافتراضية، وهو بين السجن والمحكمة يتابع في قضايا ثقيلة عقوبتها تصل لعقود من السجن..
جلس القاضي الطرشي رفقة مستشاريه وهو يحدق في الحضور الذي اعتاد متابعة أطوار الجلسات التي بلغت 28 جلسة، 10 منها الأخيرة خصصت لمرافعات الدفاع، انتهى قرابة عام من التحقيقات التفصيلية مع الدكتور التازي ومن معه، وعام على وشك الانتهاء دون أن يتم الحسم في هذا الملف المثير.
ابتسامة تخفي الشيء الكثير حاول الدكتور التازي، أن يظهر بها وهو يخطف نظرة عامة على القاعة، مرتديا، "فوقية"، فيما تتبعه زوجته مونية بنشقرون وهي متوترة، ترتدي جلبابا، وتضع على رأسها "فولار"، تحاول تثبيته. هو نفس التوتر بدا على شقيقه عبد الرزاق مرتديا لباسا عصريا، والمشترك، هو التعب الذي يظهر على وجوههم وحركاتهم البطيئة. لاتقف لائحة المتهمين عند حدود الدكتور التازي وزوجته وشقيقه، بل تمتد لثلاث متهمات أخريات، أما التهمة فعنوانها الأكبر الاتجار بالبشر وتتفرع عنها تهم أخرى تتعلق بالنصب والتزوير..
أعناق الحضور تتطلع لرؤية أقربائهم المعتقلين في أثقل ملف يتابع فيه أطباء وعاملون في قطاع الصحة، وعدد من المحامين المتمرنين أخذوا مقاعدهم خلف هيئة الدفاع التي تعززت بالتحاق المحامي امبارك المسكيني.
صال امبارك المسكيني وجال وهو يربط علاقته الذاتية بالدكتور التازي وعلاقته الموضوعية بالملف كمحامي.
أوضح المحامي المسكيني أن المشرع يقارب موضوع الاتجار بالبشر بطريقة مغايرة لما هو عليه نفس التهمة في دول الخليج وبعض دول شمال افريقيا، مادام أن الأوضاع الاجتماعية تختلف بين بلد وآخر، والتمس إضافة قوانين أخرى للإحاطة بالملف، منها القانون الأساسي لمزاولة مهنة الطب وأنظمته الداخلية وقانون المستشفيات، نافيا أن يكون هناك أي احتجاز أو استغلال لأي من المرضى، "هاذي راه مصحة خاصة، وعندها مصاريف، وليست مؤسسة خيرية، وما يمكنش نجيبوا الطبالة والغياطة لأي مريض ارفض يأدي تكاليف العلاج، ومللي المصحة كيحبسو المريض حتى يجي البوليس، تتهم المصحة بالاحتجاز، هذا ما شي معقول"، يقول المحامي المسكيني، مؤكدا بأنه ليس هناك احتجاز لأي مريض داخل فضائها من أجل الحصول على واجبات العلاج، وقانون المصحات والمستشفيات يلزم في حالة رفض المريض أداء ثمن العلاج الاتصال بالشرطة وليس الاحتجاز.
مضيفا أن المصحة بحكم رقم معاملاتها لها مدقق حسابات يعرف "الشاذة والفاذة"، وكل أداء نقدي يتوصل صاحبه بوصل، وبأن القانون لايمنع استلام ضمانة مالية مقابل العلاج، وبأن قسم الفواتير هو الذي يحدد سعر العلاج بناء على ما حدده الطبيب المعالج وليس أي موظف أو زوجة الطبيب أو شقيقه عبد الرزاق.
ونفى المحامي نفسه إمكانية إجراء تعديل في الفواتير، على اعتبار أن النظام المعلوماتي الخاص بالفواتير يسجل كل العمليات وتوقيتها ونوعيتها.. وبأنه ليس هناك إدلاء بأي وثيقة مزورة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو تلاعب بالفوترة، أو تحوير لمبالغ مالية..
وعلى مدار 3 ساعات شهدت استراحة قصيرة، كان على المحامي المسكيني، أن يوظف فيها كل الأسلحة القانونية لهدم المتابعة، ولو من باب إدخال الشك لهيئة الحكم، التي ترأسها القاضي الطرشي.. وكذا دحض الأسس القانونية والواقعية التي استندت عليها النيابة العامة في توجيه تهمة الاتجار بالبشر أو المشاركة فيها للمتهمين. حيث اتخذ المحامي المسكيني من مقولة أن الشيطان يوجد في التفاصيل الصغيرة بالقول أن الحقائق في ملف الدكتور التازي توجد في التفاصيل الصغرى..
هي جلسة من جلسات أضحت مرتبطة بيوم الجمعة، لتقرر المحكمة قبيل آذان المغرب، التوقف، وإرجاء استكمال المرافعات ليوم الجمعة 22 مارس 2024.