في ظل حكومة اجتماعية رفعت شعارات أكبر من حجمها والمثل الشعبي يقول :" مد رجليك قد كساتك ".. يبدو أننا في كل مرة نسقط ضحايا وعود سياسية كاذبة او تقديرات تشبه لحد بعيد محاولات لعبة الرهان. كيف يمكن أن نعيش أزمة حوار في قطاعات حيوية ذات بعد اجتماعي كالتعليم والصحة؟. لقد ظهر جليا كملاحظة أولية أن الوزارات المعنية لا تصل إلى الحل إلا بعد هدر زمن طويل ومكلف مما يعكس صورة سلبية وسوء تدبير. لقد ثبت بالملموس أننا أمام وزراء لايجيدون لا الحوار ولا الاقناع.
فكل الانتفاضات التي تعيشها القطاعات فجأة مردها بالأساس لمعطيين اساسين: غياب الإشراك لكل الأطراف المعنية بدعوى سلطة الوصاية وشرعية التدبير الفاقدة لروح الديمقراطية والمستنزفة للمقدرات الوطنية، وغياب الشرح والتواصل الناتج بالأساس من خلال فجائية القرارات الفوقية، والتي اغلبها يتم إعدادها في غرف مغلقة بعيدا عن المعنيين وعدم أخذ الوقت الكافي لتسهيل تنزيلها في بيئة سليمة، تتوفر على قابلية للتطبيق وتساهم بشكل كبير في نجاحها.
تضارب الآراء بين الطرفين مرده بالأساس إلى سوء تدبير الملف وهي نتيجة طبيعية لغياب الإرادة لإيجاد الحل من خلال إجراءات. الأكيد أنها ستتم على حساب مكتسبات. إصلاح كل قطاع يستدعي مشاركة الجميع من خلال تعزيز عنصر الثقة والتحفيز للمشاركة.
نحن في قطاع حيوي كالصحة الذي لاتخفى أعطابه على أحد من خلال سوء التدبير المتجلي في الخدمات المتدنية والحاطة من كرامة المواطن والنقص الحاد في تغطية جل المناطق وعلى وجه الخصوص القرى والهوامش. الكل يعاني مما فتح المجال أمام زحف القطاع الخاص الذي انتشر بشكل ملفت، واستطاع أن يحول الخدمة بمقابل مادي عوض المجانية في ظل النقص الحاد. لايمكن اعتبار تقليص مدة التكوين (من سبعة سنوات إلى ستة).. (في رمشة عين).. مبرر للدفاع عن بقاء عنصر جودة التكوين، لاسيما أن السنة الأخيرة تعتبر أساسية في تراكم الخبرة والتأهيل بمايتوازى مع الجانب النظري. وزير التعليم العالي وهو يدافع عن اجراءات رفضها الطلبة لكونها مناقضة لما هو متعارف عليه تبدو غير مقنعة ولا تصمد أمام دفوعاتهم. ومن سوء حظه أنه لم يستوعب بعد أن تأهيل القطاع الصحي كرهان دولة اجتماعية دعا إليه الملك محمد السادس في الكثير من خطبه يقتضي مقاربة مندمجة ومختلفة تماما عما نراه اليوم.
ان التصعيد الخطير الذي أصبحت تعرفه الجامعة المغربية والذي يضر بسمعة البلد من خلال نهج سياسة تكسير العظام والعناد المؤجج للصراع، في ظل تعنت وزيرالتعليم العالي، الرئيس السابق المتقاعد لجامعة القاضي عياض بمراكش، والحاصل على الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي.. ياحسرة ...! يبدو جليا أن ذكاءه هذه المرة قد خانه ولم يسعفه في ايجاد حلول معقولة ومنطقية للقطاع بما يضمن ايقاف نزيف الاحتجاج وتطويق الأزمة لتحقيق الاستقرار والعطاء في القطاع.