الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد السلام بوطيب: في معنى جمال الحياة

عبد السلام بوطيب: في معنى جمال الحياة عبد السلام بوطيب
أن لا تساهم في استمرار  جمال الحياة؛
يعني؛
أن لا تسافر،
و لو الى البلدة المجاورة لروحك،
لتضفي عليها بصمتك.
ان لا تقرأ؛ 
ولو تلك الكتابات المنقوشة منذ ميلادك على ظهر قلبك؛ لترتاح حبيبتك، ، 
   و يخفق قلبك مطمئنا.
أن لا تكتب؛
حتى لاعادة كتابة إسمك كي لا تنساه من فرط حزنك.
ان لا تذهب الى السينما؛ 
حتى  لتعيد مشاهدة فلم لم تشاهده قط.
ان لا تذهب الى المسرح؛
لملامسة روحك، وطيف حبيبتك التي غادرتك،
بعد ان خذلها حزنك الى وهم آخر.
ان لا تسمع الموسيقى؛ 
حتى الى تلك الأغاني التي كانت تغني لك أمك صبيحة وقعتها الاولى مع والدك ؛ 
ان لا تدندن؛ 
أو تصغي الى دندنة.
أن لا ترقص؛ أو تراقص ظلك الذي يراودك على الحب .
ان لا تعاود النظر الى صورة حبيبك الاولى؛
تلك التي اهدتها اليك في كتاب:
كيف تثبت وجود الله. 
ان لا تحيي منظف الازقة التي تؤدي الى كرسيك في مقهاك،أو الى باب معبدك.
أن لا تمازح نادل مقهى الحي؛
و لا بائع الرمان صيفا؛
ولا بائع الخوخ شتاءا.
و لا بائع ملابس النساء الداخلية.
و لا بائع المتباريان.
ان لا تقرأ السلام على عاهرة الحي التي عادت اليكم نهاية الربيع الماضي ، بعد أن اتعبها البحث عن الحب.  
و أن لا تسألها عن مصير تلك العاهرة الجميلة التي علمتك قوانين السعادة.
ان لا تطلب السماء، 
وانت واقف وسط المصلين، او عند باب المسجد 
لتحقق الاحلام المنبعثة من عيون شابات حيك.
ان لا تهدي طفلا قلم رصاص ليرسم حلما؛
أو ليشطب به على حزن.
ان لا تشارك اطفال زقاقك القديم لعبة القمار؛ وتراهن متعمدا على الحصان الخاسر؛
 و تبتسم و انت تغادرهم، وتوصيهم  بالرهان  على ملكة القلوب الاربع، 
ان لا تستطيع الجلوس لوحدك  وسط حديقة الحي، او عند باب مسجدها، 
ان لا تفرح  بدون سبب؛  و ان لا تبكي بدون سبب.
 او ان لا تعلن قدوم عيد ميلادك قبل ان يأتي ؛ 
او حتى بعد ان يفوت.
 
عندنا؛ 
الناس؛ 
كل الناس تقريبا، 
لايفرحون؛ و لا يبكون؛
  
و لا يحتفلون بعيد ميلادهم؛ 
لا قبل وصولها و لا بعد فواتها.
هم لم  يصادفوا يوما كاتبا هائما بين الكلمات؛
ولا شاعرا يحاول ترميم روحها ؛
ولا جزالا يناديهم؛
و لا حكواتي  يحكي لهم قصصهم التي كتبوها بالنسيان؛
 و لا مسرحيا يتأبط قصيدة يحاول تطويعها؛ 
و لا سينمائيا  يراقص الكاميرا حتى اعتقد الناس أنه جن.
هم ينكرون جمال فخدي العاهرة التي علمت لهم قانون الحب،
وعذوبة عينيها، ورقة قلبها.
وسيولة روحها.
هم لا يقرؤون الشعر، و لا يكتبون اسماء أمهاتهم عندنا يتذكرونها؛
ولم يسمعوا  قط عن أحد  بينهم قرأ او كتب؛
وإن حدثتهم   عن أحد منهم قرأ أو كتب أو حلم ،
  كفروا به و رجموه كلاما؛ 
أحيانا؛ عندما يخافون،
 يقرأون؛ لطلب غاية رسمت لهم؛
   هم لا يكتبون حتى فقدوا طعم الحروف الابجدية.
 هم لا يتذكرون الا ما مضى؛
و لا يستعيدوا الا ما ما انقضى؛
والذاكرة زاد سفرهم….
هم لا  يسافروا ؛ الا ليهجروا…او يبحثوا عن تلابيب ما تذكروا؛
  الماضي زادهم الوحيد؛
 في سفرهم و هجرتهم؛
لا صور ترافق مغنيهم ؛  
و لا حبيبة تنطره؛ 
 لان كل النساء  غادرن  المرافئ التي ينتهون اليها الى مرفئ مجهول. 
بالرغم من ذلك ؛ وبالرغم من ذلك     
هم صنعة حلم؛
يتابعون تفاصيل الحروب ؛
ولا ينتبهون الى حزن صمت السلام.
 ولا الى غصون الزيتون العصية على الذبول في ايادي العاهرات اللواتي علمتهم قانون الحب، 
يرددون  عند باب معبد الذاكرة  الوحيد في المدينة:الحياة جميلة؛ 
و ماضينا أجمل؛
و يعتبرون  أنفسهم أحياء  ؛ 
سعداء!!
بل منهم من يعتبر نفسه مساهمًا في استمرار جمال الحياة ! 
الحسيمة  في فصل الشتاء الذي يشبه فصل الصيف  فبراير. 2024