الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: هذه الموضة الجديدة.. مخاطبة الشعوب مباشرة من لدن مسؤولين أجانب!!!

محمد عزيز الوكيلي: هذه الموضة الجديدة.. مخاطبة الشعوب مباشرة من لدن مسؤولين أجانب!!! محمد عزيز الوكيلي
من الأكيد ان التاريخ سجل حالات غرائبية غير قليلة خاطب فيها بعض القادة شعوبا غير شعوبهم مباشرةً وبعنجهية لا يوجد في الأعراف ولا القواعد ولا القوانين الدولية ما يبررها، فبالأحرى ما يُشَرْعِنُها، كما فعل الباغية هتلر، عند محاولاته المباشرة لتثبيط إرادة شعوب الحلفاء لعلها تنقلب على قياداتها فتفسد مَحاورَها وتحالفاتِها تجاه جيوش الغزاة الألمان... لتبقى مجرد حالات شاذة، تثير رغم خطورتها الاستهجان والامتعاض، وأيضاً السخرية!!!
نحن نتذكر، كمغاربة، كيف أن الرئيس الفرنسي، إمانوئيل ماكرون، تصرف كالمراهق عندما رفض المغاربة مساعداته التي عرضها على دولتهم بعد الكارثة التي أصابت منطقة حوز مراكش ومحيطها المباشر.. فاختار بكل صفاقة أن يخاطبهم بشكل مباشر، متخطيا بذلك مؤسستهم الملكية، رمز سيادتهم وعزتهم، وضاربا بعرض الحائط قواعد التعامل الدولي، والأعراف السياسية والدبلوماسية المتواضع عليها عالمياً، الأمر الذي جر عليه غضب المغاربة بالدرجة الأولى، وعرّضه بالدرجة الثانية للسخرية من لدن قادة الدول وحكوماتها وقواها الفاعلة في ميادين السياسة والدبلوماسيا، وجعله يقضم أصابعه ويتحرك إفريقياً بصورة متسرّعة ومأساوية ليُدارِيَ سوء سلوكه بوصفه رئيس دولة "عُظمى" تتغنى بمبادئ وقيمٍ وشعارات لم يعد لها أدنى صلة بالواقع الفرنسي، الذي تردّى بدوره إلى مراتب سفلية استحقت فرنسا عليها أن تدخل إلى سجل "غينيس" ضمن خانة الإخفاقات المتواصلة، داخلياً، وإفريقياً، وأوروبياً بتحصيل الحاصل!!!
ولأن العدد "واحد" لابد أن يليه بعد الله "إثنان" و"ثلاثة"... فقد توالى تكرار هذا السلوك اللادبلوماسي، الهجين والدرامي، على أيدي قادة ومسؤولين من بلدان مختلفة، تُعاني كلها من الأمية السياسية والدبلوماسية "الماكرونية"، كما لو كان الأمر موضةً أو تقليعةً فرنسيةً جديدةً تستحق الاقتداء، كان آخرها إلى غاية الساعة هذه ما فعله النظام الجزائري الكسيح، بعد اعتداءاته المتوالية على سيادة جمهورية مالي الثائرة على ماماه فرنسا، عن طريق سلوك وزير خارجيته العجوز المتهالك احمد عطاف، الذي خرج هو الآخر بخطاب مباشر وجهه إلى الشعب المالي الشقيق، في محاولة مبطَّنة لشق فجوة النفور والعداء بين الماليين ونظامهم الثوري الجديد، بينما حقيقة أمر هذا الوزير، المعاق مثل رؤسائه ذهنيا، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه، فقط لا غير، يدافع عن ولية نعمته فرنسا، التي يبدو الآن للدارسين والمتتبعين أنها وصلت على يد رئيسها، المعاق سياسياً بدوره، إلى درجات "عليا" من "الدونية"، إذا جاز هذا التعبير الجامع بين "علوّ" الهامات و"سقوط" حقيقتها إلى أسفل سافلين!!!
كل العالم يدرك مدى التهور والجهل المدقع، اللذين أدار بهما النظام الجزائري دفة علاقاته ومعاملاته مع النظام المالي الجديد، وانتهائه بتعاون مع خبثاء المخابرات الفرنسية وثعالبها الماكرة إلى دفع النظام العسكري المالي المؤقت إلى توقيع "اتفاق للسلام" مع الفصائل المالية الانفصالية، إرضاءً لماما فرنسا على الخصوص، وحفاظاً على مصالحها، المتمثلة في استمرار وتأبيد النهب الفرنسي لمقدرات الشعب المالي، خاصة بعد إعلان مالي الثائرة عزمها على الخروج من منطقة الفرنك الإفريقي، أو "الفرنك سيفا"، الذي ظل مكرِّسا لاستعمار اقتصادي فرنسي ما زال يكبل اقتصادات وماليات أربعَ عشرةَ دولةً إفريقية، اثنتى عشرةَ منها كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي المباشر، واثنتان كانتا على التوالي خاضعتين لكل من الاستعمار الإسباني (غينيا الاستوائية) ونظيره البرتغالي (غينيا بيساو)... وبطبيعة الحال، ففرنسا، ومن خلالها لقيطتها الجزائر، تنظران إلى إرادة مالي في التخلص من السطوة الاقتصادية والمالية الفرنسية، من حيث كونُها بدايةً لن تلبث أن تنسج الدول الثلاث عشرةَ الأخرى على منوالها، وبذلك تضيع على فرنسا فرصة الاحتفاظ بدخل مالي صافٍ تحققه الخزينة الفرنسية، طوال سنوات استعمارها لهذه البلدان وإلى غاية الساعة الراهنة، يناهز 500 مليار دولار كل سنة، كل دولار ينطح أخاه الدولار بلا أدنى رحمة، وبلا أدنى ذرةٍ من حياءٍ أو حشمة، أمام منتظم دولي أصاب نفسه طواغيةً بالعَمَى والصمَم!!!
وبالعودة إلى الخطاب الغبي لوزير الخارجية الجزائري، الذي حاول أن يُقنع به الماليين بعدم حِكمة قرار السلطة المالية، القاضي بوقف العمل باتفاقها السابق ذكره، والذي أبرمته تحت الضغط "الجزائري/الفرنسي" مع الفصائل المالية المعارضة، نجد أن هذه الموضة الهجينة لا تفعل سوى انها تُفضي إلى عكس النتائج المرجوة منها، وبالتالي، وبتحصيل حاصل هذه الحقيقة شبه الثابتة، لم يفعل خطاب الوزير الجزائري الغبي سوى انه زاد في تأجيج غضب الماليين إزاء سلوكات جزائرية صارت الآن في حكم التدخلات السافرة، وغير المشروعة، ولا المقبولة دولياً، في الشؤون المالية الداخلية!!!
باختصار شديد، إنّ فرنسا راهنت على بغل جزائري أعرج في سباق إفريقي بالجياد الأصيلة نحو المزيد من التحرر... وتصوروا معي، حفظكم الله، ما الذي يمكن ان يقع لخزينة فرنسية كانت وما زالت تتغذى على النهب و"السرقة الدولية الموصوفة"، عندما تجد نفسها في الآجال القريبة محرومة بدون أدنى إشعار من 500 مليار دولار كانت تنتهي إلى صنادقها كل سنة؟!!
لله في خلقه شؤونٌ وحِكَم!!!
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي