Saturday 3 May 2025
سياسة

2023.. إصرار ملكي على ترسيخ الانتصار المغربي

2023.. إصرار ملكي على ترسيخ الانتصار المغربي عمل‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬موقع‭ ‬المغرب‭ ‬كفاعل‭ ‬إقلیمي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭ ‬والمتوسطي‭ ‬والعربي‭ ‬والإسلامي
من‭ ‬حق‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬“لست‭ ‬بلدا‭ ‬ضائعا”‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬وھجه‮ ‬‭ ‬يتدفق‭ ‬من‭ ‬قارة‭ ‬إلى‭ ‬قارة،‭ ‬وما‭ ‬دامت‭ ‬البلاد‭ ‬تمسك‭ ‬بأوراقھا‮ الثبوتیة‭ ‬بید‭ ‬غیر‭ ‬راجفة‭. ‬فخلال‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬نودعھا،‭ ‬أي‭ ‬2023،‭ ‬استمر‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬التقدم،‭ ‬بمنتھى‭ ‬الحرص،‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬النمو،‭ ‬وبوثوق‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المستقبل‭ ‬يغص‭ ‬بآلاف‭ ‬القناديل،‭ ‬وذلك‭ ‬بتحقیق‭ ‬نجاحات‭ ‬كبیرة‭ ‬إضافیة،‭ ‬في‭ ‬كل‮ ‬‭ ‬‮ ‬المجالات‭ ‬والواجھات،‭ ‬وطنیا‭ ‬ودولیا،‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬سیاسة‭ ‬الوضوح‭ ‬والطموح‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬نھجھا‭.‬

فقد‭ ‬خطا‭ ‬المغرب،‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬خطوات‭ ‬كبیرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السیاسة‭ ‬الخارجیة‭ ‬عبر‭ ‬تنويع‭ ‬قاعدة‭ ‬حلفائه‭ ‬وشركائه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقیق‭ ‬نجاحات‭ ‬اقتصادية‭ ‬ودبلوماسیة‭ ‬كبیرة،‭ ‬مكنت‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬تحقیق‭ ‬اختراق‭ ‬غیر‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أدائھا‭ ‬الدبلوماسي‭. ‬حیث‭ ‬عمل‭ ‬رئیس‭ ‬الدولة‭ ‬وقائد‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬“تسريج‭ ‬جواده“‭ ‬للرقي‭ ‬بالمجھود‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الوطني،‭ ‬أولا‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬القضیة‭ ‬الوطنیة‭ ‬الأولى،‭ ‬وثانیا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تمتین‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬مع‭ ‬الدول‮ ‬‭ ‬بإبرام‭ ‬اتفاقات‭ ‬وشراكات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتحالفات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المصلحة‭ ‬المتبادلة‭ ‬والربح‭ ‬المشترك‭. ‬وقد‭ ‬غطى‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬خلال‭ ‬ھذه‭ ‬السنة،‭ ‬10‭ ‬أنشطة‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولیة،‭ ‬بدأھا‭ ‬في‭ ‬شھر‭ ‬فبراير‭ ‬مع‭ ‬استقبال‭ ‬رئیس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانیة‭ ‬بیدرو‭ ‬سانشیز‭ ‬بالقصر‭ ‬الملكي‭ ‬بالرباط،‭ ‬وكانت‭ ‬عنوانا‭ ‬مزدوجا‭ ‬للعلاقات‭ ‬الجديدة‭ ‬مع‭ ‬مدريد‭ ‬التي‭ ‬نزعت‭ ‬عنھا‭ ‬رداءھا‭ ‬الرمادي‭ ‬واختارت‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬المغربي‭ ‬لتسوية‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الدخول‭ ‬الآمن‭ ‬والمتفق‭ ‬علیه‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬والمنافع‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تفاوضي‭ ‬مرتب‭ ‬بعناية‭ ‬على‭ ‬إيقاع‭ ‬“رابح-رابح“،‭ ‬وأنھاھا‭ ‬بالزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بھا،‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬دجنبر‭ ‬2023،‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربیة‭ ‬المتحدة،‭ ‬حیث‭ ‬أسفرت‭ ‬الزيارة‭ ‬عن‭ ‬تبادل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مذكرات‭ ‬التفاھم‭ ‬الموقعة‭ ‬بین‭ ‬البلدين‭ ‬(12‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاھم)‭.‬

لیس‭ ‬ھذا‭ ‬فحسب،‭ ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬موقع‭ ‬المغرب‭ ‬كفاعل‭ ‬إقلیمي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭ ‬والمتوسطي‭ ‬والعربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬وتحصین‭ ‬مصالحه‭ ‬الاستراتیجیة‭ ‬وتوسیع‭ ‬دائرة‭ ‬تحالفاته‭ ‬وشركائه،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬المستمر‭ ‬مع‭ ‬حلفائه‭ ‬الأفارقة،‭ ‬أو‭ ‬العرب‭ ‬“قطر،‭ ‬الإمارات،‭ ‬السعودية“،‭ ‬أو‭ ‬الدولیة‭ ‬“الصین،‭ ‬إسبانیا،‭ ‬أمريكا،‭ ‬روسیا،‭ ‬الخ‭...‬“،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬“الید‭ ‬الممدودة“‭ ‬تعتبر‭ ‬أھم‭ ‬مرتكزات‭ ‬السیاسة‭ ‬الخارجیة‭ ‬للملك،‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الأخیرة،‭ ‬مما‭ ‬ساھم‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬الارتجاف‭ ‬الذي‭ ‬يعیشه‭ ‬أعداء‭ ‬المغرب‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬ھدوءھم،‭ ‬واختاروا‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬خاسرة‭ ‬مع‭ ‬بلد‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬حافیا‭ ‬أو‭ ‬خجولا‭ ‬أمام‭ ‬“التربص‭ ‬العسكري‭ ‬الأحمق”‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬التحركات‭ ‬الدولیة‭ ‬للملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬قد‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬مثیرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القضیة‭ ‬الوطنیة‭ ‬والمسألة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬فإن‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬سیاسته‭ ‬الخارجیة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬كانت‭ ‬تراھن‭ ‬على‭ ‬“إدارة‭ ‬بايدن“‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الانقلاب‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬بمغربیة‭ ‬الصحراء‭ ‬وفي‭ ‬ھذا‭ ‬السیاق،‭ ‬قام‭ ‬الملك‭ ‬بمبادرات‭ ‬تجاه‭ ‬أمريكا‭ ‬كما‭ ‬استقبل‭ ‬مبادرات‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬استضاف‭ ‬أواسط‭ ‬يناير‭ ‬وفدا‭ ‬من‭ ‬الكونغرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬“من‭ ‬الديمقراطیین‭ ‬والجمھوريین“،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الرسائل‭ ‬والبرقیات‭ ‬التي‭ ‬تبادلھا‭ ‬مع‭ ‬الرئیس‭ ‬جو‭ ‬بادين،‭ ‬ھذا‭ ‬دون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬والأمني‭ ‬والعسكري،‭ ‬واعتماد‭ ‬استراتیجیة‭ ‬“الخطوة‭ ‬المترادفة“‮ ‬‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬إفريقیا،‭ ‬وأيضا‭ ‬لعبة‭ ‬التوازنات‭ ‬الإقلیمیة‭ ‬والدولیة،‭ ‬والصراع‭ ‬الجیوسیاسي‭ ‬الدولي‭.‬

والحق‭ ‬أن‭ ‬تجديد‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بالاعتراف‭ ‬الأمريكي‭ ‬بمغربیة‭ ‬الصحراء‭ ‬جعل‭ ‬الجزائر‭ ‬تتلقى‭ ‬الضربة‭ ‬تلو‭ ‬الضربة‭ ‬بعدما‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بجمھورية‭ ‬“الانفصالیین‭ ‬والمرتزقة“‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬164‭ ‬دولة،‭ ‬حیث‭ ‬باتت‭ ‬دائرة‭ ‬المتعاطفین‭ ‬مع‭ ‬الجبھة‭ ‬تضیق‭ ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬84‭ ‬دولة‭ ‬تعترف‭ ‬بالكیان‭ ‬الوھمي،‭ ‬في‭ ‬ثمانینیات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وأضحى‭ ‬العدد‭ ‬اليوم‭ ‬يقاس‭ ‬بأصابع‭ ‬اليدين‭ ‬ومعظمها‭ ‬دول‭ ‬قزمية‭.‬

إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ووسط‭ ‬ھذه‭ ‬الدينامیة‭ ‬الديبلوماسیة‭ ‬المتسارعة،‭ ‬قام‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬والإفريقي،‭ ‬بتفعیل‭ ‬دوره‭ ‬الديني‭ ‬بصفته‭ ‬أمیرا‭ ‬للمؤمنین،‭ ‬حیث‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬أنشطته‭ ‬الدينیة‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬إلى‭ ‬18‭ ‬نشاطا،‭ ‬استولت‭ ‬الدروس‭ ‬الحسنیة‭ ‬على‭ ‬النصیب‭ ‬الأكبر‭ ‬منھا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الصلاة‭ ‬في‭ ‬مساجد‭ ‬المملكة،‭ ‬والحج،‭ ‬وعید‭ ‬الأضحى،‭ ‬والمجلس‭ ‬العلمي‭ ‬الأعلى،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الرسائل‭ ‬الموجھة‭ ‬إلى‭ ‬الندوات‭ ‬العلمیة‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬مغربیا‭ ‬في‭ ‬سیاقھا‭ ‬الإفريقي‭.‬‮ ‬

وتحتل‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنین‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬تنظیم‭ ‬الشأن‭ ‬الديني‭ ‬للمغاربة،‭ ‬بل‭ ‬تتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تجويد‭ ‬أدائھا‭ ‬وتوسیع‭ ‬نفوذھا‭ ‬لتسجیل‭ ‬نقاط‭ ‬على‭ ‬خصومھا،‭ ‬بفضل‭ ‬استراتیجیتھا‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬حثّ‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقیة‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬الوسطي‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬التطرف‭ ‬والمغالاة‭.‬

وبقدر‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬دور‭ ‬أمیر‭ ‬المؤمنین‭ ‬ريادة‭ ‬مغربیة‭ ‬دينیة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والإفريقي‭ ‬والأوروبي‭ ‬أيضا‭ ‬“بحكم‭ ‬وجود‭ ‬جالیة‭ ‬مغربیة‭ ‬مھمة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬وبحكم‭ ‬النموذج‭ ‬الديني‭ ‬المغربي‭ ‬المسالم“،‭ ‬فإن‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنین‭ ‬تتحرك‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬“الرحمة‭ ‬والرأفة“‭ ‬بنزلاء‭ ‬السجون،‭ ‬حیث‭ ‬استفاد‭ ‬خلال‭ ‬ھذه‭ ‬السنة‭ ‬حوالي‭ ‬6716‭ ‬سجینا‭ ‬من‭ ‬العفو‭ ‬الملكي،‭ ‬وھو‭ ‬حق‭ ‬يمارسه‭ ‬الملك‭ ‬(بصفته‭ ‬رئيسا‭ ‬للدولة)،‭ ‬أثناء‭ ‬الأعیاد‭ ‬والمناسبات‭ ‬الدينیة،‭ ‬وينتج‭ ‬عنه‭ ‬سقوط‭ ‬العقوبة‭ ‬كلیا‭ ‬أو‭ ‬جزئیا،‭ ‬أو‭ ‬استبدالھا‭ ‬بعقوبة‭ ‬أخف،‭ ‬وذلك‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬خلفیات‭ ‬إنسانیة‭ ‬أو‭ ‬اجتماعیة،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يستھدف‭ ‬بعض‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعیة،‭ ‬من‭ ‬قبیل‭ ‬بعض‭ ‬الأمھات‭ ‬المرفقات‭ ‬بأبنائھن‭ ‬في‭ ‬السجون،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬سجناء‭ ‬يتوفرون‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬الحسن‭ ‬والتفوق‭ ‬الدراسي،‭ ‬والمراجعة‭ ‬الفكرية،‭ ‬وقضاء‭ ‬ثلثي‭ ‬العقوبة،‭ ‬والمرضى‭ ‬بأمراض‭ ‬نفسیة‭ ‬مزمنة‭..‬

أما‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العسكري،‭ ‬فقد‭ ‬استمر‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للحيش‭ ‬في‭ ‬ترتيب‭ ‬صفوف‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬جاهزيتها‭ ‬وتطوير‭ ‬مهنيتها‭ ‬وتجويد‭ ‬إمكانياتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬الأخطار‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحدق‭ ‬بالبلاد،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مكافحة‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬“الحرائق،‭ ‬الزلازل،‭ ‬العواصف،‭ ‬الفيضانات“،‭ ‬وأيضا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬رد‭ ‬أي‭ ‬عدوان‭ ‬خارجي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬“جوار‭ ‬صعب‭ ‬وأحمق“‭ ‬تسيطر‭ ‬عليه‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الزعامة‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وفرملة‭ ‬“النبوغ‭ ‬المغربي“‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬أموره‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬كسر‭ ‬شوكة‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكتفي،‭ ‬الآن،‭ ‬بإهدار‭ ‬أموال‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬بشراء‭ ‬السلاح‭ ‬والإرشاء‭ ‬الدولي‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬وحدة‭ ‬المغرب‭ ‬الترابية،‭ ‬بل‭ ‬شرع‭ ‬في‭ ‬خسران‭ ‬حتى‭ ‬مواقعه‭ ‬التقليدية‭ ‬ظنا‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬“الابتزاز“‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬لحيازة‭ ‬الشراكات‭ ‬وبناء‭ ‬التحالفات‭.‬

فخلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬قام‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬بترتيب‭ ‬صفوف‭ ‬قيادة‭ ‬الجيش،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬2023‭ ‬بتعيين‭ ‬الجنرال‭ ‬محمد‭ ‬بريظ‮ ‬‭ ‬مفتشا‭ ‬عاما‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬وقائدا‭ ‬للمنطقة‭ ‬الجنوبية،‭ ‬خلفا‭ ‬للجنرال‭ ‬بلخير‭ ‬الفاروق‭ ‬الذي‭ ‬وشحه‭ ‬بالحمالة‭ ‬الكبرى‭ ‬لوسام‭ ‬العرش‭. ‬ويعتبر‭ ‬هذا‭ ‬التعيين‭ ‬عصب‭ ‬الجيش‭ ‬المغربي‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬عالية‭ ‬الدقة‭ ‬“رادارات،‭ ‬طائرات‭ ‬مسيرة‭.. ‬إلخ“،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬آليات‭ ‬حربية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬وأقمار‭ ‬صناعية‭ ‬جعلت‭ ‬منسوب‭ ‬الحقد‭ ‬يرفع‭ ‬في‭ ‬دم‭ ‬الخصوم‭ ‬الذين‭ ‬تعودوا‭ ‬على‭ ‬الاستبضاع‭ ‬من‭ ‬أسواق‭ ‬“خردة‭ ‬السلاح“‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭.‬

على‭ ‬مستوى‭ ‬الإدارة‭ ‬الترابية،‮ ‬‭ ‬عين‭ ‬الملك،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر،‭ ‬5‭ ‬ولاة‭ ‬و5‭ ‬عمال،‭ ‬مما‭ ‬يثبت‭ ‬الإصرار‭ ‬الملكي‭ ‬على‮ ‬‭ ‬تفعيل‭ ‬خطاب‭ ‬العرش‭ ‬ليوم‭ ‬29‭ ‬يوليوز‭ ‬2023،‭ ‬الذي‭ ‬نص‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الارتقاء‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬والمشاريع‭ ‬الكبرى،‭ ‬وذلك‭ ‬بضخ‭ ‬نفس‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حكامتها‭ ‬وتدبيرها‭ ‬اليومي‭ ‬والاستراتيجي‭.‬

وقد‭ ‬أكدت‭ ‬تلك‭ ‬التعيينات‭ ‬التي‭ ‬ضمت‭ ‬وزيرا‭ ‬سابقا‭ ‬“سعيد‭ ‬امزازي“‭ ‬ومسؤولين‭ ‬ترابيين‭ ‬أثبتوا‭ ‬نجاعتهم‭ ‬في‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬أوكلت‭ ‬إليهم،‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬بروفيلات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬ضخ‭ ‬الدماء‭ ‬بالوتيرة‭ ‬المطلوبة‭ ‬لتنزيل‭ ‬الأوراش‭ ‬المسطرة،‭ ‬ومجاراة‭ ‬الجهوية‭ ‬في‭ ‬صيغتها‭ ‬الجديدة‭ ‬وأوراش‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬والجهات‭ ‬التي‭ ‬سيشرفون‭ ‬عليها‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬الذي‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬احتضان‭ ‬كأس‭ ‬إفريقيا‭ ‬وكأس‭ ‬العالم،‭ ‬يراهن‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬“بروفايلات“‭ ‬متسلحة‭ ‬بأفكار‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإشراف‭ ‬السليم‭ ‬على‭ ‬المشاريع‭ ‬والأوراش‭ ‬التنموية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬باشرتها‭ ‬وتباشرها‭ ‬بلادنا‭ ‬تحت‭ ‬قيادته‭.‬

تعيين‭ ‬الولاة‭ ‬والعمل‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬الورش‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬فتحه‭ ‬الملك‭ ‬لضمان‭ ‬السير‭ ‬السليم‭ ‬للأوراش‭ ‬الداخلية‭ ‬الكبرى،‭ ‬بل‭ ‬واكبه‭ ‬أيضا‭ ‬تعيين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬السفراء‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الكفاءات‭ ‬المغربية‭ ‬الذين‭ ‬أثبتوا‭ ‬حنكتهم‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬السفراء‭ ‬الجدد‭ ‬تنتظرهم‭ ‬كلهم‭ ‬ملفات‭ ‬حساسة‭ ‬وبالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬المتغلغلة‭ ‬في‮ ‬‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ومصر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬أي‭ ‬معادلة‭ ‬عربية‭ ‬بدونها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الأردن‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والتي‭ ‬تدار‭ ‬فيها‭ ‬آلاف‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬تخص‭ ‬اليهود‭ ‬المغاربة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬بالرباط‭ ‬علاقات‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬المثمر‭ ‬والشراكات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬الوطيدة،‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬نتائج‭ ‬الزيارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الملك‭ ‬إلى‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭.‬‮ ‬

ويحظى‭ ‬الملف‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لدى‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬بمكانة‭ ‬كبيرة،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هو‭ ‬الملف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأهم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬إذ‭ ‬يؤمن‭ ‬أن‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬هي‭ ‬الجواب‭ ‬الحاسم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الهشاشة،‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬اجتماعية‭ ‬أم‭ ‬عقدية‭ ‬أم‭ ‬مجالية‭. ‬ولهذا‭ ‬جعل‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬هو‭ ‬محور‭ ‬اهتمامه‭. ‬حيث‭ ‬ترأس‭ ‬الملك،‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي‭ ‬بالرباط،‮ ‬‭ ‬حفل‭ ‬تقديم‭ ‬نموذج‭ ‬أول‭ ‬سيارة‭ ‬مغربية‭ ‬تعمل‭ ‬بالهيدروجين‭. ‬كما‭ ‬دشن،‭ ‬في‭ ‬ماي،‭ ‬مدينة‭ ‬المهن‭ ‬والكفاءات‭ ‬لجهة‭ ‬الرباط‭ ‬–‭ ‬سلا‭ ‬–‭ ‬القنيطرة،‭ ‬وأطلق،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر،‭ ‬برنامجا‭ ‬جديدا‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السكن،‭ ‬تعزيزا‭ ‬لقدرة‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬سكن‭ ‬لائق‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬فإذا‭ ‬قفزنا‭ ‬على‭ ‬مخرجات‭ ‬القمة‭ ‬الثنائية‭ ‬العليا‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا‭ ‬في‭ ‬الشق‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وكذلك‭ ‬نتائج‭ ‬الزيارة‭ ‬الملكية‭ ‬للإمارات،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إطلاقه‭ ‬للمبادرة‭ ‬الدولية‭ ‬لفتح‭ ‬الواجهة‭ ‬الأطلسية‭ ‬أمام‭ ‬دول‭ ‬الساحل،‭ ‬واستمرار‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مستثمرين‭ ‬كبار‭ ‬لإطلاق‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬المغرب-نيجيريا،‭ ‬فإن‭ ‬عين‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬ميناء‭ ‬الداخلة‭ ‬الأطلسي‭ ‬وفق‭ ‬الجدولة‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬أعدادها،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬إنجازه‭ ‬في‭ ‬متم‭ ‬سنة‭ ‬2028،‭ ‬وهو‭ ‬الميناء‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬بوابة‭ ‬المغرب‭ ‬نحو‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭ ‬والدولي‭. ‬هذا‭ ‬دون‭ ‬نسيان‭ ‬ميناء‭ ‬الناظور‭ ‬غرب‭ ‬المتوسط‭ ‬وميناء‭ ‬آسفي‭ ‬الجديد،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬توسعة‭ ‬ميناء‭ ‬أكادير،‭ ‬والميناء‭ ‬الطاقي‭ ‬الجرف‭ ‬الأصفر‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السر‭ ‬في‭ ‬تعيين‭ ‬المهندس‭ ‬طارق‭ ‬العروسي،‭ ‬رئيسا‭ ‬لمجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬الجماعية‭ ‬لشركة‭ ‬استغلال‭ ‬الموانئ،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مكلفا‭ ‬بالقطب‭ ‬الصناعي‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بمجموعة‭ ‬طنجة‭ ‬المتوسط‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ .‬2017‭‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الإنجازات‭ ‬الملكية،‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬دون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الإنجاز‭ ‬الرياضي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬المغرب،‭ ‬أولا‭ ‬بإقناع‭ ‬الأفارقة‭ ‬بأنه‭ ‬“الأفضل“‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬البنيات‭ ‬الرياضية‭ ‬وبنيات‭ ‬الاستقبال‭ ‬والتنظيم،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الجزائريين‭ ‬بذلوا‭ ‬جهودا‭ ‬كبيرة،‭ ‬وقدموا‭ ‬“رشاوى“ خرافية‭ ‬لانتزاع‭ ‬تنظيم‭ ‬كأس‭ ‬إفريقيا‭ ‬للأمم‭. ‬ثانيا‭ ‬بإعلان‭ ‬الملك‭ ‬عن‭ ‬فوز‭ ‬المغرب‭ ‬رفقة‭ ‬إسبانيا‭ ‬والبرتغال‭ ‬باحتضان‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2030،‭ ‬وثالثا‭ ‬باستمرار‭ ‬تألق‭ ‬الرياضيين‭ ‬المغاربة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الرياضية،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الفئات‭.‬

التألق‭ ‬الرياضي‭ ‬لهذه‭ ‬السنة‭ ‬كان‭ ‬استمرارا‭ ‬للسنوات‭ ‬السابقة،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬“كاف“،‭ ‬في‭ ‬14‭‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬إلى‭ ‬منح‭ ‬جائزته‭ ‬للتميز،‭ ‬التي‭ ‬تتوج‭ ‬الإنجازات‭ ‬الاستثنائية‭ ‬برسم‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬للملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭.‬
 
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية"الوطن الآن"