الثلاثاء 11 فبراير 2025
سياسة

ابراهيم ياسين.. موحد اليسار يترجل عن جواده

ابراهيم ياسين.. موحد اليسار يترجل عن جواده المرحوم إبراهيم ياسين
ترجل هذا الصباح عن جواده، اليساري البارز والقيادي الرائد في الحزب الاشتراكي الموحد، ابراهيم ياسين، أحد المنظرين الذي يعتبر لوحده حلقة دراسية لا يمكن تجاوزها للاطلاع على حقيقة اليسار في المغرب، خاصة مع جنوحه الكبير  نحو تركيز الانتباه على النضال الشعبي والعدالة الاجتماعية.

ولم يأت الراحل إلى اليسار من باب الصدفة، بل من باب القناعة الفكرية، إذ يعتبر أحد أقطاب حركة 23 مارس 1965، التي يقول عنها إنها كانت تشير إلى "نهاية انتظار الإصلاح على أيدي النظام". وقد تعرض هو ومجموعة من أصدقائه الذين انخرطوا في العمل السري إلى ملاحقات بوليسية اشتدت في نوفمبر 1974، حين مني اليسار بخسائر فادحة في الأرواح باستشهاد عبد اللطيف زروال وسعيدة المنبهي وجبيهة رحال. حيث اعتقل عشرات المناضلين، كما أعلنت حالة الطوارئ داخل الخلايا، مما أفضى إلى هروب عدد من الرفاق إلى الجزائر، ومن بينهم ابراهيم ياسين، وعبد الله زنيبر، وأحمد الهواري ومحمد العلوي الفاطمي وطه ملوك..

وكان الراحل من المقربين من المناضل والوطني محمد بنسعيد آيت يدر، بل كان رجل ثقته وأحد الأعمدة التي اتكأ عليها مناضلو الحزب من أجل الوقوف الثابت بعد الانشقاق الذي قادته "جماعة أوطيل حسان" (عبد الصمد بلكبير ومحمد الحبيب الطالب ومحمد المريني وعيسى الورديغي وطالع السعود الأطلسي..). بل هو كان يشتغل في جميع الواجهات، السياسية والتنظيمية، وحتى الإعلامية، حيث كان يشرف على جريدة أنوال رفقة الحسين كوار  الذي أصبح مديرا للنشر إلى جانب المدير المسؤول عبد اللطيف عواد، وخاصة بعد أن بدأت بذور الخلافات داخل منظمة العمل الديمقراطي الشعبي تنبت وتطل برأسها.

ومن المعروف أن ابراهيم ياسين كان هو القائد الفعلي لعملية توحيد اليسار، قبل أن يسلم دفة القيادة إلى محمد مجاهد، مكتفيا بالتحول إلى دعامة معنوية ورمزية لقيادة الحزب، وخاصى لنبيلة منيب التي انقلب عليها "الوحدويون" وتركوها لأنصارها.

ويشهد المقربون من الراحل أنه "قاد عملية التوحيد من جانب منظمة العمل … بالكثير من الإيمان والحكمة والتجرد وخصوصا من الصبر"، رغم أن عددا من أعضاء اللجنة المركزية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي عبروا صراحة عن موقف التحفظ والمعارضة. غير أنه كان يتصدى لأي موقف آخر غير الاندماج. 

ونعا إبن الراحل، سمير ياسين، في منشور على الفيسبوك وفاة والده قائلا: إنا لله وإنا إليه راجعون، توفي هذا الصباح والدي ابراهيم ياسين في مصحة في المحمدية، وسيوارى الثرى في المدينة ذاتها، نسألكم الدعاء لروح الفقيد".

فيما كتب جمال العسري، الأمين العام لحزب فدرالية اليسار، "فاجعة أليمة هذا الصباح، خبر نزل علينا كالزلزال: وفاة الرفيق والأستاذ والمناضل الشامخ "إبراهيم ياسين" بفقدانه يفقد اليسار المغربي عامة والحزب الإشتراكي الموحد خاصة واحد من ألرز رجالاته و قاداته، رحم الله فقيدنا وأسكنه فسيح جناته و ألهم ذويه و رفاقه و أحبابه الصبر والسلوان، مع خالص التعازي وأصدق المواساة لرفيقنا سمير وعبره لكل عائلة الفقيد ورفاقه وأصدقائه".

أما سعيد البعقيلي، فقال: "انتزع زوار الليل الوالد من بيننا ذات ليلة ظلماء أثناء حملة الاعتقالات التي عرفتها سنوات الظلم والقمع والتنكيل، ورموه في غياهب المعتقل السري الرهيب درب مولاي شريف. عانت الأسرة بسبب ذلك من "حصار" شامل من طرف الجميع بسبب الخوف والترهيب...

كان الطفل آنذاك يقطع المسافة ما بين درب لحجر وشارع الشجر في حي سباتة بالبيضاء، ذهابا وإيابا، من المدرسة الابتدائية ابن العميد إلى البيت... وكان يلمح أثناء عودته سيارة حمراء اللون تقف جانب البيت نهاية كل شهر ويفرغ صاحبها ما تيسر من مواد غذائية، ويغادر مسرعا دون كلام... تلك السيارة وصاحبها كانا الأمل.. وكوة الضوء الوحيدة التي تطل منها الأسرة المعزولةعلى الحياة.. مرت الأيام والسنوات، وجرت مياه كثيرة تحت الجسر، وتعرفت علي الرجل عن قرب كقيادي ورفيق ومؤطر بمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي وكمسؤول عن جريدة أنوال في احدى الفترات ولم "تتح" لي طيلة كل تلك السنوات تقديم شكر العائلة واعترافها بجميل قدم لها، من رجل مناضل يساري أصيل... إنه الرفيق ابراهيم ياسين..".