السبت 27 يوليو 2024
كتاب الرأي

أحمد نور الدين: ليس هناك مجال للتشكيك في موقف السعودية تجاه قضيتنا الوطنية..

أحمد نور الدين: ليس هناك مجال للتشكيك في موقف السعودية تجاه قضيتنا الوطنية.. أحمد نور الدين
موقف السعودية من سيادة المغرب على الصحراء، موقف داعم للوحدة الترابية للمملكة والدبلوماسية السعودية تساند المغرب بكل وضوح في الأمم المتحدة وفي كل المحافل الدولية، ويكفي أن نذكر بالموقف المشرف للمملكة العربية السعودية في قمة الخليج مع المغرب في أبريل 2016 ردا على استفزاز الأمين العام الأممي آنذاك بان كي مون، وقد كان خطاب العاهل السعودي صارما في الدفاع عن وحدة المغرب، وأصدرت تلك القمة الخليجية بيانا قويا تجاه الأمم المتحدة. وهو نفس ما شاهدناه خلال القمة الخليجية المنعقدة بالدوحة منذ ايام بحضور ولي العهد السعودي، وقد صدر بيان داعم للمغرب بلغة واضحة.
وبالتالي ليس هناك أي مجال للتشكيك في موقف السعودية تجاه قضيتنا الوطنية المقدسة، كل ما هنالك أنه خلال تنظيم التظاهرات الدولية مثل "رياض اكسبو" ومثل المهرجانات الدولية، تتم الإستعانة ببعض الشركات الدولية المتخصصة في تنظيم اللقاءات الكبرى من هذا الحجم، وفي الغالب تكون من جنسيات أوروبية أو أمريكية، وهي تستقي الخرائط من محركات البحث على الشبكة العنكبوتية او من الأطالس الجغرافية المعروفة دوليا؛ ومع الأسف كل هذه المراجع والمواقع تعتمد خارطة مبتورة للمغرب،مما يوقع تلك الشركات المنظمة وأحيانا حتى الجهات الرسمية أو الدول في خطأ نشر خارطة مبتورة للمملكة.وقد انتقل هذا الفيروس إلينا حتى في المغرب كما تابعتم ذلك في الأيام الماضية بسبب نشر موقع وزارة السياحة المغربية خارطة مبتورة، وإن كان لا مجال للمقارنة لأن هذا غير مقبول بالنسبة لوزارة مغريية أو اي جهة مغربية أخرى، فمن المفروض أن يكون الحس الوطني حاضرا لدينا بقوة، بينما الدول الشقيقة والصديقة قد لا تنتبه بشكل أوتوماتيكي للخطأ الذي يهم خارطة المغرب.
وطبعا من واجب البعثات الدبلوماسية المغربية لدى تلك الدول أن تكون يقظة وأن تراسل فورا المسؤولين في البلد المعني لتصحيح الخطا، هذا إذا انتبهنا للخطأ،أما إذا لم ننتبه أصلا للأمر، فتلك مصيبة أكبر من الأولى.
ولعلاج هذه المشكلة يجب التوجه إلى المنبع، من خلال الدبلوماسية الناعمة وفي صمت أحيانآ، ومن خلال الضغط المباشر مع الصخب أحيانا اخرى. وفي هذا الصدد كان من المفروض أن تتوجه الخارجية إلى منتجي أطالس الخرائط بشكل مباشر وعبر القنوات الرسمية والأكاديمية سواء في باريس أو لندن او نيويورك، وهي العواصم الكبرى التي تنشر الموسوعات والمعاجم والأطالس لخرائط العالم، وكذلك بالتوجه الى محركات البحث على الشبكة، والقنوات الفضائية الدولية، فكون ملف الصحراء لازال مطروحا على الأمم المتحدة لا يعطي الحق لتلك الجهات في فصل المغرب عن أقاليمه الجنوبية تحت أي ذريعة كانت.
 
كما أنه حين تقوم تلك الجهات الأجنبية بتلوين الأقاليم الجنوبية بلون مغاير أو بوضع خط فاصل، فإنها تصدر موقفا سياسيا وليس موقفا أكاديميا او علميا، وبذلك فهي تضع نفسها في موقف تقرر فيه مصير الأقاليم الجنوبية بدل الساكنة، وهذا ليس من حقها.وأعتقد أن هذا مدخل من ضمن مداخل أخرى بإمكان الخارجية المغربية أن تستعملها، مستعينة بكل الأدوات القانونية والسياسية وبكل المؤسسات الرسمية والموازية بما فيها الأكاديمية من أجل تصحيح الخرائط على المستوى الدولي.
 
فلا أحد مثلا يفصل جزر الفولكلاند عن بريطانيا رغم البعد الجغرافي ورغم وجود تلك الجزر ضمن قائمة اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة للأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، ونفس الحالة بالنسبة لجزر بولينيزيا الفرنسية او جزر فيرجين الأمريكية وغيرها ..
وأعطي مثالا آخر بفرنسا حيث كانت معظم القواميس والمعاجم والأطالس وحتى المجلات والجرائد المعروفة كانت تنشر خارطة المغرب كاملة، ومازال بعضها إلى اليوم يحترم خارطة المغرب، ولكن منذ بضع سنوات بدأت جهات فرنسية عدة في بتر خارطة المغرب؛ وكذلك الشأن بالنسبة لقناة "فرانس 24" التي كانت في السنوات الأولى من انطلاقها تنشر خارطة المملكة كاملة، ثم بدأت تدريجيا بإدخال نقاط متقطعة إلى أن أصبحت تضع خطا أو لونا مغايرا للصحراء المغربية، لأنه لا أحد كلف نفسه عناء الإحتجاج على فرنسا ضد هذا التغيير الذي حصل، خاصة وأن هذه القناة تابعة لوزارة الخارجية الفرنسية بشكل مباشر،هذا مثال واحد ويمكن القياس عليه.
 
من الواضح إذن أن هناك مجهودا يجب ان تقوم به الخارجية المغربية بهذا الشأن ويتطلب تشميرا عن ساعد الجد،وخطة محكمة، وفريق عمل متخصص، ونفسا طويلا. ولكن يبدو أن الخارجية المغربية لا تضع هذا الموضوع ضمن أولوياتها.
فإذا كانت إلى حدود اليوم ومنذ 1975، ترضى لنفسها أن تصوت داخل اللجنة الرابعة لصالح مشروع قرار حول الصحراء تتقدم بها الجزائر كل سنة، وتكتفي خارجيتنا بإدخال بعض التعديلات عليه، بدل تقديم مشروع قرار مغربي مستقل ومناقض للمشروع الجزائري، إذا كان هذا حالنا في أهم لجنة بالأمم المتحدة، فكيف لنا أن نقوم بمبادرات تجاه محركات البحث على الشبكة وتجاه كبريات دور النشر الدولية والقنوات الفضائية ودور أطالس الجغرافيا في العواصم العالمية لتصحيح خارطتنا؟!
سؤال سيبقى معلقا إلى حين،وهذا النقد يصبو إلى تدارك النقص وسد الخلل، ولا ينقص من التقدير للعمل الذي تقوم به دبلوماسيتنا على جبهات أخرى،ولا ينقص من جهود رجال ونساء الدبلوماسية المغربية الذين يواجهون طوفانا من الأعمال العدائية الجزائرية كل يوم وبشكل ممنهح في كل المحافل الدولية.