تساءل يونس أبلاغ، أستاذ القانون الإداري بجامعة القاضي عياض، عن أسباب التهرب عند مناقشة مواضيع القرار الإداري بالتستر والتواري وراء العمل التحضيري؟ وكيف يتم التمييز بين القرار الإداري وإجراءات تحضيره؟ ولماذا لا يتم اللجوء في النقاش المتعلق بالقرار الإداري بتمييزه إثر التطرق للعمل المادي؟
سبب نزول هذه الأسئلة هو مواصلة مواكبة النقاش القانوني السليم وبعض الآراء القائلة في ذلك، والمتعلقة بالمذكرة الوزارية رقم 124X23 بتاريخ 1 دجنبر 2023 التي استهدفت تجميد (بتحفظ على المصطلح) بعض مقتضيات المرسوم رقم 2.23.819 في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية.
ويتابع الأستاذ يونس أبلاغ، القول:
في هذا الإطار، نعتقد بأن أحد مظاهر التعسف في استعمال مفهوم "العمل التحضيري" من أجل التهرب من مفهوم "القرار الإداري"، وما يستتبعه من الخضوع لرقابة القاضي الإداري من إمكانية الإلغاء أو وقف التنفيذ يجد سنده وأصله البين في الأسئلة المطروحة أعلاه. ويظل صحيحا بأن من حق الحكومة اتخاذ قرار انفرادي (وليس فردي كما ادعى البعض)، وبذلك لا مجال لأن نناقش هنا ونشرح القرار الفردي وتمييزه عن القرار التنظيمي. غير أن ما يجب طرحه في حقيقة الأمر والتساؤل عنه: لماذا ترسبت في الآونة الأخيرة قناعة بأن أي مناقشة وتحليل لما كان مشابها ومتاخما للقرار الإداري يمكن استبعاده ببساطة عن كيان القرار الإداري الانفرادي، ويتم ادراجه تباعا ضمن العمل التحضيري.
سبب نزول هذه الأسئلة هو مواصلة مواكبة النقاش القانوني السليم وبعض الآراء القائلة في ذلك، والمتعلقة بالمذكرة الوزارية رقم 124X23 بتاريخ 1 دجنبر 2023 التي استهدفت تجميد (بتحفظ على المصطلح) بعض مقتضيات المرسوم رقم 2.23.819 في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية.
ويتابع الأستاذ يونس أبلاغ، القول:
في هذا الإطار، نعتقد بأن أحد مظاهر التعسف في استعمال مفهوم "العمل التحضيري" من أجل التهرب من مفهوم "القرار الإداري"، وما يستتبعه من الخضوع لرقابة القاضي الإداري من إمكانية الإلغاء أو وقف التنفيذ يجد سنده وأصله البين في الأسئلة المطروحة أعلاه. ويظل صحيحا بأن من حق الحكومة اتخاذ قرار انفرادي (وليس فردي كما ادعى البعض)، وبذلك لا مجال لأن نناقش هنا ونشرح القرار الفردي وتمييزه عن القرار التنظيمي. غير أن ما يجب طرحه في حقيقة الأمر والتساؤل عنه: لماذا ترسبت في الآونة الأخيرة قناعة بأن أي مناقشة وتحليل لما كان مشابها ومتاخما للقرار الإداري يمكن استبعاده ببساطة عن كيان القرار الإداري الانفرادي، ويتم ادراجه تباعا ضمن العمل التحضيري.
وقد كانت من تجليات الخلط القول بأن المذكرة لم تعدل ولم توقف مقتضى عاما ومجردا، ولاسيما المقتضيات الواردة بالمرسوم، وسرعان ما تم الالتجاء والتواري وراء العمل التحضيري كأساس للقول بأن مضمون المذكر لم يغير في المراكز القانونية، وكأنها لم تغير في مفاعيل بعض المقتضيات، وهي في مقابل ذلك قررت، بشكل واضح، تجميد (دائما بتحفظ على المصطلح) بعض مقتضيات المرسوم المذكور.
إن مضمون المذكرة سالفة الذكر تم الإعلان به عن إرجاء تطبيق بعض المقتضيات القانونية للمرسوم والمراكز القانونية إلى أجل لاحق. وهو التأجيل الذي غيّر المفاعيل القانونية لقاعدة قانونية عامة ومجردة. وفي هذا الصدد فإن الذي لا يعتبر قرارات إدارية هو التصرفات التي لا ترتب حقوقا ولا التزامات كالأعمال التحضيرية والإجراءات ذات الطبيعة الداخلية، التي لا تغير في المراكز القانونية ولا تحدث بذلك أثرا قانونيا.
إن الأثر القانوني للمذكرة المذكورة يتجلى في كونها قد حثت مديرة ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على التقيد بمضامينها التي أوقفت العمل ببعض مقتضيات المرسوم المذكور، وحثهم مع ذلك إلى دعوة مديرات ومديري مؤسسات التربية والتعليم العمومي التابعين لنفوذهم الترابي إلى التقيد بمضامينها؛ فهل لا يعد هذا بمثابة الأثر القانوني، أم أن الأثر القانوني للقرار الإداري ينحصر فقط في الأثر السلبي؟ طالما أنه لا يمكن تصور وجود متضرر له الصفة من المذكرة المذكورة حتى يمكنه أن يلجأ للطعن فيها، وهذا ما ينم عن سوء فهم مطبق لعناصر القرار الإداري.
وفي إطار الإشارة لتمييز القرار الإداري عن الأعمال المادية، نشير هنا فقط لعمل رجال السلطة في المجال المتعلق بتأسيس الجمعيات؛ فإن السلطة المحلية بتسلمها لملفات أصحاب الشأن، فهذا يندرج طبعا في خانة الأعمال المادية. وفي حالة رفضها تسلم الملفات نصبح آنذاك أمام القرار الإداري الذي يقبل الطعن بالإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة. أما الأعمال التحضيرية للقرار الإداري فهي لا تنفرد بكيان مستقل عن القرار النهائي. وهي لا تعتبر بذلك تصرفات انفرادية لأنها لا تخلق حقوقا ولا ترتب التزامات. ومؤدى ذلك أن قرار السلطة المختصة بالإصدار الذي يُصادق عليها، هو الذي يُعد بمثابة القرار الإداري الذي يمكن أن يكون محلا للطعن بالإلغاء، كما أوضحت ذلك الأستاذة "تيران" وغيرها من الفقه الإداري.