الجمعة 7 فبراير 2025
رياضة

عبد الرحيم غريب: تنظيم مونديال2030.. عائدات اقتصادية وربح اجتماعي للمغرب

عبد الرحيم غريب: تنظيم مونديال2030.. عائدات اقتصادية وربح اجتماعي للمغرب عبد الرحيم غريب
هناك‭ ‬عدة‭ ‬مقاربات‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬تنظيم‭ ‬تظاهرة‭ ‬رياضية‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭.‬
هناك‭ ‬مقاربة‭ ‬اقتصادية‭ ‬مبسطة‭ ‬نعتمد‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بتخمينات‭ ‬واحتمالات‭ ‬حول‭ ‬عدد‭ ‬السياح‭ ‬الذي‭ ‬سيفدون‭ ‬على‭ ‬البلد‭ ‬المنظم‭ ‬للتظاهرة‭. ‬يكون‭ ‬دافعهم‭ ‬الوحيد‭ ‬للزيارة‭ ‬هو‭ ‬حضور‭ ‬مباريات‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬فقط‭ ‬كمتفرجين‭.‬
وتبقى‭ ‬نسبة‭ ‬الإنفاق‭ ‬حسب‭ ‬عدد‭ ‬الزوار‭. ‬هذه‭ ‬مقاربة‭ ‬نسبية‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬يأتي‭ ‬لبلادك،‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬وفيا‭ ‬لها،‭ ‬ويعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لزيارتها‭. ‬
أما‭ ‬إذا‭ ‬حضر‭ ‬السائح‭ ‬لكأس‭ ‬العالم‭ ‬ولم‭ ‬يعد،‭  ‬فإن‭ ‬المنفعة‭ ‬تبقى‭ ‬محدودة‭. ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬تحويل‭ ‬كل‭ ‬سائح‭ ‬إلى‭ ‬سفير‭ ‬للبلد‭ ‬بإعطائه‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إليه‭  ‬والتحدث‭ ‬عنه‭ ‬بإيجابية‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬العائلة‭ ‬والمهني‭ ‬بعد‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭.‬
هذا‭ ‬الهدف‭ ‬يحفز‭ ‬جميع‭ ‬العاملين‭ ‬بالقطاع‭ ‬السياحي‭ ‬على‭ ‬الاستعداد‭ ‬الجيد‭ ‬لكل‭ ‬هذا‭.‬
المقاربة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬نعتمد‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬نظرية‭ ‬اقتصادية‭ ‬محضة،‭ ‬فعندما‭ ‬يتم‭ ‬استثمار‭ ‬ميزانية‭ ‬معينة،‭  ‬فإن‭ ‬العائد‭ ‬والمدخول‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مضاعفا‭. ‬
وكلما‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬معين‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬الإنفاق،‭ ‬يكون‭ ‬الأثر‭ ‬المالي‭ ‬أكبر‭.‬
إن‭ ‬تظاهرة‭ ‬رياضية‭ ‬ككأس‭ ‬العالم‭ ‬تسبقها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المنشآت‭ ‬وتأهيلها،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬الملاعب‭ ‬و‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬الطرق‭ ‬والقناطر‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمطارات‭ ‬والموانيء،‭ ‬و‭ ‬أيضا‭ ‬استثمار‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬المطاعم‭ ‬والمقاهي‭. ‬
هي‭ ‬أموال‭ ‬يتم‭ ‬ضخها‭ ‬وعلينا‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬عائداتها‭.‬
لكن‭ ‬هناك‭ ‬إشكالين‭:‬
هل‭ ‬المندوبية‭ ‬السامية‭ ‬للتخطيط‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مدنا‭ ‬بالإحصائيات‭ ‬المضبوطة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق؟‭  ‬
ثانيا،‭ ‬إن‭ ‬أثر‭ ‬الاستثمارات‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يبقى‭ ‬محدودا‭ ‬في‭ ‬الزمن،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬المونديال،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لنا‭ ‬مخطط‭ ‬وآفاق‭ ‬عن‭ ‬تسيير‭ ‬ملاعبنا‭  ‬والمواني‭ ‬والمطارات،‭ ‬بحيث‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬استغلالها‭ ‬لخلق‭ ‬دينامية‭ ‬اقتصادية‭.  ‬
كما‭ ‬يجب‭ ‬توخي‭ ‬الحذر،‭ ‬لأنه‭ ‬عندما‭ ‬ننظم‭ ‬تظاهرة‭ ‬كبرى،‭ ‬الجميع‭ ‬سيتكلم‭ ‬عن‭ ‬المغرب‭ ‬والدليل‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تلا‭ ‬المشاركة‭ ‬الناجحة‭ ‬للمنتخب‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭. ‬
واصبح‭ ‬اسم‭ ‬المغرب‭ ‬حاضرا‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬محرك‭ ‬البحث‭ ‬على‭ ‬إنترنيت‭.‬
وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬استثمارات‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬تملكها‭ ‬وزارة‭ ‬السياحة‭ ‬للقيام‭ ‬بحملة‭ ‬دعائية‭.‬
عندما‭ ‬سيتكلم‭ ‬عنا‭ ‬العالم،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬النتيجة‭ ‬عكسية،‭ ‬فمن‭ ‬سيتكلم‭ ‬عن‭ ‬المغرب؟‭ ‬وممنوع‭ ‬الانزلاق‭ ‬في‭ ‬التغطية‭ ‬التلفزية‭ ‬والتنظيم‭ ‬وتكون‭ ‬الفرجة‭ ‬بدون‭ ‬شغب‭ ‬وإدارة‭ ‬الحشود‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬العالي‭ ‬وعدم‭ ‬مضايقة‭ ‬السياح‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬ميولاتهم‭. ‬
كل‭ ‬شيء‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬العالي‭. ‬
هناك‭ ‬مقاربة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬اقتصادية‭ ‬نقارن‭ ‬فيها‭ ‬الكلفة‭ ‬الاقتصادية‭  ‬بماهو‭ ‬ربح‭ ‬اجتماعي،‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬مناصب‭ ‬للشغل‭ ‬وغيرة‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬الحس‭ ‬الوطني‭ ‬والشعور‭ ‬بالفخر‭ ‬والغبطة‭ ‬والفرح‭. ‬
هي‭ ‬كلفة‭ ‬اقتصادية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬منفعة‭ ‬اجتماعية‭ ‬مع‭ ‬تفادي‭ ‬المديونية‭.‬
في‭ ‬الختام،‭ ‬أشدد‭ ‬على‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬القرب‭ ‬الجغرافي‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭  ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬إقامة‭ ‬السياح‭ ‬والمتفرجين‭ ‬وإنفاقهم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يظلا‭ ‬بالمغرب،‭ ‬وليس‭ ‬التفرج‭ ‬على‭ ‬مباراة‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬إسبانيا‭ ‬مثلا‭.‬
عبد الرحيم غريب، أستاذ باحث في الحكامة الرياضية