أثار تقرير منظمة العفو الدولية الأخير جداﻻ حادا داخل الأوساط الحقوقية خاصة بعدما أكد وجود حاﻻت تعذيب بالمغرب، وهكذا صرح محمد النشناش رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في ملف خاص نشرته صحيفة الصباح في هذا الشأن نهاية الأسبوع، بأن المغرب رغم أنه صادق على اﻻتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وكذلك البروتكول الملحق القاضي بإنشاء آلية مستقلة للوقاية من التعذيب إﻻ أن هذه الآلية لم يتم إحداثها بعد، مضيفا بأن التعذيب لم يعد ممنهجا كما في فترة سنوات الرصاص بعد أن تحسنت العلاقة بين المواطنين والسلطة، وهو الرأي الذي سبق أن أبدته أمينة بوعياش في لقائها مع قناة "العربية" قبل أيام ونشر موقع "أنفاس بريس" مضمونه، حيث أشارت الرئيسة السابقة لنفس المنظمة علاوة على ذلك بأن التقارير الدولية عندما ذكرت وجود انتهاكات، سجلت أيضا بأن ذلك يحدث ليس بشكل مستمر ومنسجم، بل هي عبارة عن حاﻻت معزولة وهذه المنظمات الدولية التي تزور المغرب تربط الحاﻻت التي تسجلها بالمراجع الدولية لحقوق الإنسان من حيث المعايير المحددة، مضيفة بأن المقارنة ينبغي أن تكون في إطار هذه المرجعية الدولية وليست من خارج هذا الإطار. وضربت مثلا في ذلك عندما سمح المغرب للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان مؤخرا بزيارة بعض السجون بالمغرب واختارتها بنفسها كما اختارت الفدرالية أيضا إجراء لقاءات مع بعض المعتقلين في قضايا مختلفة من سجون سﻻ1 وسﻻ2 وعكاشة والعيون، وهو ما يؤكد حسب بوعياش اﻻتجاه العام لحقوق الإنسان في المغرب وما يعرفه من تطور وانفتاح. غير أن خديجة الرياضي الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان كان لها رأي مغاير في المسألة فأوردت في الملف الخاص الذي نشرته الجريدة الوطنية المذكورة بأنه إذا كان تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أشار إلى أن التعذيب مستمر في المغرب وليس بصورة ممنهجة بل عبارة عن حاﻻت محدودة، فأنا أتساءل، تقول الرياضي، أين هي هذه الحاﻻت؟ وأين هي محاكمة المتورطين فيها؟ وإذا كانت الدولة تعترف بوجود هذه الحاﻻت وﻻ تقوم بمساءلة مقترفيها فهذا يعني الله يسامح في هذه الحاﻻت تقول الرياضي متعجبة. وإذا جاءت حاﻻت أخرى .. حتى هي الله يسامح؟!! لتعتبر بأن القطع مع هذه الحاﻻت واجتثاث التعذيب هو ضمان استقلالية القضاء.. وهذا الطرح وإن كان من جهته ينفيه مصطفى الرميد وزير العدل مؤكدا على أن المغرب جاد في محاربة التعذيب وكل أشكال المعاملة القاسية بتوفير كافة الضمانات أثناء الحراسة النظرية واﻻعتقال يقر بمواجهته هذه بوجود التجاوزات التي مازال يمكن أن تقع هنا وهناك بسبب بعض القائمين على تنفيذ القانون ممن يتجرؤون بشكل أو بآخر على خرقه، وهي تجاوزات ﻻ يمكن إنكار وقوعها بين الفينة والأخرى، ويضيف الرميد في تصريحه بالملف الخاص بأن تقرير منظمة العفو الدولية كان يمكن أن تكون له مصداقية لو أنه صدر زمن الجمر والرصاص أو وقت الفتنة الإرهابية التي عرفتها البلاد، مذكرا بأن وزارة العدل أصدرت بيانين في هذا الشأن، والبيان الثاني شددت فيه على عزم الوزارة على متابعة كل من تورط أو شارك في جريمة تعذيب وفق القوانين المعمول بها، مؤكدا أيضا على أن البيان لا يحمل أي تهديد للمصرحين بتعرضهم للتعذيب بحسن نية.