السبت 23 نوفمبر 2024
مجتمع

أحذية الصين تهدد حرفة الخرازة بالانقراض في المغرب

أحذية الصين تهدد حرفة الخرازة بالانقراض في المغرب

مع تمام أيام رمضان والاستعداد لاستقبال أيام عيد الفطر، تنشط حرفة الخرازة بالمغرب، وهي من المهن العريقة، التي تعيل الآلاف من العائلات بالمغرب، إذ تشغل رجالا وشبابا خبروا طريقة التعامل مع المطرقة والمسمار و"اللصاق" من أجل إصلاح جميع أنواع الأحذية خصوصا تلك المصنوعة من الجلد الأصيل. "أنفاس بريس" زارت في ليلة العيد محلا للخرازة بالبيضاء وطرحت أسئلة واقع المهنة على حرفي والبعض من زبنائه.

(المهنة لم تعد تتمتع بذلك البريق الذي كان يميزها في الماضي القريب والبعيد. وأصبحت مهددة بالانقراض) الكلام لـ "بوشعيب مترجي" خراز بالحي الحسني بالبيضاء (من ذوي الاحتياجات الخاصة). وقد وضح هذا الحرفي أنه أمضى أكثر من 20 سنة في ممارسة هذه الحرفة. وفي سؤالنا عن السبب في تصريحه بخصوص (كون الحرفة مهددة بالانقراض) أكد "مترجي" أن سلع الصين ذات الجودة الضعيفة جدا والثمن الرخيص، هي السبب في تهديد الحرفة بالانقراض. مُبرزا أن سلعا تدخل للمغرب من الصين، يعمل صناعها على تقليد جميع المنتوجات المغربية والغربية من أحذية عادية ورياضية. وأفاد أن التقليد امتد أيضا إلى السلع العريقة المغربية التراثية مثل "البلغة والشربيل". وأفاد أنه قبل دخول سلع الصين للمغرب كانت حرفة الخرازة تشهد رواجا مهما. وذكر أن هذا الرواج تناقص تقريبا بنسبة 60 في المائة. وعزى ذلك لانصراف بعض المستهلكين لشراء حذاء أو بلغة صينيتي الصنع بمبلغ رخيص، قد يصل إلى ثمن إصلاح الخراز لمنتوج مغربي أو منتوج جديد أو مستعمل قادم من الدول الغربية خصوصا الأوروبية التي تشهد رواجا في المغرب. وساق الحرفي مثالا حيا، إذ أخرج حذاء غربي الصنع ووضح أن إصلاحه سيكلف صاحبه 50 درهما لأنه ذا جودة عالية. وقال : (هذا زبون "عَشـَّاقْ" و واع بجودة الأحذية حتى لو وجد حذاء صيني الصنع ب 50 درهما لن يستغني عن حذاءه القديم، لأنه يعلم جيدا أنه صحي وذا جودة عالية وتصميم ممتاز). كما أخرج الحرفي بلغة مغربية ووضح أن إصلاحها يكلف مابين 20 إلى 30 درهم حسب نوعية المواد. ليبرز أنه في السوق المغربية يمكن أن تجد بلغة صينية الصنع ثمنها 20 درهم أو 25 درهم. موضحا أن ثمن إصلاح بلغة مغربية عند الخراز يمكن أن يفوق ثمن سلعة صينية ذات جودة ضعيفة جدا ومصنوعة من مواد مجهولة وتنبعث منها رائحة كريهة وقد تنعكس سلبا على صحة المواطن. وفي سؤالنا له : (من المسؤول حسب رأيك حول رواج السلع الصينية ذات الجودة الضعيفة جدا بالمغرب؟) رَدَّ مستجوبنا أن على الزبون المغربي أن يختار السلعة الجيدة ذات الصنع المغربي أو الغربي الجيد. وأن يسأل عن نوعية الجلد : هل هو جلد اصطناعي أم طبيعي؟ مبرزا أن الجلد الطبيعي متين وصحي ويدوم مدة طويلة وقال : (كلما تقادم حذاء الجلد الحر زاد جماله وزادت متعة ارتداءه وتناغم مع حركة الرجل). وتزامنت زيارة "أنفاس بريس" للمحل مع وجود زبائن للحرفي "بوشعيب مترجي" تدخلوا للإدلاء برأيهم في الموضوع. وقالت (ربة بيت) : (إذا سمحتم سوف أعطيكم شهادة لكي تبلغوها عبر جريدتكم. أنا أتفق مع كلام "سي بوشعيب" وقد سبق لي أن اقتنيت حذاء من محل تجاري فاخر بالبيضاء، وكم كانت صدمتي كبيرة عندما أصيبت رجلي بضرر كاد يكون وخيما، لولا أني انتبهت له ورميت ذلك الحذاء) وفي سؤالنا لها حول متابعتها القانونية للمحل التجاري الذي سبب لها هذا الضرر. وضحت أنها لم تفعل ذلك . وأفادت أنها لم تكن تتصور أن المحلات الفاخرة تسوق منتوجات الصين ذات الجودة الضعيفة جدا. وقد حملت هذه الزبونة المسؤولية للدولة والجهات المختصة في مراقبة السلع، التي تدخل إلى المغرب من الخارج. وتدخل "رجل خمسيني" مُبرزا أن سلع الصين تشكل خطرا على صحة وجيب المواطنين، موضحا أنه باقتناء المستهلك لحذاء صيني يهدد سلامته الصحية ويأتي على ميزانيته الأسرية. وقال : (لا تمضي أيام قليلة حتى تـُصاب "سلعة شينوا" بالتمزق ويستدعي الأمر في نفس الشهر والسنة شراء حذاء ثاني وثالث ورابع خصوصا إذا تعلق الأمر بنفس الجودة الناقصة). وأضاف إن اقتناء حذاء من جودة عالية يساعد على توفير النقود، لأنه يدوم مدة طويلة. كما أبرز أن الأحذية الجيدة يمكن إصلاحها مرات عديدة عند الخراز عكس أحذية الصين الناقصة الجودة (بهلاك "سلعة شينوا"  تتضرر المواد المصنوعة منها بشكل كامل ولا تكون قابلة للخياطة أو استعمال "الكولا" أو المسمار). وصرَّح شاب من زبناء الحرفي "بوشعيب مترجي" أن سلع الصين تبهر العين وتجذب المواطن، لأنها رخيصة وتظهر بشكل جذاب وبألوان برَّاقة، رغم ضعف جودتها وأضرارها الوخيمة. وتساءل المتحدث نفسه : هل سلع الصين مصنوعة من "المازوط"؟ لأن رائحتها تلتقي مع رائحة المازوط !!. وحمَّل محاورنا المسؤولية للحكومة، موضحا أنه لم يسبق له أن سمع نقاشا حول ضرر سلع الصين على صحة المواطنين بالبرلمان. كما أضاف أن المسؤولية يتحملها أيضا منظرو برامج مؤسسات الدولة على مستوى التعليم والتكوين إذ قال : ( المدارس والجامعات ومراكز التكوين لا تقدم دروسا وتكوينا يساعد المغربي على حسن اختيار المنتوجات التي يقتنيها من الأسواق).

غالبا ما نرى بعض المستهلكين يشمُّون الأحذية قبل شراءها، ليس لمعرفة هل هي قديمة أم جديدة؟؟ لأنها تكون جديدة وذات ألوان لامعة. والسبب في شم الأحذية في المغرب حسب العديد من الذين طرحت عليهم "أنفاس بريس" هذا السؤال : هو معرفة هل هي من صنع صيني أم لا. إذا كان المواطن البسيط يميز سلع الصين ذات الجودة الناقصة التي تضر بالمواطن. فما بالك بالجهات المختصة في المراقبة؟؟. لذلك يرى مراقبون أن مسؤولية  إنقاذ المغربي من سلع الصين المعنية على عاتق الجهات الموكول لها حماية المواطنين من السلع المضرة لصحتهم ( مصالح الجمارك ومصالح المراقبة والتفتيش بوزارة الصناعة والتجارة وتحديث القطاعات ومصالح العمالات ومجالس المدينة والجماعات الخاصة بمراقبة جودة سلع الأنشطة التجارية، واستقبال شكايات المواطنين بهذا الخصوص). ومن الصدف العجيبة أن هذه المسؤولية مرتبطة بحماية أعرق المهن المغربية الأصيلة "الخرازة" التي اشتهر بها المغرب في العديد من دول العالم.