الجمعة 3 مايو 2024
منوعات

تيزنيت.. ملابس تَنكُّرية ووُجوه مُقنّعة في كرنفال "إمعشارن"

تيزنيت.. ملابس تَنكُّرية ووُجوه مُقنّعة في  كرنفال "إمعشارن" إمعشارن ظاهرة فرجويّة تراثية متجذرة في المجتمع التيزنيتي
يرتدي شبان ملابس تنكرية غريبة وبالية، وجوههم مقنّعة أو مطلية بالسّواد، لحى من صوف الخروف أو الماعز على ذقونهم، في كرنفال سنوي يطلق عليه إسم "إمعشارن"  بمشاركة أكثر من 200 شخص، والذي سينطلق شهر غشت المقبل، بمدينة تيزنيت.
 
ويستمر إمعشارن (مفرد إمشعار أو أمشعور) الذي يطلق عليه إسم "إصوابن" في بعض المناطق الأمازيغية، حتى يوم الجمعة نهاية غشت المقبل، بمشاركة نوعية لشباب من احياء المدينة القديمة، ليكون مناسبة لتبادل الخبرات والتجارب وتنويع الفرجة، سعيا وراء تحقيق الجودة والتّطوير المُتجدد والإنفتاح والتعايش الثقافي.
 
وترعى الكرنفال هيئة مدنية تحمل إسم "إسمون" (التّجميع) بدعم من هيئات محلية وجهوية منتخبة وفاعلين ومؤسسات حكومية (وزارتي الثقافة والداخلية). 
 
وعلى إيقاع آلات موسيقية أمازيغية "تالّونت" (طبل مصنوع من جلد الماعز) والمزامير والنّاقوس، ينشد المشاركون في الكرنفال بعد صلاة العشاء على مدى أربعة أيام، وهم منتظمون في صفّ دائري، أغان أمازيغية، حيث يتواصل الاحتفال بترديد عبارات أمازيغية تقول: هيا نجتمع، يهودي مسلم أمازيغي عربيّ، نلتقي هنا لنقول كلمتنا، ليشهد الجميع أننا سواسيّة.
 
وفي تصريحه لـ"أنفاس بريس" يقول  حميد أضوحان مدير الكرنفال، إن "إمعشارن كنز طقوسي يجسد لوحات تراثية تحمل أسماء أمازيغية "بيلماون" (لابسو الجلود) و"أصرد أوغردا" و"بلغنجا" وغيرها من المظاهر التراثية.
 
وأوضح أضوحان أن "إمعشارن ظاهرة فرجويّة تراثية متجذرة في المجتمع التيزنيتي (نسبة إلى المنطقة التي ما تزال محافظة عليها)، تحيل في بنيتها اللّسانية الأمازيغية لإسمها على الممارسين للفرجة (الممثلون/إمعشارن)، وإلى زمانها  المتمثل في  مناسبة "عيد عاشوراء".

 
ومضى قائلا: نسعى لتنويع الفرجة في قالب فرجوي متطور ومتجدد يراعى فيه مبدأي الانفتاح والتعايش الثقافي".
وترتبط الظاهرة ببعض العناصر المشكلة لبنية طقوسها التي يطلق عليها إسم "تعشورت" (النّار)، ظلت إلى اليوم وفية لطقوس تعبيرية ذات إخراج مسرحي.
 
 وخلال مناسبة الإحتفاء هاته،  استحضار مظاهر الحياة اليومية (الدورة الزّراعية والعلائق الإجتماعية) بشكل جرّيء ونقدي، عبر الشّخصيات الآدمية والحيوانية التي تتناوب في الرّقص على "أسايـس" (ساحة الاحتفال).
 
كما يتم في احتفالات إمعشارن، إيقاد النار على خط مستقيم، من قبل الأطفال في مختلف زقاق الأحياء بالمدينة، ويقومون بترك مسافة ثلاثة أمتار بين كل منها، يتنافسون في القفز عليها، وترديد أهازيج أمازيغية خاصة بها، بحسب توضيحات أضوحان.
 
يقول محمد وخزان، باحث في التراث الأمازيغي، "ترتبط ظاهرة إمعشارن بعادات وتقاليد المناطق المغربية الأمازيغيّة، وخلالها يتم التنفيس فيها، كما تشكل وسيلة للتعبير عما هو ذاتي، بوضع أقنعة ليتم التعبير عن المكبوتات (الطابو) وما يخجل منه بغاية الخطوبة أو الانتقاد في قالب فرجوي تنكّري هزلي.
 
ويشرح وخزان بعض طقوس المناسبة التّهكمية عن اليهود قائلا: يتم وضع الفلفل الحارّ في الجمر كمبخرة، يطاف به  من قبل الحزان ( إمام اليهود) في حلق النساء والرجال، وهو يحمل معه كتابا كمنجّم.
 
ويضيف: هو أيضا فرصة لكل باحث عن شريكة حياته، ليتحدث إليها خلال الاحتفاء بالمناسبة، وهو يضع قناعا، فيبتهل المناسبة ليحدث إلى مشروع شريكة حياته المستقبلية.
 
كما يشكل إمعشارن مناسبة للتباهي بين القبائل، ومناسبة للتّهكم على اليهود بترديد عبارات معناه: شيّد موشي غرفة وشيد لها مدخلا، وشيّد عليهما غرفة كبيرة فطلع الديك فوقها فخرّبها.
ويفسّر وخزان ذلك بكونه "كناية عن اليهود بكونهم يجهلون طقوس البناء".
 
وموازاة مع ذلك، ينتظر أن ينظم معرض للأقنعة والصور واللّوحات التشكيلية والمنتوجات الحرفية والتقليدية، وورشات للحكاية الشعبية وأخرى حول كيفية صناعة الأقنعة بالمدينة في فرجة تمتد لأيام تحظى بإقبال ساكنة حواضر وأرياف تيزنيت ومدن مجاورة ومغاربة المهجر.