المغرب ليس في وضع أسوا من حيث حقوق الإنسان حسب أمينة بوعياش الكاتبة العامة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرئيسة السابقة لمنظمة حقوق الإنسان بالمغرب، و هي تجيب على سؤال مباشر في مقابلة خاصة أجرتها معها في الرباط القناة الفضائية ( العربية) مساء أمس الأربعاء مضيفة بأن المغرب يوجد في مرحلة أسمتها بأزمة تدبير إشكاليات حقوق الإنسان التي تتميز بالالتباس وعدم التعاطي بشكل واضح وسلس مع قضايا احترام الحقوق الفردية، و أنه ينبغي التاسيس لمبدأ عدم الإفلات من العقاب كإطار لكل التدخلات على المستوى الحقوقي والقطع كذلك مع الالتباس الحاصل في هذا الشان، وهو ما سيبوأ المغرب تقول بوعياش وضعا متقدما في مجال حقوق الإنسان، وهذا الالتباس في التدبير والذي كان لازمة للناشطة الحقوقية طيلة هذا الحوار يمكن اعتباره اعتباره بمثابة تحفظات لبقة لا تخلو من همز ولمز حول وضعية حقوق الإنسان سواء بالمغرب عامة أو بالأقاليم الجنوبية بصفة خاصة.
وهكذا وحول قراءتها لوضعية حقوق الإنسان بعد الحراك العربي وصدور الدستور الجديد، أشارت أمينة بوعياش بأن المغرب يعيش إطارا مختلفا عما كان عليه في االسابق من حيث الدينامية فعلا، لكن ليس بالضرورة أن تعطي هذه الدينامية نتائج ملموسة وإيجابية، مسترسلة لأن انتظارات المدافعين عن حقوق الانسان هي أكبر من الانتظارات السياسية. أما ويظهر ذلك عند مقاربة الإشكاليات الكبرى مثلا كتفعيل المقتضى الدستوري المتعلق بالمساواة بين حق المرأة والرجل ومبدأ المناصفة، حيث إذا كان النقاش يثار أحيانا بشكل جدي من طرف المجتمع المدني، فإنه يبدو بشكل أقل جدية من طرف المسؤولين السياسيين. مشيرة بأنها تشاطر رأي جزء من الحركة التي تقول بأن ليس هنالك تفاعل جدي مع الحركة النسائية التي تطالب منذ سنوات بالمساواة بين الجنسين ومبدأ المناصفة بسبب عدم الاستشارة من جهة ومن جهة أخرى ظهور تصريحات سياسية مسيئة للقضية النسائية وتتجلى في الخطاب الذي يقول بأن على المرأة أن تمكث في البيت وهذا خطاب متجاوز منذ أجيال مستغربة كيف تعاد إثارته من جديد من طرف الحكومة المغربية الحالية.؟
وفيما يخص الاهتمام بواقع حقوق الإنسان بالمغرب من طرف التقارير الدولية التي تشير إلى تراجع المغرب في هذا المجال عقبت بوعياش بأن المغرب له انفتاح على المنظمات الدولية وله هذه الدينامية المتميزة للمجتمع المدني، كما له أيضا إرادة سيادية للانفتاح على الآليات الدولية للأمم المتحدة و بالتالي فالتعامل في هذه القضايا لا يمكن أن يقارن إلا انطلاقا من معايير حقوق الإنسان الدولية، مضيفة أن التقارير المذكورة تشهد بأن هنالك انتهاكات لحقوق الإنسان، و لكن ليست بشكل متواصل و منسجم بل هي عبارة عن حالات معزولة، وهذه المنظمات الدولية التي تأتي للمغرب تسجل حالات وتربطها بالمعايير وبالمرجعية الدولية لحقوق الإنسان وبالتالي فالمقارنة ينبغي أن تكون في إطار هذه المرجعية الدولية وليس خارج هذا الإطار، وساقت مثلا على ذلك عندما سمح المغرب لمنظمة دولية وهي الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بزيارة عدد من السجون المغربية واللقاء مع عدد من المعتقلين في قضايا مختلفة داخل السجون التي اختارتها بنفسها كما اختارت المعتقلين، وكان ذلك سجون كل من سجن سلا 1 وسلا2 وعكاشة ، والعيون وهذا ما يؤكد الاتجاه العام لحقوق الإنسان في المغرب و ما يعرفه من تطور و انفتاح. وخص الحوا ر ما يعرفه ملف حقوق الإنسان بالصحراء من تفاعلات المثيرة للجدل، فأشارت بوعياش بأنها زارت الصحراء في نهاية شهر ماي الماضي والتقت بفعاليات مختلفة. فتبين لها أن ليس هنالك فرقا في تقييم الوضع من حيث حقوق الإنسان سواء في الصحراء أو في باقي مناطق المغرب و سجلت بأن هنالك فقط نفس الالتباس في التدبير و هو يمس الإشكال في التعامل مع بعض الحقوق كحق التظاهر وحق التعبير مثلا، وهو ما يعني بأن ليس هنالك منطقا استثنائيا خاصا بتدبير وضعية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية. كما اوضحت من جهة أخرى بأن موضوع حقوق الإنسان اليوم له تداعيات مختلفة من حيث السياسة العامة لأية دولة و كذلك التوجس من إدخاله كمعادلة في الصراعات الإقليمية. و ترى بأن استعمال هذا الموضوع من بلد آخر ليس كاستعماله من طرف المدافعين عن حقوق الإنسان، مؤكدة موضوعية من يدافعون عن حقوق الإنسان، وذلك في تقديم المعلومة الدقيقة للحد من إمكانية الاستعمال السياسي للمعلومة الحقوقية، أي أن تكون المعلومة الحقوقية معلومة الضمير وليست معلومة لاستعمال سياسي. وتضيف أنه في هذا السياق بأن مسألة الانفتاح الذي يشهد ه المغرب هو اختيار دولة لطريقة التعامل مع حقوق الإنسان بعدما قطعت مع مرحلة الانتهاكات الجسيمة ولا يمكن مع ذلك القول بأن المغرب يحترم كافة مبادئ حقوق الإنسان لأنه لا توجد دولة تحترم بشكل كامل هذه المبادئ، ولكن مع ذلك تقول بوعياش بأن المغرب يدير بوضوح إشكالية الصحراء من زاوية حقوق الإنسان على مستوى ثلاثة آراء: الرأي الأول الذي يقول بمغربية الصحراء وتعبر عنه ساكنة مهمة، والرأي الثاني يدافع عن الحكم الذاتي، والرأي الثالث الذي يدعو إلى الانفصال عن المغرب. وبالتالي تضيف بوعياش بأن المغرب يدير هذا الاختلاف في الرأي وهذه التعددية ضمن منظومة حقوق الإنسان، وضمن الإشكاليات التي يطرحها التدبير الحق في التظاهر والحق في التعبير. وهو على أية حال ليس الوضع القائم في مخيمات تيندوف، حيث يسود ويهيمن رأي واحد "البوليزاريو"، وقد رأينا كيف أنه عندما عبر مصطفى ولد سلمى عن رأيه ليس حتى في مغربية الصحراء بل في دعم الحكم الذاتي، تم اعتقاله واختطافه وتعذيبه وطرده إلى موريطانيا.