الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
خارج الحدود

الجزائر.. "إلدورادو" الحركات الإرهابية

الجزائر.. "إلدورادو" الحركات الإرهابية لقد‭ ‬اختارت‭ ‬الجزائر‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬اللاستقرار،‭ ‬وأن‭ ‬تجعل‭ ‬للحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬والانفصالية‭ ‬المسلحة‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬في‭ ‬بلدانها
أكدت‭ ‬دراسة‭ ‬أكاديمية‭ ‬قدمها‭ ‬الباحث‭ ‬السنغالي‭ ‬«نيني‭ ‬جوبيتر‭ ‬ندياى»،‭ ‬أنه‭ ‬«أينما‭ ‬توجد‭ ‬حركات‭ ‬انفصالية،‭ ‬توجد‭ ‬دول‭ ‬منافسة‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬لها‭ ‬لأسباب‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمكانة‭ ‬والموقع‭ ‬الجيوسياسى،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياسة‭ ‬الإرشاد‭ ‬والدعم‭ ‬المالى‭ ‬والعسكرى‭ ‬واللوجسيتى‭.. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬تلك‭ ‬الحركات‭ ‬تنتهج‭ ‬العنف‭ ‬وحمل‭ ‬السلاح‭ ‬والأصولية‭ ‬والتشدد‭ ‬لتحقيق‭ ‬غايتها»‭. ‬

هذا‭ ‬التحليل‭ ‬ينطبق‭ ‬بحذافيره‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬دأب‭ ‬عليه‭ ‬جنرالات‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬بالجزائر،‭ ‬منذ‭ ‬انقلاب‭ ‬محمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬بوخروبة‭ ‬«هواري‭ ‬بومدين»‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية‭.‬

فقد‭ ‬عمل‭ ‬العسكريون‭ ‬الجزائريون‭ ‬المأخوذون‭ ‬بضرورة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬«الشرعية‭ ‬الثورية"- التي‭ ‬سوَّق‭ ‬لها‭ ‬طويلا‭ ‬بومدين،‭ ‬لأنها‭ ‬ما‭ ‬ينقصه‭ ‬بالفعل-‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬«المستعمرة‭ ‬الفرنسية»‭ ‬إلى‭ ‬محضنة‭ ‬آمنة‭ ‬لـ‭ ‬«الحركات‭ ‬الانفصالية»،‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬وإيرلندا‭ ‬الشمالية‭ ‬وأنغولا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭. ‬كما‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬استقبال‭ ‬الإرهابيين‭ ‬والمنفيين‭ ‬والهاربين‭ ‬من‭ ‬الأحكام‭ ‬القضائية‭ ‬بالبرازيل‭ ‬والأرجنتين‭ ‬وفنزويلا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الوسطى،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مسلحين‭  ‬ومعارضين‭ ‬سياسيين‭ ‬راديكاليين‭ ‬تورطوا‭ ‬في‭ ‬مؤامرات‭ ‬أو‭ ‬اغتيالات‭. ‬بل‭ ‬الأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬أنفقت‭  ‬بسخاء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تمويل‭ ‬العمل‭ ‬المسلح‭ ‬لمقاتلي‭ ‬الحركات‭ ‬الانفصالية‭ ‬أوالإرهابية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬أمثال‭ ‬الفهود‭ ‬السود،‭ ‬إيتا‭ ‬الباسكية،‭ ‬سوابو‭ ‬الناميبية،‭ ‬البوليساريو‭.. ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الجزائر‭ ‬تعتبر‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬«إلدورادو‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية»،‭ ‬وبات‭ ‬يقصدها‭ ‬كل‭ ‬حامل‭ ‬سلاح‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الإرتزاق،‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬صنع‭ ‬«حزب»‭ ‬أو‭ ‬«دولة»‭ ‬أو‭ ‬عصابة‭..‬

لقد‭ ‬أرادت‭ ‬الجزائر‭ ‬(أو‭ ‬«أُريد‭ ‬لها»‭ ‬بمعنى‭ ‬أدق)‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬محورا‭ ‬جيواستراتيجيا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشمال‭ ‬الإفريقي‭ ‬والشق‭ ‬الغربي‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬نقطة‭ ‬التقاء‭ ‬لكل‭ ‬الحركات‭ ‬المناهضة‭ ‬للأنظمة‭ ‬بمختلف‭ ‬ربوع‭ ‬العالم‭. ‬فمنذ‭ ‬لحظة‭ ‬الاستقلال‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬«حربا‭ ‬أهلية»‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بين‭ ‬رؤساء‭ ‬المناطق‭ ‬العسكرية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحسم‭ ‬الحرب‭ ‬لصالح‭ ‬بومدين،‭ ‬ظهر‭ ‬تحول‭ ‬واضح‭ ‬للعيان‭ ‬في‭ ‬توجه‭ ‬الجزائر‭ ‬نحو‭ ‬إقامة‭ ‬علاقات‭ ‬خارجية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬«الجذب‭ ‬التحرري»،‭ ‬أي‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬حركات‭ ‬مسلحة‭ ‬وإعدادها‭ ‬للانقضاض‭ ‬على‭ ‬السلطة،‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬دعامة‭ ‬خارجية‭ ‬لمخططها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الزعامة‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وتحويل‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬مقاطعات‭ ‬تابعة‭ ‬لـ‭ ‬«الباب‭ ‬العالي»‭ ‬بالجزائر‭ ‬العاصمة‭. ‬والأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الجزائر،‭ ‬التي‭ ‬تستعذب‭ ‬اسم‭ ‬«الدولة‭ ‬القارة»‭ ‬أو‭ ‬«القوة‭ ‬القاهرة»،‭ ‬رأت‭ ‬أنها‭ ‬تملك‭ ‬القدرة‭ ‬والأهلية‭ ‬والتاريخ‭ ‬والجغرافيا،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثراوتها‭ ‬الطبيعية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تصير‭ ‬قوة‭ ‬دولية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬«سابقا»‭.‬

لقد‭ ‬رحب‭ ‬العكسر‭ ‬الجزائري‭ ‬الملوث‭ ‬بدماء‭ ‬الشهداء‭ ‬وقادة‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية‭ ‬الحقيقيين‭ ‬في‭ ‬الجبال‭ ‬والوديان‭ ‬والصحارى،‭ ‬بمختلف‭ ‬الكيانات‭ ‬الانفصالية‭ ‬الراغبة‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬«وطن‭ ‬جديد»‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬إيتا‭ ‬الباسكية‭ ‬التي‭ ‬خاضت‭ ‬صراعا‭ ‬طويلا‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬والشعب‭ ‬الإسباني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الانفصال،‭ ‬وهي‭ ‬الحركة‭ ‬التي‭ ‬يشهد‭ ‬التاريخ‭ ‬أنها‭ ‬مارست‭ ‬كل‭ ‬النشاطات‭ ‬الإرهابية‭ ‬العنيفة،‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وتفجير‭ ‬واختطاف،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الإضرار‭ ‬بالاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬لإسبانيا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭. ‬وكانت‭ ‬الجزائر‭ ‬تستعمل‭ ‬ورقة‭ ‬«إيتا»‭ ‬لابتزاز‭ ‬مدريد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحييدها‭ ‬في‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭ ‬الذي‭ ‬«ابتكره»‭ ‬بومدين‭ ‬نكاية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬

لقد‭ ‬دبر‭ ‬بومدين،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬إسبانيا،‭ ‬لإحداث‭ ‬بؤرة‭ ‬توتر‭ ‬بجنوب‭ ‬المغرب‭ ‬«وتحقيق‭ ‬طموح‭ ‬استعماري‭ ‬فرنسي‭ ‬بإنشاء‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬تندوف»،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬أخبر‭ ‬به‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬المختار‭ ‬ولد‭ ‬داداه‭ ‬سنة‭ ‬1973،‭  ‬وذلك‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬تقارير‭ ‬استخباراتية‭ ‬أمريكية،‭ ‬أفرج‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬حاليا،‭ ‬أشارت‭ ‬لوقوع‭ ‬مفاوضات‭ ‬سرية‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬هواري‭ ‬بومدين‭ ‬والسلطات‭ ‬الإسبانية،‭ ‬حول‭ ‬منح‭ ‬إسبانيا‭ ‬للجزائر‭ ‬منفذا‭ ‬على‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬مقابل‭ ‬قيام‭ ‬الجزائر‭ ‬بالتوقف‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬مطالب‭ ‬تحرير‭ ‬الصحراء‭. ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬طيلة‭ ‬مفاوضات‭ ‬الجزائر‭ ‬مع‭ ‬فرنسا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستقلال،‭ ‬ظل‭ ‬يؤجل‭ ‬ترسيم‭ ‬حدوده‭ ‬الشرقية‭ ‬والجنوبية‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬المستقلة‭ ‬مباشرة،‭ ‬فلم‭ ‬يطالب‭ ‬بعودة‭ ‬الصحراء‭ ‬الشرقية،‭ ‬أو‭ ‬باسترجاع‭ ‬تندوف‭ ‬وعودتها‭ ‬إلى‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭. ‬بل‭ ‬كان‭ ‬يطالب‭ ‬بشيئين‭ ‬اثنين:‭ ‬عودة‭ ‬السلطان‭ ‬الشرعي‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬عرشه‭ ‬ووطنه،‭ ‬والظفر‭ ‬باستقلال‭ ‬المغرب‭.‬

لقد‭ ‬بات‭ ‬جليا‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬«البوليساريو»‭ ‬التي‭ ‬تستعملها‭ ‬الجزائر‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬ماكينة‭ ‬إرهابية‭ ‬يضعها‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬على‭ ‬عنق‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬وترابية‭. ‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬عمر‭ ‬هلال،‭ ‬الممثل‭ ‬الدائم‭ ‬للمغرب‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أن‭ ‬تواطؤ‭ ‬«بوليساريو»‭ ‬مع‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬بات‭ ‬أمرا‭ ‬ثابتا‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬للتحالف‭ ‬الدولي‭ ‬ضد‭ ‬داعش،‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬بمراكش (2022)،‭ ‬أكد‭ ‬الصلات‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الانفصال‭ ‬والتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬«تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬بالمغرب‭ ‬الإسلامي،‭ ‬جماعة‭ ‬نصرة‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬بمنطقة‭ ‬الساحل،‭ ‬داعش‭.. ‬إلخ»‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بل‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬«الجماعات‭ ‬الانفصالية‭ ‬تعد‭ ‬عاملا‭ ‬لزعزعة‭ ‬الاستقرار‭ ‬والهشاشة‭ ‬في‭ ‬المنطقة»‭.‬

لقد‭ ‬ذكر‭ ‬المؤرخ‭ ‬والخبير‭ ‬السياسي‭ ‬الإسباني،‭ ‬بيدرو‭ ‬إغناسيو‭ ‬ألتاميرانو،‭ ‬أن‭ ‬«النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬شكل‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬ملاذا‭ ‬للجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬لاسيما‭ ‬البوليساريو‭ ‬وإيتا»،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬«إسبانيا‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬الجزائر‭ ‬دربت‭ ‬وكونت‭ ‬ودعمت‭ ‬الإرهاب‭ ‬الدولي‭ ‬والإرهاب‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وخاصة‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬وإيتا‭ ‬الباسكية»‭.‬

وأكد‭ ‬بيدرو‭ ‬إغناسيو‭ ‬ألتاميرانو‭ ‬أن‭ ‬«دعم‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬لجماعة‭ ‬إيتا‭ ‬الإرهابية‭ ‬معروف‭ ‬تاريخيا،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التدريب‭ ‬أو‭ ‬الدعم‭ ‬الدبلوماسي»،‭ ‬وأعضاء‭ ‬إيتا‭ ‬كانوا‭ ‬يتدربون‭ ‬بمعسكرات‭ ‬جزائرية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد»‭. ‬وتابع: «الجزائر‭ ‬أصبحت‭ ‬الملاذ‭ ‬الحقيقي‭ ‬للحركات‭ ‬الثورية‭ ‬المسلحة،‭ ‬وقدمت‭ ‬الدعم‭ ‬دائما‭ ‬لكل‭ ‬أنواع‭ ‬العصابات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إيتا‭ ‬وجبهة‭ ‬البوليساريو»،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬«الجزائر‭ ‬خصصت‭ ‬في‭ ‬معسكراتها‭ ‬دورات‭ ‬تكوينية‭ ‬لتنظيم‭ ‬إيتا‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يطالب‭ ‬باستقلال‭ ‬إقليم‭ ‬الباسك»‭.‬

ولا‭ ‬يكتفي‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭ ‬باحتضان‭ ‬المرتزقة‭ ‬والإرهابيين،‭ ‬أمثال‭ ‬الإرهابي‭ ‬الفنزويلي‭ ‬كارلوس‭ ‬«الذي‭ ‬كان‭ ‬صديقا‭ ‬شخصيا‭ ‬لبومدين‭ ‬وبوتفليقة»،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬لإيران‭ ‬التي‭ ‬بادرت‭ ‬إلى‭ ‬إرسال‭ ‬إرهابيين‭ ‬من‭  ‬«حزب‭ ‬الله»‭ ‬اللبناني‭ ‬لإعادة‭ ‬«تتياك»‭ ‬الخريطة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬حيث‭ ‬تمكنت‭ ‬طهران،‭ ‬عبر‭ ‬«تنظيمها‭ ‬اللبناني»،‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬روابط‭ ‬عسكرية‭ ‬بمرتزقة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حذّر‭ ‬منه‭ ‬ممثلون‭ ‬أوروبيون،‭ ‬مثل‭ ‬النائب‭ ‬أنطونيو‭ ‬لوبيز‭ ‬إستوريز‭ ‬وايت‭.‬

وقد‭ ‬كشفت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلامية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬عن‭  ‬وجود‭ ‬علاقات‭ ‬متينة‭ ‬بين‭ ‬البوليساريو‭ ‬و«حزب‭ ‬الله»‭. ‬بل‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬اللبناني‭ ‬متورط‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬مالية‭ ‬واسعة‭ ‬لجبهة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬تندوف‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬والإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬وبالطبع‭ ‬لبنان‭ ‬عبر‭ ‬«حزب‭ ‬الله»‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬يشملها‭ ‬هذا‭ ‬المخطط،‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬«دي‭ ‬فيلت»‭ ‬الألمانية‭ ‬بلجيكا‭ ‬وفرنسا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وألمانيا‭.‬

وترى‭ ‬التقارير‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬أن‭  ‬توغل‭ ‬«حزب‭ ‬الله»‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬تهديدا‭ ‬لاستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية‭ ‬أو‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يشكل‭ ‬أيضا‭ ‬تهديدا‭ ‬لأوروبا،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تحاول‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬توسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تأتى‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬«الحضن‭ ‬الجزائري»‭ ‬الذي‭ ‬يضع‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬أسلحته‭ ‬الموجهة‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬وأي‭ ‬تعاون‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭ ‬وتدريب‭ ‬الانفصاليين‭ ‬وتسليحهم‭ ‬وإعدادهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬شن‭ ‬حرب‭ ‬«المسيرات»‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭.‬

لقد‭ ‬اختارت‭ ‬الجزائر‭ ‬أن‭ ‬تدعم‭ ‬اللاستقرار،‭ ‬وأن‭ ‬تجعل‭ ‬للحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬والانفصالية‭ ‬المسلحة‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬في‭ ‬بلدانها،‭ ‬مما‭ ‬يُمهد‭ ‬لها‭ ‬الطريق‭ ‬لاختراق‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬وإلحاقها‭ ‬بالحلف‭ ‬الجزائري‭ ‬الكبير‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬ظلت‭ ‬مخلصة‭ ‬للحظة‭ ‬التأسيس،‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬حلقة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬بالقارة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬وجمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭.. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تطلعها‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬الاختراق‭ ‬الأكبر‭ ‬بإنشاء‭ ‬دولة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وإلحاق‭ ‬أكبر‭ ‬خسارة‭ ‬سياسية‭ ‬وديبلوماسية‭ ‬وعسكرية‭ ‬بالمغرب‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬عقدة‭ ‬لعسكر‭ ‬دولة‭ ‬العصابة‭.. ‬
 
تفاصيل أوفى في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
رابط العدد هنا