الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
خارج الحدود

يوسف لهلالي: التنديد بعنف الشرطة مازال مستمرا بفرنسا 

يوسف لهلالي: التنديد بعنف الشرطة مازال مستمرا بفرنسا  يوسف لهلالي من باريس ومشاهد لعنف الشرطة الفرنسية
المنع الذي أصدرته السلطات الفرنسية بباريس لمسيرة تكريم للراحل أداما تراوري، الذي توفي أثناء اعتقاله في عام 2016 من طرف الامن، لم يحل دون تجمع حوالي 2000 شخص في ساحة لاريبيبليك في مسيرة لتكريم ضحايا عنف الشرطة.

وشهدت حوالي 30 مدينة فرنسية، يوم السبت، تنظيم "مسيرات مواطناتية" مناهضة لعنف الشرطة، وذلك بعد أيام قليلة من مقتل الشاب نائل على يد ضابط شرطة، مما تسبب في موجة من أعمال الشغب في جميع أنحاء البلاد. وشارك مئات الأشخاص في هذه المسيرات، خاصة في مدن مرسيليا ونانت وستراسبورغ وبوردو وديجون، وكذلك في باريس رغم حظر السلطات لها.

وكانت ولاية أمن باريس حظرت مسيرة نظمت مظاهرة باريس، لأنها "تمثل مخاطر الإخلال بالنظام العام"، ولا سيما في "السياق المتوتر" والليالي المتتالية من العنف الحضري الذي أعقب وفاة نائل حسب السلطات الفرنسية. وألقت آسا تراوري، شقيقة أداما التي باتت تجسد في فرنسا الكفاح ضد عنف الشرطة، كلمة أمام عدد من نواب حزب "فرنسا المتمردة" (يسار راديكالي)، محاطة بقوات أمنية. وقالت "نسير من أجل الشباب، من أجل التنديد بعنف الشرطة. يريدون إخفاء قتلانا. فرنسا ليست في موقع إعطاء دروس أخلاقية. شرطتها عنصرية، شرطتها عنيفة. وفتح تحقيق بحقها لتنظيمها التجمع.

وقد دعت قرابة مئة منظمة (نقابات وجمعيات وتجمعات وأحزاب سياسية) إلى "مسيرات مواطناتية" للتعبير عن "الحداد والغضب" والتنديد بالسياسات التي تعتبر "تمييزية" ضد الأحياء الشعبية.  ومن بين الإجراءات التي طالبت بها هذه المنظمات إصلاح "عميق" للشرطة ، وأساليب تدخلها وتسليحها، وإلغاء قانون 2017 بشأن تخفيف قواعد استخدام الشرطة للأسلحة، واستبدال المفتشية العامة للشرطة الوطنية من قبل هيئة مستقلة عن التسلسل الهرمي للشرطة والسلطة السياسية.

 وبالنسبة لهذه المنظمات، فإن التمرد الذي هز الأحياء الشعبية منذ وفاة نائل، وهو مراهق يبلغ من العمر 17 عاما قتل على يد شرطي في نانتير (ضاحية باريس)، هو نتيجة "التخلي عن هؤلاء السكان" و"عقود من التجاوزات" لسياسة الشرطة وقوانين الأمن وإجراءات الطوارئ.

و أعربت لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة التي  تبنت بصورة عاجلة إعلانا الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة، مطالبة باريس "بتبني تشريع يحدد ويحظر التنميط العرقي." كما عبرت عن قلقها الشديد إزاء "استمرار ممارسة التنميط العرقي إلى جانب الاستخدام المفرط للقوة في إنفاذ القانون، ولا سيما من قبل الشرطة، ضد أفراد الأقليات بما في ذلك الأشخاص من أصول إفريقية وعربية."

وأكدت فرنسا في بيانها، وردا على هذا البيان الاممي "أنها دولة قانون تحترم التزاماتها الدولية ولا سيما الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري"، مشددة على أن "مكافحة العنصرية وجميع أشكال التمييز أولوية سياسية بفرنسا."
 يذكر أن أعمال عنف واسعة اندلعت في فرنسا يوم 27 يونيو الماضي، بعد نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر شرطيا يطلق النار من مسافة جد فريبة، على قاصر ويرديه قتيلا.
 ومساء هذه المأساة، اندلع العنف بين الشباب الغاضب والشرطة في نانتير قبل أن ينتشر بعد ذلك إلى مدن أخرى في ضاحية باريس ومدن أخرى في جميع أنحاء البلاد. ووجهت إلى الشرطي الذي قتل نائل تهمة القتل العمد وتم إيداعه في السجن.

وسعت مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف وسواها من اليمين الكلاسيكي، ألقو اللوم في أعمال العنف والنهب الواسعة والاشتباكات على الشباب من أصول مهاجرة، وعائلاتهم المستقرة بالضواحي متهمة الحكومة بفتح الباب امام الهجرة "الفوضوية".
سعت للحكومة للرد على هذا الخطاب الذي يدفع به اليمين المتطرف وحزب الجمهوريين والقائل إن المهاجرين هم المسؤولون عن الاضطرابات التي تضرر منها العديد من المباني العمومية.
وصرح وزير الداخلية جيرار دارمانان أن 90 بالمئة من قرابة 3000 شخص أوقفوا في خمس ليال من أعمال الشغب الأعنف، هم فرنسيون وليسوا أجانب.
وقال دارمانان "نعم، هناك البعض الذين قد يكونون من خلفيات مهاجرة"، في إشارة إلى سجلات أسماء الموقوفين التي اطلع عليها خلال جولته على مراكز الشرطة."لكن هناك أيضا العديد من (أسماء) كيفن وماتيو  ومنذ اندلاع أعمال العنف، تم اعتقال أكثر من 3700 شخص، بينهم 1160 قاصرا، وفقا للأرقام الرسمية.
وأجرت جريدة لوباريزيان استطلاعا حول أولوية الفرنسية بعد الاحداث التي عاشتها في الأيام الاخيرة، فقد عبر 61 في المائة من الفرنسيين عن أولوية القدرة الشرائية، وجاء الانشغال الأمني في الدرجة الثانية بنسبة 49 في المائة.
هذه الاحداث العنف التي شهدتها فرنسا التي دامت عدة أيام، جعلت فرنسا في وضعية صعبة مع ضواحيها من جهة ومع صورتها في الخارج بعد ان اعتبرت الأمم المتحدة ان "شرطتها عنصرية وتستهدف الأقليات العربية والافريقية "ورغم نفي فرنسا الشديد، فان صورة شرطة عنيفة وعنصرية ترسخت لدى الصحافة الدولية وبالخارج، خاصة ان ارقام الضحايا عنف الشرطة تعتبر الأكبر بأوروبا.