الخميس 2 مايو 2024
اقتصاد

أسعار الأضاحي تكشف كذبة "المغرب الأخضر"

أسعار الأضاحي تكشف كذبة "المغرب الأخضر" عزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬مهندس‭" ‬المغرب‭ ‬الأخضر"
على‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬بدأ‭ ‬المغاربة‭ ‬يضعون‭ ‬أياديهم‭ ‬على‭ ‬قلوبهم‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬نضوب‭ ‬الجيب،‭ ‬واضطرارهم‭ ‬إلى‭ ‬قضاء‭ ‬شهر‭ ‬يوليوز‭ ‬القادم‭ ‬بصفر‭ ‬درهم،‭ ‬أو‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الاقتراض‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬ومؤسسات‭ ‬السلف‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬تعيش‭ ‬قلقا‭ ‬كبيرا‭ ‬مع‭ ‬"المؤشرات‭ ‬الاقتصادية"‭ ‬التي‭ ‬تذهب‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬أن‭ ‬«الأضاحي»‭ ‬ستشهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬الأثمنة،‭ ‬لاعتبارات‭ ‬عديدة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬اضطرار‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬استيراد‭ ‬الخرفان‭ ‬من‭ ‬الجارة‭ ‬الإسبانية‭.‬
 
ويرجح‭ ‬الكسابون‭ ‬والمهنيون‭ ‬أن‭ ‬أثمنة‭ ‬الخرفان‭ ‬الصغيرة‭ ‬ستتراوح‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2500‭ ‬درهم‭ ‬و3000‭ ‬درهم،‭ ‬بينما‭ ‬سيصل‭ ‬أثمان‭ ‬«الأكباش‭ ‬الجيدة»،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬الصردي‭ ‬إلى‭ ‬6000‭ ‬درهم‭ ‬فما‭ ‬فوق،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭  ‬أثمنة‭ ‬الأعلاف،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬توالي‭ ‬سنوات‭ ‬الجفاف‭ ‬لموسمين‭ ‬متتابعين،‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬نقصا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬رؤوس‭ ‬الأغنام،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الاستيراد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬القطيع‭ ‬الوطني،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أوردته‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بلاغ‭.‬

لجوء‭ ‬حكومة‭ ‬أخنوش،‭ ‬مهندس‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬مخططه‭ ‬سيخرج‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬الندرة‭ ‬إلى‭ ‬الوفرة‭ ‬ومن‭ ‬«التبعية‭ ‬الغذائية»‭ ‬إلى‭ ‬«السيادة‭ ‬الغذائية»،‭ ‬إلى‭ ‬الأضاحي‭ ‬المستوردة‭ ‬لا‭ ‬يحمل‭ ‬أي‭ ‬تطمين‭ ‬للمغاربة،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬أثر‭ ‬الاستيراد‭ ‬على‭ ‬الأسعار:‭ ‬هل‭ ‬سيحد‭ ‬من‭ ‬ارتفاعها؟‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سعر‭ ‬الأضحية‭ ‬الذي‭ ‬يستجيب‭ ‬للقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن؟‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬علاقة‭ ‬هذا‭ ‬السعر‭ ‬بالحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور؟‭ ‬هل‭ ‬ستسمح‭ ‬الحكومة‭ ‬ببيع‭ ‬أضاحي‭ ‬توازي‭ ‬«السميغ»،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ضعفيه؟‭  ‬
 
إن‭ ‬سكوت‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬الأسعار،‭ ‬وسكوتها‭ ‬عن‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬ستحد‭ ‬من‭ ‬ضرب‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬وترك‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬الغارب‭ ‬للسماسرة‭ ‬و«الشناقة»‭ ‬للإجهاز‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للمغاربة،‭ ‬يطرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تساؤل‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬حيرة‭  ‬المواطنين،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتلق‭ ‬أي‭ ‬إجابة‭ ‬مُطَمْئِنَة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬تمكينه‭ ‬من‭ ‬الأضحية‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬كرامته‭. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬«حكومة‭ ‬صاحب‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر»‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬القطيع‭ ‬الوطني،‭ ‬كما‭ ‬يدعي‭ ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسمها،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬جيوب‭ ‬المواطن‭ ‬المستنزفة‭ ‬أصلا‭ ‬بسبب‭ ‬تواتر‭ ‬موجات‭ ‬الغلاء،‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬ألا‭ ‬تبقى‭ ‬«حكومة‭ ‬الكفاءات»‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬المتفرج،‭ ‬وعاجزة‭ ‬عن‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬عملية‭ ‬وواقعية‭ ‬للأسباب‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭  ‬وهي‭ ‬أسباب‭ ‬بنيوية‭ ‬ترتبط‭ ‬بقطاع‭ ‬الفلاحة،‭ ‬وبفشل‭ ‬المخطط‭ ‬الأخضر‭ ‬الذي‭ ‬أفرز‭ ‬آثارا‭ ‬جانبية‭ ‬تتصل‭ ‬كلها‭ ‬بالغلاء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬كما‭ ‬تتصل‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الخارجية‭.‬
 
لقد‭ ‬أخبرتنا‭ ‬حكومة‭ ‬أخنوش‭ ‬أن‭ ‬الطلب‭ ‬المرتقب‭ ‬على‭ ‬الأضاحي‭ ‬يقدر‭ ‬بحوالي‭ ‬5,6‭ ‬مليون‭ ‬رأس‭ ‬«منها‭ ‬5,1‭ ‬مليون‭ ‬رأس‭ ‬من‭ ‬الأغنام‭ ‬و500‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬الماعز»،‭ ‬وأن‭ ‬العرض‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬8‭ ‬ملايين‭ ‬رأس،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الإشكال‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬الطلب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار،‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وفي‭ ‬تبرير‭ ‬ذلك‭ ‬بارتفاع‭ ‬ثمن‭ ‬الأعلاف‭ ‬وتواتر‭ ‬سنوات‭ ‬الجفاف‭. ‬الإشكال‭ ‬ليس‭ ‬في‭  ‬إعادة‭ ‬التوازن‭ ‬للسوق‭ ‬الوطنية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يكمن‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬العملية‭ ‬الكفيلة‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬الشروط‭ ‬المناسبة‭ ‬ليمر‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬سلسلة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬إثقال‭ ‬كواهل‭ ‬الناس‭ ‬بما‭ ‬يفوق‭ ‬طاقتهم،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الصيف‭ ‬على‭ ‬الأبواب،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يستدعيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬«مصاريف‭ ‬العطلة»‭ ‬وما‭ ‬سيليها‭ ‬من‭ ‬إرغامات‭ ‬يفرضها‭ ‬الدخول‭ ‬المدرسي‭ ‬المقبل‭.‬

إن‭ ‬الاكتواء‭ ‬المرتقب‭ ‬بنيران‭ ‬أسعار‭ ‬الأضاحي‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬حكماء‭ ‬الدولة‭ ‬التدخل‭  ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مستعجل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ردم‭ ‬الهوة‭ ‬الساحقة‭ ‬بين‭ ‬الثمن‭ ‬الحقيقي‭ ‬للخروف‭ ‬وذلك‭ ‬الذي‭ ‬يفرضه‭ ‬السماسرة‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬المغلوبين‭ ‬على‭ ‬أمرهم‭. ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬وضع‭ ‬أمننا‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والغذائي‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬حكومة‭ ‬أصبحت‭ ‬مادة‭ ‬خصبة‭ ‬للتهكم‭ ‬والسخرية‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والوسائط‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تبدع‭ ‬الحلول‭ ‬وغير‭ ‬معنية‭ ‬بأي‭ ‬حل‭ ‬لأي‭ ‬مشكلة،‭ ‬ولا‭ ‬تبرع‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬التبريرات‭ ‬المختلة،‭ ‬وفي‭ ‬إلصاق‭ ‬الفشل‭ ‬بالمواطنين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتركون‭ ‬«الكفاءات»‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬صمت‭.‬
 
تفاصيل أوفر تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية " الوطن الآن