Friday 25 April 2025
ONCF Voyages
فن وثقافة

أوراق عن التراث المغربي المخطوط وفهارسه

أوراق عن التراث المغربي المخطوط وفهارسه نماذج من فهارس المخطوطات المغربية
خصص الإعلامي عبد الإله التهاني، الحلقة الاخيرة من برنامجه الاذاعي "مدارات " للحديث عن التراث المغربي المخطوط، وكذا للتعريف بالمكتبات العامة والخاصة التي تحتضن نفائسه، والمؤلفة في شتى أصناف العلوم والمعارف.
كما استعرض الجهود التي بذلها الباحثون المغاربة والأجانب، من أجل فهرسة الرصيد المغربي من المحفوظات المحفوظة بالخزانات ، في مختلف جهات المغرب .
■ رصيد زاخر ونفيس من المخطوطات :
وأوضح عبدالاله التهاني في مستهل هذه الحلقة، أن المغرب يتوفر على رصيد زاخر من التراث المخطوط، يجعله من أكثر البلدان في العالم امتلاكا لنفائس المخطوطات، في كل ميادين الفكر والمعرفة والابداع، وبذلك يتبوأ المغرب مكانة متميزة في هذا الباب ، مقارنة
مع باقي دول العالم ، حيث ذكر أنه إلى حدود الإحصائيات المعلنة سنة 2015 ، تكون ذخيرة المغرب من المخطوطات الموثقة ، قد بلغت 86 ألف و438 مخطوطا، محفوظة في عدد من الخزانات العامة والخاصة بالمغرب ، لافتا إلى أنه من المفترض أن يكون هذا الرقم، قد ارتفع مع تسجيل أعداد جديدة إضافية من المخطوطات المغربية.
وبهذه الكيفية ، يبدو موقع المغرب في خريطة المخطوطات موقعا جيدا ، مقارنة مع دول أخرى كتركيا، وألمانيا ، وبريطانيا وفرنسا ، وإسبانيا ، وأوزباكستان وغيرها .
كما أبرز عبدالاله التهاني أن رصيد المغرب من تراثه المخطوط ، يغطي كافة العلوم والمعارف ،كالفلسفة وعلم الكلام والمنطق، والتصوف ، والفيزياء والكيمياء والطب والحساب والبيطرة ، وعلم الفلك والسيرة النبوية ، وعلوم الحديثر والتفسير واللغة والمعاجم ، والتاريخ والجغرافيا والموسيقى، والصناعات والفقه ومذاهبه، والنوازل، والقضاء ، وعلم الأنساب والآداب والدواوين الشعرية ، وتراجم الأعلام والفنون المختلفة، لافتا الانتباه إلى وجود مخطوطات للكتب السماوية ، ومخطوطات أخرى مكتوبة باللغات الفارسية والعبرية والتركية، بالإضافة إلى المخطوطات المغربية الأمازيغية ، التي حررها مؤلفوها بالحرف العربي.
■ خريطة الرصيد المغربي من المخطوطات :
واستعرض عبدالاله التهاني خريطة توزيع المخطوطات بين الخزانات العامة والخاصة ، بمختلف جهات التراب الوطني ، كالخزانة الحسنية والمكتبة الوطنية بالرباط، وخزانة القرويين بفاس، وخزانة جامع بن يوسف بمراكش، والخزانة العامة بتطوان، وخزانة الجامع الأعظم بمكناس، وخزانة الجامع الأعظم بتازة، والخزانة الناصرية بتمكروت، وخزانة المعهد الإسلامي بتارودانت، وخزانة تانغملت بإقليم أزيلال، وخزانة رالمعهد الديني بتطوان.
وأوضح عبدالاله التهاني بأن هذا الرصيد الغني ، ينضاف إليه تراث آخر مخطوط ، يوجد بكل من الخزانة الحمزية، وخزانة الجامع الكبير بوزان، وخزانة الجامع الكبير بزرهون، وخزانة بزو بمنطقة أزيلال، مشيرا أيضا إلى الرصيد الهائل من التراث المخطوط بالاقاليم الجنوبية للمملكة ، والذي توارثته أسر مغربية صحراوية ، معروفة بالتاريخ العلمي لروادها وأعلامها من شيوخ العلم، كعائلة ماء العينين والكنتيين، وآل بريك الله، وأبناء أبي السباع وعائلة حيبلتي ، وعائلة محمد سالم.
وذكر في نفس السياق بأن أسرة أُوعَمُّو بمدينة تزنيت، هي أيضا من الأسر المغربية التي امتلكت رصيدا مهما من المخطوطات. 
■ ترتيب مخطوطات المكتبات العامة والخاصة :
اعتبر الإعلامي عبد الإله التهاني بأن الخزانة الحسنية بالرباط، تقف في طليعة خزائن العلم، التي حافظت على رصيدها الزاخر من المخطوطات ، بفضل عناية ملوك الدولة العلوية، بصيانة وحفظ هذا التراث النفيس .
وبدورها ، تأوي المكتبة الوطنية التي كانت تسمى في السابق بالخزانة العامة للكتب والوثائق، ذخيرة هامة من المخطوطات النفيسة، قدرت بأربعة عشر ألف و مائة وأربع وخمسين مخطوطا ، وفق ما هو موثق
إلى حدود سنة 2015 ، مشيرا إلى أن هذه المخطوطات تشمل كل العلوم والمعارف والآداب والفنون والصناعات .
وتأتي بعدها مباشرة، خزانة القرويين بفاس، والتي تصل ذخائرها إلى 5157 مخطوطا ، بينما تحتل الزاوية الناصرية بتمكروت ، المرتبة الرابعة وطنيا ، من حيث حجم المخطوطات الموجودة في رفوفها ، والتي تقدر بحوالي 4000 مخطوط، تليها خزانة جامع بن يوسف بمراكش، التي تضم 2400 مخطوط، متبوعة بالخزانة العامة في تطوان التي تتوفر على 2000 مخطوط ، ثم خزانة الجامع الكبير في وزان بحوالي 1248 مخطوطا، والخزانة الحمزية التي تتوفر في أدراجها على 1202 من المخطوطات.
وعن ترتيب باقي الخزانات المغربية ، قياسا لما تضمه من نفائس التراث المغربي المخطوط، أشار نفس المتحدث إلى خزانة تنغملت بحوالي 791 مخطوطة، ثم خزانة الجامع الأعظم بتازة التي تحتوي على 703 مخطوطة، تأتي بعدها خزانة الجامع الكبير بمكناس التي تضم 493 مخطوطة، وخزانة الجامع الكبير بمدينة زرهون بحوالي 420 مؤلفا مخطوطا ، في حين تحتوي خزانة المعهد الإسلامي بتارودانت على 183 مخطوطا، وتأتي بعدها في خاتمة الترتيب ، خزانة "بزو" التي تضم 70 مخطوطا.
وبخصوص العدد الوفير من المخطوطات، المحفوظة لدى أسر مغربية صحراوية من أبناء الأقاليم الجنوبية بالمملكة، أشار نفس المصدر إلى أنه يتميز بقيمته العلمية والتاريخية، ويصل مجموعه إلى حوالي 40 ألف مخطوطا ، حسب ما تم توثيقه إلى حدود سنة 2015 ، وهي مخطوطات توارثتها هذه الأسر الكبيرة من أعلامها وشيوخها عبر الزمن.
■ جهود الفهرسة من ليفي بروفنصال وعبدالله الرجراجي ، إلى إبراهيم الكتاني ومحمد العربي الخطابي ومحمد المنوني :
وفي سياق متصل، أكد الإعلامي عبد الإله التهاني أن الباحثين المغاربة والأجانب قد بذلوا جهودا علمية جبارة ، من أجل إنجاز عدة فهرسات للمخطوطات المحفوظة بخزائن العلم في المغرب، ولاسيما منها المكتبات العمومية ، حيث اعتبر أن العمل الذي أنجزه المستشرق الفرنسي "ليفي بروفانصال"، يعد عملا رائدا في هذا الباب، من خلال إنجازه أول فهرس شامل للمخطوطات العربية بالمغرب، والذي صدر بباريس سنة 1921، في 306 صفحة، حيث قدم فيه هذا الباحث ، وصفا دقيقا عن 531 مخطوطا عربيا، مما يجعل من فهرس "ليفي بروفنصال "، عملا تأسيسيا في مسار فهرسة التراث المغربي المخطوط، رغم بعض الهفوات الطفيفة التي وقع فيها أحيانا ، عند وصفه لبعض المخطوطات المحدودة العدد، من قبيل الخلط بين مؤلف المخطوط وناسخه، أو نسبته لغير مؤلفه أصلا ، فضلا عن لجوء هذا المستشرق إلى وضع عنوان موحد لكل أجزاء المجموع المخطوط ، رغم أن كل جزء هو تأليف مستقل بموضوعه، مما كان يتطلب الفصل بين الأجزاء ، وبيان عنوان كل جزء على حدة .
وشدد عبد الإله التهاني على أن ذلك ، لا يقلل أبدا من قيمة الفهرسة الوصفية التي أعدها "ليفي بروفنصال"، والتي جاءت متطورة على المحاولات الأولى للفهرسات التي قام بها في السابق ، غيره من الباحثين الأجانب ، مثل محاولة بول ميّار ، الذي أنجز قائمة بمخطوطات الجامع الكبير بطنجة، وقام بنشرها سنة 1918، في مجلة العالم الإسلامي الصادرة بباريس. ونفس الشي ينطبق على "ألفريد بيل " ، الذي كان قد أشرف على إعداد فهرسة لمخطوطات جامع القرويين بفاس.
وعن مزايا فهرسة المستشرق "ليفي بروفنصال" للمخطوطات العربية ، المحفوظة بالخزانة العامة بالرباط، والتي نشرها عام 1921، ذكر عبدالاله التهاني أنها جاءت فهرسة شاملة ،، حيث أدرج فيها كل المخطوطات التي وقف عليها ، في كافة مجالات العلوم وفنون المعرفة ، ومن ذلك مخطوطات المصاحف، والتفسير والحديث والفقه وأصوله، والقراءات القرآنية والسيرة النبوية، والتراجم والوعظ والأذكار والأوراد والأدعية ،
وعلم التوحيد والتصوف، والنوازل، واللغة والنحو والبلاغة والعروض والأدب، والمنطق وعلم الأنساب ،إضافة إلى المخطوطات المهتمة بالتاريخ والجغرافيا وبأدب المناقب .
■ فهارس المكملة لعمل ليفي بروفنصال :
وأشار عبدالاله التهاني الى الخزانة العامة بالرباط ، كانت قد أعادت سنة 1997، طبع فهرسة ليفي بروفنصال وإصدارها في حوالي 343 صفحة ، بعد مراجعتها وتنقيحها من طرف الباحثين المفهرسين صالح التادلي وسعيد مرابطي.
كما أصدرت عدة مجلدات من الفهرسات ، حيث توقف عند المجلد الرابع والخامس من فهارس المخطوطات المحفوظة لديها، واللذين تعاون على إنجازهما كل من العلامة المحقق المرحوم إبراهيم الكتاني، والباحث المرحوم صالح التادلي، علما أنهما قاما أيضا بإنجاز القسم الثالث من فهارس الخزانة العامة بالرباط ، رغم عدم إثبات اسميهما على واجهة الفهرسة عند صدورها ، وهو ما استدركه وصححه الاستاذ أحمد التوفيق حين كان مديرا للخزانة العامة بالرباط ، حرصا منه على واجب الانصاف .
كما توقف التهاني خلال هذه الحلقة، عند القسم الثاني من فهارس الخزانة العامة بالرباط، والتي كان قد أشرف على إعدادها المرحوم الاستاذ عبدالله الرجراجي، الذي كان مديرا لهذه الخزانة على عهد إدارة الحماية الفرنسية بالمغرب ، وساعده في هذه المهمة العلمية مساعده المرحوم الاستاذ علوش، الذي كان محافظا للقسم العربي بنفس الخزانة ، حيث صدرت هذه الفهرسة في جزأين، بتقديم المرحوم عبدالله الرجراجي سنة 1954، وهي فهرسة عالجا وقدما فيها وصفا دقيقا للمخطوطات التي دخلت إلى الخزانة العامة بالرباط، خلال الفترة الممتدة من 1921إلى 1953 ، بما مجموعه 1189 مخطوطا ، أي أنهما واصلا عمل الفهرسة انطلاقا من سنة 1921التي توقف عندها المستشرق الفرنسي ليفي بروفنصال .
وأورد عبدالاله التهاني بعض المعطيات المهمة، التي ذكرها المرحوم عبدالله الرجراجي في مقدمته لهذه الفهرسة، ومن ذلك أن الخزانة العامة كانت اغتنت بين 1921 و1953، بما استلمته من خزانة الشيخ ماء العينين بفاس ، وخزانة قصر السلطان العلوي مولاي عبدالحفيظ بطنجة، ومن مكتبة السيد لاريش قنصل فرنسا بالرباط ، وأيضا مما اقتنته الخزانة العامة من الكتبيين المغاربة .
كما أورد معد ومقدم برنامج "مدارات" ، ما ذكره المرحوم الاستاذ عبدالله الرجراجي، بشأن الفهرسة الموجزة التي أنجزها كل من الاستاذين الفرنسيين السيد بلاشير والسيد رونو ،حيث عالجا فيها المخطوطات التي دخلت إلى الخزانة العامة بالرباط، بين سنتي 1929 و 1930، وهي الفهرسة المنشورة ضمن الجزء الثاني عشر من مجلة "هيسبريس" ، الذي صدر سنة 1931، إذ اعتبره حلقة ثانية لفهرس ليفي بروفنصال ، لانه يوثق للمخطوطات التي دخلت إلى الخزانة، بعد طبع فهرسته بسنوات.
■ فهارس الخزانة الحسنية بالرباط :
وفي ذات السياق ، توقف عبدالاله التهاني عند الرصيد العلمي الزاخر المحفوظ بالخزانة الحسنية بالرباط ، والذي قال عنه بأنه يكتسي قيمة علمية وحضارية وازنة ، ويعكس مظهرت من مظاهر عنايةملوك الدولة المغربية ، بالحركة العلمية والادبية عبر العصور ، وحرصهم على الاطلاع وتتبع ما يؤلفه علماء المغرب والمشرق والاندلس .
كما أشار إلى أن ملوك المغرب كانوا يولون أيضا عنايتهم للنساخ ، لدورهم الحيوي في انتقال المعرفة عن طريق استنساخ المؤلفات بخطوطهم، مما كان أثر كبير على تطور الخط المغربي ، وتفنن النساخ المغاربة في الارتقاء بجماليته وتنويعها.
وانتقل عبدالاله التهاني إلى الحديث عن الجهود العلمية التي بذلها عدد من الباحثين المغاربة من أجل وضه فهارس دقيقة لمخطوطات الخزانة الحسنية، متوقفا بغير قليل من التفصيل عند مجلدات الفهارس القيمة ، التي أنجزها المدير الاسبق للخزانة الحسنية ، الوزير الاديب المرحوم محمد العربي الخطابي ، وصدرت بين 1981 و 1987 ، حيث كان آخرها هو المجلد السادس، الذي تضمن الفهرس الوصفي لعلوم القرآن الكريم ، وقبله الفهرسات الوصفية لمخطوطات علوم الطب والصيدلة ، والبيطرة والحيوان ، والنبات والرياضيات ، والفلك وأحكام النجوم والجغرافيا ، وغيرها من أصناف المعرفة .
كما أشار إلى الفهارس التي أنجزها العلامة المؤرخ المرحوم محمد المنوني، والتي أصدرها تحت عنوان " فهارس الخزانة الحسنية حسب أرقامها على الرفوف " ، وكذا فهرسة الاستاذ عبدالله عنان لمخطوطات الخزانة الحسنية في مجالات التاريخ ، والرحلات ، والاجازات العلمية ، مع إشارته كذلك إلى الفهرسات والكشافات التي أشرف على إعدادها والتقديم لها ، المدير الحالي للخزانة الحسنية الدكتور أحمد شوقي بنبين، ومنذ ذلك الفهرسات الخاصةبمخطوطات هذه الخزانة في باب الادب والبلاغة والعروض والسيرة النبوية .
■ نماذج من المخطوطات القرآنية:
واستعرض عبدالاله التهاني في ختام حديثه ، نماذج من مخطوطات قرآنية ناذرة ، تعود إلى مراحل سابقة من تاريخ المغرب والاندلس ، مكتوبة بخطوط مغربية وأندلسية وكوفية ، وبها زخارف مذهبة ، مبرزا إلى أنها محفوظة بعدد من الخزانات المغربية، ويرجع أقدمها إلى القرن الرابع الهجري ، حيث عرف ببعضها، استنادا إلى ما ورد في المصادر من أوصاف .