بعد إسدال الستار على إقصائيات فن التّْبَوْرِيدَةْ، ومرور سَرْبَاتْ الْخَيْلْ التي ستشارك في منافسات جائزة الحسن الثاني بدار السلام بالرباط (من 5 إلى 11 يونيو 2023)، حاورت جريدة "أنفاس بريس" شاعر الملحون محمد الكزولي الفاعل الجمعوي والممارس لفن التبوريدة، حيث شدد على ضرورة "فرض طُرُقْ التّْبَوْرِيدَةْ على المشاركين للحفاظ على التنوع والغنى التراثي المغربي الذي أدرج ضمن لوائح التراث الإنساني باليونيسكو".
في نفس السياق أوضح محمد الكزولي بأن "نوعية السّروج الدخيلة التي انتشرت في أوساط التبوريدة كما تنتشر النار في الهشيم تضرب في الصميم تقاليد وجمالية السَّرْجْ المغربي الأصيل، ناهيك عن المخاطر التي يشكلها هذا النوع الدخيل (الَعْظَمْ) على سلامة الفارس من ميلان وسقوط وحوادث خطيرة...".
من خلال تتبعكم للموروث التراثي الشعبي المتعلق بفن التبوريدة ما هي قراءتكم للإقصائيات الجهوية وما بين الجهات برسم سنة 2023؟
في الحقيقة كانت مشاركة مكثفة هذه السنة من حيث عدد الفرق المشاركة واجتهاد ملحوظ فيما يتعلق بجودة الخيول واللباس والسّروج. إلا أنه تم تسجيل غياب عدد كبير من السّربات المعروفة بقوتها على المستوى الوطني والحائزة على عدة ألقاب، وظهور سَرْبَاتْ جديدة لها من الإمكانيات والقوة والطموح ما يؤهلها لتحقيق نتائج مهمة.
في رأيكم كيف كان مستوى التنظيم على المستوى الإقليمي والجهوي في علاقة باللوجستيك ومحارك التبوريدة التي احتضنت الإقصائيات؟
يكمن أن أقول وبموضوعية أن دورة هذه السنة دورة استثنائية في ما يتعلق بمستوى التنظيم، خاصة مباريات الدور الثاني أو كما تسمى بـ (مباريات بين الجهات) التي نظمت في محرك مدينة بوزنيقة؛ سواء فيما يخص الجانب اللوجستيكي من تأثيث المحرك واعتماد المدرجات والمنصات الرسمية؛ أو فيما يرتبط بالتغطية الإعلامية والتنشيط، والأهم هو استحضار جانب السلامة خاصة طريقة توزيع كميات البارود وتعبئة البنادق.
ما هي أهم الملاحظات التي يمكن تسجيلها على مستوى اختيار مدينة بوزنيقة لتنظيم الإقصائيات؟
كان قرار اختيار تنظيم مباريات بين الجهات بمدينة بوزنيقة قرارا صائبا نظرا لما تتميز به هذه المدينة من مؤهلات وظروف مناسبة لتنظيم مثل هذه التظاهرة الكبرى خصوصا أن أرضية المحرك تعتبر من أفضل الْمَحَارِكْ بالمغرب، بحكم أنها تتوفر على فضاء شاسع يتسع لأكبر عدد ممكن من الجماهير، وركن السيارات والمركبات، ناهيك عن الجو المعتدل المناسب للجمهور والفرسان والخيل...في الحقيقة مدينة بوزنيقة حباها الله بمعطيات طبيعية (ساحلية وسياحية بامتياز).
ما هي قراءتكم للنتائج المعلنة من خلال السُّرَبْ التي ضمنت المنافسة على جائزة الحسن الثاني بدار السلام برسم سنة 2023.
أولا، لا بد من الإشارة إلى أن عنصر المفاجأة كان حاضرة في نتائج الدور الأول والثاني، خاصة مباراة بين الجهات الوسطى التي عرفت إقصاء فرق كبيرة في فن التبوريدة، ولها تجربة ورصيد مهم من الإنجازات، وهذا هو قانون اللعبة، وربما كانت فرصة سانحة أمام فرق أخرى للتألق والتتويج.
في رأيكم كفاعل جمعوي في ميدان التبوريدة وممارس، هل هناك تحسن أم تراجع على مستوى المحافظة على أصالة مستلزمات شروط التبوريدة من ألبسة وأَسْنِحَةْ وخيول مقارنة مع السنة الفارطة؟
رغم عودة عدد من السربات لأصالتها وتقاليد منطقتها (لباسا وعدة ولعبا) بعد سنوات من تقليد تقاليد مناطق أخرى (بعض سَرْبَاتْ الجهة الشرقية نموذجا)، يبقى مشكل التفريط في الأصالة مطروحا بحدة، خاصة نوعية السّروج الدخيلة التي انتشرت في أوساط التبوريدة كما تنتشر النار في الهشيم ضاربة للتقاليد ولجمالية السَّرْجْ المغربي الأصيل، ناهيك عن المخاطر التي يشكلها هذا النوع الدخيل على سلامة الفارس من ميلان وسقوط وحوادث خطيرة...في انتظار تدخل الجهات الوصية والمنظمة للحسم في الأمر من خلال منع هذا النوع من السّروج على الأقل في المنافسات الرسمية.
ماهي قراءتكم لطرق وكيفيات اللعب وفق انتماء السَّرْبَاتْ لمختلف مدارس التّْبَوْرِيدَةْ. وهل ممكن اعتماد طرق وكيفيات اللعب كقواعد قانونية مستقبلا خلال المنافسات؟
بالنسبة لإدراج طرق التبوريدة كبند أساسي ضمن قانون التّْبَوْرِيدَةْ المعتمد لدى لجان التحكيم، أظن أن هذا المشروع لازال في طور التدارس بعدما تم تقديمه من طرف جمعية (الْحَبَّةْ والْبَارُودْ) للشركة الملكية لتشجيع الفرس sorec، ورغم تخصيص هذه الأخيرة منحة خاصة لتشجيع اللعب بالطرق (قدرها 3000 درهم)، إلا أن جل السَّرْبَاتْ المشاركة لا تهتم بطرق وكيفيات مدارس التّْبَوْرِيدَةْ، ولا تلتزم بخصوصية مناطقا التي تمثلها؛ لهذا أظن أن الحل الأنسب هو فرض طُرُقْ التّْبَوْرِيدَةْ على المشاركين للحفاظ على التنوع والغنى التراثي المغربي الذي أدرج ضمن لوائح التراث الإنساني باليونيسكو.
كيف كانت مشاركة سُرَبْ الشّبان خلال الإقصائيات. وكيف تقرأ مستقبل توريث فن التبوريدة بالمغرب للأجيال الصاعدة؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من التنويه بفكرة خلق بطولة خاصة بفئة الشبان لما فيها من أبعاد تراثية تستقطب الشباب وتشجعهم على ممارسة فن ورياضة التبوريدة و تضمن من خلالها الاستمرارية لهذا التراث العريق. أما بالنسبة لمشاركة هذه الفئة العمرية فقد كانت منافسات فرق الشبان في دورة 2023، لا تقل قوة وشراسة عن منافسات فرق فئة الكبار سواء على مستوى اللعب أو جودة طلقات البارود؛ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن التبوريدة في المسار الصحيح ولا خوف على مستقبلها.
تابعنا جميعا منافسات وإقصائيات التبوريدة، بالنسبة لكم كيف كان مستوى التحكيم طيلة متابعتكم للإقصائيات؟
لقد كان التحكيم محكما وعادلا، بل يمكن القول أن التحكيم كان في مستوى الحدث، طبعا تحت إشراف لجان متمرسة ولها تجربة في هذا المجال؛ وخير دليل على ذلك انطباع المشاركين وعشاق التبوريدة إلى جانب الجمهور الذي حج بكثافة لتابعت كل المباريات الجهوية وبين الجهات من خلال استحسانهم ورضاهم على النتائج المعلن عنها.