فيلم "أسماك حمراء" لعبد السلام الكلاعي انتصر للفن وللسينما الاختيار الصائب والذكي يلعب دورا كبيرا في قيمة العمل السينمائي، فليس كل مخرج له الشجاعة الكافية، والحدس التشخيصي، والرؤية الفنية في اختيار ممثليه وتسكينهم في أدوارهم بذكاء وخصوصا الممثلات، فهناك - ولا أعمم طبعا - من يختارهن بنصفه السفلي، أو فقط لأن زوجته أو عشيقته فيها شيئا من رائحة التمثيل فيمنح لنفسه كامل الحق في جعلها بطلة فيلمه حتى لو كانت فاشلة ولا تصلح، أو يتم الاختيار على أساس العلاقات والشللية... وهذا معروف.
اختيار بطلات فيلم "أسماك حمراء" لعبد السلام الكلاعي انتصر للفن وللسينما أولا، وانتصر للعمل أيضا باعتبار أن الممثل هو جزء لا يتجزأ منه ومن نجاحه، ما أثارني في اختيار البطلات الثلاث وهن جليلة التلمسي في دور حياة، وفريدة بوعزاوي في دور أمل، ونسرين الراضي في دور هدى أخت أمل، أنهن بنات المسرح ومن خريجات المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط ISADAC، ولكل واحدة منهن جذور متجذرة في الركح من ناحية الممارسة، ومسيرة متميزة في الفعل المسرحي، إذًا لهن خلفية إبداعية مهمة أولا، ثم قاسما مشتركا جمعهن من قبل داخل مدرسة واحدة وعلى منهج واحد، مما جعلهن في هذا العمل أكثر انسجاما مع بعضهن البعض وأكثر انصهارا في أدوارهن.
نجاح فيلم أسماك حمراء من ناحية التشخيص المتقن بحرفية عالية وأنا أتحمل مسؤوليتي في هذا يرجع بالأساس الى حسن الاختيار وتسكين الممثل في الدور الذي يناسبه، وعسى أن يفهم البعض أن حسن اختيار الممثل وإدارته بشكل فني ذكي يشكل نصف العمل لأنه هو الجسر الذي يربط بينه وبين المتلقي.
