Tuesday 19 August 2025
مجتمع

بعد‭ ‬تنامي‭ ‬التشرميل.. محنة البوليس بين السيف والقرطاس

 
 
بعد‭ ‬تنامي‭ ‬التشرميل.. محنة البوليس بين السيف والقرطاس تنامت ظاهرة رفض "المشرملين" الامثثال لأوامر القوة العمومية بل ويشهرون سيوفهم للاعتداء على الشرطة والدرك
ونحن‭ ‬نعد‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الذي‭ ‬نتناول‭ ‬فيه‭ ‬حكاية‭ ‬سيوف‭ ‬«التشرميل«‭ ‬ورصاص‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن،‭ ‬ونضع‭ ‬له‭ ‬العنوان‭ ‬أعلاه،‭  ‬تذكرنا‭ ‬ذلك‭ ‬البيت‭ ‬الشعري‭ ‬الخالد‭ ‬للشاعر‭ ‬العربي‭ ‬الكبير‭ ‬أبو‭ ‬الطيب‭ ‬المتنبي،‭ ‬الذي‭ ‬أنشده‭ ‬مفتخرا‭ ‬بنفسه‭ ‬وبقوته‭ ‬وشجاعته:
                             الخَيْلُ‮ ‬وَاللّيْلُ‮ ‬والبَيْداءُ‮ ‬تَعرِفُني‭ ‬//‭ ‬والسّيفُ‭ ‬والرّمحُ‮ ‬والقرْطاسُ‮ ‬والقَلَمُ

 
في‭ ‬العنوان،‭ ‬وردت‭ ‬كلمة‭ ‬«القرطاس»‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬كلمة‭ ‬«السيف»،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الشهير‭. ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نقصد‭ ‬بكلمة‭ ‬«القرطاس»‭ ‬المعنى‭ ‬الذي‭ ‬قصده‭ ‬المتنبي‭ ‬في‭ ‬قصيدته؛‭ ‬أي‭ ‬الكتاب،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬قدراته‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬ونظم‭ ‬الشعر‭. ‬وإنما‭ ‬قصدنا‭ ‬المعنى‭ ‬الذي‭ ‬يعطيه‭ ‬المغاربة‭ ‬لهذه‭ ‬الكلمة‭ ‬في‭ ‬الدارجة‭ ‬المغربية؛‭ ‬أي‭ ‬رصاص‭ ‬السلاح‭ ‬الناري‭. ‬السلاح‭ ‬الذي‭ ‬يضعه‭ ‬القانون‭ ‬بين‭ ‬أيدي‭ ‬عناصر‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬وطني‭ ‬ودرك‭ ‬ملكي‭ ‬وجمارك،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستعمال‭ ‬الوظيفي،‭ ‬كلما‭ ‬اقتضى‭ ‬الأمر‭ ‬ذلك‭.‬
لكن‭ ‬لماذا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬«محنة»‭ ‬البوليس،‭ ‬وهو‭ ‬الحامل‭ ‬للسلاح؟
هذا‭ ‬ما‭ ‬تجدون‭ ‬الجواب‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭. ‬

فمنذ‭ ‬اهتدى‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬ينظم‭ ‬العيش‭ ‬المشترك،‭ ‬ويؤسس‭ ‬لمنطق‭ ‬المدنية‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات،‭ ‬وهذا‭ ‬القانون‭ ‬تتنازعه‭ ‬إرادات‭ ‬القبول‭ ‬والرفض،‭ ‬أو‭ ‬الانضباط‭ ‬والتمرد‭. ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬لجأ‭ ‬الإنسان‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬توضيح‭ ‬حيثيات‭ ‬ذلك‭ ‬القانون،‭ ‬وتفصيله‭ ‬على‭ ‬مقامات‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الواقع‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الدرس‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬القانون‭ ‬التي‭ ‬تطورت‭ ‬مع‭ ‬القرون‭ ‬لتضعنا‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬منظومات‭ ‬قانونية‭ ‬وحقوقية‭ ‬كونية‭ ‬مقابل‭ ‬أخرى‭ ‬محلية‭.‬
ومن‭ ‬ثم،‭ ‬نشأ‭ ‬كذلك‭ ‬التكامل‭ ‬أو‭ ‬التنافر‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬كوني‭ ‬ومحلي‭ ‬خالص‭. ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬تصاغ‭ ‬القوانين،‭ ‬وتحدد‭ ‬بنودها‭ ‬وآلياتها‭. ‬

 
وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬فلقد‭ ‬كان‭ ‬الباعث‭ ‬المباشر‭ ‬إليه‭ ‬تنامي‭ ‬وتيرة‭ ‬الجريمة‭ ‬العنيفة‭ ‬وما‭ ‬صاحبها،‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬حديثة‭ ‬اصطلح‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬المتداول‭ ‬الشعبي‭ ‬باسم‭ ‬«التشرميل»‭ ‬الموجه‭ ‬نحو‭ ‬المواطنين‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وأساسا‭ ‬نحو‭ ‬رجال‭ ‬القوة‭ ‬العمومية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬أو‭ ‬الدرك‭ ‬الملكي،‭ ‬أو‭ ‬القوات‭ ‬المساعدة،‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الفروع‭ ‬والروافد‭ ‬ذات‭ ‬الاختصاص‭ ‬المتشابه‭.‬
 
بارتباط‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬أصبح‭ ‬كل‭ ‬احتداد‭ ‬لمنسوب‭ ‬هذا‭ ‬«التشرميل»‭ ‬وإشهار‭ ‬المجرمين‭ ‬للسيوف‭ ‬والسواطير‭ ‬والآلات‭ ‬الحديدية‭ ‬الحادة‭ ‬في‭ ‬فضائنا‭ ‬العمومي‭ ‬يتوازى‭ ‬مع‭ ‬الجدال‭ ‬حول‭ ‬المعنى‭ ‬القانوني‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬العنف‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمين‭ ‬تجاه‭ ‬الشرطة‭ ‬والدرك‭ ‬والقوات‭ ‬المساعدة‭ ‬وغيرهم‭. ‬ولقد‭ ‬استفحلت‭ ‬الظاهرة‭ ‬وردود‭ ‬الفعل‭ ‬حولها‭ ‬مع‭ ‬تكاثر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭  ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬تنقل‭ ‬تفاصيل‭ ‬«الجنوح»‭ ‬والاعتداء‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬يخيل‭ ‬إلينا‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬«المشرملين»‭ ‬صاروا‭ ‬يرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬«أبطالا»‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الرعب‭.‬
 
ثم‭ ‬تتضاعف‭ ‬«البطولة»‭ ‬بفعل‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى‭ ‬مختلفة‭. ‬بعضها‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬اختلال‭ ‬الوضعية‭ ‬النفسية‭ ‬العقلية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬«المشرملين»،‭ ‬وبعضها‭ ‬يعود‭ ‬بدون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬تلك‭ ‬«البطولة»‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الحي‭ ‬وفي‭ ‬أوجه‭ ‬المواطنين،‭ ‬ورجال‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬أنفسهم‭ ‬باعتبارهم‭ ‬ممثلي‭ ‬السلطة‭ ‬وأدواتها‭.‬
 
‬لنترك‭ ‬الجانب‭ ‬النفسي‭ ‬والعقلي‭ ‬في‭ ‬المسألة،‭ ‬ولنركز‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬الأساس‭ ‬الشرعي‭ ‬والقانوني‭ ‬المفترض‭ ‬وجوده‭ ‬للتعاطي‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬إذ‭ ‬يتبين‭ ‬أن‭ ‬النص‭ ‬القانوني‭ ‬المغربي‭ ‬لا‭ ‬تزال،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن،‭ ‬تتخلله‭ ‬بياضات‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬باعتبارات‭ ‬قانونية‭ ‬دقيقة‭...‬
 
أما‭ ‬مسوغ‭ ‬هذ‭ ‬الحد،‭ ‬كما‭ ‬يطرح‭ ‬لدينا‭ ‬ولدى‭ ‬منظومات‭ ‬قانونية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬فيرمي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬أسمى‭ ‬ناظم‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القوة‭ ‬العمومية،‭ ‬ولكن‭ ‬كذلك‭ ‬لأن‭ ‬سلامة‭ ‬المواطن‭ ‬وكرامته‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬هي‭ ‬كذلك‭ ‬الأسمى‭.‬
 
إزاء‭ ‬ذلك،‭ ‬ماذا‭ ‬بوسع‭ ‬رجل‭ ‬شرطة‭ ‬أو‭ ‬دركي‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬أمام‭ ‬«مشرمل»‭ ‬يشهر‭ ‬سلاحه‭ ‬الأبيض‭ ‬«أو‭ ‬كلبه‭ ‬الشرس»‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الجميع،‭ ‬فيما‭ ‬القانون‭ ‬يضيق‭ ‬هامش‭ ‬معالجة‭ ‬الوضع‭ ‬بالاستعمال‭ ‬المباشر‭ ‬للسلاح‭ ‬الناري‭. ‬والجواب‭ ‬المباشر‭ ‬هو‭ ‬عجز‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬وخوف‭ ‬عناصر‭ ‬الشرطة‭ ‬والدرك‭ ‬من‭ ‬«التجرجير»‭ ‬الإداري‭ ‬والقضائي‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬استعمال‭ ‬للسلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬لتحييد‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يهدد‭ ‬المواطنين‭ ‬بل‭ ‬وكان‭ ‬يهدد‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬أيضا‭.‬
 
في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬يتمايز‭ ‬خطابان‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬استعمال‭ ‬أفراد‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬للسلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬لشل‭ ‬حركة‭ ‬مجرم‭ ‬«مشرمل»:
ــ  ‭  ‬الأول‭ ‬يرافع‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬الطوباويون‭ ‬المستندون‭ ‬إلى‭ ‬النصوص‭ ‬المؤسسة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬حيث‭ ‬«لكل‭ ‬فرد‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والحرية‭ ‬وسلامة‭ ‬شخصه»،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬4،‭ ‬أو‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬«لا‭ ‬يجوز‭ ‬حرمان‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬حياته»،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬6‭ ‬من‭ ‬العهد‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭.‬
ــ  ‭ ‬أما‭ ‬الخطاب‭ ‬الثاني،‭ ‬فيصدر‭ ‬تلقائيا‭ ‬عن‭ ‬مواطنين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬مبرر‭ ‬لذلك‭ ‬العجز‭. ‬إذ‭ ‬كيف‭ ‬يصبح‭ ‬التمسك‭ ‬المطلق‭ ‬بأطروحة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭  ‬معقولا‭ ‬أمام‭ ‬«اللاعقل»؟‭ ‬وكيف‭ ‬يظل‭ ‬الضمير‭ ‬الجمعي‭ ‬متغاضيا‭ ‬عن‭ ‬سقوط‭ ‬هيبة‭ ‬السلطة‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬تظهر‭ ‬«مبهدلة»‭ ‬أمام‭ ‬مجرمين‭ ‬«مقرقبين»‭ ‬غير‭ ‬واعين‭ ‬ولا‭ ‬مسؤولين،‭ ‬لا‭ ‬يهددون‭ ‬فقط‭ ‬سلامة‭ ‬المواطنين‭ ‬والفضاء‭ ‬العام،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬يهددون‭ ‬عناصر‭ ‬الشرطة‭ ‬أو‭ ‬الدرك‭ ‬لدى‭ ‬تدخلهم‭ ‬لحفظ‭ ‬النظام‭ ‬والأمن‭.‬
إن‭ ‬مساعي‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬آليات‭ ‬النظر‭ ‬القانوني‭ ‬بخصوص‭ ‬الموضوع‭ ‬المطروح‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬سلامة‭ ‬المواطنين‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬القبول‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬فئة‭ ‬دون‭ ‬أخرى‭. ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬منظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬منظومة‭ ‬كل‭ ‬روافد‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭.‬

 
‭ ‬مجمل‭ ‬القول‭ ‬إننا‭ ‬إذ‭ ‬تطرح‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬فلأننا‭ ‬نعي‭ ‬أننا‭ ‬إزاء‭ ‬موضوع‭ ‬إشكالي‭ ‬متشعب‭ ‬الاعتبارات‭ ‬والمناحي،‭ ‬مثلما‭ ‬نعي‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬القانوني‭ ‬يواجه‭ ‬مجتمعات‭ ‬أكثر‭ ‬عراقة‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬الديموقراطي،‭ ‬حيث‭ ‬البياضات‭ ‬داخل‭ ‬النص‭ ‬القانوني‭ ‬هناك‭ ‬تصطدم‭ ‬مع‭ ‬أطروحة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬عشنا‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬تدخلات‭ ‬الشرطة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتطويق‭ ‬الانفلاتات،‭ ‬إذ‭ ‬يحصل‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬شرطي‭ ‬في‭ ‬واقعة‭ ‬إجرامية‭ ‬ما‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬وفاة‭ ‬شخص،‭ ‬فتصبح‭ ‬الواقعة‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬تليها‭ ‬محاكمة‭ ‬الشرطي‭ ‬وإيداعه‭ ‬السجن‭. ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬أوربية‭ ‬كذلك‭ ‬خاصة‭ .
حيث‭ ‬توبع‭ ‬رجال‭ ‬شرطة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تدخلوا‭ ‬لفك‭ ‬لحظات‭ ‬عنف‭ ‬مجرمين‭ ‬بهذه‭ ‬الدولة‭ ‬او‭ ‬تلك،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أصبح‭ ‬هو‭ ‬كذلك‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭.‬
 
لكن‭ ‬ذلك،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬كثافة‭ ‬الارتباك‭ ‬أو‭ ‬التقصير،‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يستوجب‭ ‬التدخل‭ ‬القانوني‭ ‬السريع‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬تحصين‭ ‬تدخل‭ ‬أعوان‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬أثناء‭ ‬استعمالهم‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬جانح‭ ‬رفض‭ ‬الامتثال‭ ‬للقانون‭ ‬وهدد‭ ‬أمن‭ ‬المواطنين‭ ‬بسيف‭ ‬أو‭ ‬«شاقور»‭ ‬أو‭ ‬كلب‭ ‬شرس،‭ ‬وبما‭ ‬يجعل‭ ‬النص‭ ‬القانوني‭ ‬مستوعبا‭ ‬لكل‭ ‬المستجدات‭ ‬الطارئة‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬الواقع‭ ‬اليومي‭ ‬العنيف‭ ‬اليوم‭ ‬حماية‭ ‬لأرواح‭ ‬المواطنين‭ ‬وحفظا‭ ‬للأمن‭ ‬والنظام‭ ‬العامين‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬سولت‭ ‬له‭ ‬نفسه‭ ‬امتطاء‭ ‬صهوة‭ ‬«التشرميل»،‭ ‬ولو‭ ‬اقتضى‭ ‬الأمر‭ ‬تبني‭ ‬سياسة‭ ‬«صفر‭ ‬تسامح»‭ ‬La tolérance zéro‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬«المشرملين»‭.‬
 
يظهر‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬إذن‭ ‬لقرطاس‭ ‬المتنبي‭ ‬بقرطاس‭ ‬ملفنا‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬قرطاس‭ ‬المتنبي‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬مقتله،‭ ‬كما‭ ‬تفيد‭ ‬سيرة‭ ‬حياته‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬البيت‭ ‬إنه‭ ‬«البيت‭ ‬الذي‭ ‬قتل‭ ‬صاحبه»،‭ ‬فإننا‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬لسلاح‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬«هلاكهم»‭ ‬المهني‭ ‬والقضائي‭.‬
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"