Tuesday 19 August 2025
مجتمع

‭ ‬الزاوي: الفساد فـي المغرب له مؤسّسات حاضنة وفاعلين يحمون أبطاله

 
 
‭ ‬الزاوي: الفساد فـي المغرب له مؤسّسات حاضنة وفاعلين يحمون أبطاله مولاي عبد الحكيم الزّاوي، أستاذ باحث في علم الإجتماع 
قال‭ ‬مولاي‭ ‬عبد‭ ‬الحكيم‭ ‬الزاوي،‭ ‬وهو‭ ‬أستاذ‭ ‬باحث‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الإجتماع،‭ ‬أنه‭ "‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬ترسانة‭ ‬قانونية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬رقابة‭ ‬لضبط‭ ‬اختلالات‭ ‬تسيير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭. ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المشكل‭ ‬قطعا‭ ‬في‭ ‬النّصوص‭ ‬والتّشريعات‭ ‬والمقتضيات‭ ‬القانونية،‭ ‬بله‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الإرادة‭ ‬السّياسية‭ ‬وبشيوع‭ "‬مناخ‭ ‬عام‭" ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬الفساد‭".‬
‮ ‬وأوضح‭ ‬الزّاوي،‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬أسبوعية‭ "‬
الوطن‭ ‬الآن‭"‬،‭ ‬أن‭ "‬الفساد‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬قطاع‭ ‬استراتيجي‭ ‬حيوي،‭ ‬له‭ ‬مؤسسات‭ ‬حاضنة،‭ ‬ويُسيّر‭ ‬بشخوص‭ ‬وفاعلين‭ ‬لهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإشتباك‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬لمالكي‭ ‬وسائل‭ ‬الإنتاج‭ ‬والإكراه، ‬فنحن‭ ‬اليوم نعيش‭ ‬لحظة‭ ‬اختناق‭ ‬سيّاسي؛‭ ‬ورداءة‭ ‬قاتلة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السّياسي،‭ ‬واحتباس‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬النّقاش‭ ‬السّياسي‭...".‬ ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬نصّ‭ ‬الحوار‭:‬

في‭ ‬كل‭ ‬التّقارير‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬مؤشرات‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬مقلقة‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬ترسانة‭ ‬قانونية‭ ‬نوعية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬تعنى‭ ‬بالتّصدي‭ ‬لذلك‭ ‬أمام‭ ‬ملفات‭ ‬تشغل‭ ‬الرأي‭ ‬وتشوّه‭ ‬صورة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الدّاخل‭ ‬والخارج‭. ‬ما‭ ‬قراءتك؟.‬‮‬
المحلّل‭ ‬الحصيف‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الأرضية،‭ ‬والتّعبير‭ ‬هنا‭ ‬مستوحى‭ ‬صاحب‭ ‬"المجتمع‭ ‬السّائل" The Liquid Society‮ ‬لزيغموند‭ ‬باومان،‭ ‬والقصد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينتج‭ ‬ويمارس‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬ترسانة‭ ‬قانونية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬رقابة‭ ‬لضبط‭ ‬اختلالات‭ ‬تسيير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭. ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المشكل‭ ‬قطعا‭ ‬في‭ ‬النّصوص‭ ‬والتشريعات‭ ‬والمقتضيات‭ ‬القانونية،‭ ‬بله‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الإرادة‭ ‬السّياسية‭ ‬وبشيوع‭ ‬"مناخ‭ ‬عام"‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬الفساد‭.‬
باختصار،‭ ‬ما‭ ‬أسميه‭ ‬بـ‭ ‬"المناخ‭ ‬العام"‭ ‬الحاضن‭ ‬لبنية‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬البلد‭...‬ملفات‭ ‬عديدة‭ ‬متراكمة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬القضاء،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬بشأنه‭ ‬حق‭ ‬نهائي‭ ‬دون‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التّنفيذ،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يراوح‭ ‬مكانه‭ ‬لضغط‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ما‭...‬المسألة‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الملفات‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تخضع‭ ‬للتوازنات‭ ‬السّياسية‭ ‬الضّيقة‭ ‬وتجاذبات‭ ‬اللّحظة‭ ‬السّياسية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخليق‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬وترشيد‭ ‬المال‭ ‬العام‭...‬الحاصل،‭ ‬يلاحظ‭ ‬المدقّق‭ ‬للوضع‭ ‬وجود‭ ‬مناخ‭ ‬ذهني‭ ‬سلبي‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬يجعله‭ ‬يفقد‭ ‬الثّقة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وفي‭ ‬الأداء‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياته‭ ‬إلى‭ ‬أدناها‭...‬هنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نُوسع‭ ‬الرؤية‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬التّجاذب‭ ‬السياسي‭ ‬المغربي‭ ‬نحو‭ ‬تحليل‭ ‬بنية‭ ‬الوضع‭ ‬الإقليمي،‭ ‬هنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬ربيع‭ ‬تونس‭ ‬ومصر‭ ‬لسنة‭ ‬2011‭ ‬حركته‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬ملفات‭ ‬الفساد‭ ‬السّياسي‭ ‬والسّخط‭ ‬الشعبي‭ ‬من‭ ‬التدبير‭ ‬الحكومي‭ ‬للقطاعات‭ ‬الحيوية‭. ‬هنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬يتأسس‭ ‬على‭ ‬اللاّمتوقع‮ ‬imprévu‮ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يهدد‭ ‬حياة‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الآليات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخليق‭ ‬واقعه‭ ‬السّياسي‭.‬
‮ ‬
ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الفساد‭ ‬متجذرا‭ ‬بل‭ ‬صار‭ ‬عقيدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لدى‭ ‬المسؤولين‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المفسد‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬هو‭ ‬"القويّ"‭ ‬(القافز)‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬يبذّر‭ ‬ميزانية‭ ‬مؤسّسة‭ ‬عموميّة‭ ‬أو‭ ‬جماعة‭ ‬ترابية‭ ‬أو‭ ‬إدارة‭ ‬هو‭ ‬"الجريء"‭ ‬‮ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬يطبق‭ ‬القانون‭ ‬والمساطر‭ ‬هو‭ ‬'الضعيف"‭ ‬(الخائف)‭. ‬لماذا‭ ‬وكيف؟‮ ‬
يجب‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬بكل‭ ‬جرأة‭ ‬بأن‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬قطاع‭ ‬استراتيجي‭ ‬حيوي،‭ ‬له‭ ‬مؤسسات‭ ‬حاضنة،‭ ‬ويُسيّر‭ ‬بشخوص‭ ‬وفاعلين‭ ‬لهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإشتباك‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬لمالكي‭ ‬وسائل‭ ‬الإنتاج‭ ‬والإكراه‭ ‬مثلما‭ ‬يقول‭ ‬بيير‭ ‬روزين‭ ‬فالين‭...‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬بالنّهاية‭ ‬هي‭ ‬ملفات‭ ‬قد‭ ‬تدخل‭ ‬ضمن‭ ‬تصفية‭ ‬نزاعات‭ ‬وخصومات‭ ‬بين‭ ‬الحيتان‭ ‬الكبرى‭...‬هناك‭ ‬مفارقة‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السّياق،‭ ‬كل‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬ترفع‭ ‬شعارات‭ ‬تخليق‭ ‬الحياة‭ ‬السّياسية‭ ‬ومحاربة‭ ‬الرشوة،‭ ‬لكنها‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬إفساد‭ ‬العملية‭ ‬الدّيموقراطية‭...‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬عميقة‭ ‬بين‭ ‬الخطاب‭ ‬والممارسة،‭ ‬بين‭ ‬النوايا‭ ‬والشعارات،‭ ‬وبين‭ ‬المصالح‭ ‬والمنافع‭.‬
وكلما‭ ‬أوغل‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬بنيات‭ ‬الدولة‭ ‬كلّما‭ ‬تقلّصت‭ ‬حظوظ‭ ‬الإنعتاق‭ ‬من‭ ‬التّخلف‭ ‬والإستبداد‭...‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يمكن‭ ‬الإقرار‭ ‬بهذه‭ ‬الملاحظة‭ ‬مغربيا:‭ ‬المغربي‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬مشكل‭ ‬مع‭ ‬الرّيع‭ ‬والفساد‭ ‬بل‭ ‬له‭ ‬مشكل‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الإستفادة‭ ‬منه‭. ‬يحضرني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصّدد،‭ ‬توصيف‭ ‬بليغ‭ ‬للراحل‭ ‬إدريس‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬"الإستفادة‭ ‬من‭ ‬طاجين‭ ‬دار‭ ‬المخزن"،‭ ‬الكلّ‭ ‬يتدافع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التّغماس‭ ‬من‭ ‬طاجين‭ ‬دار‭ ‬المخزن،‭ ‬بل‭ ‬ويصير‭ ‬الإقتراب‭ ‬من‭ ‬ولائه‭ ‬والإستفادة‭ ‬من‭ ‬عنايته‭ ‬طريق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬القمّة‭. ‬تقف‭ ‬أمام‭ ‬ناظري‭ ‬نازلة‭ ‬سوسيولوجية:‭ ‬طالب‭ ‬جامعي‭ ‬معطّل‭ ‬كان‭ ‬يقود‭ ‬بحماس‭ ‬منقطع‭ ‬النّظير‭ ‬نضالات‭ ‬جمعية‭ ‬المعطلين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المطالبة‭ ‬بالحقّ‭ ‬في‭ ‬الشّغل‭ ‬وفضح‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري،‭ ‬حينما‭ ‬تم‭ ‬توظيفه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬اشتهر‭ ‬بين‭ ‬النّاس‭ ‬بفساده‭ ‬وراكم‭ ‬الثّروة‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬قياسي‭ ‬وجيز‭...‬أضرب‭ ‬هنا‭ ‬مثالا‭ ‬للتّوضيح،‭ ‬والقياس‭ ‬ممكن‭ ‬على‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭.‬
في‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬المشهد،‭ ‬يصنّف‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬الذي‭ ‬يؤمن‭ ‬بثقافة‭ ‬القانون‭ ‬وبشرعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬"الكانبو"‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬وليّ‭ ‬له‭ ‬يعينه‭ ‬على‭ ‬قضاء‭ ‬مصالحه‭ ‬الشخصية‭...‬المناخ‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬تحدثت‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬المواطن‭ ‬الإنتهازي‭ ‬الذي‭ ‬يدوس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قضاء‭ ‬مصلحة‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬المواطن‭ ‬الذي‭ ‬يتعنّى‭ ‬بأرقام‭ ‬هواتف‭ ‬مسؤولين‭ ‬إداريين‭ ‬وأمنيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قضاء‭ ‬مصالحه‭. ‬بالفعل،‭ ‬هناك‭ ‬شبكات‭ ‬اجتماعية‭ ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوساطات‭.‬
‮ ‬
اليوم‭ ‬تفجر‭ ‬ملف‭ ‬مبديع‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬فساد،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬مقدمة‭ ‬لتطهير‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬أم‭ ‬فيلم‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإلهاء‭ ‬أم‭ ‬حملة‭ ‬لذرّ‭ ‬الرماد‭ ‬في‭ ‬العيون‭ ‬أم‭ ‬حملة‭ ‬لامتصاص‭ ‬غضب‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬الذي‭ ‬ضاق‭ ‬ذرعا‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬وأوجهه‭ ‬في‭ ‬البلاد؟
 لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتبنّى‭ ‬تحليلا‭ ‬سياسيا‭ ‬متسرّعا،‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعتبر‭ ‬الملف‭ ‬في‭ ‬حلقاته‭ ‬الأولى‭ ‬مقدّمة‭ ‬لبدء‭ ‬مسلسل‭ ‬طويل‭ ‬جدّا،‭ ‬وشاقّ‭ ‬جدّا‭...‬التّحليل‭ ‬السّياسي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متزنا‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬تفاصيل‭ ‬الواقعة،‭ ‬وضمن‭ ‬شروط‭ ‬إنتاجها،‭ ‬وسياقها‭ ‬السّياسي،‭ ‬وألا‭ ‬نستعجل‭ ‬التّغيير‭ ‬إلاّ‭ ‬حينما‭ ‬تظهر‭ ‬ملامحه‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ارتسام‭ ‬رغبة‭ ‬سياسية‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬اقتلاع‭ ‬جذور‭ ‬الفساد‭...‬الثّابت،‭ ‬سياسيا،‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬لحظة‭ ‬اختناق‭ ‬سياسي؛‭ ‬ورداءة‭ ‬قاتلة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السّياسي،‭ ‬واحتباس‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬النّقاش‭ ‬السّياسي‭...‬كلّها‭ ‬معطيات‭ ‬قد‭ ‬تُدعم‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬فرضية‭ ‬خلق‭ ‬جدل‭ ‬وطني‭ ‬حول‭ ‬قضيّة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منح‭ ‬الحكومة‭ ‬فسحة‭ ‬زمنية‭ ‬لإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬وتوضيب‭ ‬قضايا‭ ‬التّدبير‭ ‬السياسي‭...‬هناك‭ ‬ملفات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ملف‭ ‬مبديع،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حجمها‭ ‬على‭ ‬الأقلّ،‭ ‬لكنّها‭ ‬تظلّ‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الإنتظار‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتبنّى‭ ‬المقولة‭ ‬الفرنسية‭ ‬التي‭ ‬تقول: "‭ ‬لايجب‭ ‬أن‭ ‬نعمد‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬البعوض‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬تجفيف‭ ‬المستنقعات"‭. ‬ومسألة‭ ‬التّجفيف‭ ‬تتطلّب‭ ‬شروطا‭ ‬موضوعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التّحقّق‭...‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬سنظل‭ ‬ننجذب‭ ‬إلى‭ ‬ثقافة‭ ‬المحاسبة‭ ‬المناسباتية‭ ‬الكرنفالية‭ ‬التي‭ ‬تضحّي‭ ‬بواحد‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬ألف‭.‬
‬الحاصل،‭ ‬المسألة‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تختزل‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬واحد‭ ‬للقول‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬توجّه‭ ‬سياسي‭ ‬عام‭ ‬يستعدي‭ ‬بنية‭ ‬الفساد‭.‬