السبت 4 مايو 2024
في الصميم

نريد وزراء لا عملاء !

نريد وزراء لا عملاء ! عبد الرحيم أريري
وأنت تتجول بتراب عمالة أنفا بالدار البيضاء يسترعي انتباهك هذا التمدد اللامتناهي للمطاعم والمقاهي ومحلات الأكل السريع الحاملة لعلامة أجنبية( فرنسية وأمريكية وتركية وغيرها)، بشكل يوحي للزائر وكأن الدار البيضاء مدينة حاضنة للأجانب بشكل كبير.
والحال أن العاصمة الاقتصادية لا تضم سوى نزرا قليلا من الأجانب القاطنين بها، إذ يصل عددهم تحديدا إلى 24.377 أجنبيا وأجنبية بالبيضاء، وهو عدد ضئيل جدا، لا يرقى إلى عتبة تسمح بإدخال الدار البيضاء في رادار المدن الجذابة للأجانب للعيش فيها، وبالتالي السماح بتلاقح الثقافات والأعراف والعادات والطقوس، لأن الأجانب - حسب الإحصاء المشار إليه أعلاه - لا يمثلون سوى 0،7 في المائة من سكان مدينة الدارالبيضاء. في الوقت الذي يشكل فيه الأجانب 40 في المائة من سكان مدينة جنيف السويسرية، و20 في المائة من سكان بلدية باريس الفرنسية، و15 في المائة من سكان مدينة ميلانو الإيطالية، و10 في المائة من سكان لشبونة البرتغالية وأمستردام الهولندية، و2,5 في المائة من سكان مدينة براغ التشيكية.
وبالتالي إذا لاحظ الزائر تعدد المطاعم والمقاهي الحاملة لعلامات أجنبية بالمدن المذكورة، فذاك مبررا إلى حد كبير. بالمقابل فهذا التناسل المثير بالدار البيضاء ينهض كدليل ليس على حيوية المدينة وجذبها للأجانب للعيش فيها بقدر ما يزكي تبعية الدار البيضاء( والمغرب) للاقتصاد الأجنبي واستغلال بعض المحظوظين "للهمزات"، ليكونوا سفراء لهذه العلامات التجارية ببلادنا، بدل أن يكون المغرب منتجا بدوره لعلامات تجارية تسمح بجلب الأرباح للخزينة العامة من جهة وتسمح بترويج اسم المغرب بالخارج من جهة ثانية.
والمؤسف أن هذا التمدد للعلامات الأجنبية بدأ يطال محطات الاستراحة بشبكة الطرق السيارة ببلادنا، لدرجة أن المرء يخال له وكأنه يتنقل في طرق أجنبية وليس في مجال ترابي مدموغ ببصمة مغربية.
فالمفروض أن تكون محطات الاستراحة بالأوطوروت منصة لتسويق تراب المنطقة المعنية، عبر الحرص على تقديم مأكولات ومشروبات تلك المنطقة في مطاعم ومقاهي باحة الاستراحة، لضرب عصفورين بحجر واحد: من جهة لإنعاش الاقتصاد المحلي المجاور لمحيط باحة الاستراحة، ومن جهة ثانية لفتح شهية مستعملي الأوطوروت للتعرف على منتوجات المغرب وأطباق ومشروبات كل منطقة، بدل أن تطمس هوية البلد ككل.
ملحوظة:
آه نسيت..كنت أظن أني أخاطب حكومة وبرلمان يخفق قلبهما بنبض المغرب، في حين أن مدبري الشأن العام بالمغرب هم أصلا عملاء لهذه العلامات التجارية ببلادنا، فكيف ننتظر من عميل أن يفكر في خلق اقتصاد وطني قوي مسنود بنخبة اقتصادية مهووسة برفع راية المغرب في الأسواق الدولية بدل أن تكون مهووسة فقط بدراهم المغرب؟!