السبت 4 مايو 2024
في الصميم

حتى لا يتحول شارع محمد السادس إلى مقبرة لردم أحلام المغاربة !

حتى لا يتحول شارع محمد السادس إلى مقبرة لردم أحلام المغاربة ! عبد الرحيم أريري
أزيد من 50 قيسارية كبيرة بدرب السلطان بالبيضاء تستقطب الملايين من الزوار من داخل وخارج كازا كل يوم، مع ما يستتبع ذلك من توافد عشرات الآلاف من السيارات والشاحنات، وهو العدد الذي يتزايد بكثرة في المناسبات الدينية، على اعتبار أن درب السلطان هو بورصة التجارة بالمغرب.
 
ورغم قيمة هذا القطب التجاري وأهميته، نجد الدولة في كل مستوياتها (حكوميا وجهويا وترابيا وبمجلس مدينة الدارالبيضاء والوكالة الحضرية) تشطب على محيط كراج علال والحفاري والقريعة والمنجرة وباقي القيساريات الكبرى من رادار التهيئة لإعداد مرائب تحت أرضية للسيارات أو مرائب عمودية، فضلا عن شق طرق وأنفاق لتيسير التنقل وتخفيف عذابات المرتفقين من جهة والعابرين لتراب عمالة درب السلطان نحو باقي أحياء الدار البيضاء من جهة أخرى.
 
فمن أبجديات التهيئة الحضرية في دولة تحترم قواعد التدبير والتخطيط، أن لا يتم الترخيص بإحداث مراكز تجارية أو توسيع الموجود منها دون حل معضلة السير والجولان وإيجاد بدائل للمرور وركن السيارات والشاحنات.
 
فالثروة المالية الهائلة جدا التي تنتج بدرب السلطان لاتستفيد منها عمالة الفداء التي ظلت تعيش زمن الحكرة والإقصاء: دور آيلة للسقوط، أسر تعيش في الفاقة والهشاشة، غياب مرافق القرب (من ملاعب وساحات عمومية، وحدائق وإنارة عمومية جيدة...)، إذ يتم تهريب فائض القيمة من تراب عمالة الفداء نحو وجهتين أساسيتين: الأولى هي خزينة الدولة التي تحلب درب السلطان (بل وتعصره) دون عائد استثماري عمومي يتناسب مع ما تمصه خزينة الدولة، والوجهة الثانية هي أحياء الميسورين بالبيضاء التي تنعم بتخمة في الزفت والإنارة العمومية الجيدة والتشجير والبستنة وغيرها من الخدمات التي ينجزها مجلس مدينة البيضاء بفضل الضرائب "المحلوبة" من عمالة الفداء/ درب السلطان.
 
حتى الشارع الرئيسي الأكثر شهرة بالمغرب، الذي يخترق الدار البيضاء من قلبها إلى ضاحيتها والذي يحمل اسم شارع محمد السادس، تحول إلى مقبرة لدفن أحلام المغاربة ولم يحظ بفرصة تهيئة تليق بمكانته وأدواره على هامش مد خط الترامواي به، بحيث لم ينعم ولو "بسطل ديال الجير والصباغة العادية" لإعادة طلاء الأبنية الكئيبة الموجودة بضفتي هذا الشارع البئيس، أو نصب أعمدة إنارة عمومية من الجيل الثالث، أو غرس أشجار باسقة، او حفر أنفاق، فأحرى أن نحلم بزف خبر لسكان البيضاء خاصة وسكان المغرب عامة،  نبأ مشروع تهيئة يروم إحداث ثورة مجالية وعمرانية وحضرية في شارع محمد السادس على طول المسافة الممتدة من مدار دوار التقلية إلى ساحة النصر، إسوة بالشوارع الكبرى المهيكلة لمدن أوربا والخليج وآسيا وكندا وأمريكا والأرجنتين والبرازيل. إذ من العار أن شارعا بهذه القيمة الاقتصادية والديمغرافية والاستراتيجة وبحمولته الرمزية (كونه الحاضن للقصر الملكي بالبيضاء) يبقى رمزا للتشوهات الحضرية وورمزا للبشاعة والفوضى وسوء الحكامة، بدل أن يكون رافعة لجر الدار البيضاء والمغرب نحو العلى.