السبت 4 مايو 2024
في الصميم

مسؤولون تطاردهم لعنة الله وغضب الملك وسخط الشعب!

مسؤولون تطاردهم لعنة الله وغضب الملك وسخط الشعب! عبد الرحيم أريري
تفيد معاجم اللغة العربية بأن كلمة «نِفَاق» تعني أن يُظْهِرَ الإنسانُ خِلاَفَ مَا يُبْطِنُ. وتذهب بعض الشروح المتداولة إلى أن أصل الكلمة من «النفق» الذي تحفره بعض الحيوانات، كالأرانب وغيرها، وتجعل له فتحتين أو أكثر، فإذا هوجمت أو بوغتت من فتحة خرجت من الفتحة الأخرى. ولهذا سُمي المنافِقُ بهذا الاسم، لأنه يجعل لنفسه وجهين يُظهر أحد الوجهين حسب الموقف الذي يواجهه.
 
ولن نخالف الحقيقة إذا قلنا إن النفاق أصبح صفة تلازم عددا كبيرا من المسؤولين الذين ابتليت بهم بلادنا.
فالعديد من المسؤولين على تدبير مدننا وجماعاتنا وإداراتنا، منتخبين ومعينين، يعيشون بوجهين، ويظهرون أحد الوجهين حسب الظروف والمواقف.

 
وما تعيشه مدينة الدار البيضاء هذه الأيام (أبريل 2023)، بمناسبة الزيارة الملكية، يفضح نفاق مسؤولي العاصمة الاقتصادية من منتخبين وإدارة ترابية وشركات التنمية المحلية وشركات التدبير المفوض، المفروض أن يؤدوا مهامهم وأدوارهم لتجويد عيش الساكنة بشكل يومي دون انتظار زيارة الملك، مما يولد الانطباع أن الإدارة ليست في خدمة المواطن ولا في خدمة المجتمع، بل هي مجرد «ماكينة» تلتهم الريع وتستنزف موارد الخزينة العامة لعرقلة كل تنمية.
 
مامعنى أن شوارع محفرة لم تشهد تبليطا ولا صيانة منذ سنوات، ولم تتحرك لا جماعة ولاعمالة ولا ولاية ولا مقاطعة رغم احتجاجات السكان وشكاياتهم. وما أن حل الملك حتى أخرجت الآليات والزفت «البارد» و»السخون» لسد الحفر بل وإعادة تعبيد محاور طرقية وساحات، وزيد عليه بالتشوير عبر طلاء الشوارع بالصباغة البيضاء نكاية في سكان البيضاء!
 
مامعنى أن شوارع مظلمة ومصابيحها ظلت معطلة منذ سنين ولم تتدخل لا شركة ولا جماعة حضرية ولا مقاطعة ولا عمالة ولا ولاية لتوفير خدمة الإنارة العمومية، وما أن زار الملك البيضاء حتى أخرجت المصابيح وتم تجنيد الفيالق والشاحنات والتقنيون لتركيب المصابيح ونصب أعمدة الإنارة العمومية، لا بل وتم نصب «البروجيكتورات» في مدارات وملتقيات طرقية؟

ما معنى أن أوراش «الترامواي والباصواي» وأوراش توسيع أو صيانة بعض الشوارع، ظلت  تعرقل السير لأشهر عدة بدون أن يتململ مسؤول ترابي أو جماعي أو مدير لشركة للتنمية المحلية ليقول: «اللهم إن هذا لمنكر»، لتخفيف عذابات مستعملي الطريق، لكن ما أن جاء الملك للبيضاء حتى «شطبت الأوراش تشطيبا» وأزيلت المتاريس العشوائية والحواجز الحديدية المنتصبة منذ «قرون» في أهم المحاور الطرقية بالمدينة؟

مامعنى أن أطنانا من الأزبال والنفايات تبقى متراكمة بهذا الدرب أو تلك الساحة دون تسخير الموارد المادية واللوجيستيكية لحماية الصحة العامة من جهة ولإنقاذ المدينة من تلك التشوهات البصرية من جهة ثانية، لكن ما أن سمع أن الملك حل بالبيضاء حتى لجأت السلطات والشركات المفوض لها إلى استعمال «مدفعيتها الثقيلة» وتم جمع أطنان من الأزبال في رمشة عين !
ألا يصنف هؤلاء في خانة المنافقين والأفاقين والمتحللين من كل تعاقد أخلاقي وقانوني وسياسي مع المرتفقين؟

 
إن كان الأمر كذلك ماجدوى استمرار الدولة في إنهاك جيوب دافعي الضرائب لتمويل ريع هؤلاء المنتخبين والمسؤولين بالإدارة الترابية وبشركات التنمية المحلية وبشركات التدبير المفوض وتسمينهم بالأجور الخيالية والامتيازات والغنائم؟!
 
حسبي هنا الإشارة فقط إلى ما يلتهمه المنتخبون بمجلس المدينة والمقاطعة من ريع للسهر على تدبير شؤون الدارالبيضاء، لتبيان أن «فلوس اللبن داهم زعطوط» وهي غنيمة تتورع كما يلي:
1 - تعويض عمدة الدار البيضاء شهريا: 30 ألف درهم
2 -  تعويض نواب العمدة (عشرة نواب): 100 ألف درهم
3- تعويض رؤساء المقاطعات (16 مقاطعة): 96 ألف درهم

4 -  تعويض نواب رؤساء المقاطعات (80 نائبا): 240 ألف درهم
5 -  تعويض كاتب مجلس المدينة: 3000 درهم
6 -  تعويض نائب كاتب مجلس المدينة: 1400 درهم
7 -  تعويض كتاب مجالس المقاطعات (16 كاتبا): 22400 درهم
8 -  تعويض نواب كتاب مجالس المقاطعات (16 نائبا): 11200 درهم
9 -  تعويض نواب رؤساء اللجن الدائمة بمجلس المدينة (رؤساء لجن) 15000 درهم
10 -  تعويض نواب رؤساء اللجن الدائمة بالمجلس (5 نواب) 7500 درهم.
11 -  تعويض رؤساء اللجن بالمقاطعات (32 رئيس لجنة): 44800 درهم.
12 -  تعويض نواب رؤساء اللجن بالمقاطعات (32 نائب): 22400 درهم.
المجموع العام الذي تتقاضاه عمدة البيضاء ونوابها وباقي مسؤولي المقاطعات هو: 586.200 درهما كريع شهري.
أي أن هذه الكمشة من المنتخبين تكلف الخزينة العامة سنويا ما مجموعه 7.034.400 درهم كريع يصرف لهم.
 
بالإضافة إلى هذا الريع الفردي الذي يحول لحساب كل منتخب من ميزانية الجماعة، هناك ريع جماعي بقيمة 1.200.000 درهم مخصص لهم ككل ويتوزع على ثلاث خانات، وهي:
أولا: التعويضات الخاصة بمصاريف تنقل عمدة الدار البيضاء والمستشارين داخل المملكة تصل إلى 500.000 درهم سنويا.
ثانيا: تعويضات تنقل العمدة والمستشارين خارج المملكة تمثل 400.000 درهم سنويا.
ثالثا: تأمين المنتخبين يكلف 300.000 درهم سنويا.
 
أي إذا جمعنا الريع الفردي مع الريع الجماعي نجد أن مسيري بلدية البيضاء يكلفون الخاضعين للتكليف الضريبي ما مجموعه 8.234.400 درهم في السنة. وبما أن الولاية الجماعية تمتد لست سنوات، فمعنى ذلك أن الريع يصل إلى حوالي 5 ملايير سنتيم (تحديدا: 49.406.400 درهم).
 
أما إذا أدمجنا الغنائم والامتيازات المرصودة للإدارة الترابية ولمدراء شركات التنمية المحلية ولمدراء شركات التدبير المفوض مقابل أن ينكبوا على حسن الإشراف لقضايا المواطن والمدينة، فإن المبلغ يتجاوز بالتأكيد 30 مليون درهم لتدبير قضايا السنة (الأجور والامتيازات المخصصة لحفنة من الأشخاص)، ليصبح المجموع هو حوالي 40 مليون درهم تخصص سنويا كتعويضات وأجور للمدبرين المحليين بالبيضاء (و240 مليون درهم في 6 سنوات!). لكن للأسف يتم هدر المال العام على «الخوا الخاوي»، ولا يتململ هؤلاء إلا إذا زار الملك المدينة!