في الوقت الذي كان على المعارضة البرلمانية أن تجبر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، على إظهار "حنة يديه" في عدد من الملفات الاجتماعية الحارقة، والتي يكتوي من نيرانها المواطنون، اختارت هذه الأحزاب النضال عن طريق الحناء، حيث أعلنت نقابة الاتحاد المغربي للشغل في أكادير وطنية والعرائش.. والشبيبة الاتحادية في فاس والحركة الشعبية في الدار البيضاء تنظيم حفلات الحناء، بمناسبة ليلة القدر بمقراتها.
وفي الوقت الذي لقيا فيه حفلات الحناء تنويها من قبل البعض، باعتبارها تدخل الفرحة والسرور على الطفلات، فإن البعض الإخر اتخذها موضوعا للسخرية، وكيف تحول دور الأحزاب والنقابات إلى "تنكَافت".. فيما استرجع البعض المحرقة التي راح ضحيتها عدد من الفتيات في حفل مماثل قامت به جمعية تابعة لحزب الاستقلال بعين الشق بالدار البيضاء..
فذات مساء، وفي خضم الاحتفالات بمناسبة دينية، وعلى مشارف انتخابات شتنبر 2002 البرلمانية، قامت جمعية التربية والتخييم، المقربة من حزب الاستقلال بمنطقة عين الشق وبالضبط بمقره الكائن بحي الرميلة بالدار البيضاء بتنظيم حفل خيري لفائدة فتيات الحي، وكانت مادته الرئيسية هي النقش بالحناء لفائدة أكثر من 20 فتاة تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة... كل الترتيبات اتخذت من توفير المواد الأولية فحم ومادة "لاندوي" التي تعطي للحناء بريقا.. مرت الساعة الأولى في جو من النشاط والفرح والسرور، لكن الساعة الثانية ستكون "ساعة شواء" لجثث الفتيات، حيث أخطأت إحدى "النقاشات" في الخلط بين هذه المواد القابلة للاشتعال، مما جعل الشقة في الطابق الأول تتحول لكتلة من النيران، جعلت من الصعب الفرار، وكانت الحصيلة احتراق 7 فتيات بالكامل، وبعضهن مست النيران أجزاء من أجسادهن بدرجات مختلفة، هرعت الأمهات والجيران إلى مكان الاحتراق، حيث كانت الروائح تنبعث من النوافذ، وعمت المنطقة كلها.. وكان القضاء والقدر هو الفاعل الرئيسي لهذه المحرقة.. ومرت الانتخابات واحتل حزب الاستقلال المرتبة الثانية ب 48 مقعدا، وضمنت الفتيات السبع مثواهن الأخير في الآخرة..