السبت 4 مايو 2024
اقتصاد

بدر الزاهر الأزرق: الاحتجاجات قد تأخذ أشكالا أكثر حدة فـي الأشهر القادمة إذا لم تتدخل الحكومة لإنقاذ القدرة الشرائية

بدر الزاهر الأزرق: الاحتجاجات قد تأخذ أشكالا أكثر حدة فـي الأشهر القادمة إذا لم تتدخل الحكومة لإنقاذ القدرة الشرائية بدر الزاهر الأزرق، باحث في الاقتصاد وقانون الأعمال إلى جانب مشهد من وقفة احتجاجية ضد الغلاء
يرى‭ ‬بدر‭ ‬الزاهر‭ ‬الأزرق،‭ ‬أن‭ ‬الضغط‭ ‬المسلط‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬كلفة‭ ‬اجتماعية،‮ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالمغرب‭ ‬مرتبط‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬بالقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬ومرتبط‭ ‬بسلة‭ ‬الغذاء‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭. ‬وحذر‭ ‬الأزرق‭ ‬من‭ ‬بروز‭ ‬احتجاجات‭ ‬أكثر‭ ‬حدة‭ ‬ضد‭ ‬الوضع‭ ‬المحتقن‭ ‬خلال‭ ‬الشهور‭ ‬المقبلة،‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التضخم‭ ‬ومن‭ ‬تدهور‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الحكومة‭ ‬مقبلة‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬صندوق‭ ‬المقاصة‭ ‬والتحول‭ ‬الى‭ ‬منظومة‭ ‬‮ ‬الدعم‭ ‬المباشر‭ ‬والذي‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬ضغط‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشرائح‭ ‬وخاصة‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة‭. ‬وقال‭ ‬بأن‭ ‬المس‭ ‬بالقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للطبقة‭ ‬المتوسطة‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انكماش‭ ‬الطلب‭ ‬الداخلي‭ ‬والذي‭ ‬سينجم‭ ‬عنه‭ ‬إفلاس‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المقاولات‭ ‬وتسريح‭ ‬العمال،‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬البطالة‭ ‬ونسب‭ ‬الفقر،‭ ‬داعيا‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬تدخل‭ ‬عاجل‭ ‬عبر‭ ‬اتخاذ‭ ‬اجراءات‭ ‬جريئة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬التضخم،‭ ‬ودون‭ ‬ذلك‭ ‬ستكون‭ ‬السنة‭ ‬المقبلة‭ ‬سنة‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المغربي‭ ‬وعلى‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ .‬

كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬الزمة‭ ‬التي‭ ‬يتخبط‭ ‬فيها‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬مجيء‭ ‬حكومة‭ ‬أخنوش‭ ‬خلافا‭ ‬للوعود‭ ‬الانتخابية‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬بتحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬المغاربة‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬؟
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار‭ ‬صاغ‭ ‬وعوده‭ ‬الحكومية‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬سنة‭ ‬2021،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬جميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬ايجابية،‭ ‬وكانت‭ ‬نسب‭ ‬النمو‭ ‬قياسية،‭ ‬وكانت‭ ‬سنة‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬وكان‭ ‬أداء‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬والصناعي،‭ ‬والصناعات‭ ‬الاستخراجية‭ ‬وتحويلات‭ ‬العمال،‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬الموسم‭ ‬الفلاحي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬جيد‭ ‬جدا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬توقع‭ ‬وفقا‭ ‬لجميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬تصويت‭ ‬عقابي‭ ‬ضد‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬وأن‭ ‬حزب‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار‭ ‬وحزب‭ ‬الأصالة‭ ‬والمعاصرة‭ ‬سيكونان‭ ‬أكبر‭ ‬المستفيدين‭. ‬ولكن‭ ‬جرت‭ ‬الرياح‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬تشتهيه‭ ‬السفن،‭ ‬فحتى‭ ‬أكثر‭ ‬السيناريوهات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬تشاؤما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتوقع‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬سيدخل‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬اضطراب‭ ‬اقتصادي‭ ‬كبير‭ ‬وأنه‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬اضطرابات‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالتحولات‭ ‬المناخية‭ ‬وسوف‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬المحصول‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬ينحصر‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المستجدات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تؤخذ‭ ‬بالحسبان‭ ‬إبان‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الوعود‭ ‬الانتخابية‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬البرنامج‭ ‬الحكومي،‭ ‬فاجأت‭ ‬الحكومة‭ ‬وجعلتها‭ ‬تحاول‭ ‬تفكيك‭ ‬مكونات‭ ‬السياق‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭ ‬فاجأت‭ ‬الجميع،‭ ‬اضطراب‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج‭ ‬فاجأ‭ ‬الجميع،‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الغاز‭ ‬والمحروقات‭ ‬فاجأ‭ ‬الجميع،‭ ‬قرار‭ ‬الجزائر‭ ‬بإيقاف‭ ‬إمداد‭ ‬المغرب‭ ‬بالغز‭ ‬فاجأ‭ ‬الجميع،‭ ‬ندرة‭ ‬القمح،‭ ‬ندرة‭ ‬بذور‭ ‬الزيوت‭ ‬فاجأت‭ ‬الجميع‭.‬
ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬الوعود‭ ‬الحكومية‭ ‬كان‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تتجاوز‭ ‬حتى‭ ‬القدرة‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬الأزمنة‭ ‬العادية،‭ ‬اذا‭ ‬الوعود‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الشعبوية،‭ ‬وكانت‭ ‬فيها‭ ‬رغبة‭ ‬لدفع‭ ‬الناخب‭ ‬إلى‭ ‬التصويت‭ ‬العقابي‭ ‬ضد‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭.‬
‮ ‬
لماذا‭ ‬فشلت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تهدئة‭ ‬الأوضاع‭ ‬وبلورة‭ ‬حلول‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الأزمة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا‭ ‬واسبانيا‭ ‬؟‭ ‬‮ ‬
بالفعل‭ ‬فهذا‭ ‬السيناريو‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬أكد‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬الكارثية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الآني،‭ ‬فنحن‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬دخول‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬ابتداء‭ ‬من 2021-2022‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى،‭ ‬مشاريع‭ ‬إصلاحية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الصحة،‭ ‬التعليم،‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية،‭ ‬الأنظمة‭ ‬القانونية،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الانخراط‭ ‬اصطدم‭ ‬بهذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬ألقت‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭. ‬في‭ ‬بداية‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تأثير‭ ‬تدريجي‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬بدأ‭ ‬يرتفع،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬نسب‭ ‬التضخم‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬وإيقاعها‭ ‬منذ‭ ‬أبريل‭ ‬2022،‭ ‬وعرفت‭ ‬ذروتها‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬دجنبر‭ ‬2022‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬2023،‭ ‬وطيلة‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬حاولت‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬وأن‭ ‬تتخذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬بغية‭ ‬التحكم‭ ‬وليس‭ ‬التخفيض‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬التضخم‭. ‬وأنا‭ ‬لازلت‭ ‬أعتبر‭ ‬لحدود‭ ‬الساعة‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬إجراءات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ضمان‭ ‬استقرار‭ ‬نسب‭ ‬التضخم،‭ ‬لأن‭ ‬نسب‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التضخم‭ ‬هي‭ ‬نسب‭ ‬مستوردة،‭ ‬حيث‭ ‬حاولت‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المحروقات،‭ ‬ودعم‭ ‬استيراد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬ودعم‭ ‬استهلاك‭ ‬الماء‭ ‬والكهرباء‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬مكن‭ ‬شيئا‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬تلطيف‭ ‬حدة‭ ‬الصدمة‭ ‬التضخمية‭. ‬وكي‭ ‬نكون‭ ‬منصفين‭ ‬فلولا‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومة‭ ‬لكان‭ ‬التضخم‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬وقع‭ ‬أكبر،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أسعار‭ ‬الماء‭ ‬والكهرباء‭ ‬ظلت‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬اليوم‭ ‬مستقرة‭ ‬ولم‭ ‬تشهد‭ ‬أي‭ ‬ارتفاع‭ ‬خلافا‭ ‬لألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬واسبانيا‭ ‬وغيرها‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬ارتفاعات‭ ‬كبيرة‭ ‬وأثرت‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬وعلى‭ ‬كلفة‭ ‬إنتاج‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭ ‬اليومي‭ ‬للمواطنين‭ ‬هناك‭. ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬أصوات‭ ‬تدعو‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬تعليق‭ ‬الضريبة‭ ‬والرسوم‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬المحروقات‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬اسبانيا‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬المراحل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تلطيف‭ ‬هذه‭ ‬الصدمة‭ ‬التضخمية‭ ‬لكن‭ ‬تم‭ ‬استبعاد‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬ميزانية‭ ‬المغرب‭ ‬هي‭ ‬ميزانية‭ ‬ضريبية‭ ‬بامتياز،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬أعباء‭ ‬الموازنة‭ ‬كانت‭ ‬مرتفعة‭ ‬جدا‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬انظمة‭ ‬الدعم‭ ‬التي‭ ‬تطلبت‭ ‬موارد‭ ‬ونفقات‭ ‬إضافية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأوراش‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬انخرطت‭ ‬فيها‭ ‬المغرب‭ ‬والتي‭ ‬تطلبت‭ ‬خلال‭ ‬2022‭ ‬فقط‭ ‬245‭ ‬مليار‭ ‬كاستثمار‭ ‬عمومي،‭ ‬وهذه‭ ‬السنة‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬كاستثمار‭ ‬عمومي‭. ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بمقدور‭ ‬الحكومة‭ ‬التنازل‭ ‬عنها،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬مطروحا‭ ‬تسقيف‭ ‬الأسعار‭ ‬وتسقيف‭ ‬الربح‭ ‬لكن‭ ‬الحكومة‭ ‬استبعدته‭ ‬دون‭ ‬إعطاء‭ ‬أي‭ ‬تفسير‭ ‬منطقي‭ ‬لهذا‭ ‬الاستبعاد،‭ ‬وحافظت‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬الدعم‭ ‬الجزئي‭ ‬الموجه‭ ‬للسائقين‭ ‬الى‭ ‬حدود‭ ‬اليوم‭ ‬والذي‭ ‬لطف‭ ‬شيئا‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬الأسعار‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الارتفاعات‭ ‬المهولة‭.‬
بالنسبة‭ ‬لبقية‭ ‬المواد،‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬الرسوم‭ ‬المتعلقة‭ ‬باستيراد‭ ‬الحبوب‭ ‬وبذور‭ ‬الزيت‭ ‬والمواشي‭ ‬ولكنني‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الغذائي‭ ‬جاءت‭ ‬جد‭ ‬متأخرة،‭ ‬حيث‭ ‬شهدنا‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬سنة‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬(الخضروات،‭ ‬الحبوب،‭ ‬الأعلاف)‭ ‬وكان‭ ‬مطلوبا‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬فصل‭ ‬الربيع‭ ‬الماضي‭ ‬بعدما‭ ‬ظهرت‭ ‬بوادر‭ ‬موسم‭ ‬جاف‭ ‬ولكن‭ ‬الحكومة‭ ‬فضلت‭ ‬التريث‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬تفاقم‭ ‬المشكل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بشكل‭ ‬أضر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بالقدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬معدلات‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الخضر‭ ‬والفواكه‭ ‬واللحوم‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬فاقت‭ ‬المعدلات‭ ‬العامة‭ ‬للتضخم،‭ ‬فمعدلات‭ ‬التضخم‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتجاوز‭ ‬6‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬7‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬وفي‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬2023‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وقد‭ ‬تراواحت‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬في‭ ‬الخضر‭ ‬والفواكه‭ ‬واللحوم‭ ‬‮ ‬والزيوت‭ ‬بين‭ ‬30‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬تدخل‭ ‬الحكومة‭ ‬بطيئا‭ ‬وضعيفا‭ ‬ويطبعه‭ ‬التردد‭. ‬فإلى‭ ‬حدود‭ ‬منتصف‭ ‬رمضان‭ ‬لازالت‭ ‬الأسعار‭ ‬مرتفعة،‭ ‬واستيراد‭ ‬اللحوم‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الموردين‭ ‬لم‭ ‬يؤثر‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬الساعة‭ ‬على‭ ‬أثمان‭ ‬اللحوم‭. ‬وبالتالي‭ ‬فالإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬كانت‭ ‬متأخرة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬أسباب‭ ‬اخرى‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الارتفاعات‭ ‬المهولة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬منظومة‭ ‬الرقابة‭ ‬ومنظومة‭ ‬ضبط‭ ‬الأسواق‭ ‬ومنظومة‭ ‬التسويق‭ ‬(أسواق‭ ‬الجملة)،‭ ‬مجلس‭ ‬المنافسة،‭ ‬حيث‭ ‬طرحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬حول‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬ودفعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬الى‭ ‬المطالبة‭ ‬بمراجعة‭ ‬انظمتها‭ ‬ومراجعة‭ ‬القوانين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الضرب‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬حديد‭ ‬على‭ ‬المحتكرين‭ ‬والمضاربين‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الأزمة‭ ‬ومواجهة‭ ‬التواطؤات‭ ‬المحتملة‭ ‬بين‭ ‬الموردين‭ ‬والموزعين‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لقطاع‭ ‬المحروقات‭.‬
‮ ‬
ماذا‭ ‬عن‭ ‬الكلفة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والأمنية‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع؟
بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬فهذا‭ ‬الضغط‭ ‬المسلط‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬كلفة‭ ‬اجتماعية‭ ‬فنحن‭ ‬نعلم‭ ‬بأن‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالمغرب‭ ‬مرتبط‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬بالقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬ومرتبط‭ ‬بسلة‭ ‬الغذاء‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ففي‭ ‬حالة‭ ‬ما‭ ‬اذا‭ ‬تم‭ ‬التأثير‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬تراجع‭ ‬قدرة‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬مكونات‭ ‬هذه‭ ‬السلة‭ ‬الغذائية‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬ذلك‭ ‬المغاربة‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭. ‬وبالتالي‭ ‬فقد‭ ‬نشهد‭ ‬احتجاجات‭ ‬أكثر‭ ‬حدة،‭ ‬علما‭ ‬أننا‭ ‬شهدنا‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬نظمتها‭ ‬النقابات‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والتي‭ ‬تطالب‭ ‬بتدخل‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬وإبقائها‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬مقبولة‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬الأجور‭ ‬ورفع‭ ‬الرسوم‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬استمرار‭ ‬سياسة‭ ‬الدعم‭ ‬وتطويرها‭. ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الإشكال‭ ‬المطروح‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬قد‭ ‬تأخذ‭ ‬أشكال‭ ‬أكثر‭ ‬حدة‭ ‬في‭ ‬الشهور‭ ‬المقبلة‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التضخم‭ ‬ومن‭ ‬تدهور‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬ولكننا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬نطرح‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأسئلة:‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬للحكومة‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬اجراءات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬الحالية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأننا‭ ‬مقبلون‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬صندوق‭ ‬المقاصة‭ ‬والتحول‭ ‬الى‭ ‬منظومة‭ ‬‮ ‬الدعم‭ ‬المباشر،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬ضغط‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشرائح‭ ‬وخاصة‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مهددة‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬قدرتها‭ ‬الشرائية‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬الى‭ ‬أزمة‭ ‬أخرى‭ ‬مرتبطة‭ ‬بانكماش‭ ‬الطلب‭ ‬الداخلي‭ ‬والذي‭ ‬سينجم‭ ‬عنه‭ ‬إفلاس‭ ‬مقاولات‭ ‬وتسريح‭ ‬العمال،‭ ‬وارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬البطالة‭ ‬ونسب‭ ‬الفقر‭ ‬واذا‭ ‬لم‭ ‬نشهد‭ ‬تدخلا‭ ‬عاجلا‭ ‬للحكومة‭ ‬عبر‭ ‬اتخاذ‭ ‬اجراءات‭ ‬جريئة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬التضخم‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬فسنشهد‭ ‬السنة‭ ‬المقبلة‭ ‬سنة‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المغربي‭ ‬وعلى‭ ‬السلم‭ ‬الاجتماعي‭.‬