أكبر جريمة هي تلك التي ارتكبت في حق أكبر شجرة معمرة بشفشاون، من طرف تلك الفؤوس التي كالت بجذوعها وأردتها حطبا وكأن لسان حالها يقول قد حان قطعك من الجذور، فوجدوا أن لا شيء كانت تخفيه الشجرة في بطنها، في انتظار من يأتي ويبيع حطبها، وتستحيل بعهدها إلى عالم من الرماد .. والذكريات وتُنسى، كما نسي تراث نُهب ونُسيَ وعُلِّقت دواعيه في المشجب.
فهذه الشجرة المعمرة تعتبر فصيلتها نادرة وتتميز بكثافة أغصانها وكثيرة الظلال، وتتواجد مثيلتها في مدينة آسفي، وبعض المدن التاريخية، وبذلك تعتبر تراثا إنسانيا وثروة وطنية لا تقدر بثمن.
ومن السهل أن الذي ليست في روحه ذرة من الجمال، وعشق للطبيعة، أن ينهال على الشجرة بدم بارد بفأس لإخفائها رويدا رويدا إلى أن تختفي معالمها.
وهذه الشجرة التاريخية التي تم قطعها في رمضان من سنة 1444هجرية/ أبريل2023، جذورها ستظل شاهدة وتتكلم على عصر مشرق في شفشاون بتواجدها خلف مسرح القصبة الأثري، حيث كانت تعطي لمنصة مسرح الهواء الطلق رونقًا، وجمالية لما كان يحتضن تظاهرات فنية في فصل الصيف.
وعلى ما يبدو بعد قطع هذه الشجرة التي كانت تتكلم وستنشق الهواء.. لربما الدور الآن على مسرح الهواء الطلق المجاور لها والذي بدوره يعاني من إهمال وفي الطريق إلى الموت البطيء والاندثار.
ما وقع، وقع، ووقع. وسوف تسجل الجريمة في حق مجهول، والضحية هي البيئة والتاريخ، فما عليك أيها المؤرخ إلا أن تقيِّد هذا الحدث لتكون شاهدا على صراع الشجرة مع الوجود والانسان.
ومرتكب هذه الجريمة.. هل ينجو من عقاب الدنيا قبل عقاب الآخرة، فهي شجرة وستبقى شجرة بتاريخ ظلالها الوارفة التي كانت تعطي الأمان والايمان في النفوس لآن من قطعها ستبقى تحضره روحها في أحلامه على شكل كوابيس وتأنب الضمير ..
لكن لما تقطع شجرة.. اعلم أنك من أنصار الفضاءات القاحلة.. ومرارا نبهنا أن هذه الشجرة من النوع النادر وينبغي المحافظة عليها ... لا أن ترتكب في حقها جريمة شنعاء.
وبأي ذنب قطعت لتكون حطبا يوزع بين القبائل .
لطفا.. لطفا بالأشجار فالأشجار كالإنسان فهي من روح... فهنا فرق بين تشذيب الأشجار في مواسم معينة، وبين قطعها في مناسبة دواعي قتلها.
ملحوظة: الشجرة توجد قرب وطاء الحمام – خلف مسرح الهواء الطلق.
