السبت 5 أكتوبر 2024
مجتمع

عبد الله رحمون: لهذه الأسباب نضمّ صوتنا لكل مطالب حكومة أخنّوش بالرّحيل

عبد الله رحمون: لهذه الأسباب نضمّ صوتنا لكل مطالب حكومة أخنّوش بالرّحيل عبد الله رحمون
حينما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬حاليا‭ ‬ومعه‭ ‬وضع‭ ‬المغاربة‭ ‬عموما،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نشهد‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الكارثي‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬المغاربة،‭ ‬وهو‭ ‬وضع‭ ‬كارثي،‭ ‬يحيلنا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقره‭ ‬المندوب‭ ‬السّامي‭ ‬للتّخطيط‭ ‬أحمد‭ ‬لحليمي‭ ‬الذي‭ ‬دقّ‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬وكشف‭ ‬بالملموس‭ ‬والمعطيات‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الخصاص‭ ‬التّنموي‭ ‬‮ ‬والإندحار‭ ‬الطبقي‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الإنتحار‭ ‬الجماعي‭ ‬بجميع‭ ‬الفئات‭ ‬الإجتماعية،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة،‭ ‬ماعدا‮ ‬‭ ‬الفئة‭ ‬الناجية‭ ‬هم‭ ‬أولئك‭ ‬المتحكمون‭ ‬في‭ ‬زمام‭ ‬دواليب‭ ‬الدّولة‭ ‬وتحتكر‭ ‬كل‮ ‬‭ ‬المؤسسات‭ ‬وتهيمن‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭.‬

حينما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الغلاء‭ ‬والأزمة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬المغرب،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬عابرة‭ ‬أو‭ ‬ظرفية،‭ ‬بل‭ ‬ستستمر‮ ‬‭ ‬والآتي‭ ‬سيكون‭ ‬أصعب‭. ‬وحينما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬التضخم‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬مستورد‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الروسية‭ ‬والأزمات‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬«كورونا»‭. ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬حقيقة،‭ ‬فالحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬التضخم‭ ‬أصبح‭ ‬واقعا‭ ‬بنيويا‭ ‬بشكل‭ ‬دائم،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬من‭ ‬المحروقات‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬إمكانية‭ ‬تسويقها‭ ‬بسعر‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬اليوم،‭ ‬وسيكون‭ ‬بسعر‭ ‬أقل‭ ‬وطنيا‭ ‬بالنظر‭ ‬لتوفر‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬محطة‭ ‬«لاسامير»‭ ‬المغلقة‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬إغلاقها،‭ ‬وسط‭ ‬مناداة‭ ‬بإعادة‭ ‬فتحها‭ ‬لتساهم‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬تكاليف‭ ‬الأعباء‭ ‬ومصاريفها‭ ‬المرتفعة‭. ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬شمل‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬والغذائية‭ ‬والخضر‭ ‬والفواكه‭ ‬والخدمات،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجده‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬اليومي،‭ ‬تجد‭ ‬الأسعار‭ ‬تضاعفت‭ ‬وارتفعت‭ ‬بنسبة‭ ‬مائة‭ ‬بالمائة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بنحو‭ ‬50‭ ‬في‭ ‬المائة‭.‬

استمرار‮‬‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬ليس‭ ‬سببه‭ ‬الجائحة‭ ‬والحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وإنما‭ ‬يعود‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬التدبير‭ ‬والتخطيط‭ ‬الذي‭ ‬يباشره‭ ‬المسؤولون،‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لامسؤولون،‭ ‬تهمهم‭ ‬فقط‭ ‬مصالحهم‭. ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬في‭ ‬مغرب‭ ‬اليوم،‭ ‬ولا‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬مخطط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر‭.‬
فمخطط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر صارت‭ ‬نتائجه‭ ‬فاشلة،‭ ‬واليوم‭ ‬نتائجه‭ ‬ظهرت‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التسويق‮ ‬‭ ‬والترويج‭ ‬له‭ ‬لسنوات،‭ ‬بحيث‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تجفيف‭ ‬مواردنا‭ ‬المالية،‭ ‬وتحويل‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬حديقة‭ ‬خلفية‭ ‬للأجانب،‭ ‬مقابل‭ ‬تراجع‭ ‬الإنتاج‭ ‬الوطني‭ ‬الموجه‭ ‬للحاجيات‭ ‬الداخلية‭. ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬ربطنا‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬بالتصدير،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ظهر‮ ‬‭ ‬خلال‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬لتزويد‭ ‬السوق‭ ‬الأوربية‭ ‬بما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬الخضر‭ ‬والفواكه‭ ‬ومنتجات‭ ‬التّصبير‭.‬

ما‭ ‬ظهر‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اتخاذها‭ ‬مناقضة‭ ‬للمصالح‭ ‬الوطنية،‭ ‬ومهددة‭ ‬للإستقرار،‭ ‬وقد‭ ‬تؤدي‭ ‬للإحتقان‭ ‬الإجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم،‭ ‬فالتضخم‭ ‬كما‭ ‬تدعي‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نرجعه‭ ‬لعوامل‭ ‬خارجية،‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬الإنتاج،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مسؤولي‭ ‬الحكومة‭ ‬يصرحون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وما‭ ‬ينتظرنا‭ ‬الأسوأ،‭ ‬فهذا‭ ‬نتاج‭ ‬سياسة‭ ‬تقدم‭ ‬للباطرونا‭ ‬عبر‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية‭ ‬ودعم‭ ‬مالي‭ ‬لإنقاذ‭ ‬ها،‭ ‬وسط‭ ‬معاناة‭ ‬الطبقات‭ ‬الهشّة‭ ‬إلى‭ ‬المتوسطة‭ ‬بسبب‭ ‬انعدام‭ ‬أبسط‭ ‬ظروف‭ ‬العيش‭ ‬وشروطه‭.‬

حكومة‭ ‬أخنوش،‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬رئيسها،‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬جولات‭ ‬الحوار‭ ‬الإجتماعي،‭ ‬هي‭ ‬حكومة‭ ‬الباطرونا‭. ‬حكومة‭ ‬لتفقير‭ ‬الفقير‭ ‬وإغناء‭ ‬الغني‭. ‬حكومة‭ ‬تمرر‭ ‬سياسة‭ ‬لااجتماعية‭. ‬وشعار‭ ‬الحكومة‭ ‬هو‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لكن‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬يصدم‭ ‬المواطن‭ ‬بحال‭ ‬وضعه‭ ‬الإجتماعي‭ ‬وغلاء‭ ‬المعيشة‭ ‬المتفاقم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬واقع‭ ‬مدرسي‭ ‬كيف‭ ‬هو؟،‭ ‬ووضع‭ ‬صحي‭ ‬وبنية‭ ‬صحية‭ ‬كيف‭ ‬هي؟ ‬في‭ ‬واقع ‬‭‬راكم‭ ‬فيه‭ ‬انتهازيون‭ ‬ثروات‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬عاناها‭ ‬ويعانيها‭ ‬المغاربة‭ ‬الضعفاء‭.‬

‮ ‬نحن‭ ‬داخل‭ ‬الكونفدرالية‭ ‬التقينا‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬الإجتماعي‭ ‬ووقعنا‭ ‬معها‭ ‬اتفاق،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الإتفاق‭ ‬عليه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تنزيله،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحسين‭ ‬الدخل‭ ‬«أي‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬الأجور»،‭ ‬فحكومة‭ ‬أخنوش‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬شتنبر‭ ‬2022‭ ‬للحوار‭ ‬الإجتماعي‭ ‬التزمت‭ ‬بالزيادة‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نفاجأ‭ ‬بتنصّلها‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وبتخفيض‭ ‬ضريبي‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬عدالة‭ ‬ضريبية،‭ ‬مما‭ ‬اضطرنا‭ ‬لمراسلة‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭.‬

ما‭ ‬عملنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إثارة‭ ‬الإنتباه‭ ‬والغلاء‭ ‬هو‭ ‬أننا‭ ‬نظمنا‭ ‬وقفات‭ ‬ومسيرة‭ ‬وطنية‭ ‬وأخرى‭ ‬محلية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الجبهة‭ ‬الإجتماعية‭ ‬المغربية‭ ‬تم‭ ‬قمع‭ ‬عدد‭ ‬منها‭ ‬بعدما‭ ‬بحت‭ ‬حناجرنا‭ ‬بقول‭ ‬«اللهم‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬لمنكر»،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬موقفنا‭ ‬واضح‭ ‬هو‭ ‬أننا‭ ‬نطمح‭ ‬لحكومة‭ ‬اجتماعية‭ ‬ودولة‭ ‬اجتماعية،‭ ‬حكومة‭ ‬منبثقة‭ ‬انتخابات‭ ‬نزيهة‭ ‬وشفافة‭.‬
أما‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬لأخنوش‭ ‬وبعض‭ ‬الأذيال‭ ‬النقابية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خصما‭ ‬وقاضيا‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬نفسه‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديك‭ ‬ممثلين‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬ولديك‭ ‬نقابة‭ ‬ومصالح‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬بل‭ ‬يتم‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭.‬

الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬تريد‭ ‬فرض‭ ‬إصلاح‭ ‬قانون‭ ‬التقاعد‭ ‬المشؤوم،‭ ‬إصلاح‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الشعب،‭ ‬وتمرير‭ ‬قانون‭ ‬النقابات‮ ‬‭ ‬وتوظيف‭ ‬النقابات‭ ‬وتهديد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يدعو‭ ‬للإضراب‭ ‬وتكبيله،‭ ‬ومدون‭ ‬الشغل‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬الحكومة‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬فيها،‭ ‬لأن‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الفصول‭ ‬التي‭ ‬تعدّ‭ ‬مكسبا‭ ‬جماعيا‭ ‬وتنويرا‭ ‬للطبقة‭ ‬العاملة‭.‬
نضمّ‭ ‬صوتنا‭ ‬لكل‭ ‬صوت‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬مطالبة‭ ‬حكومة‭ ‬أخنوش‭ ‬بالرّحيل‭.‬
 
عبد الله رحمون، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل
ومنسق الجبهة الإجتماعية المغربية بسوس