حينما نتحدث عن الوضع الذي نعيشه حاليا ومعه وضع المغاربة عموما، لا بد أن نشهد على الوضع الكارثي الذي يعيشه المغاربة، وهو وضع كارثي، يحيلنا على ما يقره المندوب السّامي للتّخطيط أحمد لحليمي الذي دقّ ناقوس الخطر وكشف بالملموس والمعطيات أن المغرب انتقل من مرحلة الخصاص التّنموي والإندحار الطبقي إلى مرحلة الإنتحار الجماعي بجميع الفئات الإجتماعية، بمن فيهم الطبقة المتوسطة، ماعدا الفئة الناجية هم أولئك المتحكمون في زمام دواليب الدّولة وتحتكر كل المؤسسات وتهيمن على الاقتصاد.
حينما نتحدث عن الغلاء والأزمة التي يعيشها المغرب، فهي ليست عابرة أو ظرفية، بل ستستمر والآتي سيكون أصعب. وحينما نتحدث عن التضخم اليوم على أنه مستورد من الحرب الأوكرانية الروسية والأزمات التي خلفتها «كورونا». وهذه ليست حقيقة، فالحقيقة هي أن التضخم أصبح واقعا بنيويا بشكل دائم، وخاصة مع استمرار ارتفاع الأسعار، من المحروقات رغم أن إمكانية تسويقها بسعر أقل مما هو عليه اليوم، وسيكون بسعر أقل وطنيا بالنظر لتوفر البلاد على محطة «لاسامير» المغلقة وكيف تم إغلاقها، وسط مناداة بإعادة فتحها لتساهم في تخفيف تكاليف الأعباء ومصاريفها المرتفعة. هذا الارتفاع شمل المواد الأساسية والغذائية والخضر والفواكه والخدمات، وكل ما يمكن أن تجده في السوق اليومي، تجد الأسعار تضاعفت وارتفعت بنسبة مائة بالمائة أو على الأقل بنحو 50 في المائة.
استمرار هذا الوضع، ليس سببه الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية، وإنما يعود بالدرجة الأولى إلى التدبير والتخطيط الذي يباشره المسؤولون، وهم في الحقيقة لامسؤولون، تهمهم فقط مصالحهم. هذا النوع من التخطيط هو ما أدى إلى ما نعيشه في مغرب اليوم، ولا أدل على ذلك مخطط المغرب الأخضر.
فمخطط المغرب الأخضر صارت نتائجه فاشلة، واليوم نتائجه ظهرت على غير ما تم التسويق والترويج له لسنوات، بحيث أدت إلى تجفيف مواردنا المالية، وتحويل الإنتاج الفلاحي إلى مجرد حديقة خلفية للأجانب، مقابل تراجع الإنتاج الوطني الموجه للحاجيات الداخلية. فإذا ما ربطنا الإنتاج الفلاحي بالتصدير، وهو ما ظهر خلال الجائحة على وجه الخصوص لتزويد السوق الأوربية بما يلزم من الخضر والفواكه ومنتجات التّصبير.
ما ظهر أن كل التدابير التي تم اتخاذها مناقضة للمصالح الوطنية، ومهددة للإستقرار، وقد تؤدي للإحتقان الإجتماعي الذي نعيشه اليوم، فالتضخم كما تدعي الحكومة لا يمكن أن نرجعه لعوامل خارجية، بسبب ضعف الإنتاج، رغم أن مسؤولي الحكومة يصرحون على أن نسبة التضخم في المواد الغذائية وصلت إلى 20 في المائة، وما ينتظرنا الأسوأ، فهذا نتاج سياسة تقدم للباطرونا عبر إعفاءات ضريبية ودعم مالي لإنقاذ ها، وسط معاناة الطبقات الهشّة إلى المتوسطة بسبب انعدام أبسط ظروف العيش وشروطه.
حكومة أخنوش، كما يؤكد على ذلك رئيسها، في إحدى جولات الحوار الإجتماعي، هي حكومة الباطرونا. حكومة لتفقير الفقير وإغناء الغني. حكومة تمرر سياسة لااجتماعية. وشعار الحكومة هو الدولة الاجتماعية لكن واقع الحال يصدم المواطن بحال وضعه الإجتماعي وغلاء المعيشة المتفاقم في ظل واقع مدرسي كيف هو؟، ووضع صحي وبنية صحية كيف هي؟ في واقع راكم فيه انتهازيون ثروات في أزمات عاناها ويعانيها المغاربة الضعفاء.
نحن داخل الكونفدرالية التقينا الحكومة في الحوار الإجتماعي ووقعنا معها اتفاق، غير أن ما تم الإتفاق عليه لم يتم تنزيله، خاصة ما يتعلق بتحسين الدخل «أي الزيادة في الأجور»، فحكومة أخنوش في دورة شتنبر 2022 للحوار الإجتماعي التزمت بالزيادة إلا أننا نفاجأ بتنصّلها من ذلك، وبتخفيض ضريبي لا يعكس عدالة ضريبية، مما اضطرنا لمراسلة رئيس الحكومة.
ما عملنا من أجل إثارة الإنتباه والغلاء هو أننا نظمنا وقفات ومسيرة وطنية وأخرى محلية في إطار الجبهة الإجتماعية المغربية تم قمع عدد منها بعدما بحت حناجرنا بقول «اللهم إن هذا لمنكر»، خاصة وأن موقفنا واضح هو أننا نطمح لحكومة اجتماعية ودولة اجتماعية، حكومة منبثقة انتخابات نزيهة وشفافة.
أما الحكومة الحالية لأخنوش وبعض الأذيال النقابية لا يمكن أن تكون خصما وقاضيا في الآن نفسه. فلا يمكن أن يكون لديك ممثلين في الحكومة ولديك نقابة ومصالح في الحكومة، بل يتم التآمر على الطبقة العاملة.
الحكومة الحالية تريد فرض إصلاح قانون التقاعد المشؤوم، إصلاح على حساب الشعب، وتمرير قانون النقابات وتوظيف النقابات وتهديد كل من يدعو للإضراب وتكبيله، ومدون الشغل التي تطالب الحكومة بإعادة النظر فيها، لأن فيها بعض الفصول التي تعدّ مكسبا جماعيا وتنويرا للطبقة العاملة.
نضمّ صوتنا لكل صوت يسعى إلى مطالبة حكومة أخنوش بالرّحيل.
عبد الله رحمون، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل
ومنسق الجبهة الإجتماعية المغربية بسوس