الأربعاء 24 إبريل 2024
اقتصاد

عبد الرحيم أريري: جولة في "موناكو" الأرجنتينية ببوينس أيريس

عبد الرحيم أريري: جولة في "موناكو" الأرجنتينية ببوينس أيريس الزميل عبد الرحيم أريري
يعد حي ميناء ماديرو Puerto Madero بالعاصمة الأرجنتينية أحد أشهر الأحياء بالعالم، ليس بسبب كثرة ناطحات السحاب أو تعدد المطاعم والكازينو أو تنوع الحدائق الحضرية الجميلة، بل لكون "منطقة ماديرو" تعد أشهر وأعقد عملية للتجديد الحضري بالواجهة البحرية والنهرية بالعالم.
ذلك أن مدينة بوينس أيريس كانت تتوفر على ميناء نهري شائخ وأصبح خارج الخدمة بحكم عدم قدرته على استقبال السفن الكبيرة، مما أدى إلى بناء ميناء جديد لكن دون التفكير في بدائل تعميرية وعمرانية لميناء ماديرو.
هذه الوضعية خنقت بوينس أيريس طوال السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، وازداد الوضع سوءا بعد عودة الديمقراطية عام 1984، وبداية إقلاع الأرجنتين آنذاك المالي والاقتصادي.
في هذه الفترة (بداية التسعينات من القرن العشرين)، انتبهت الأوساط المالية والعمرانية بالأرجنتين إلى أن بوينس أيريس "راكدة" على عقار هائل (270 هكتارا)، من شأن إعادة توظيفه أن يمنح جرعة أوكسجين، ليس للعاصمة فقط، بل وللأرجنتين ككل.
وتم إطلاق مباريات هندسية وعمرانية وتعميرية على أوسع نطاق عالمي لإيجاد مونطاج مالي ومؤسساتي وكذا اختيار الوظائف الجديدة لمنطقة ماديرو، فأثمر هذا المجهود إخراج أساسات مشاريع سياحية وخدماتية وبنكية وترفيهية وبيئية من مستوى عال(فنادق، مطاعم، مقر شركات المال والأعمال، محمية طبيعية، حديقة من 54 هكتار، ملاعب....) مع ربط المنطقة بباقي الأحياء المجاورة بطرق فسيحة وقناطر وباركينغ ومدار طرقي تحت الأرض مخصص لحوالي 4400 شاحنة تعبر نحو الميناء الجديد.
والأجمل أن مشروع التجديد الحضري لحي ماديرو، انطلق في بداية التسعينات ورأى النور في رمشه عين، بحيث لما يزور المرء المكان يخيل إليه أن الحي تمت تهيئته من عقود، والحال أن الإرادة والحزم وجدية المؤسسات المنخرطة في المشروع، مكنت الأرجنتين من خلق "موناكو صغيرة " في قلب بوينس أيريس.